كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

وقوله: إذا كانوا محارم فقرأ اقتصر عليه لأنه محل الخلاف ولفهم منه أنهم إذا لم يكونوا كذلك حقهم صلتهم بالموذة والزيارة ونحوهما، وأقارب الرسول صلى الله عليه وسلم حقهم توقيرهم ومحبتهم وإعطاؤهم الخمس، ومزضه لأنه لا قرينة على التخصيص وفيه أن الخطاب قرينة وهو مروي أيضا.
قوله: (بصرف المال فيما لا يضبفي (إشارة إلى أن التبذير المثتق من تفريق البذر في الأرض المراد منه ما ذكر وهو شامل للإسراف في عرف اللغة ويراد منه حقيقته وإن فرق بينهما على ما نقل في الكشف بأن الإسراف تجاوز في الكمية وهو جهل بمقادير الحقوق والتبذير تجاوز في موقع الحق وهو جهل بالكيفية وبمواقعها وكلاهما مذموم، والثاني أدخل في الذم، وأما قوله فيه أنه يتناوله في الآية بطريق الدلالة إذ لا يفترقان في الأحكام لا سيما وقد عقبه بالاقتصاد المناسب للكمية المرشد إلى إرادته ففيه نظر غفل عنه من أورده من عنده فإنه إذا كان التبذير أقوى وأدخل في الذم كيف يدل على ما دونه بطريق الدلالة فتأمل، والمسكين وابن
السبيل يعطى من الزكاة كما بين في محله، ثم إنه قيل أن الإسراف منهيئ عنه ولو في وجوه الخير وأن ما أورده الزمخشري من قول القائل: لا سرف في الخير لا عبرة به وفيه نظر. قوله: (وعن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (رواه أحمد بن حنبل رحمه الله عن ابن عمرو رضي الله عنهما وغيره وهو حديث صحيح. قوله: (أمثالهم في الشرارة (بفتح الشين مصدر كالطهارة أي في كونهم شراً وهو إشارة إلى أنّ الأخوان جمع أخ وهو بمعنى المثل والمشابه في الصفة مجازاً واستعارة كما وقع في الحديث بكلماته بأخي السرار أي كلام يشبه المساز به وكذا قولهم للخير أخو الشز فالأخ المماثل حقيقة أو ضدا كما يسمى المتقابلان زوجين، ولذا أرلد به الأصدقاء أو الاتباع فهو مجاز تشبيها لقران الصحبة والتبعية بقران القرابة فظهر أن الكل على الاستعارة وإن كان الوجه مختلف وقوله لأنهم كانوا يطيعونهم في الإسراف بيان لوجه جعلهم أصدقاء وأتباعاً بإطاعتهم لهم كما يطيع الصديق صديقه والتابع متبوعه وكأنه مجاز على مجاز لشهرة الأول التي ألحقته بالحقيقة فتأمل. قوله: (روي أنهم (أي الكفرة وهذا مما عرف في الجاهلية، والتياسر تفاعل من يسر إذا ضرب قداح الميسر على جزور ينحر ويقسم على سهام الميسر كما مر بيانه وعداه بعلى لتضمينه معنى يتزاحمون أو يتراهنون أو يجتمعون، وقوله في السمعة بضم فسكون وهي الرياء الذي يشتهر ويسمعه الناس، وقوله في القربات جمع قربة وهي ما يتقرب به إلى الله وقوله مبالغا من صيغة فعول، وأشار بقوله في الكفر إلى أنه يجوز أن يكون من الكفر ضد الإيمان، وقوله بنعماء بالمد بمعنى النعمة إشارة إلى أنه من كفران النعمة والمقصود زجرهم عن اتباعه. قوله: (وإن اعترضت عن ذي القربى الخ (إشارة إلى ارتباطه بما قبله ولذا خص ضمير عنهم بهم وإن احتمل العموم والخطاب عام وقيل معنى أن أعرضت أردت الإعراض فقل لهم قولاً ميسوراً ولا تعرض وقيل المعنى إن ثبت وتحقق في المستقبل أنك أعرضت عنهم في
الماضي فقل الخ والمراد سببية الثبوت للأمر بهذا القول فهذا وجه تفسيره المضارع بالماضي، وان كانت أن تخلصه للاستقبال وفيه نظر. قوله: (حياء من الرد (أي من رد مت سأل صريحا منهم وفي الحديث كان عليه الصلاة والسلام إذا سأل شيئا ليس عنده أعرض وسكت وفيه إشارة إلى أن هذا علة الإعراض لانتظار الرزق، وكونه كناية عن عدم النفع وترك الإعطاء لأن هذا شأن من لم يعط فهو لازم عرفاً وما وقع في نسخة ينفقهم بالقاف من تحريف الناسخ وليس ما ذكر علة له بل عدم حصول ما يعطيه. قوله: الانتظار رزق من الله (في الكشاف أن قوله ابتغاء رحمة أما أن يتعلق بجواب الشرط مقدما عليه أي فقل لهم قولاسهلا ليناً وعدهم وعداً جميلا رحمة لهم وتطييبا لقلوبهم ابتغاء رحمة من ربك أي ابتغ رحمة الله التي ترجوها برحمتك عليهم وأما أن يتعلق بالشرط أي وإن أعرضت عنهم لفقد رزق من ربك ترجو أن يفتح لك فسمي الرزق رحمة فرذهم رذاً جميلا فوضع الابتغاء موضع الفقد لأن فاقد الرزق مبتغ له فكان الفقد سبب الابتغاء والابتغاء مسببا عنه فوضع المسبب موضع السبب والمصنف

الصفحة 25