كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

نفسك الخ (يشير إلى أنهما خبران على الأوّل وحالان مترادفان على الثاني لا متداخلان ولا من قبيل حلو حامض كما قيل وقوله: ومفهومه الخ ومثله من المفاهيم معتبر مقصود هنا فتأمل. قوله: (وأمر أمراً
مقطوعا به (كذا في الكشاف فقيل: إنه مجاز، وقيل: إنه ضمن معنى الأمر لكونه جامعا للمعنيين الأمر والقضاء الذي هو القطع وليست ضرورة داعية إلى هذا التضمين ورد بأن الداعي إليه أن المقضي يجب وقوعه ولم يقع التوحيد من بعض المخاطبين وقيل إنه أراد أنه مجاز عن الأمر المبتوت الذي لا يحتمل النسخ ولو كان تضمينا لكان متعلق القضاء حينئذ الأمر دون المأمور به والا لزم أن لا يعبد أحد غير الله فيحتاج إلى تخصيص الخطاب بالمؤمنين فيرد عليه بأن جميع أوامر الله بقضائه فلا وجه للتخصيص والأمر هنا لمطلق الطلب ليتناول طلب ترك العبادة لغيره تعالى، وأنت خبير بأنّ ما ذكره متوجه لو أريد بالقضاء أخو القدر أما لو أريد به معناه اللغوي الذي أشار إليه فلا يرد ما ذكره والتضمين عليه هنا شراح الكشاف والداعي إليه أنه لو كان مجازا لكان بمعنى أمر فقط ولم يلاحظ فيه معنى القطع الحقيقي له، فتأمل وأما التجوز في الإيمان بما ذكر فيغني عنه أن معنى لا تعبدوا غيره بمعنى اعبدوه وحده فهو أمر باعتبار لازمه وإنما اختير هذا للإشارة إلى أنّ التخلية بترك ما سواه مقدمة مهمة هنا. قوله: (بأن لا تعبدوا (إشارة إلى أن أن مصدرية والجارّ مقدر قبلها ولا نافية ويجوز أن تكون ناهيه كما مر ولا ينافيه كونها في تأويل المصدر كما أسلفناه، وأما كونه أخبارا عن إنثائه الماضي فتعسف وغاية التعظيم العبادة وهي لا تحق وتليق إلا لمن كان في غاية العظمة منعما بالنعم العظام وهذا لا يوجد في غيره فلذا أمروا بأن لا يعبدوا غيره. قوله: (وهو كالتفصيل (أي هذا وما عطف عليه من الأعمال الحسنة كالتفصيل لأنه لا يشمل جميع مساعيها ولذا عطف بالواو، وقوله ويجوز أن تكون أن مفسرة لتقدم ما تضمن معنى القول: دون حروفه وهذا معطوف بحسب المعنى على قوله: بأن لا تعبدوا لأنه في معنى وأن مصدرية كما مرّ وقوله ولا ناهية، وقيل إنها مخففة واسمها ضمير شان محذوف ولا ناهية، وقيل مصدرية ولا زائدة ويأباه الاستثناء. قوله: (وبأن تحسنوا (وفي نسخة وأن تحسنوا بعطف المقدر على أنها مصدرية ولا نافية، وقوله: أو وأحسنوا على أن أن تفسيرية ولا ناهية وهو معطوف على لا تعبدوا. قوله: (لآنّ صلته لا تتقدّم عليه) وجعله الواحدي صلة له فقيل إن كان المصدر منحلا بأن والفعل فالوجه ما ذكره المصنف تبعاً للكشاف، وان جعل نائبا عن أحسنوا فالوجه ما قاله الواحديّ وهذا كله إن لبم نغتفر ذلك في الظرف مطلقاً لتسامحهم فيه كما ذهب إليه كثير من النحاة. قوله: (ولذلك صح لحوق النون
المؤكدة للفعل (تبع فيه الزمخشري، وهو المذهب المشهور من أنه لا يؤكد بها الفعل بعد إد الشرطية إلا إذا زيدت عليها ما واختلف فيه فقيل إنه واجب وقيل إنه لا يجب وعليه قوله ابن
أفا ترى رأسي حاكى لونه طزة صبح تحت أذيال الدجى ...
فلا يرد ما اعترض به أبو حيان من أنه مخالف لقول سيبويه رحمه الله: وإن شثت أفحمت النون كما أنك إن شئت لم تجىء بها مع أنه قيل إن سيبويه إنما نص على أن نون التوكيد لا يجب الإتيان بها بعد أما وان كان أبو إسحاق قال بوجوبه وليس كلامه نصا فيما زعمه. قوله: (أو يدل على قراءة حمزة والكسائي من ألف يبلغان الخ (لا فاعل والألف علامذ التثنية على لغة أكلوني البراغيث وكلاهما عطف عليه فإن رد بأنه مثروط بأن يسند للمثنى نحو قاما أخواك مثنى أو مفرقا بالعطف بالواو خاصة على خلاف فيه نحو قاما زيد وعمرو وهنا ليس كذلك، واستشكلت البدلية بأن أحدهما عليه بدل بعض من كل لا كل من كل لأنه ليس عينه وكلاهما معطوف عليه فيكون بدل كل من كل لكنه خال عن الفائدة، على أنا نقول أن عطف بدل الكل على غيره مما لم نجده، وقد أجيب عنه بأنا نسلم أنه لم يفد البدل زيادة على المبدل منه لكنه لا يضر لأنه شأن التوكيد ولو سلم أنه لا بد منها ففيه فائدة لأنه بدل مقسم كما قاله ابن عطية فهو كقوله:
وكنت كذي رجلين رجل صحيحة وأخرى رمى فيها الزمان فشلت. 00

الصفحة 21