كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 5)

للملابسة، وهو حال، والحق خلاف الباطل، وهو الصواب أي لم يخلقه باطلا وعبثاً، وقوله مراعياً تفسير له أي أوح خواص وقوى منتظمة بمصالح العالم السفليّ، وقوله على وجود الصانع إشارة إلى أن الآيات بمعنى الدلائل، وقيل هي آيات القرآن، وتفصيلها نزولها مفصلة منجمة مبينة ل! ما يلزم، وقوله فإنهم المنتفعون حمله على العلماء، وخصهم لما ذكر ولم يجعله بمعنى العقلاء، وذوي العلم لعمومه كما قيل لأن هذا أبلغ كقوله: {إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرُ مَن يَخْشَاهَا} [سورة النازعات، الآية: 45] وقوله: {إِنَّ فِي اخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سورة يونس، الآية: 6، مرّ تفسيره في سورة آل عمران. قوله: (لا يتوقعوئه لإنكارهم البعث الخ) قالوا الرجاء يطلق بمعنى توقع الخير، وهو الأصل كالأمل، ويطلق على
الخوف، وتوقع الشرّ، ويطلق على مطلق التوقع، وهو في الأوّل حقيقة، وفي الآخرين مجاز، وجوّز الزمخشري فيه هنا الوجوه الثلاثة، واقتصر المصنف رحمه الله على معنى التوقع لأنه أنسب بالمقام، وقيل لعدم احتياجه إلى تقدير مضاف كحسن أو سوء، وقال الإمام حمل الرجاء على الخوف بعيد لأنّ تفسير الضد بالضد غير جائز يعني في غير الاستعارة التهكمية، والتهكم غير مراد هنا كما يشعر به قوله تفسير دون استعارة فمن ردّه بذلك لم يصب مع أنّ الإمام رحمه الله لا يسلم له ما قاله فإنه ورد في استعمالهم، وذكره الإمام الراغب والمرزوقيّ، وأنشدوا شاهدآ له قول أبي ذؤيب:
إذالسعته النحل لم يرج لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل
قال الراغب وجهه أنّ الرجاء والخوف متلازمان، واعترض على المصنف رحمه الله بأنّ تفسيره لا ينتظم مع تعليل قرينه فالمراد لا يخافونه لاعتمادهم على شفعائهم فإن قوله لغفلتهم لا يتمشى مع الإنكار، وليس بوارد لأنه يعني أنهم غفلوا وذهلوا عن الأدلة وما يرشدهم إلى العلم بها حتى أنكروا، والتفسير بذلك إيماء إلى ظهورها حتى كأنها حاضرة عندهم وإنما عرض لهم ذهول وغفلة فتدبر وقوله من الآخرة أي بدلاً عنها لأنّ مجرّد الرضا بها مع عدم ترك الآخرة ليس بذم، وهو تفسير له بما وقع في النظم في قوله أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، وجملة رضوا معطوفة على الصلة أو حالية بتقدير يرقد. قوله: (وسكنوا إليها الخ (حقيقة الطمأنينة سكون بعد انزعاج كما قاله الراغب رحمه الله فالاطمئنان إما بمعنى السكون بسبب زينتها وزخارفها فالباء سببية أو ظرفية بمعنى سكنوا فيها سكونا خاصا، وهو سكون من لا يرحل ولا ينزعج لزعمهم أنه لا حياة غيرها وقوله مقصرين كان حقه أن يقول قاصرين لأنّ أقصر معناه كف مع القدرة لا بمعنى الاقتصار الذي عناه. قوله: (لا يتفكرون فيها لانهماكهم الخ الما كان الغافلون، والذين لا يرجون عبارة عما هو متحد الذات أشار إلى أنه من عطف الصفة على الصفة تنبيهاً على أنهم جامعون بينهما وأن كل واحدة منهما متميزة مستقلة صالحة لأن تكون منشأ للذم والوعيد كما في الكشاف، وهو أولى مما ذكره المصنف رحمه الله فإنه يفهم من ظاهره أنّ كلاً منهما غير موجب للوعيد بالاستقلال بل الموجب له المجموع، وهؤلاء هم المنكرون للبعث على هذا الوجه، ولما صح أن تكون الثانية سببأ للأولى قال في الكشاف، ولا يخطرونه ببالهم لغفلتهم فوكل الترتيب إلى ذهن الذكيّ، وفي كلام المصنف رحمه الله اً يضاً إشارة إليه. قوله:) وإمّا لتغاير الفريقين الخ) أي هما فريقان من الكفرة متغايران فلذا عطفا
فالأوّل المشركون المنكرون للاخرة، والثاني أهل الكتاب مثلا الذين ألهاهم حبّ الدنيا والرياسة عن الإيمان والاستعداد للآخرة، وقوله بما واظبوا أي داوموا واستمرّوا والاستمرار التجدّدي من المضارع لا سيما إذا اقترن بكان فإنه كالصريح فيه، والتمرّن التدرّب والاعتياد. قوله:) بسبب إيمانهم الخ (قدر متعلق الهداية ما ذيهر، وقدره تارة بإلى وتارة باللام لتعديه بهما كما أنه يتعذى بنفسه، والتقدير الأوّل والأخير يدل عليه قوله بعده: {تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ} الخ لأنه بيان له يعني أنّ عملهم، وايمانهم يكون نوراً بين أيديهم يقودهم إلى الجنة أو أنهم بذلك تنجلي بصيرتهم وينكشف لهم حقائق الأمور أو لما يريدونه من النعيم أو غيره في الجنة. قوله: (" من عمل بما علم " الخ) هذا يقتضي أنّ العمل هو المورّث لما ذكر لا مجموع الإيمان والعمل حتى ينافي ما سيذكره كما توهم. قوله:) ومفهوم الترتيب وإن دل على أنّ السبب الهداية

الصفحة 7