كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ (لِلَّهِ) أَيْ لِذَاتِهِ وَإِنْ انْتَقَمَ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى بِالْحَقِيقَةِ وَالْجُمْلَةُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنَى إذْ الْقَصْدُ بِهَا الثَّنَاءُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى بِمَضْمُونِهَا الْمَذْكُورِ مِنْ اتِّصَافِهِ تَعَالَى بِصِفَاتِ ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الْجَمِيلَة وَمِلْكِهِ وَاسْتِحْقَاقِهِ لِجَمِيعِ الْحَمْدِ مِنْ الْخَلْقِ.
قِيلَ وَيُرَادِفُهُ الْمَدْحُ، وَرُجِّحَ وَاعْتُرِضَ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ وَفِي تَحْقِيقِهِ أَقْوَالٌ وَجَمَعَ بَيْنَ الِابْتِدَاءَيْنِ الْحَقِيقِيِّ بِالْبَسْمَلَةِ وَالْإِضَافِيِّ بِالْحَمْدَلَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجِنْسِ إذْ لَا وُجُودَ لَهُ فِي الْخَارِجِ فَيَكُونُ فِي الْإِفَادَةِ أَوْفَى وَبِمَقَامِ الثَّنَاءِ أَحْرَى اهـ وَرَجَّحَ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ مَعْنَى الْجِنْسِ عِبَارَتَهُمَا، وَالْحَمْدُ مُخْتَصٌّ بِاَللَّهِ تَعَالَى كَمَا أَفَادَتْهُ الْجُمْلَةُ سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ فِيهِ أَلْ لِلِاسْتِغْرَاقِ كَمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَمْ لِلْجِنْسِ كَمَا عَلَيْهِ الزَّمَخْشَرِيّ؛ لِأَنَّ لَامَ لِلَّهِ لِلِاخْتِصَاصِ فَلَا فَرْدَ مِنْهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا اخْتِصَاصَ لِتَحَقُّقِ الْجِنْسِ فِي الْفَرْدِ الثَّابِتِ لِغَيْرِهِ أَمْ لِلْعَهْدِ كَاَلَّتِي فِي قَوْله تَعَالَى {إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ} [التوبة: 40] كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَجَازَهُ الْوَاحِدِيُّ عَلَى مَعْنَى أَنَّ الْحَمْدَ الَّذِي حَمِدَ اللَّهُ بِهِ نَفْسَهُ وَحَمِدَهُ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُ وَأَوْلِيَاؤُهُ مُخْتَصٌّ بِهِ تَعَالَى وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذُكِرَ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ لِغَيْرِهِ وَأُولَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ اهـ.
زَادَ الثَّانِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ثَمَانِيَةُ أَحْرُفٍ وَأَبْوَابُ الْجَنَّةِ ثَمَانِيَةٌ فَمَنْ قَالَهَا عَنْ صَفَاءِ قَلْبِهِ اسْتَحَقَّ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ اهـ أَيْ اسْتَحَقَّ أَنْ يَدْخُلَ مِنْ أَيُّهَا شَاءَ، فَيُخَيَّرُ إكْرَامًا وَإِنَّمَا يَخْتَارُ مَا سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّهُ يَدْخُلُ مِنْهُ ع ش وَقَوْلُهُمَا لِلِاخْتِصَاصِ أَيْ لِتَوْكِيدِهِ، وَإِلَّا فَالِاخْتِصَاصُ مُسْتَفَادٌ مِنْ الْجُمْلَةِ بِوَاسِطَةِ تَعْرِيفِ الْمُبْتَدَأِ فِيهَا كَمَا فِي التَّوَكُّلِ عَلَى اللَّهِ وَالْكَرَمِ فِي الْعَرَبِ ع ش وَبُجَيْرِمِيٌّ وَقَوْلُهُمَا وَالْعِبْرَةُ بِحَمْدِ مَنْ ذُكِرَ أَمَّا حَمْدُ غَيْرِهِمْ فَكَالْعَدِمِ فَإِذَا صَدَرَ مِنْهُمْ حَمْدٌ لِغَيْرِهِ تَعَالَى لَا يَفُوتُ اخْتِصَاصُ الْحَمْدِ بِهِ تَعَالَى ع ش وَقَوْلُهُمَا وَأَوْلَى الثَّلَاثَةِ الْجِنْسُ أَيْ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ بِالِالْتِزَامِ عَلَى ثُبُوتِ جَمِيعِ الْمَحَامِدِ لَهُ تَعَالَى فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ بُرْهَانِيٌّ فَإِنَّهُ فِي قُوَّةِ أَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ الْأَفْرَادَ مُخْتَصَّةٌ بِاَللَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ اخْتِصَاصِ الْجِنْسِ بِهِ سم وَع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ مَمْلُوكٌ أَوْ مُسْتَحَقٌّ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ اللَّامَ لِلْمِلْكِ أَوْ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَيْ لِلِاخْتِصَاصِ عِنْدَ مَنْ يُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الِاسْتِحْقَاقَ يُعْتَبَرُ بَيْنَ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ نَحْوُ الْعِزَّةُ لِلَّهِ وَالِاخْتِصَاصُ بِالذَّاتَيْنِ نَحْوُ الْجَنَّةُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَوْ وَلِلِاخْتِصَاصِ عِنْدَ مَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا، وَعَمَّمَ الثَّانِيَ لِلْأَوَّلِ وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ هِشَامٍ لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الِاشْتِرَاكِ، وَاخْتَارَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِرْكَوِيُّ فِي الْإِمْعَانِ نَتَائِج (قَوْلُهُ أَيْ لِذَاتِهِ) وَلَمَّا كَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ لِذَاتِهِ لَمْ يَقُلْ الْحَمْدُ لِلْخَالِقِ أَوْ لِلرَّازِقِ أَوْ نَحْوِهِ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَهُ لِلْحَمْدِ لِذَلِكَ الْوَصْفِ نِهَايَةٌ أَيْ لَمْ يَقُلْ نَحْوُ لِلْخَالِقِ ابْتِدَاءً فَلَا يُنَافِيهِ أَنَّهُ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ الْبَرُّ الْجَوَادُ إلَخْ.
وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الصَّنِيعِ إلَى اسْتِحْقَاقِهِ تَعَالَى لِلْحَمْدِ لِذَاتِهِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ وَلِصِفَاتِهِ ثَانِيًا وَبِالْعَرْضِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا مَرَدَّ مِنْهُ إلَخْ) مُفَرَّعٌ عَلَى كُلٍّ مِنْ احْتِمَالِيِّ الْجِنْسِ وَالِاسْتِغْرَاقِ كَمَا مَرَّ التَّصْرِيحُ بِذَلِكَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَكَذَا صَرَّحَ بِهِ النَّتَائِجُ، ثُمَّ قَالَ فَإِنْ قُلْت فِي أَيِّ مَعْنَى الْحَمْدِ اُعْتُبِرَ الْجِنْسُ أَوْ الِاسْتِغْرَاقُ يَكُونُ بَعْضُ أَفْرَادِ الْآخَرِ خَارِجًا عَنْ التَّخْصِيصِ الَّذِي يُفِيدُهُ تَعْرِيفُ الْمُسْنَدِ إلَيْهِ بِاللَّامِ فَلَا يَكُونُ حَمْدُ الْمُخَصَّصِ عَلَى وَجْهٍ أَكْمَلَ؟ قُلْت: فَإِنْ أَرَدْت الْإِكْمَالَ فَعَلَيْك بِعُمُومِ الْمَجَازِ اهـ.
(قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ تَعَالَى إلَخْ) أَيْ وَمَا وَقَعَ لِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الظَّاهِرِ فَرَاجِعٌ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الْحَقِيقَةِ نَتَائِجُ وَأَيْضًا الْوُقُوعُ لِلْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ لَا يُنَافِي اسْتِحْقَاقَ الْكُلِّ لِلَّهِ إذْ الِاسْتِحْقَاقُ لَا يَسْتَلْزِمُ الْوُقُوعَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَكِيمِ (قَوْلُهُ خَبَرِيَّةٌ لَفْظًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى) وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَوْضُوعَةً شَرْعًا لِلْإِنْشَاءِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَهَذَا قَوْلٌ آخَرُ ع ش وَقَالَ شَيْخُنَا، وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ خَبَرِيَّةً لَفْظًا وَمَعْنًى لِأَنَّ الْإِخْبَارَ بِالْحَمْدِ حَمْدٌ فَيَحْصُلُ الْحَمْدُ بِهَا وَإِنْ قُصِدَ بِهَا الْإِخْبَارُ اهـ (قَوْلُهُ مِنْ اتِّصَافِهِ إلَخْ) بَيَانٌ لِلْمَضْمُونِ (قَوْلُهُ بِصِفَاتِ ذَاتِهِ إلَخْ) وَجْهُ إدْخَالِ هَذَا فِي مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ أَنَّ مَضْمُونَهَا يَسْتَلْزِمُهُ إذْ ثَبَاتُ الثَّنَاءِ بِالْجَمِيلِ لَهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ الْجَمِيلِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ وَمِلْكِهِ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى اتِّصَافِهِ إلَخْ أَوْ صِفَاتِ ذَاتِهِ سم (قَوْلُهُ وَاسْتِحْقَاقِهِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ أَخْذًا مِنْ أَوَّلِ كَلَامِهِ إلَّا أَنْ يُشِيرَ بِهِ هُنَا إلَى جَوَازِ إرَادَاتِهِمَا مَعًا بِعُمُومِ الْمُشْتَرَكِ كَمَا جَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ، وَاخْتَارَهُ الْمُحَقِّقُونَ أَوْ بِعُمُومِ الْمَجَازِ عَلَى مَا جَرَى عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ مِنْ مَنْعِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ قِيلَ وَيُرَادِفُهُ الْمَدْحُ) وَهُوَ رَأْيُ الزَّمَخْشَرِيّ حَيْثُ لَمْ يَشْتَرِطْ كَوْنَ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ اخْتِيَارِيًّا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَقِيلَ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ) وَهُوَ رَأْيُ الْجُمْهُورِ فَيَشْتَرِطُونَ كَوْنَ الْمَحْمُودِ عَلَيْهِ اخْتِيَارِيًّا دُونَ الْمَمْدُوحِ عَلَيْهِ كَمَدَحْتُ اللُّؤْلُؤَ لِصِفَاتِهِ (قَوْلُهُ وَفِي تَحْقِيقِهِ أَقْوَالٌ) ، وَالرَّاجِحُ مِنْهَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّتَائِجِ وَتُحْفَةِ الرَّشِيدِيِّ (قَوْلُهُ الْحِسِّيُّ) كَذَا فِي أَصْلِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ الْحَقِيقِيِّ سَيِّدِي عُمَرَ وَالِابْتِدَاءُ الْحَقِيقِيُّ جَعْلُ الشَّيْءِ أَوَّلًا غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِشَيْءٍ آخَرَ أَصْلًا، وَالِابْتِدَاءُ الْإِضَافِيُّ وَيُسَمَّى الْعُرْفِيَّ أَيْضًا جَعْلُ الشَّيْءِ أَوَّلًا بِالْإِضَافَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِصِفَاتِ ذَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ الْجَمِيلَةِ) وَجْهُ إدْخَالِ هَذَا فِي مَضْمُونِ الْجُمْلَةِ أَنَّ مَضْمُونَهَا يَسْتَلْزِمُهُ لِأَنَّ إثْبَاتَ الثَّنَاءِ بِالْجَمِيلِ لَهُ يَسْتَلْزِمُ إثْبَاتَ الْجَمِيلِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَمَلَكَهُ) عُطِفَ عَلَى اتِّصَافِهِ أَوْ صِفَاتِ ذَاتِهِ

الصفحة 13