كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 6)

ما صدر منه لأنّ المتبادر إثبات ما اذعاه ونحوه أوّلوه بأنّ المراد بالمخرج ما يخرجه من حبسه في النار وهو أن يحمل عليه من ذنوب المغتاب ما يعذب به على مقداره ثم يخرج منها فالإتيان به مجاز عن تحمل ما يعذب به لأنه مسبب عما أتى به أوّلاً، وقيل إنه على حذ قوله حتى يلج الجمل في سمّ الخياط فهو كناية عن أنه لا إتيان له بدافع ولا خروج له عن عهدته لتعليقه على ما لا يكون فيفيد ما ذكر على أبلغ وجه وآكده وأما تفسيره بحتى يتوب فلا وجه له لما مر إلا أن يؤوّل حبسه بفعل ما يستوجب حبسه، ولا يخفى بعده. قوله: (وقول الكميت (بالتضمير شاعر إسلاي معروف وهم ثلاثة هذا أصغرهم والبيت من قصيدة له هجا بها نساء كليب، وقوله: بغير ذنب تأكيد لكونه بريا وأقفو بمعنى أقذف كما مر، والحواصن بالحاء والصاد المهملتين بمعنى المحصنات من النساء جمع حاصنة بمعنى محصنة أي عفيفة، وان قفينا بصيغة المجهول أي قذفهن غيري، والنون ضمير الإناث والألف لاطلاق القافية إشباعا للفتحة. قوله: (فأجراها مجرى العقلاء (هذا بناء على أن أولئك هل يختص بالعقلاء أو يغلب فيهم كما قيل أو هي عاقة
لهم ولغيرهم فعلى الأوّل تكون تلك الأعضاء منزلة منزلة العقلاء لصدور أفعالهم أو ما يشبهها منهم ففيه استعارة بقرينة الإشارة بما يشار به إلى العقلاء وهو أولئك وعلى غيره لا حاجة إليه واليه أشار بقوله: هذا الخ أي الأمر هذا أو خذ هذا، وكون ها بمعنى خذ بعيد، وقوله لما بفتح اللام وتشديد الميم جوابها محذوف بقرينة ما هو مقدّم عليها مما مر هو بمعناه أو بكسر اللام التعليلية وتخفيف الميم وما مصدرية وقوله: اسم جمع لذا أي اسم جمع لا مفرد له من لفظه وإنما له مفرد من معناه كرهط. قوله: (كقوله (أي قول الشاعر وهو جرير في قصيدته المشهورة وأوّله:
ذم المنازل بعد منزلة اللوى
وقال ابن عطية الرواية: بعد أولئك الأتوام فلا شاهد فيه، وما وقع للمصنف رحمه الله كالزمخشري مسطور في الكتب المعتبرة فلا يلتفت إلى ردّه ومعناه أنه يخاطب صاحبه ويقوله له: اذمم كل منزل وكل حياة بعد تلك المنازل وأيامها الخالية فيها واللوى موضع معروف. قوله: (في ثلاثتها ضمير كل (أي في كان وعنه ومسؤولاً ضمير مفرد عائد إلى كل أولئك بتأويل كل واحد منها مع أنه يجوز الإفراد وان لم يؤوّل بذلك لأن كلا المضافة إلى نكرة يطابق الضمير العائد إليها المضات إليه إفراداً وجمعاً وهل هو لازم أو لا فيه كلام فإن كان المضات إليه معرفة كما هنا جاز فيه الإفراد وغيره مراعاة للفظ أو المعنى ولذا لم يقل: كانت عنها مسؤولة لأن كل عبارة عما أضيف إليها وهو جمع معنى. قوله: (عن ئفسه (بيان لمعنى النظم وأنّ السؤال عن نفسه لا عن غيره، وقوله عما فعل به صاحبه ما مصدرية أو موصولة بحذف العائد أي فعله به، والباء للتعدية أو للسببية أي هل استعمله لما خلق له أم لا، وقوله ويجوز الخ معطوف بحسب المعنى على ما قبله وقوله المصدر لا تقف فيه تسمح لأنه مصدر تقف. قوله: (أو لصاحب السمع والبصر (وهو القافي وقد جوّز هذا في ضمير كان ففيه التف ت لأن الظاهر كنت حينئذ. قوله: (وقيل مسؤولا مسندا إلى عنه (على أنه نائب الفاعل وقائله الزمخشري وهذا رد عليه تبعا لأبي البقاء وغيره لأن القائم مقام الفاعل حكمه حكمه في أنه لا يجوز تقدمه على عامله كأصله قال المعرب رحمه الله: وليس لقائل أن يقول إنه على رأي
الكوفيين في تجويزهم تقديم الفاعل لأنّ ابن النحاس حكى الإجماع على عدم جوارّ تقديم القائم مقام الفاعل إذا كان جازاً ومجروراً فليس هو نظير غير المغضوب عليهم إلا أن ينازع فيه، وفي شرح المفتاح أنه مرتفع بمضمر يفسره الظاهر وجوّز إخلاء المفسر عن المسند إليه إذا لم يكن فعلا لالحاقه بالجوامد لعدم أصالته في العمل وهو مخالف للقياس والنقل، قال في الكشف فالوجه أنه حذف منه الجارّ فاستتر فيه الضمير ولو علل جواز تقديمه بأنّ المجرور بالحرف لا يلتبس بالمبتدأ لكان له وجه كما في التقريب، وجوز أن يكون مسؤولاً مسنداً إلى المصدر المدلول عليه ولكنه لا يصلح تصحيحا لكلام الكشاف. قوله: (مؤاخذ بعزمه) إذا صمم عليه بخلاف مجرد الخاطر كما فصله في الإحياء وقد قيل عليه إنه يجوز أن يكون ما يسأل عنه الفؤاد العقائد لا الهتم بأمر ولا حجة للمحتمل

الصفحة 31