كتاب حاشيه الشهاب علي تفسير البيضاوي =عنايه القاضي وكفاية الراضي (اسم الجزء: 8)

التربية الربانية فإنه أعظم أنواع التربية لأنّ منه النماء الحقيقي، والبقاء الأبدي، وقوله: أو علة عطف على قوله بدل، وقد قرّرناه لك بما لا مزيد عليه، وقوله أو أمراً أي علة لقوله: (أمرا من عندنا) ، وفي قوله: تصدر الأوامر دون الأمور إشارة إلى أنّ جعله تعليلا لقوله: (أمراً من عندنا) إنما هو على تقدير أن يراد به الأمر الذي هو ضدّ النهي، وهل يجري على تقدير المصدرية أو الحالية الأشبه الثاني كذا أفاده المحقق. قوله: (فإن فصل كل أمر الخ) هذا على ما مرّ من أنّ الخير هو المقصود الأصلي بالذات 4 وما عدا. بالتبع فليس الإرسال إلا للرحمة، وكذا تفصيل الأمور كلها فيندفع ما يرد على كلام المصنف كما أورد على قوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [سورة الأنبياء، الآية: 107 لح إنّ مما قضى غضباً، وعذابا كالغلاء، والصواعق، وانهءجمح غضب على الكفار، وقتل وسبي فكيف يصح الحصر، وما ضاهاه، وفيه كلام طويل لبعض المتأخرين لولا خوف الإطالة أوردناه وقيل إنه غلب فيه جانب الرحمة لسبقه كما في الحديث فتأمّل، ثم إنّ لهم في نصب رحمة ثلاث أوجه أخر غير المذكور ككونه مصدراً لرحمنا مقدراً، وكونه حالاً من ضمير مرسلين أو بدلاً من أمراً كما فصله المعرب. قوله: (لا تحق) أي لا تليق وتثبت إلا لمن هذه صفاته الحصر مأخوذ من توسط الضمير مع تعريف الطرفين فيفيد انحصار الربوبية فيه أيضاً، وقوله: خبر آخر أي لأنّ أو هو أو هو خبر مبتدأ مقدر، والجملة مستأنفة لإثبات ما قبلها، وتعليله. قوله: (اي إن كنتم من أهل الإيقان) يعني أنه منزل منزلة اللازم لعدم
القصد إلى ما يتعلق به أي ممن عند. طرف من العلوم اليقينية أو مفعوله مقدر أي إن كان إقراركم إذا سثلتم من خلق السموات، والأرض فقلتم ألله صادرا عن يقين، وعلم به تحقق عندكم ما قلناه، وقوله: علمتم جواب الشرط المقدر، وليس الجوأب مضمون قوله: رب السموات الخ لأنه كذلك أيقنوا أم لم يوقنوا فلا معنى لجعله دالاً عليه فالتقدير ما ذكره ولا يصح تنزيلهم منزلة الشاكين مع قوله بل هم في شك بل هذا على تنزيل إيقانهم منزلة عدمه، والمعنى أنّ الله المرسل للرسل، والكتب رحمة منه هو ذلك السميع العليم الذي اعترفتم بأنه الخالق ليس اعترافكم به عن إيقان لظهور خلافه عليكم، وقوله: كما قلنا أي من كونه الرب الخالق فإن أريد ما ذكر قبل قوله السميع العليم لا يكون تنزيلا كما قيل، وذلك يجوز أن يكون إشارة إلى كل من الأمرين، وقوله: إذ لا خالق سواه، والإله لا يكون إلا خالقا. قوله: (كما تشاهدون) يعني كونه فاعلا لذلك أمر ظاهر بمنزلة المحسوس المشاهد لكل ذي بصر، وبصيرة أو المراد كما تشاهدون الحيّ، والميت، وقد علمتم أنه لا فاعل غيره، وقوله: بدلاً من ربك أي أو مما قبله إن كان قرئ بجرهما، والرفع على أنه بدل مما قبله أو خبر مبتدأ مقدر، وقوله: ردّ لكونهم موقي ن لأنه إضراب إبطاليّ أبطل به إيقانهم لعدم جريهم على موجبه، وقوله: فانتظر لهم اللام تعليلية أو المراد انتظر عذابا كائنا لهم، وقوله: يلعبون خبر بعد خبر أو الظرف متعلق به قدم للفاصلة، ويوم مفعول به أو ظرف، والمفعول محذوف أي ارتقب وعد الله في ذلك اليوم، والسماء جهة العلوّ هنا. قوله:) يوم شدّة ومجاعة) مصدر بمعنى الجوع والقحط، والمراد باليوم مطلق الزمان، ثم بين وجه ذلك بقوله: فإنّ الجائع الخ، وهو بيان لأنه مجاز ذكر فيه المسبب، وأربد السبب أو هو استعارة وكلام تخييليّ، وما ذكر لبيان علاقة المجاز، وما يرى كهيئة الدخان ظلمة تعرض للبصر لضعفه فيتوهم ذلك، وظلمة الهواء من الغبار ظاهرة، وكثرته من قلة المطر المسكن له ففيه كناية، وعطف كثرة الغبار على قلة الأمطار من عطف المسبب على السبب مع ما فيه من صنعة الطباق. قوله: (أو لأنّ العرب الخ) الظاهر إنه استعارة لأنّ الدخان مما يتأذى به فأطلق على كل مؤذ يشبهه أو على ما يلزمه، ولذا قيل:
تريدمهذبالاعيب فيه وهل عود يفوح بلا دخان
فالمراد به القحط هنا. قوله: (وقد قحطوا الخ (إشارة إلى ما رواه البخاريّ أن النبيّ جمرو
لما رأى من الناس إدباراً قال: " اللهم سبعاً كسبع يوسف " فأخذتهم سنة حصت كل شيء حتى أكلوا الجلود والميتة، والجيف فأتى أبو سفيان فقال: يا محمد إنك تأمر بطاعة الله، وصلة الرحم، وإن قومك قد هلكوا فاح الله لهم، وفي تاريخ ابن كثير أنّ الحديث يدلّ على أنّ هذه القصة كانت بمكة فالآية مكية ذكره البيهقي

الصفحة 4