كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 8)

استعارة أيضاً، وقوله: وقيل الخ مرضه لأنه لم تصح به الرواية كما ذكره ابن حجر وما ذكر عن ابن قلابة موضوع وقيل: تمريضه لمخالفته لظاهر قوله، وأمّا عاد فأهلكوا بريح صرصر ولا يخفى أن الريح لا تنافي الصيحة كما مز، وقوله: وملك المعمورة أي الدنيا
كلها ودانت أي انقادت، وطاعت وقوله: فلما تم أي البناء. قوله: (والضمير الخ) توجيه لتأنيثه والمعنى لم يخلق مثلهم شدة وطول قد ود وأعمار أو لم يخلق مثل هذه المدينة سعة وحسن بيوت وبساتين، وقوله: بالواد الباء ظرفية والجار والمجرور متعلق بجابوا أو هو حال من الفاعل أو المفعول، وقرئ بالياء وبإسقاطها كما في يسر ووادي القرى معروف. قوله: (ومضاربهم) معطوف على جنوده وهو جمع مضرب بمعنى الخيمة لا جمع مضروبة كما توهم، وقوله: يضربونها المراد يضربون أوتادها وقوله: لتعذيبه بالأوتاد المراد أنه كان يدق للمعذب أربعة أوتاد ويشده بها مبطوحاً على الأرضى، ثم يعذبه بما يريده من ضرب وإحراق وغيره، وقوله: منصوب أو مرفوع بتقدير أعني الذين أوهم الذين وعلى الأوّل هو مجرور ورجح الثاني الزمخشريّ. قوله: (ما خلط لهم) فالمعنى على هذا أنزل عليهم أنواعاً من العذاب، وهو مصدر ساطه أي خلطه كما في قول كعب:
لكنها خلة قد سيط من دمها فجمع وولع وأخلاف وتبديل
أريد به المفعول هنا قيل، وبه سميت الآلة المعروفة لما ذكره المصنف أو لأنها تخلط اللحم بالدم، وقوله: المضفور بالضاد المعجمة بمعنى المفتول، والطاقات جمع طاقة بمعنى طاقة وهو معروف. قوله: (وقيل شبه بالسوط الخ (هو ما ذهب إليه الزمخشري، وهو على أنّ السوط الآلة المعروفة فاستعيرت لعذاب أدون من غيره، وكني به عن ذلك وامّا استعارة الصب للعذاب فشائعة كالإذاقة يقال: صب عليه السوط وقنعه به، وغشاه وهو تمثيل وتصوير لحلوله أو لتتابعه عليه وتكرّر.، وقيل: هو من قبيل لخين الماء والإضافة بمعنى من أو اللام والصب مستعار للإنزال أي أنزل عليهم عذاباً قليلا هينا بالنسبة لما بعده والصب مشعر بالكثرة، والكثرة والقلة من الأمور النسبية أو هو من الاستعارة المصرحة والمستعار له نوع من العذاب المذكور فتدبر. قوله:) المكان الذي يترقب فيه (أي ينتظر، وقوله: الرصد جمع راصد أي يقومون به لمن يترصدونه، وقد تقدم أن مفعالاً اسم مكان أو صيغة مبالغة كمطعام ومطعان، وقد جوّز هنا كما مرّ في سورة عم فالباء تجريدية كما قيل فلا يمنع عما ذكره لكنه يلزمه إطلاق المرصاد على
الله وفيه شيء والميقات موضع الإحرام ووقته بمعنى عينه وارصاده وضمنه معنى الإرادة فعداه هنا. قوله: (وهو تمثيل لإرصاده الخ) يعني قوله تعالى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} استعارة تمثيلية شبه كونه تعالى حافظاً لأعمال العباد مترقباً لها ومجازيا على نقيرها وقطميرها بحيث لا ينجو منه أحد بحال من قعد على الطريق مترصدا لمن يسلكها ليأخذه فيوقع به، ما يريد ثم أطلق لفظ أحدهما على الآخر. قوله: (كأنه قيل الخ) هو بيان لاتصال قوله: فأما الإنسان الخ بما قبله ولو وجه اقترانه بالفاء بأنه مؤذن بتنافي ما بعدها لما قبلها على التعكيس فانه تعالى إذا كان مترصداً لهم مجازياً على القليل والكمير تفرع عليه طاعة العباد والجد في العبادة فهم يعكسون ذلك وينظرون للدنيا فإن نالوا منها شيئاً رضوا وإلا سخطوا، وقوله: من الآخرة من للتعليل 0 قوله: (فلا يريد إلا السعي) تبع فيه الزمخشري في قوله: لا يريد من الإنسان إلا الطاعة وقد شنع عليه في الانتصاف لابتناء كلامه على الاعتزال، وأنّ المعاصي ليست لإرادته إلا أنه لا وجه له كما في الكشف لأنه إذا كانت الإرادة بمعنى الطلب، والأمر لم يكن محل النزاع إنما النزاع إذا كانت الإرادة بالمعنى المتعارف وهي غير مرادة هنا. قوله: (اختبره بالغنى واليسر) مرّ تحقيقه في سورة الملك وأنّ المراد عامله معاملة المختبر له، وقوله: بالجاه والمال كل منهما راجع لكل منهما وليس لفاً ونشرا وإن احتمله الكلام لأنهما في حكم شيء واحد ولذا اقتصر على قوله: كرمني، ولم يقل ونعمني. قوله: (وهو خبر المبتدأ الخ) هذا هو أحد الوجهين فيه، وهو الصحيح والظرف منصوب بالخبر في نية التاخير ولا تمنع الفاء من ذلك كما صرح به الزمخشريّ، وغيره من متقدمي النحاة وتبعهم من بعدهم من غير نكير كأبي حيان والسمين والسفاقسي مع جم غفير من المفسرين، وهو الحق الذي لا محيد عنه، وقد خالفهم في ذلك

الصفحة 357