كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

كونها علة لما قبلها وهو ردّهم واستكبارهم يؤخذ من ذلك كما أشار إليه المصنف رحمه الله، والحمل على العطف الساذج لا يناسب البلاغة لا لتقدم الإجرام على البعث لأن المراد استمرارهم وتعاونهم عليه كما فسر به. قوله: إ فلما جاءهم الحق} جعل الحق كشخص جاءهم من الله على طريق الكناية والتخييل وهذا يدل على غاية ظهوره بحيث لا يخفى على ذي بصر وبصيرة فلهذا فسروه بعرفانهم ذلك، وكذا وضع الحق موضع الضمير إشارة إلى ظهور حقيته عند كل أحد، وأيضاً قد صرّج به في محل آخر بقوله وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم فلا يرد قوله في الفرائد لا دلالة في النظم على معرفتهم له، وقولهم إنه يدذ على أنهم بهتوا لما بهرهم منه، وهذا غير وارد على المصنف رحمه الله لأنه لم يفسره به، وإنما ذكر أنهم عرفوه بما قارنه من الآيات كما يدذ عليه تفريعه بالفاء وهو معنى ما في الكشاف أيضاً، والمعجزات من قوله من عندنا فتدبر. توله: (ظاهر أنه سحر وفائق في فنه واضح فيما بين إخوانه) يشير إلى أنّ مبين من أبان بمعنى ظهر واتضح لا بمعنى أظهر وأوضح كما هو أحد معنييه، ولا وجه لما قيل إنّ قوله ظاهر بيان لأن الإشارة لنوعه وقوله وفائق في فنه بيان لأنّ الإشارة لفرد كامل كما يدلّ عليه ما بعده بل المراد أن ظهوره إمّا ظهور كونه سحراً في نفسه أو
ظهوره بالنسبة إلى غيره من أنواع السحر فتأمل وقوله وفائق في نسخة أو بدل الواو. قوله: (أنه لسحر الخ) يعني أنّ القول على ظاهره ومقوله محذوف بقرينة ما قبله لا قوله أسحر لما سيأتي وقوله بتوا القول من البت بموحدة ومثناة أي قطعوا القول بأنه سحر فكيف يستفهمون عنه، وقوله أسحر الخ من قول موسى صلى الله عليه وسلم لا من قولهم، وهي جملة مستأنفة للإنكار، ثم أجاب بجواب مرّضه لأنه خلاف الظاهر، وهو أنّ الاستفهام مقصودهم به تقريره أي حمله على الإقرار بأنه سحر لا السؤال حتى ينافي البت والقطع، وقوله والمحكي أي في أحد الموضعين فإمّا أن يكون المقول الثاني والأوّل حكاية بالمعنى أو بالعكسى، وإنما ذكر هذا لأنّ القصة واحدة فالصادر فيها بحسب الظاهر إحدى المقالتين، وقوله اللهمّ هو بمعنى يا الله لا بمعنى يا الله آمنا بخير لأنه ينافي ما بعده من الشرّ، والميم المشددة المبنية على الفتح عوض عن يا فلا تجامعها إلا شذوذا، وله ثلاث استعمالات النداء، والاستثناء والجواب كنعم للاستظهار وتقوية هو ضعيف عند المتكلم إشارة إلى أنه محتاج لمعونة من الله، وقد ورد في الحديث وكلام فصحاء العرب فليس بمولد كما توهم قاله المطرزي في شرح المقامات فهو هنا إشارة إلى ضعف الجواب كأنه ينادي الله لأنّ يسدد مقاله لضعفه، وأمّا إذا كان تقولون بمعنى تعيبون لأنّ القول والذكر قد يطلق ويراد به ذلك فلا مفعول له، وقوله يخاف القالة الخ القالة مصدر كالقول إلا أنه يختص بالسرّ في قول لأهل اللغة وفي كلامه الآتي إشارة إلى جواب آخر، وهو أنه مقول قولهم والاستفهام ليس له بل مصروف إلى قيده وهو الجملة أعني، ولا يفلح الساحرون والمعنى أجئتنا بسحر تطلب به الفلاج والحال أنه لا يفلح الساحر أو هم يستعجبون من فلاحه، وهو ساحر فتدبر، وقوله يبطل مضارع الإبطال وهو إقنافي، والا فيجوز أن يكون سحرا يبطل غيره من السحر، وقوله: ولأنّ العالم عطف على فإنه لأنّ الفاء تعليلية، وقوله فيستغنى عن المفعول أي المفعول المعهود من كلام موسى صلى الله عليه وسلم على الوجهين. قوله: (واللفت والفتل إخوان) أي بينهما مناسبة معنوية، واشتقاقية لأنّ لفته بمعنى صرفه ولواه وكذا فتله وليس أحدهما مقلوبا من الآخر كما قاله الأزهرقي رحمه الله، وقوله من عبادة الأصنام الظاهر عبادة
غير الله لأنهم عبدوا فرعون لعنه الله. قوله: (الملك فيها سمي بها الخ (يعني المراد بها ذلك لأنها لازمة له فأريد من اللفظ لازم معناه أو المراد الملوك لأنها عادتهم رؤساؤهم مستتبعون لغيرهم فالكبرياء بمعنى التكبر أي عد نفسه كبيراً لهم، والفرق بينهما أن في الأوّل ملاحظة استحقار غيره، وهو التكبر المذموم بخلاف الثاني وقيل سمي بها لأنها أكبر ما يطلب من أمور الدنيا وفي الأرض متعلق به أو يتكون أو مستقرّ حال أو متعلق بلكما والأرض! قيل المراد بها مصر، وقوله حاذق فيه فسره به لأن المراد علمه بصفة السحر وحذقه فيها، وقراءة حمزة والكسائيئ سحار لا ساحر كما في بعض النسخ فهو من تحريف

الصفحة 50