كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

أهل التفسير على أنّ هذه الآية مدنية نزلت في شأن حمزة رضي الله عنه والتمثيل به، ووقع ذلك في صحيح البخاري فلا وجه لما ذكره الإمام، وأما ما ذكره من سوء الترتيب، وعدم الارتباط فليس بشيء فإنّ ذكر هذه القصة للتنبيه على أنّ الدعوة لا تخلو من مثله، وأنّ المجادلة تجر إلى المجادلة فإذا وقعت فاللائق ما ذكر فلا فرق بينه وبين الوجه الأوّل بحسب المآل، وخصوص السبب لا ينافي عموم المعنى، وتفسيره بما مر، وقوله شايعه بالشين المعجمة، والعين المهملة أي من اتبعه وعد من شيعته، وفي نسخة تابعه بالمثناة، وهي بمعناها يعني أنّ الله تعالى أشار إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه بما ذكر، وقوله المخالقة ضبط بالخاء المعجمة والقاف أي التخلق والاتصاف به في معاملة الخلق، ولو قرئت بالفاء كان له وجه، وقوله يناصبهم بالصاد المهملة بمعنى يعاديهم ويحاربهم، وقد يخص النصب في العرف بعداوة علي، وبغضه رضي الله عنه ومنه الناصبة، وقوله من حيث إنها أي الدعوة، ورفض وفي نسخة رفع بمعنى ترك أي تتضمن التكليف بذلك، وقوله والقدح أي الطعن في دين أسلافهم في الجاهلية وهو معطوف على المقدر قبل رفض أو هو معطوف عليه. قوله: (وقيل الخ) تبع في تضعيفه الإمام وقد عرفت أنه لا وجه له كما مر، وقوله قد مثل به مجهول مشدد من المثلة وهي القتل بما يخالف المعتاد أو فعل مثله بعد القتل، وقد شق بطن حمزة رضي الله عنه وأخرج قلبه، وقوله بسبعين حذف مميزه وهو رجلاً للقرينة عليه، وقوله مكانك خطاب لحمزة رضي الله عنه لتنزيله منزلة الحي لكونه سيد الشهداء وقوله فكفر عن يمينه إن قيل بتجويز الكفارة قبل الحنث فظاهر، والا فالفاء فصيحة أي فأظفره الله بهم فكفر الخ. قوله: (وفيه دليل على أنّ الخ) المقتص اسم فاعل القصاص، ومماثلة الجاني أن يفعل به
مثل ما فعل في الجنس والقدر، وأمّا اتحاد الآلة بأن يقتل بحجر من قتل به وبسيف من قتل به فذهب إليه بعض الأئمة ومذهب أبي حنيفة رحمه الله أنه لا قود إلا بالسيف فإن قلت هذه الآية صريحة في خلاف مذهبه فما معناها عندهم قلت القتل بالحجر، ونحوه لا يمكن مماثلة مقدأره شدة، وضعفاً فاعتبرت مماثلته في القتل، وازهاق الروج والأصل فيه السيف كما ذكره الرازي في أحكامه، وقد اختلف في هذه الاية فأخذ الشافعي بظاهرها وأجاب الحنفية بأن المماثلة في العدد بأن يقتل بالواحد واحد لقول النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لأمثلن بسبعين منهم لما قتل حمزة " فنزلت هذه الآية فلا دليل فيها، وقال الواحدي أنها منسوخة كغيرها من المثلة وفيه كلام في شرح الهداية، وقهوله يجاوزه معناه يزيد في مقداره. قوله: (وحث على العفو تعريضاً الما في أن الشرطية من الدلالة على عدم الجزم بوقوع ما في حيزها فكأنه قا أط لا تعاقبوا وان عاقبتم الخ كقول طبيب! لمريض ساله عن أكل الفاكهة إن كنت تأكل الفاكهة فكل الكمثري، وقوله على الوجه الآكد بالمد أفعل تفضيل أي اكثر توكيداً لما فيه من القسم المقدر والجواب بالاسمية والتنصيص على الخبرية وفي الأوّل توكيد لما في كلمة الشرط من جعله مما يشك في وقوعه مع التعريض الذي قد يكون أبلغ من التصمريح وان عاقبتم بمعنى إن أردتم العقاب، وقوله للصبر إشارة إلى أنه من باب اعدلوا هو أقرب للتقوى، وفي نسخة أي الصبر. قوله: (للصابرين) في الكشاف المراد بهم المخاطبون فالتعريف للعهد وضع فيه الظاهر موضع المضمر، والصبر الراجع إليه الضمير صبرهم أيضاً ثناء من الله عليهم بأنهم صابرون في الشدائد فالصبر من شيمهم فلا يتركونه إذن في هذه القضية، ونحوها أو وصفهم بالصفة التي تحصل لهم إذا صبروا على المعاقبة فهو على حد من قتل قتيلاً أو الضمير لجنس الصبر الدال عليه صبرتم، والمراد بالصابرين جنسهم فيدخل هؤلاء دخولاً أوليا قيل، وكلام المصنف رحمه الله تعالى ظاهر في هذا، واختاره لما فيه من العموم، وفيه نظر. قوله: (صرح الأمر به) متعلق بالأمر، واستعمل صرح متعدياً بنفسه لأنه يقال صرح الأمر، وصرح به إذا كشفه، وبينه متعديا ولازما كما صرح به أهل اللغة أي خص! الرسول صلى الله عليه وسلم دون من معه بالتصريح بالأمر بالصبر وعلم أمر غيره به ضمنأ من قوله: {وَلَئِن صَبَرْتُمْ} الخ، وفي قوله علمه بالله ما يدل على أنه يصح أن يقال علمت الله كعرفت الله، وقد بيناه في محل آخر، وقوله وثوقه عليه أي اعتماده
عليه، ولذا عداه بعلى وان كان الظاهر به وقوله بتوفيقه يعني أنه فيه مضاف مقدر لاقتضاء المعنى له، وقوله على الكافرين أي على كفرهم، وعدم

الصفحة 382