كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

هدايتهم، وقيل على أزاهم. قوله: (في ضيق صدر الخ (فيه استعارة تبعية في أداة الظرفية كما يقال زيد في نقمة لجعله النقم، ونحوها من الغموم لشدته كأنه لباس أو مكان محيط به، وقيل إنه من القلب الذي شجع عليه أمن اللبس لأن ضيق الصدر وصف في الإنسان، وليس الإنسان فيه، وقد تضمن من اللطف ما حسته، وهو أن الضيق عظم حتى صار كالشيء المحيط به من جميع الجوانب، وهو في المعنى كالأوّل إلا أنه لا داعي إلى ارتكاب القلب مع الاستغناء عنه بما مر، وقوله من مكرهم إشارة إلى أنّ ما مصدرية، وقوله وهما لغتان أي الفتح الذي هو مشهور، والكسر المقروء به فهما مصدران كالضرب، والكبر والقول والقيل، وقوله هنا متعلق بقرأ أو هو صفة، وأصله ضيق مخفف كميت، وميت أي في أمر ضيق ورده الفارسي بأنّ الصفة غير خاصة بالموصوف فلا يجوز ادعاء الحذف ولذلك جاز مررت بكاتب وامتنع باكل، وهو ممنوع لأنه إذا كانت الصفة عامة وقدر موصوف عام فلا مانع منه، وقوله المعاصي بيان لمفعوله المقدر، وسيأتي له تقدير آخر، ويدخل فيها زيادة العقاب ويجوز تنزيله منزلة اللازم. قوله: (في أعمالهم الخ) يعني أن ما قبله تخلية وهذا تحلية، وقوله بالولاية أي يتولى أمورهم، وكفايتها والفضل الإحسان، والجار والمجرور متعلق بما تعلق به مع بيان المعية وفيه لف ونشر، وقوله أو مع الذين اتقوا الله أي خافوه، والمعنى خافوا عقابه، وأشفقوا منه فشفقوا على خلقه بعدم الإسراف في المعاقبة، وهذا التفسير مناسب لما قبله أتم مناسبة والإحسان على الأوّل بمعنى جعل الشيء حسنا، وعلى الثاني ترك الإساءة كما قيل:
ترك الإساءة إحسان وإجمال
والحديث المذكور وقع في التفاسير مرويا عن أبيئ بن كعب رضي الله تعالى عنه، وهو موضوع كما قاله العراقي تصت هذه السورة بحمد الله وعونه.
تم الجزء الخامس ويليه الجزء السادس أوّله سورة الإسراء

الصفحة 383