كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 8)
ووجه الأشدية أنه تقريع في يوم الفصل، وغضب من أرحم الراحمين وتأييس لهم بقوله: فلن نزيدكم مع ما في لن من أنّ ترك الزيادة كالمحال الذي لا يدخل تحت الصحة كما قيل. قوله: (فوزا) على أنه مصدر ميمي وما بعده على أنه اسم مكان، وقوله: بدل الاشتمال على أنه بمعنى الفوز، وهو الظفر بالمطلوب وهو النجاة من العذاب أو النعمة أو كلاهما وبدل البعض على أنه موضع الفوز والرابط مقدّر، وتقديره حدائق هي محله أو فيه ونحوه، قيل: ولا يخلو على الأوّل من التكلف وانه يجوز أن يكون بدل كل على الاذعاء أو منصوبا بأعني مقدرة، وقوله: فلكت أي استدارت مع ارتفاع يسير، وهو يكون في سن البلوغ وأحسن الشبوبية وثدي بضم المثلثة وكسر الدال المهملة، وتشديد الياء التحتية جمع ثدي وهو معروف، ولدات جمع لدة بزنة عدة من تساوى في السن ووقت الولادة. قوله: (وأدهق الحوض ملأه) قيل: لو قال ودهق الحوض ملأه كان أحسن لأنهما بمعنى والمصدر الواقع في النظم للثلاثي، وقيل: إنه إشارة إلى استعمال دهق وأدهق بمعنى لكنه استغنى عن ذكر الثلاثي لأنه يعلم من ذكر مصدره، وقوله: كذبا أو مكاذبة إشارة إلى ما مرّ قريباً من معنيي المخفف كما عرفته، وقوله: إذ لا الخ لبيان المفاعلة فهو متعلق بمقدّر أو بيسمعون، ويكذب بالتشديد لا بالتخفيف كما توهم حتى يكون علة للجميع لأنّ نفي الكذب نفي للتكذيب والمكاذبة وهو من التكلفات الباردة. قوله: (بمقتض وعده) جزاء مصدر مؤكد منصوب بمعنى إنّ للمتقين مفازا لأنه في معنى جازاهم بالفوز، وقوله: بمقتضى وعده للرد
على المعتزلة في زعمهم وجوب إثابة المطيع وعقاب العاصي، ونحن نقول: لا يجب عليه شيء لكن وعدنا بكرمه ذلك، وهو لا يخلف الميعاد فكان كأنه جزاء على العمل حقيقة، ولولاه لتنافى كونه جزاء وارشاده أضاف الرب إلى النبيّ دونهم تشريفاً له، وقيل: لم يقل من ربهم لئلا يحمل على أصنامهم، وهو بعيد جدّاً. قوله: (وقيل منتصب به الخ) قائله صاحب الكشاف، ومرضه المصنف، ولم يرتض به قيل: لأنّ النحاة قالوا: إنما يعمل المصدر إذا لم يكن مفعولاً مطلقا، وقال أبو حيان: أنه جعل جزاء مصدرا مؤكدا لمضمون جملة أنّ للمتقين الخ والمصدر المؤكد لا يعمل بلا خلاف للنحاة لأنه لا ينحل لفعل وحرف مصدري وردّ بأن ذلك إذا كان الناصب للمفعول المطلق مذكورا إمّا إذا حذف لازما كان الحذف أو جائزاً ففيه خلاف هل هو العامل أو الفعل، وما نحن فيه منه فإنّ جزاء مصدر مؤكد كما قال غايته: إنه اختار أعمال المصدر ولعل وجه التمريض مرجوحية أعمال المصدر قال الرضي: الأولى أن يقال العمل للفعل على كل حال، وقيل: في ردّه أيضا أنّ المفعول المطلق لا يعمل إلا إذا حذف عامله وجوباً، وهو هنا كذلك لأنّ فاعل فعله وهو ربك متعلق به، هذا زبدة ما في الحواشي تبعاً لشرّاح الكشاف) وعندي) أنه خلط وخبط والحق ما قاله أبو حيان لأنّ المذكور هنا هو المصدر المؤكد لنفسه أو لغيره والذي اختلف فيه النحاة غيره قال: ناظر الجيش نقلاً عن ابن مالك المصدر على ضربين ضرب يقدو بالفعل وحرف مصدري، وضرب يقدر بالفعل وحده وهو الآتي بدلاً من اللفظ بفعله وأكثر وقوعه أمرا ودعاء وبعد استفهام والأمر كقوله:
فندلا زريق المال ندل الثعالب
والدعاء كقوله:
يا قابل التوب غفرانا مآثم قد ~ أسلفتها أنا منها خائف وجل
والاستفهام كقوله:
أعلاقة أمّ الوليد بعد ما
الخ اهـ وهذا هو المختلف فيه عند النحاة وما نحن فيه ليس من هذا القبيل فأعرفه. قوله:
(من أحسبه الشيء إذا كفاه) أي مأخوذ من هذه المادة لا مشتق حتى يكون على القول المرجوح في اشتقاق المصدر من الفعل، ويكون الفعال بالفتح مصدر الأفعال، وحساباً صفة لعطاء وإن كان مصدراً لتأويله بالمشتق ولذا فسر. بكافياً أو هو على تقدير مضاف أو وصف به مبالغة، وقوله: حسبي أي يكفيني. قوله: (أو على حسب أعمالهم) حسب بفتح السين أو سكونها، والمراد على قدرها، وقيل: عليه أنه غير مناسب هنا لمضاعفة الحسنات، ولذا لم يقل وفاقاً كما في السابق ويدفع بأنه بعد المضاعف جاء هو وأضعافه على حسبها أيضا أو ما ذكر هو
الأصل وما زاد تفضلاً وتكرّما بمقتضى وعده، وقيل: معناه عطاء مفروغا عن
الصفحة 308
423