كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

توسطوها، وترددوا بينها ويقاربها حاسوا وداسوا وقيل: الحوس طلب الشيء بالاستقصاء، وقوله: وقرئ بالحاء المهملة هي قراءة طلحة وأبو السماك وقرئ أيضا تحوسوا بزنة تكسروا وهما شاذان، وقوله: وهما أخوان أي متقاربان لفظا ومعنى.
قوله: (وسطها (يعني أن خلال اسم مفرد بمعنى وسط ولذا قرىء خلل الديار، وقيل إنه
جمع خلل أي وسط كجبال في جبل، وقوله: للقتل والغارة بالغين المعجمة بمعنى النهب هذا يقتضي أن قوله: لطبكم من معنى الحوس كما مر تفسيره به وان احتمل خلافه، وحرقوا بالقاف من الحريق، وخزبوا بالخاء المعجمة من التخريب. قوله: (والمعتزلة لما منعوا تسليط الله الكافر الخ (بناء على مسألة القبح العقلي فلا يسند مثله إلى الله فجعلوه مجازاً عن عدم المنع ولا قبح فيه وتارة قالوا: لا قبح في نفس البعث وإنما القبح في التخريب والتحريق المسند إليهم وتفصيله في الكشاف وشروحه. قوله: (وكان وعد عقابهم لا بدّ أن يفعل (يعني اسم كان
ضمير الوعد السابق ومعنى مفعولاً متحتم إلفعل والألم يفد الحمل وقيل الضمير للجوس، وقيل إنه حمله على كونه مفعولاً قبل وقت الوعد فاحتاج إلى التأويل ولك أن تحمله على أنه كان قبل وقت النزول فلا حاجة إليه فتأمل. قوله: (أي الدولة والغلبة) أصل معنى الكز العطف، والرجوع ومنه الكز والفرّ في الحرب وغيره، قال امرؤ القيس:
مكز مفرّ مقبل مدبر معا
ولذا سمي الفتل به والحبل المفتول أيضاً والكزة مصدره ثم أطلقت على الدولة والغلبة مجازاً شائعاً كما يقال: تراجع الأمر، ولام لكم للتعدية، وقيل إنها للتعليل وعليهم متعلق بالكزة لما فيها من معنى الغلبة أو هو حال منها وجوّز تعلقه برددنا وشفقة مفعول ألقى، والأسرى جمع أسير وردهم إلى الشام من أرض بابل بعد قتل بختنصر ونقل باقيهم إليها، وقوله: من اتباع بختنصر جعل جار الله قتل بختنصر من آثار هذه الكرّة وهذا ناظر إلى أن المبعوث قتل بختنصر وما بعده ناظر إلى أنه جالوت، وفي اللباب أن معرفة هؤلاء الأقوام بأعيانهم لا يتعلق بها كبير غرض إذ المقصود أنهم لما كثرت معاصيهم سلط الله عليهم من ينتقم منهم مرة بعد أخرى. قوله: (أو بأن سلط داود عليه الصلاة والسلام على جالوت ققتله (قيل إنه يرذه قوله: وليدخلوا المسجد الخ فإن المسجد الأقصى هو المراد به أوّل من بناه داود ثم أكمله سليمان عليه الصلاة والسلام فلم يكن قبل داود مسجد حتى يدخلوه أوّل مرّة إلا أن يرتكب المجاز فيه، ودفع بأن حقيقة المسجد الأرض لا البناء أو بحمل قوله دخلوه على الاستخدام ولا يخفى أن المعترض أشار إلى ما ذكره هذا القائك مع ما فيه من التلطف، والأولى ما أشار إليه العلامة في شرح الكشاف من أن المبعوثين في المرة الآخرة لا يتعين كونهم المبعوثين أوّلاً فتدبر. قوله: (مما كنتم (بيان للمفضل عليه المقدر وقيل تقديره من أعدائكم، وقوله: من ينفر أي يذهب معه من قومه وصحح السهيلي أنه اسم جمع لغلبته في المفردات وعدم اطراد مفرده. قوله: الأنّ ثوابه (أيمما الإحسان لها أي للأنفس يعني أن اللام هنا للنفع كقوله: لها ما كسبت واللام في التفسير لتعليل كونه نافعاً لها وكذا قوله: فإن وبالها الخ وفي قوله: عليها إشارة إلى أنّ اللام الثانية بمعنى على وعبر بها لمشاكلة ما قبلها والازدواج افتعال من المزاوجة والمراد به المشاكلة لا ما اصطلح عليه أهل البديع، وقيل: اللام بمعنى إلى أي
إساءتها راجعة إليها، وقيل إنه تهكم وقيل إنها بمعنى على كما في قوله:
فخرّ صريعاً لليدين وللفم
وقيل إنها للاستحقاق كما في قوله: لهم عذاب، وفي الكشاف أنها للاختصاص قيل:
وهو مخالف في الآثار من تعدى ضرر الإساءة إلى غير المذنب إلا أن يقال: إنّ ضرر هؤلاء القوم من بني إسرائل لم يتعدهم ولا حاجة لمثله من التكلف لأن الثواب والعقاب الأخرويين لا يتعذيان وهما المراد هنا، والإحسان والإساءة بمعنى الأنعام وضده وإحسان العمل وما يخالفه قيل والمراد هنا الثاني لا الأعئم الشامل لهما وهو فعل ما يستحسن له أو لغيره والألم يلائمه كلام علي كرّم الله وجهه المنقول في الكشاف والظاهر أن المراد هو الأعمّ إذ هو أنسب وأتم، ولذا قيل إن تكرير الإحسان في النظم دون الإساءة إذ قيل فلها دون فإساءتكم لها إشارة إلى أن جانب الإحسان أغلب وأنه إذا

الصفحة 10