كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

الوليّ إسرافا والنهي وضميره حينئذ للولي فقط، والتعزير في المثلة بالمقتص منه، والوزر أي الإثم في الكل ويدخل به ما إذا كان فاعل المثلة سلطانا. قوله: (فضلاَ أن تتصرّفوا فيه (بتقدير الجاز أي عن أن تتصرّفوا فيه يعني أنه نهى عن القرب منه فيعلم منه النهي عن التصزف فيه بالطريق الأولى ودلالة النص، وهو كناية فلا ينافي إرادة المعنى الأصليئ منها، فالاستثناء دال أيضا على جواز القربان والتصرّف بالتي هي أحسن، ولم يتعرض المصنف رحمه الله له ثمة لأنه معلوم بالطريق الأولى أيضا فلا يتوهم أن الاستثناء يدل على جواز القربان بالتي هي أحسن لا التصرّف فيه، وقوله: بالطريقة التي الخ بيان لتقدير موصوف مؤنث بقرينة صفته وتلك الطريقة كحفظه وهي معروفة، وقوله: بما عاهدكم الله بحذف العائد أي عليه إن كانت ما موصولة والعهد بمعنى المعهود، وعهد الله ما كلفهم به وأما عهد العباد فشامل لما عاهدوا الله عليه من التزام تكاليفه وعاهدوا العباد عليه، ويدخل فيه العقود وغيره منصوب معطوف على ضمير المفعول. قوله: (مطلوبا يطلب من المعاهد الئي (فالمسؤول من سألته كذا إذا طلبته فمسؤول بمعنى مطلوب، وقوله: يطلب الخ إشارة إلى أن المطلوب عدم إضاعته والثبات عليه فالإسناد مجازي أو فيه مضاف مقدر بعد حذفه ارتفع الضمير واستتر، وأصله مطلوب عدم إضاعته ومثله من الحذف والإيصال شائع، فلا تعسف فيه من جهة اللفظ كما قيل ولا من جهة المعنى أيضا لأن الجملة الاستئنافية التعليلية مساوية للمعلل بها فيكون تعليلا للشيء بنفسه إذ طلب عدم إضاعته عين طلب الوفاء به فإنّ مآله إلى أن يقال: أوفوا بالعهد فإن عدم إضاعته لم تزل مطلوبة من كل أحد فتطلب منكم أيضا كما أفاده الفاضل المحشي، وقوله: من المعاهد صيغة الفاعل شامل للمعاهد بزنة المفعول لأن باب المفاعلة فيه كل جانب فاعل ومفعول فلا يرد ما قيل إن هذا الوجه يختص بما إذا فسر العهد بما عاهدتموه ولو قال: من المعاهد أو المعهود له كان جارياً على التفسيرين كما في الوجوه الآتية سوى الأخير إلا أن يفسر صاحب العهد بما يعم غير المعاهد أعني المعهود له فإنه يجري على التفسيرين أيضا، وقوله أو مسؤولاً عنه أي على الحذف والإيصال، وقوله: يسأل الخ، بيان للمسؤول عنه. قوله: (أو يسأل العهد الخ ( {بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ} مجهول بكسر التاء على خطاب المؤنث أو بسكونها على حكاية ما وقع في القرآن، والاستشهاد به بناء على أنه لا سؤال ثمة وإنما القصد التوبيخ كما في هذا الوجه، وقيل إنه استشهاد لمجرّد السؤال لأن سؤالها بعد إحيائها يوم القيامة وهو سؤال حقيقي
فتأمّله. قوله: (فيكون تخييلا (التخييل له استعمالات كما ذكره الشريف في حواشي شرح المفتاح حيث قال: إنه يطلق على التمثيل بالأمور المفروضة وعلى فرض المعاني الحقيقية وعلى قرينة الاستعارة المكنية وسيأتي تفصيله إن شاء الله تعالى فالمراد بالتخييل التمثيل بالاستعارة التصريحية للأمر المفروض فإن جعل العهد مسؤولا كذلك ويصح أن يراد معناه الاصطلاحي بأن يشبه العهد بشخص تصدر عنه أمور ويجعل كونه مسؤولاً عنها على التخييل قرينة لتلك المكنية وهذا مما لا خفاء فيه فلا وجه لما قيل إنّ الظاهر أن يقول فيكون تمثيلا أي يجعل العهد متمثلا على هيئة من يتوجه إليه السؤال كما تجسيم الحسنات والسيئات لتوزن إذ الظاهر أن الواقع ليس تخييلاً خاليا عن الحقيقة وكذا ما قيل إن مراده التخييلية المجرّدة عن المكنية لعدم ظهور وجه الشبه بين العهد والمسؤول عنه وقوله: لم نكثت بالخطاب معلوما ومجهولآ، والتبكيت التوبيخ والتقريع، وهذا كما ورد في الحديث من وقوف الرحم بين يدي الرحمن وسؤالها عمن وصلها وقطعها. قوله: (ويجوز أن يراد أنّ صاحب العهد الخ (أي يقدر مضاف قبل العهد كما ذكره، وقوله: ولا تبخسوا أي ولا تنقصوا فيه، وقوله: لسوفي أي المساوي بلا نقص فيه. قوله: (وهو رومتي (أي معرب من لغة الروم لفقد مادته في العربية وقيل: إنه عربيّ، وقيل إنه مأخوذ من القسط وفيه نظر، وقوله: ولا يقدج ذلك في عربية القرآن المذكورة في قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا} [سورة يوسف، الآية: 12 لأنه بعد التعريب والسماع في فصيح الكلام يصير عربيا فلا حاجة

الصفحة 29