كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

إلى إنكار تعريبه أو ادعاء التغليب كما هو مشهور.
قوله: (وأحسن عاقبة (إشارة إلى أنه هنا بمعنى العاقبة لا بمعنى التفسير لأنه يطلق عليهما، إذ هو من الأول وهو الرجوع إلى الغاية المرادة منه علما أو فعلاً فالعلم كما في قوله: (وما يعلم تاويله إلا الله (، والفعل كقول ابن تيمية:
وللنوى قبل يوم البين تأويل
وقوله: يوم يأتي تأويله كما حققه الراغب، من ظن أنه لا يكون إلا بهذا المعنى فقد وهم فاحفظه. قوله: (ولا تتبع (بالتشديد والتخفيف أصل معنى قفاه اتبع قفاه، ثم استعمل في مطلق الإتباع وصار حقيقة فيه، وقات أثره إذا قصه واتبعه ومنه القيافة وأصل معناها ما يعلم من
الأقدام وأثرها وهو أص معروف عند العرب وقيل إن قاف مقلوب قفا، كجذب وجبذ والصحيح خلافه، والقافة كسادة جمع قائف أو اسم جميع له بمعنى متتبع الأثر ليعلم منه شيئا، وقراءة الجمهور بسكون القاف وضم الفاء وحذف حرف العلة الأخير وهو الواو للجازم وقرىء بإثباتها في الشواذ كقوله:
من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
وهو معروف في النحو، والقراءة الثانية بضم القاف وسكون الفاء كتقل على أنه أجوف مجزوم. قوله: (ما لم يتعلق به علمك تقليد الخ (تقليداً منصوب على أنه مفعول له متعلق بقوله: ولا تتغ المفسر لقوله: ولا تقف وهو قيد للمنفيّ لا للنفي فيكون نفيا للتقليد الصرف، كما كان يفعل الكفرة من قولهم إنا وجدنا آباءنا فعلوا كذا، وأما تقليد المجتهدين فسيأتي بيانه، وقوله: أو رجما بالغيب أو فيه للترديد في التفسير أو لتقسيم ما كان بغير علم والرجم بالغيب استعارة للمتوهم لا من غير سند. قوله: (واحتج به من منع اتباع الظن (وكذا من منع العمل بالقياس من الظاهرية، وكذا العمل بالأدلة الظنية مطلقا، وقوله: وهو الاعتقاد الراجح الخ فخرج المرجوح والمتساوي الطرفين لأنه ليس العمل بالأدلة الظنية مطلقا، وقوله: هو الاعتقاد الراجح الخ فخرج المرجوج والمتساوي الطرفين لأنه ليس بعلم ولا ظن، وظاهره أن الظن يسمى علما حقيقة وهو مخالف للمشهور، قال في شرح المواقف: الظن والتقليد لا يسمى علما لا لغة ولا شرعا ولا عرفا، فقوله: واستعماله بهذا المعنى شائع كقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} [سورة الممتحنة، الآية: 10، إشارة إلى دفع ما ذكر، وقيل إن الشرع أجرى الظن وان لم يكن علما مجرى العلم، وأمرنا بالعمل به للإجماع على وجوب العمل بالشهادة والاجتهاد في القبلة وغير ذلك، مما لا يحصى من الأحكام الفرعية، وقوله: المستفاد من سند أي ما يسند إليه ظنه من دليل أو أمارة فيدخل فيه التقليد، لأن له سندأ وهو حسن فإنه بالمجتهد أو سند المجتهد سند له في الحقيقة لعلمه بأنه لا يقول من غير دليل. قوله: (وقيل إنه مخصوص بالعقائد (أي ما ذكر من النهي عن اتباع ما ليس بعلم قطعي مخصوص بما ذكر فلا ينهض حجة لمن مغ العمل بالظن مطلقا حتى في القياس والتقليد في الفروع ونحوه والمخصص له أمر خارج عن الظن وهو عمل الناس والآثار الشاهدة بخلافه، وقوله: وقيل بالرمي أي القذف والذمّ بما لم يتحققه أو الشهادة بخلاف ما يعلمه أو بما لم يعلمه، وتخصيصه بما ذكر يدفع الاستدلال به على ما مرّ أيضا، وأما القول بأن المراد به مطلق الشهادة فباطل ولا سند فيما ظنه القائل به سنداً وهو ظاهر. قوله: (ويؤيده قوله عليه الصلاة
والسلام (أي يؤيد كون المراد به الرمي والقذف وشهادة الزور لأنهما سواء في أنهما نسبة ما لا أصل له إلى غيره فدليل أحدهما دليل للآخر، وقيل: إنه مؤيد للرمي وحده، فكان عليه أن يقدم شهادة الزور عليه أو يؤخرها عن الدليل، والحديث المذكور رواه الطبراني وغيره، بمعناه مع مخالفة فا في لفظه حتى قال العراقي: لم أجده بهذا اللفظ بعينه مرفوعا ولا ضير فيه، والردغة بفتح الراء المهملة وسكون الدال المهملة وفتحها والغين المعجمة أصلها في اللغة الوحل الشديد، والخبال بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة أصله الفساد في العقل ونحوه، وأما ردغة الخبال الواردة في الحديث ومثلها طينة الخبال الواردة في حديث من شرب الخصر كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال ففسرت في كتب الحديث بما يخرج من أبدان أهل النار من القيح والدم والصديد ونحوه، وهو تفسير مأثور وقوله: قفا بمعنى اغتاب وقذف. قوله: (حتى يأتي بالمخرج (المخرج بفتح فسكون المعروف في معناه أنه ما يخرجه عن عهدته ولما كان هذا غاية لحبسه في النار الواقع في الآخرة ولا مخرج له ثمة عن عهدة

الصفحة 30