كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

أي مبني أو يبنى على أن الخ وقوله: لا ينجي اهتداؤه غيره الخ أي في الآخرة لأنه قد يتعدى حكمه في الدنيا أو في الدارين بمعنى أنه لا يوجب ذلك بالذات إيجابا مطرداً، ويردى بالمهملة أي يهلك ويضر. قوله: ( {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (مؤكد لما قبعها للاهتمام به، روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنها نزلت في الوليد بن المغيرة لما قال: كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلي أوزاركم، ولذا خص نفي التحمل بالوازرة، فتأمل. قوله: (يبين الحجج ويمهد الشرائع) بيان للمقصود من البعثة وليس المراد أن ثمة صفة مقدرة في النظم
وقوله: وفي دليل على أن لا وجوب قبل الشرع هذا رد لما في الكشاف مع ما في كلامه مما يعلم من شروحه أي لا يجب علينا شيء من الأحكام قبله كما ذهب إليه غير أهل السنة لأنه لو كان لشيء وجوب علينا قبله لعذبنا بتركه قبله والتالي باطل لهذه الآية فكذا المقدم، ولما كانت هذه الملازمة غير مسلمة عند الأشاعرة لأنهم لا يقولون بلزوم تعذيب العاصي عليه تعالى كما بين في الكلام والقائلون بلزوم ووجوبه على الله هم المعتزلة فالملازمة مسلمة عندهم لا عندنا قيل إنه دليل إلزاميّ والا فارتكاب المعاصي لا يوجب التعذيب عند أهل السنة يعني أنّ هذا الدليل تامّ عندهم لأنّ هذه المقدمة مسلمة عندهم فيكفي ذلك في الرد عليهم، وما قيل في رذه أنّ مراد المصنف رحمه الله أنه لا وجوب لشيء علينا من الأحكام التكليفية قبل أن تشرع والا عذبنا بتركه قبله لا أنه لا يجب تعذيبنا عليه تعالى بالمعصية قبل شرع حتى يرد عليه أنّ المذهب عدم وجوب الإثابة والعقوبة على الله فيحتاج إلى ذلك التأويل انتهى ناشىء من عدم التدبر وأنه لا محصل له فإنّ قوله: والا عذبنا مقدمة غير صحيحة عند الأشاعرة فإن بناها على مدعي الخصم رجع بالآخرة إلى ما قاله من رد عليه بعينه، ثم إن وجوب تعذيب العاصي عند القائلين به من المعتزلة وجوب شرعي لا عقلي قال في شرح التجريد: اتفق الأئة على أن الله تعالى يعفو عن الصغائر مطلقا وعن الكبائر بعد التوبة، واختلفوا في جواز العفو عن الكبائر بدون التوبة فذهب جماعة من المعتزلة إلى أنه جائز عقلا غير جائز سمعاً، وذهب الباقون إلى وقوعه عقلاً وسمعاً اهـ. (أقول) هذا ما قاله أصحاب الحواشي وفي شرح المحصول للأصفهاني لا دليل في الاية على ما ذكر لاحتمال أن يكون المراد بالرسول العقل وأن يكون المنفي عذاب المباشرة وليس فيها نفي التعذيب عن جميع الذنوب ولا يلزم من نفيه نفي الاستحقاق، وأجاب بأنّ الأصل الحقيقة والمنفي إيقاع العذاب مطلقا بمباشرة أم لا، وفي تفسير الإمام الاستدلال بالآية ضعيف لأنه لو لم يثبت العقلي لم يثبت الشرعي وهو باطل وبيان الملازمة أنه إذا جاء نبيّ بشرع ومعجزة فهل يلزم قبول ما جاء به أم لا فإن قلنا بلزومه فهل هو بشرعه أو بشرع غيره فإن كان بشرعه لزم إثبات الشيء بنفسه وإن كان بشرع غيره دار أو تسلسل فلزم الرجوع إلى الوجوب العقلي ورذه شيخنا في الآيات البينات بما يطول شرحه فانظره. قوله: (وإذا تعلقت إرادتنا بإهلاك قوم لانفاذ قضائنا الخ (لما كان ظاهر الآية أنه تعالى يريد إهلاك قوم ابتداء فيتوسل إليه بأن يأمرهم فيفسقوا فيدمرهم وارادة ضرر الغير ابتداء من غير استحقاق الأضرار مما ينزه عنه تعالى لمنافاته للحكمة وما ربك بظلام للعبيد دفع بوجوه، منها ما أشار إليه المصنف رحمه الله بقوله: وإذا تعلقت الخ يعني أنه إذا تعلقت الإرادة بإهلاكهم لما سبق من القضاء والعلم بأنهم من ذوي المعاصي المهلكين وقع منهم العصيان فأهلكوا، وقد رد هذا في الكشف بأنه في زمان تعلق الإرادة يجب الفعل فالتفسير بهذا دون الرجوع إلى التأويل الثاني غير مجد،
ولهذا اقتصر عليه في الكشاف، وقيل أنّ مراده إذا قرب تعلقها وأنه من مجاز المشارفة لكنه لا يدفع ما ذكر وان دفع السؤال الأوّل كما قرّرناه فالحق أن يقال: إنّ الإرادة لها تعلقان: قديم وهو المتحقق في علمه بأنه سيقع في وقته المعين له وحادث وهو المتعلق به إذا وجد، والمراد هنا هو الثاني لأن إذا معلقة على فسقهم مقارنة له كقوله: إذا كبر الإمام فكبروا، والواقع معه في زمانه الممتذ هو التعلق الثاني لا الأوّل القديم السابق عليه القضاء سبقا ذاتيا على أنّ المراد بإنفاده انفاذه في وقته المقدر له كما توهم فإنه لا يدفع السؤال إلا بتكلف وان ذهب إليه

الصفحة 16