كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

وأبد الأبيد وأبد الآبدين، وقوله بساطا كما يبسط الحصير كقوله لهم: من جهنم مهاد فهو تشبيه بليغ والحصير بهذا المعنى بمعنى محصور لحصر بعض طاقاته على بعض كما قاله الراغب. قوله: اللحالة أو الطريقة (يعني أنه صفة لموصوف حذف اختصارأ لتذهب النفس كل مذهب فلذا كان أبلغ من ذكره كما في الكشاف وتعدية هدى بنفسه وباللام وإلى تقدمت ولم يذكر تقديره بالملة كما في الكشاف والقراءة بالتخفيف ضد التشديد لأنه يقال: بشرته وبشرته وأبشرته كما مرّ. قوله: (عطف على أنّ لهم أجرا الخ (يعني أنه إما معطوف على أن الأول فهو مبشر به أيضا لأنّ مصيبة العدوّ سرور، أو البشارة مجاز مرسل بمعنى مطلق الأخبار الشامل لهما فلا يلزم الجمع بين معنيي المشترك أو الحقيقة والمجاز حتى يقال إنه من عموم المجاز وإن كان راجعا لهذا، أو أنه مفعول يخبر مقدر فهو من عطف الجملة على الجملة، وأخره لأن التقدير خلاف الظاهر. قوله: (ويدعو الله (أي يدعو الإنسان الله عند غضبه بالشر فالباء فيهما صلة الدعاء، ووقوع ذلك عند الغضب على نفسه أو غيره كما سيأتي مشاهد يعني أنّ الإنسان إذا ضجر دعا بالشر وألح فيه كما يدعو بالخير ويلح فيه، وقيل: الباء بمعنى في يعني أنه يدعو في حالة الشر والضر كما كان يدعو في الخير فالمدعو به ليس الشر والخير، وقيل إنها للسببية وتركهما المصنف رحمه الله لمخالفتها الظاهر وقوله: أو يدعوه بما يحسبه خيراً وهو شر فلا يدعو في الدعاء به بناء على زعمه وظنه سواء كان خيريته وشريته لنفسه أو لغيره وهذا غير مقيد مجال الغضب وهو ظاهر، وقوله: مثل دعائه الخ يعني أنه مصدر تشبيهي وأصله دعاء كدعائه فحذف الموصوف وحرف التشبيه فانتصب وليس المراد أن فيه مضافا مقدراً أي مثل، وقيل المراد آدم عليه الصلاة والسلام يعني أن المراد على الأول جنس الإنسان وقيل إن المراد من الإنسان الثاني آدم عليه الصلاة والسلام ووجه ارتباطه بما قبله إفادته أن عجلته بالدعاء لضجره أو لعدم تأمله من شأنه وأنه موروث له من أصله:
شنشنة أعرفها من أخزم
فهو اعتراض تذييلي وكلام تعليلي، ولينهض بمعنى ليقوم كما روي أنه لما وصلت الروج
لعينيه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت جوفه اشتهاها فوثب عجلا إليها فسقط فأول بلاء وقع على الإنسان من بطنه، وهذا روأه القرطبي فالعهدة فيه عليه. قوله: (روي أثه عليه اللام الخ (سودة أئم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وزمعة بفتح الزإي المعجمة وفتح الميم والعين المهملة أبوها وهي في الأصل زوائد خلف الأرساغ وبها سمي، وكتافه بكسر الكاف والتاء المثناة الفوقية والفاء اسم حبل تشد به اليدان وفي نسخة أكتافه جمع كتف، وقوله: فدعا عليها بقطع اليد أي قال: اللهمّ اقطع يديها لكونها حلت يده، ورواه الزمخشري أيضا قريبا من هذا لكن قال ابن حجر أنه: لم يوجد كذا في كتب الحديث والذي رواه الواقدي في المغازي عن ذكوان عن عائشة رضي الله تعالى عنها أن النبيّ صلى الله عليه وسلم دخل لها بأسير، وقال لها: احتفظي به قالت فهرب مع امرأة فخرج ولم تشعر فدخل فسأل عنه فقلت والله لا أدري فقال: قطع الله يدك وذكر نحواً من هذا، وقوله: فاجعل دعائي رحمة يعني أنه جمر رجا من الله أن يجعل الدعاء على أحد من أفته عند الغضب لله رحمة له بأن لا يؤثر فيه دعاؤه، وهذا من شفقته كصز بأفته ورأفته بهم، وقوله فاجعل دعائي الخ هذا وقع في مسلم في معاوية لما دعاه فقيل إنه يأكل. قوله: (وبجوز أن يريد بالإنسان الكافر الخ (يعني المراد بالدعاء على هذا ما هو على صورته لقصد الاستعجال فهو مجاز محتمل للحقيقة، والنضر معروف من كفار قريش، وقوله: خير الحزبين يعني حزبي المسلمين والمشركين، وقوله: (اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك (الآية وتمامها فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم فنصر الله حزب رسول الله لأنهم خير محض وابتلى هو بالعذاب فقتل، وقوله: صبراً أيمما مصبوراً محبوسا يقال صبرته أي حبسته ويقال قتل صبراً إذا أمسك وحب حتى يقتل بخلاف من قتل في حرب أو على غفلة منه وصبرا منصوب على المصدرية أي قتلا صبراً ورجح الإمام هذا الوجه فقال إنه تعالى لما شرح ماض به نبيه صلى الله عليه وسلم الإسراء وايتاء موسى عليه الصلاة والسلام التوراة وما فعله بالعصاة
المتمردين من تسليط البلاء عليهم

الصفحة 12