كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

فعل. ينبغي تكراره بخلاف ضده فتأمل. قوله: (بعثناهم ليسؤوا (إشارة إلى أنه متعلق بجواب إذا المحذوف لدلالة ما قبله عليه كما صرّج به في قوله: فحذف الخ، وقوله: بادية آثار المساءة فيها بنصب بادية منونا ورفع آثار به يعني أنه عدى المساءة إلى الوجوه وإن كانت عليهم لأنّ آثار الأعراض النفسانية إنما تظهر في الوجه كنضارة الوجه واشراقه بالفرج وكلوحه وسواده بالخوف والحزن، فالوجه عبارة عن الذات لظهور الآثار فيه فهو مجاز مرسل وقيل إنه استعارة تبعية، وقيل: الوجوه بمعنى الرؤساء وهو تكلف واختير هذا على ليسوؤكم مع أنه أخصر وأظهر إشارة إلى أنه جمع عليهم ألم النفس والبدن المدلول عليه بقوله وليتبروا، وقوله: للوعد أي بمجيء وقت العقوبة أو للبعث المدلول عليه بما مرّ والإسناد مجازي بخلافه في الوجه الأخير، وقوله: بالنون أي في أوّل المضارع وهذه القراءة مناسبة لقوله: بعثنا وما معه والضمير في القراءة المشهورة للعباد والقراآت على ما في شرح الشاطبية محصلها أن الحرميين وأبا عمرو وحفصا قرؤوا بالياء وضم الهمزة وواو ممدودة، وابن عامر وشعبة وحمزة بالياء وفتحها والكسائي بالنون والفتح أما على قراءة النون فاللام لام الأمر دخلت على المتكلم كما في قوله: (ولنحمل خطاياكم (وجواب إذا هو الجملة الإنشائية على تقدير الفاء وكذا إذا كان بالياء، وقيل: اللام على هذه القراءة يجوز أن تكون لام الأمر، وقوله: على الأوجه الأربعة أي النون والياء في أوّله مع التثقيل والتخفيف، وقوله على أنه جواب إذا أي والفاء محذوفة لأن الجمل الإنشائية لا تقع جواباً بدونها والضمير للعباد على حذ عندي درهم ونصفه والمراد به في الأخيرة أنه في معنى الجواب لأنّ اللام المفتوحة قسمية وجواب القسم
ساذ مسذ جواب إذا وهذا يحتمل عوده إلى الأخير وإلى ما قبله من قوله: وقرىء لنسوأن بالنون، فتأمّل. قوله: (متعلق بمحذوف هو بعثناهم (هذا على الوجه الأخير كما أنه كذلك إذا كانت اللام لام الأمر لكنه حينئذ يحتمل أن تكون هذه اللام لام أمر أيضا وهذه الجملة معطوفة على جملة قبلها ومن جعل الأولى لام كي وهذه مثلها فالجار والمجرور معطوف على الجار والمجرور وهو متعلق ببعثناهم المحذوف أيضا فعبارة المصنف رحمه الله يمكن أن تشملهما أو متعلقه مقدر وهو من عطف جملة على أخرى وكما دخلوه نعت لمصدر محذوف أو حال أي دخولاً كما دخلوه أو كائنين كما دخلوه، وأوّل منصوب على الظرفية الزمانية والتتبير الهلاك كما فسره المصنف رحمه الله به. قوله: (ما غلبوه واستولوا عليه (يعني أن ما موصولة والعائد محذوف وهو إما مفعول أو مجرور أو مصدرية ظرفية أي ليهلكوهم ما داموا غالبين عليهم قاهرين لهم وأسماء الملوك المذكورة غير مضبوطة عندنا واهدأ وهدأ مهموز الآخر بمعنى سكن، وقوله: نوبة بالنون والباء الموحدة بمعنى مرة. قوله: (عدنا موّة ثالثة (قال الراغب: العود الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه إفا انصرافا بالذات أو بالقول أو العزيمة فقوله: مرّة ثالثة إن تعلق بالعقوبة على أنّ المعنى عاقبناكم عقوبة ثالثة فلا خفاء فيه لتقدم العقوبة بتسليط أعدائهم عليهم مرتين، وإن تعلق بالعود فمعناه عودة ثالثة، والعود إنما يكون بعد الترك المسبوق بالفعل فالمرّة الأولى لا عود فيها بل في الثانية فتكون هذه عودة ثانية لا ثالثة، ولذا أورد عليه أن العود مرّتين والأوّل بدء لا عود ويدفع بأن العود قد يطلق على الفعل، وإن لم يسبق مثله كما ذكر في قوله تعالى: {أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا} [سورة الأعراف، الآية: 88، وأما القول بأن أوّل المرات كونهم تحت أيدي القبط فتكلف ظاهر، وأما الكلام في أن عبارة الكشاف مثل هذه أو لا فمن الفضول هنا ومن دفعه بأن المراد بالعود الرجوع فقد وقع فيما فز منه. قوله: (هذا لهبم في الدنيا (هذا توطئة لما بعده وبيان لأن ما ذكر جامع لعذابهم في الدنيا والآخرة وقوله: محبسا أي مكانا للحبس المعروف فإن كان اسما للمكان فهو جامد لا يلزم تذكيره وتأنيثه وإن كان بمعنى حاصراً أي محيطا بهم وفعيل بمعنى
فاعل يلزم مطابقته، فإقا لأنه على النسب كلابن وتامر أو لحمله على فعيل بمعنى مفعول أو لأنّ تأنيث جهنم غير حقيقي أو لتأويلها بمذكر، وقوله: أبد الآباد بالمد جمع أبد وليس مولداً كما قيل ومعنى أبد الآباد دائماً. قال في الأساس: يقال لا أفعله أبد الآباد

الصفحة 11