كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

إلا أنه تعقب بأنه ليس من البدل المذكور لأن شرطه العطف بالواو وأن لا يصدق المبدل
منه على أحد قسميه وهنا قد صدق على أحدهما وهذا محتاج إلى التحرير فانظره. قوله. (وكلاهما عطف على أحدهما فاعلاَ أو بدلا (قد علمت ما في البدلية من القيل والقال، واختار في البحر أن يكون أحدهما بدلاً من الضمير وكلاهما فاعل فعل مقدر تقديره أو يبلغ كلاهما وهو من عطف الجمل، وقوله: ولذلك لم يجز أن يكون تأكيداً للألف أي ضمير التثنية لأن التأكيد لا يعطف على البدل كما لا يعطف على كيره ولأن أحدهما لا يصلح توكيدا للمثنى ولا غيره فكذا ما عطف عليه ولأنّ بين إبدال بدل البعض منه وتأكيده تدافعا لأن التوكيد يدفع إرادة البعض منه وهذا القول منقول عن أبي علي الفارسي رحمه الله، قال في الدر المصون: ولا بد من إصلاحه بأن يجعل أحدهما بدل بعض من كل وبضمر بعده فعل رافع لضمير تثنية وكلاهما توكيد له والتقدير أو يبلغان كلاهما وهو من عطف الجمل حينئذ لكن فيه حذف المؤكد وإبقاء توكيده وقد منعه بعض النحاة، وفيه كلام في مفصلات العربية، وقوله: أن يكونا في كنفه أي
في منزله وكفالته أي في حال يلزمه القيام بأمرهما في المعيشة، كقوله: وكفلها زكريا ومنه الكفالة المعروفة وذلك لكبر سنهما وعجزهما عن الكسب وغيره. قوله: (فلا تتضجر مما يستقدر منهما (هذا بيان لمحصل معناه ومؤن بضم الميم وفتح الهمزة جمع مؤونة وهي معروفة وأف اسم فعل بمعنى أتضجر وذكروا فيها أربعين لغة لا حاجة إلى تفصيلها والوارد منها في القرا آت سبع ثلاث متواترة وأربع شاذة فقرأ نافع وحفص بالكسر والتنوين، وابن كثير وابن عامر بالفتح دون تنوين، والباقون بالكسر دون تنوين ولا خلاف بينهم في تشديد الفاء، وقرأ نافع في رواية عنه بالرفع والتنوين، وأبو السماك بالضم من غير تنوين وزيد بن علي بالنصب والتنوين، وابن عباس رضي الله عنهما بالسكون، واسم الفعل بمعنى الماضي والمضارع قليل والكثير فيه الأوامر وقوله: وهو صوت وهو هذا اللفظ الذي يقوله: المتضجر كأخ الذي يقوله المتوجع وقوله وقيل هو اسم الفعل الذي هو أتضجر كأوّه بمعنى أتوجع وهو قليل كما مر، وقوله لالتقاء الساكنين لأنه الأصل في التخلص منه والساكنان الفا آن، وقوله: للتنكير فالمعنى أتضجر تضجر أما وإذا لم ينون فهو تضجر مخصوص، وقوله: على التخفيف ليس المراد به ترك التشديد فإنهم لم يقرؤوا به بل تخفيف الفتح لأنه أخف من الكسر، وقيل المراد به ترك التنوين، وقوله: وقرىء به أي بالفتح وهي قراءة زيد وبالضم معطوف على قوله به، والاتباع للهمزة وهي رواية عن نافع كما مر. قوله: (قياساً (أي قياساً جليا لأنه يفهم بطريق الأولى وشممى مفهوم الموافقة ودلالة النص وفحوى الخطاب ولا خلاف فيه بين الحنفية والثافعية على أنه مفهوم كما تقرّر في الأصول وقوله: وقيل عرفا يعني أنه يدل على ذلك حقيقة ومنطوقا في عرف اللغة كما في المثال المذكور فإنه يدل على أنه لا يملك شيئاً قلبلا أو كثيرآ، والنقير نقرة في ظهر النواة والقطمير شق النواة أو قشرة رقيقة عليها. قوله: (ولذلك (أي لدلالة النص على ما ذكر منع الخ، وقال ابن حجر حديث حذيفة رضي الله عنه وأنه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتل أبيه، وهو في صف المشركين فقال: دعه بل غيرك كما في الكشاف لم أجده مرويا في كتب الحديث ولم يصح عن والد حذيفة أنه كان في صف المشركين فإنه استشهد بأحد مع المسلمين كما في صحيح البخاري لكن نحو القصة المذكورة وقعت لاً بي عبيدة بن الجراج،
وقوله: نهى عما يؤذيهما الخ بيان لمحصل معنى الآية من توله: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [سورة الإسراء، الآية: 23] إلى هنا، لا بقوله: {وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} [سورة الإسراء، الآية: 23] كما قيل، وقوله: بإغلاظ متعلق بتنهرهما أو تزجرهما، وقوله: أخوات أي متقاربة في المعنى أمّا النهي والنهر وهو الزجر فظاهر وأمّا النهم بسكون الهاء والميم فلأنه يكون بمعنى الزجر أيضا كما يكون بالفتح بمعنى شدة شهوة الطعام، وقوله: بدل التأفيف والنهر معلوم مما قبله لا أنه مقدر في الكلام وقوله جميلا أي حسنا لأنه يرد بهذا المعنى في مثله لا بمعنى- كثرة العطاء- والشراسة بفتح الثين المعجمة والراء والسين المهملتين بينهما ألف الصعوبة ومخالفة الطباع اللينة وسوء الخلق، وقوله تذلل لهما وتواضع هو بيان لمحصل معنى الكلام، وقوله فيهما، كأنه معناه في حقهما وفي معاملتهما. قوله: (جعل

الصفحة 22