كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

أشرف الممكنات عبيداً كونهم عبيدا مأخوذ من لام الملك. قوله: (أي شركاء على الحقيقة الخ) هذا رذ على من توهم أن شركاء لا يصح أن يكون مفعول يتبعون لأنه يدلّ على نفي اتباعهم الشركاء مع أنهم اتبعوهم لأنّ المعنى أنهم، وأن اتبعوا شركاء فليسوا في الحقيقة شركاء فالمراد سلب الصفة بحسب الحقيقة، ونفس الأمر وان سموهم شركاء لجهلهم، وقوله ويجوز أن يكون شركاء مفعول يدعون معطوف على معنى ما قبله لأنه في قوّة يصح أن يكون مفعول يتبع، وقوله ومفعول يتبع محذوف تقديره يتبعون حقاً يقيناً كما سيشير إليه وقد يجعل آلهة أو شركاء كما قدره بعضهم ميلاً إلى أعمال الثاني في التنازع، وقيل عليه أنه لا يصح كونه منه لأنّ مفعول الأوّل مقيد دون الثاني فلا يتحد المعمول حتى يكون من هذا الباب إذ هو مشروط فيه وأجيب بأنّ التقييد عارض! بعد الأعمال بقرينة عامل فلا ينافيه وفيه نظر. قوله: (وإنما يتبعون ظنهم أنهم شركاء) إشارة إلى معمول الظن المقدر وقيك إنه يجوز تنزيله منزلة اللازم. قوله: (ويجوز أن تكون ما استفهامية منصوبة بيتبع) وشركاء مفعول يدعون أي أيّ شيء يتبع المشركون أي ما يتبعونه ليس بشيء ويجوز توجيهه بحيث يتحد مع قراءة الخطاب في المعنى. قوله: (أو موصولة معطوفة على من) أي وله ما يتبعه المشركون خلقاً وملكا فكيف يكون شريكا له فصدر الآية باق على ما مرّ من الاستدلال وعدم صلاحية ما عبدوه مطلقا لذلك ويجوز أن تكون ما حينئذ مبتدأ خبره محذوف كباطل ونحوه أو قوله إن يتبعون والعائد محذوف أي في عبادته أو اتباعه. قوله: (وقرئ تدعون بالتاء الخطابية) وهذه قراءة السلمي وعزيت لعليّ كرّم الله وجهه أيضاً، وقوله والمعنى أي على هذه
القراءة رذ لما قيل إنها غير متجهة وما استفهامية والعائد للذين محذوف، وشركاء حال منه أي
تدعونهم حال كونهم شركاء في زعمكم والذين عبارة عن الملائكة والمسيح وعزير عليهم
الصلاة والسلام وقوله فيه أي في اتباعهم لله فيكون إلزاماً بأن ما يعبدونه يعبد الله فكيف يعبد،
وقوله: بعد برهان أي من قوله إلا أن الله الخ وما بعده قوله إن يتبعون إلا الظن مصروف عن
الخطاب إلى الغيبة. قوله: (يكذبون فيما الخ (أصل معنى الخرص الحزر بتقديم الزاي
المعجمة على الراء المهملة أي التخمين والتقدير، وششعمل بمعنى الكذب لغلبته في مثله
وكلاهما صحيح هنا وحزر سمع من باب ضرب ونصر. قوله: (تنبيه على كمال قدرته الخ (أي
كمال القدرة من خلق ما لا يقدر عليه غيره من الليل والنهار والنعمة براحة الليل والأبصار،
وقوله: المتوحد يشير إلى إفادة تعريف الطرفين للقصر وأنه قصر تعيين يترتب عليه حصر العبادة
فيه لأنّ من لا يقدر ولا ينعم لا تليق عبادته. قوله: (وإنما قال مبصراً الخ (أي لم يقل لتبصروا
فيه ليوافق ما قبله تفرقة بين الظرفين إذ الظرف الأوّل ليس سبباً للسكون والدعة بخلاف الثاني
لأنّ الضوء شرطه الأبصار فلذا أسند إليه مجازاً، ولم يسند إلى الليل، وقيل مبصراً للنسب
كلابن وتامر أي ذا أبصار وجعله ابن عطية رحمه الله من باب المجاز كقوله:
ما ليل المحب بنائم ومن لم يفرق بينهمالم يصب
وأراد بالسبب ما يتوقف عليه في الجملة لا المؤثر ولا حاجة إلى جعله من حذف
الاحتباك وأصله جعل الليل مظلما لتسكنوا فيه، والنهار مبصراً لتتحزكوا فيه. قوله: (أي تبناه (
لعل هذا قول بعضهم وإلا فما ذكروه من الأدلة يقتضي أنهم يقولون بالتوليد حقيقة، وقوله
تعالى اتخذ صريح فيما فسر به هنا. قوله:) تنزيه له عن التبني الخ (أصل معنى سبحان الله
التنزيه عما لا يليق به جل وعلا وششعمل للتعجب مجازاً فلذا قيل إنّ الواو هنا وفي الكشاف
بمعنى أو لأنه لا يجمع بين الحقيقة، والمجاز وقيل: إنه كناية قالوا وعلى أصلها، وهذا بناء
على صحة إرادة المعنى الحقيقيّ في الكناية، وفيه خلاف لهم وقيل لا يلزم أن يكون استفادة
معنى التعجب منه باستعمال اللفظ فيه بل هو من المعاني الثواني، وقوله تعجيب في نسخة
تعجب وقوله من كلمتهم الحمقاء مجاز كذكر حكيم أي الأحمق قائلها. قوله:) فإنّ اتخاذ الولد
مسبب عن الحاجة (وهو الغني عن كل شيء وتسببه عنها إمّا لأنّ طلبه ليتقوّى به أو لبقاء نوعه
وقوله: تقرير لغناه لأن المالك لجميع الكائنات هو الغنيّ، وما عداه فقير وهو علة أخرى لأن التبني ينافي المالكية. قوله:) نفي لمعارض ما أقامه من البرهان الخ (المعارض في اللغة المنافي، وفي الاصطلاج ما نافاه الدليل

الصفحة 46