كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

المفعول المجازيّ كاسأل القرية. قوله: (وقيل إنه منصوب بفعل محذوف ثقديره وادعوا شركاءكم) أي
هو منصوب بمقدر كما في قوله علفتها تبناً، وماء باردا وعلى قراءة نافع عطف شركاءكم عليه لأنه يقال جمعت شركائي كما يقال جمعت أمري وقيل المعنى ذوي أمركم وكلام المصنف رحمه الله تعالى يميل إليه وفيه نظر وقوله والمعنى أي على الوجوه السابقة وأمرهم بلفظ الماضي أي أنّ نوحا عليه الصلاة والسلام أمرهم ويصح أن يكون اسما أيضا وقوله بالعزم على قراءة العامّة أو الاجتماع على قراءة نافع، وقوله على أفي وجه أعمّ من المكر والكيد وثقة علة لأمرهم وقلة مبالاة معطوف عليه. وفي قصدي مصدر مضاف إلى المفعول. قوله: (واجعلوه ظاهرا مكشوفاً) هذا كما مرّ من أنّ الأمر لا يصح كونه منهيا فهو إما كناية عن نهيهم عن تعاطي ما يجعله غمة أو أمرهم بإظهاره، وعليكم على الأوّل متعلق بغمة وعلى الثاني بمقدّر أي كائنا والمراد من الغمّ ما يورثه والأمر بمعنى الشأن وهو الإهلاك أو قصده. قوله: (أذوا إلتي الخ) فالقضاء من قولهم قضى دينه إذا أدّاه فالهلاك مشبه بالدين على طريق الاستعارة المكينة، والقضاء تخييل أو قضى بمعنى حكم ونفذ والتقدير احكموا بما تؤذوه إليّ ففيه تضمين واستعارة مكنية أيضا ومفعول اقضوا محذوف عليهما كما أشار إليه المصنف رحمه الله. قوله: (وقر! {ثُمَّ اقْضُواْ} الخ) الباء في بشركم للمعية أو التعدية وأفضى إليه بكذأ معناه أوصله إليه وأصله أخرجه إلى الفضاء كأبرزه أخرجه إلى البراز بالفتح وهو المكان الواسع، ومنه مبارزة الخصمين. قوله: ( {فَإِن تَوَلَّيْتُمْ} الخ) شرط مرتب على الجزاء قبله أي إن بقيتم على إعراضكم عن تذكيري بعد أمري لكم وعدم مبالاتي بما أنتم عليه فلا ضير عليّ، وقيل الأوّل مقام التوكل، وهذا مقام التسليم والمبالاة بشيء إتا للخوف أو الرجاء واليهما الإشارة بالجملتين وجواب الشرط محذوف أقيم ما ذكر مقامه أي فلا باعث لكم على التولي ولا موجب له أو ما ذكر علة للجواب أقيم مقامه، وقوله واتهامكم بالجرّ عطف على ثقله، والواو بمعنى أو. قوله: (المنقادين لحكمه) إشارة إلى أنّ المراد بالإسلام الاستسلام والانقياد لا ما يساوق الإيمان كما فسره به الزمخشريّ، وقيده بالذين لا يأخذون على تعليم الدين شيئاً والداعي له قوله: {إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللهِ} إلا أنه تكلف، ولذا عدل عنه المصنف رحمه الله،
وقوله لا أخالف أمره مطلقا أو هذا الأمر وهو تفسير للانقياد وقوله فأصرّوا على تكذيبه فسره به لأن السياق دال على تقدم تكذيبهم له كما يدذ عليه قوله إن كان كبر الخ ولأنّ إهلاكهم المعقب إنما كان بعدما استمرّ من تصذيهم وطول عنادهم واصرارهم وإلزامهم الحجة بقوله إن كان كبر الخ وقوله وبين أنّ توليهم أي بقوله فإن توليتم الخ وقوله لا جرم توطئة لتفريع قوله فنجيناه لا إشارة إلى أن الفاء فصيحة أي فحقت عليهم كلمة العذاب فنجيناه وقوله من الفرق بدلالة المقام وقيل من أيدي الكفار، وقوله وكانوا ثمانين أي من الناس غير الحيوانات وقوله من الهالكين به أي بالغرق ومن للبدل أي جعل الثمانون خليفة عمن هلك بالطوفان لأنه المذكور قبله وبعده. قوله: (تعظيم لما جرى عليهم الأن الأمر بالنظر إليه يدل على شناعته قال الراغب: النظر يكون بالبصر والبصيرة، والثاني أكثر عند الخاصة فالمراد اعتبر بما أخبرك الله به لأنه لا يمكن أن ينظر إليه هو ولا من أنذره، والمراد بالمنذرين المكذبين والتعبير به إشارة إلى إصرارهم عليه حيث لم يفد الإنذار فيهم وقد جرت العادة أن لا يهلك قوم بالاستئصال إلا بعد الإنذار لأن من أنذر فقد أعذر، وقوله لمن كذب الرسول أي رسولنا عليه أفضل الصلاة والسلام، والتسلية له ظاهرة، وقوله كل رسول إلى قومه هذا يستفاد من إضافة القوم إلى ضميرهم، وليس من مقابلة الجمع بالجمع المفضي لانقسام الآحاد على الآحاد وفيه إشارة إلى أنّ عموم الرسالة مخصوص بنبينا صلى الله عليه وسلم واختلف في نوح عليه الصلاة والسلام هل بعث إلى أهل الأرض كافة أو إلى صقع واحد منها وعليه ينبني النظر في الغرق هل عمّ جميع أهل الأرض أو كان لبعضهم وهم أهل دعوته كما صزج به في الآيات، والأحاديث قال ابن عطية رحمه الله وهو الراجح عند المحققين، وعلى الأوّل لا ينافي اختصاص عموم الرسالة بنبينا مجشحيه لأنها لمن بعده إلى يوم القيامة. قوله تعالى: ( {فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ} الآية (ضمير كانوا

الصفحة 48