كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

تعالى يتولى الخ، يعني لم يذكر الجزاء إشارة إلى أنه أمر عظيم لا تحيط به العبارة خصوصاً وقد جعل ذاته الكريمة هي الجازية فإنّ العظيم لا يتولى بنفسه إلا الأمر العظيم، ثماليه أشار بقرله يتولى ففي كلامه إدماج لمعنى آخر.
قوله: (والآية كالتعليل لقوله إليه مرجعكم الخ (جريا على ما اطرد في استعمال الجملة
المصدّرة بأنّ كتوبوا إنه غفور رحيم وكونها تعليلاً أو كالتعليل لإخفاء فيه وإنما الكلام في المعلل هل هو كون المرجع إليه أو كونه لا مرجع إلا إليه فالظاهر هو الثاني كما أشار إليه النحرير في شرحه والمعنى مرجعكم إلى الله لا إلى غيره، وإنما أرجعكم إليه ليجازيكم بما يليق بكم واستة، دة الحصر من المعلل ظاهرة ومن العلة لأنّ البدء والإعادة معلومة الانتفاء عن غيره عقلا فلا حاجة إلى أن يعتبر في الكلام ما يدل على الحصر حتى يتكلف له ما تكلفه من تعسف بما لا يليق ذكره. قوله: (ويؤيده قراءة من قرأ أنه الخ) أي بالفتح بتقدير لام التعليل فهو صريح فيما ذكر وجوّز فيه أن يكون منصوباً بوعد مفعولاً له أو مرفوعا بحقا فاعلا له وكلامه يحتمل أن يكون وعد وحق هما العاملان في المصدرين المذكورين وأن يكونا فعلين آخرين مقدّرين بدلالة ما قبلهما عليهما فإن كان المراد الأوّل فالمصدران ليسا للتأكيد ويكون هذا إعراباً آخر لأن فاعل العامل في المصدر المؤكد لا بد أن يكون عائداً على ما تقدمه مما أكده فالمعنى وعد الرجوع إليه، وحق الوعد، وان كان الثاني فهو ظاهر ثم إن التعليل المذكور لا يناسب كون المراد بالمرجع الموت فإمّا أن يكون هذا إشارة إلى أنّ تفسيره الثاني هو المرضيّ عنده أو يكون الصحيح نسخة العطف بالواو كما مز التنبيه عليه. قوله: (ذات ضياء وهو مصدر الخ (يعني هو على تقدير مضاف أو جعلها نفس الضياء مبالغة كما أشار إليه في نوراً، وانقلاب الواو ياء لانكسار ما فبلها وأمّا همزة فعلى القلب المكاني فلما وقعت الواو أو الياء المنقلبة عنها متطرفة بعد مذة قلبت همزة ابتدأء أو بعد قلبها ألفاً كما هو معروف في التصريف، وكونه جمعا بعيد، ولأنّ تقابله بنور ألا يقتضيه كما قيل، وخالفه أبو عليّ في الحجة فقال كونه جمعاً كحوض، وحياض أقيس من جعله مصدراً كقيام فهما قولان، وإنما كان أقدر لأنّ المصدر يجري على فعله في الصحة، والاعتلال انتهى، وقوله في كل القرآن هذه رواية، وقد قال بعض القرّاء أنها لم تصح، وقيل إنما قرأ بها هنا، وفي سورة الأنبياء القصص. قوله: (أو سمي نوراً للميالفة الخ) معناه ظاهر لكنه في نسخة أو فيكون فيه وجهان، وفي نسخة بالواو والأولى أظهر، وقوله، وهو أعمّ من الضوء كما عرفت أي في أوّل سورة البقرة بناء على أنه ما قوي من النور، والنور شامل للقوي والضعيف، وعلى القول الثاني هما متباينان فما كان بالذات كالشمس، والنار فهو ضوء، وما كان بالعرض فهو نور ولذا غاير بينهما في النظم، واليه أشار
بقوله نبه الخ، وكونه بمقابلة الشمس، والاكتساب منها لا يؤخذ من النظم، وإنما هو من دليل آخر، وذكره تتميما للفائدة، وقوله خلق يشعر بأن جعل بمعنى خلق فضياء ونوراً حال، وقد مرّ التفصيل في الضوء، والنور بما لا مزيد عليه، وأنه إذا كان أبلغ فلم قيل الله نور السماوات والأرض، ولم يقل ضياؤها، والجواب عنه، وقد ذكر في وجهه هنا أنّ المقصود تشبيه هد 51 الذي نصبه للناس بالنور الموجود في الليل، وأثناء الظلام، والمعنى أنه جعل هداه كالنور في الظلام فيهدي قوما ويضل آخرون، ولو جعله كالضياء جمثل الشمس التي لا يبقى معها ظلام لم يضل أحد، وليس كذلك فتأمّل. قوله: (قدّر مسير كل واحد منهما الخ) يعني الضمير لهما بتأويل كل واحد منهما أو للقمر، وخص بما ذكر لسرعة سيره لأنّ ما تقطعه الشمس في سنة يقطعه هو في شهر ولأنّ منازله معلومة محسوسة، وأحكام الشرع منوطة به في اكثر فلا يضرّ ما قيل إن العنين يؤجل سنة شمسية، وقوله حساب الأوقات بالنصب إشارة إلى عطفه على عدد لا على السنين بالجرّ، وهو القراءة وتقدير مضاف، وهو سير يقتضي أن منازل منصوب على الظرفية أو الحالية، وقيل أصله قدر له منازل فهو مفعول به، وقوله ولذلك أي لكونه مخصوصاً بالقمر لأنّ علم ذلك إنما هو به، وليست الإشارة إلى كون الأحكام منوطة به حتى يمنع، وليس ذكر الأيام في تفسير الحساب بناء على عود الضمير للشمس كما توهم. قوله: " لا متلبساً بالحق (يعني أن الباء

الصفحة 6