كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

عُدِلَ لِذَلِكَ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ عَنْ الْإِحْصَاءِ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فَانْدَفَعَ مَا قِيلَ إنَّهُ إنَّمَا أُتِيَ بِالْمَوْصُولِ هُنَا لِقَاعِدَةٍ هِيَ أَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِاَلَّذِي لِوَصْفِهِ تَعَالَى بِمَا ثَبَتَ لَهُ وَلَمْ يَرِدْ بِهِ تَوْقِيفٌ وَكَانَ قَائِلُهُ فَهِمَ أَنَّ هَذَا لَا يُؤَدَّى إلَّا بِوَصْفٍ لَهُ تَعَالَى وَقَدْ عَلِمْت تَأْدِيَتَهُ بِوَصْفِ النِّعَمِ بِمَا ذُكِرَ وَهُوَ لَا يَحْتَاجُ لِتَوْقِيفٍ (نِعَمُهُ) فِيهِ إيهَامٌ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ حَصْرِهَا جَمْعُهَا الْمُنَافِي {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ} [النحل: 18] أَيْ تُرِيدُوا عَدَّ أَوْ تَشْرَعُوا فِي عَدِّ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ نِعَمِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ أَنَّ مَدْلُولَ الْعَامِّ كَالْمُفْرَدِ الْمُضَافِ هُنَا كُلِّيَّةً {لا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34] أَيْ لَا تَحْصُرُوهَا فَتَعَيَّنَ أَنَّهُ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِمَعْنَى أَنْعَامٍ وَجَمْعُهُ لَا إيهَامَ فِيهِ أَيْ جَلَّتْ أَنَعَمَاتِهِ أَيْ بِاعْتِبَارِ كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِهَا عَنْ أَنْ تُحَدَّ فَيَشْمَلُ الْقَلِيلَ أَيْضًا
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ لَا يُنَاسِبُ الْمَعْدُولَ لَهُ سم (قَوْلُهُ عُدِلَ إلَخْ) فِيهِ بَحْثٌ؛ لِأَنَّ الْجَلِيلَةَ نِعَمُهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةِ عَلَى قَوْلٍ، وَلِأَنَّ اسْتِقْرَارَ هَذِهِ الصِّلَةِ فِي النُّفُوسِ لَا تَقْتَضِي تَرْجِيحَ طَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُصَحِّحُهُ، وَالْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ لَا فِي التَّصْحِيحِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَرَادَ النِّعَمَ الْحَادِثَةَ الْوَاصِلَةَ لِخَلْقِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى حُدُوثِ الْعِظَمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِحُدُوثِ النِّعَمِ وَوُصُولِهَا سم، وَدَفَعَ الْكُرْدِيُّ قَوْلَ سم وَلِأَنَّ اسْتِقْرَارَ إلَخْ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ عُدِلَ لِذَلِكَ اللَّامَ بِمَعْنَى إلَى أَيْ عُدِلَ إلَى تَرْكِيبِ الَّذِي جَلَّتْ إلَخْ عَنْ تَرْكِيبِ الْجَلِيلَةِ إلَخْ لِأَنَّ اسْتِقْرَارَ الْفِعْلِيَّةِ أَقْوَى مِنْ الِاسْمِيَّةِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ) أَيْ وَالْجَلِيلُ النِّعَمِ بِالْإِضَافَةِ سم (قَوْلُهُ بِمَا ثَبَتَ لَهُ) وَهُوَ هُنَا جَلَالَةُ نِعَمِهِ عَنْ الْإِحْصَاءِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُرِدْ بِهِ) أَيْ بِوَصْفِهِ تَعَالَى بِذَلِكَ (قَوْلُهُ إنَّ هَذَا) أَيْ ثُبُوتَ جَلَالَةِ النِّعَمِ عَنْ الْإِحْصَاءِ لَهُ تَعَالَى وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَيْ ثُبُوتُ مَعْنَى جَلَّتْ لَهُ تَعَالَى اهـ (قَوْلُهُ لَا يُؤَدَّى) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ إلَّا بِوَصْفٍ لَهُ) أَيْ بِجَعْلِهِ وَصْفًا وَحَالًا لَهُ تَعَالَى كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَقَدْ عَلِمْت إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ فِي مَعْنَى التَّعْلِيلِ أَيْ وَلَيْسَ كَمَا فُهِمَ؛ لِأَنَّك قَدْ عَلِمْت إلَخْ أَيْ مِنْ قَوْلِنَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا، وَيَصِحُّ كَوْنُ عُلِمَتْ بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ أَيْضًا (قَوْلُهُ بِوَصْفِ النِّعَمِ بِمَا ذُكِرَ) أَيْ بِجَعْلِ الْجَلَالَةِ صِفَةً لِلنِّعَمِ وَإِسْنَادِهَا إلَيْهَا (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) أَيْ وَصْفُ النِّعَمِ بِمَا ذُكِرَ قَوْلُ الْمَتْنِ (نِعَمُهُ) جَمْعُ نِعْمَةٍ بِكَسْرِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامٍ وَهُوَ الْإِحْسَانُ. وَأَمَّا النَّعْمَةُ بِفَتْحِ النُّونِ فَهِيَ التَّنَعُّمُ وَبِضَمِّهَا الْمَسَرَّةُ
نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ نِعْمَتُهُ بِالْإِفْرَادِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] وَأَبْلَغُ فِي الْمَعْنَى اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر بِمَعْنَى إنْعَامٍ لَمْ يُبْقِهِ عَلَى ظَاهِرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إيهَامِ أَنَّ سَبَبَ عَدَمِ حَصْرِهَا جَمْعُهَا فَيُنَافِي صَرِيحًا {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا} [النحل: 18] الْمُقْتَضَى انْتِفَاءُ الْإِحْصَاءِ عَنْ كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ مِنْ النِّعَمِ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْمُتَعَلِّقَاتِ فَالْحَمْدُ عَلَى الْإِنْعَامِ وَإِنْ أَوْهَمَ أَنَّ عَدَمَ الْإِحْصَاءِ بِسَبَبِ جَمْعِيَّتِهِ أَيْضًا إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ مُنَافَاةٌ صَرِيحَةٌ لِلْآيَةِ، وَهَذَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ الْمُنَافِي) يَنْبَغِي أَنَّهُ نَعْتُ أَنَّ سَبَبَ إلَخْ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْجَمْعِ وَالْآيَةِ فَتَأَمَّلْهُ سم (قَوْلُهُ مِنْ أَفْرَادِ نِعَمِهِ) أَيْ إنْعَامَاتِهِ، وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْجَمْعِ تَقْرِيبًا لِتَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ مِمَّا فِي الْآيَةِ وَإِلَّا فَكَانَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ مِنْ أَفْرَادِ نِعْمَتِهِ بِالْإِفْرَادِ (قَوْلُهُ كَمَا يُعْلَمُ إلَخْ) عِلَّةٌ لِحَمْلِ الْآيَةِ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ (قَوْلُهُ كَالْمُفْرَدِ الْمُضَافِ هُنَا) أَيْ نِعْمَةُ اللَّهِ وَهُوَ مِثَالٌ لِلْعَامِّ (قَوْلُهُ كُلِّيَّةً) أَيْ الْحُكْمُ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ فَرْدٍ (قَوْلُهُ فَتَعَيَّنَ) أَيْ لِدَفْعِ الْإِيهَامِ أَنَّهُ جَمْعُ نِعْمَةٍ بِفَتْحِ النُّونِ بِمَعْنَى إنْعَامِ وَالنِّعْمَةُ بِالْكَسْرِ أَثَرُهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ لِدَفْعِ الْإِيهَامِ) الْأَوْلَى لِدَفْعِ الْمُنَافَاةِ وَقَوْلُهُ بِفَتْحِ إلَخْ مُخَالِفٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا عَنْ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَجَمْعُهُ) أَيْ لَفْظُ نِعَمِهِ بِهَذَا الْمَعْنَى.
وَقَوْلُهُ لَا إيهَامَ فِيهِ فِيهِ تَوَقُّفٌ وَلَوْ قَالَ لَا مُنَافَاةَ فِيهِ لِظَهَرَ (قَوْلُهُ أَيْ جَلَّتْ إنْعَامَاتُهُ أَيْ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمَتْنِ عَلَى مَا قَرَّرَهُ بِقَوْلِهِ فَتَعَيَّنَ وَفِي الْمَعْنَى عِلَّةٌ لِنَفْيِ الْإِيهَامِ بَلْ لِنَفْيِ الْمُنَافَاةِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِهَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْإِمْكَانِ فَهِيَ نَفْسُهَا لَا تُحْصَى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى اعْتِبَارِ آثَارِهَا ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاهِيهَا، وَإِنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ وَآثَارُهَا مُحْصَاةٌ مَعْدُودَةٌ قَطْعًا ضَرُورَةَ أَنَّهَا مُتَنَاهِيَةٌ ضَرُورَةً أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مُتَنَاهٍ وَكُلُّ مُتَنَاهٍ مُحْصًى مَعْدُودٌ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَأَجَابَ ع ش بِأَنَّ كَلَامَ الشَّارِحِ فِي إحْصَاءِ الْآثَارِ وَآثَارِ إنْعَامَاتِهِ تَعَالَى وَإِنْ كَانَتْ مُحْصَاةً فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَكِنْ لَا قُدْرَةَ لِلْبَشَرِ عَلَى عَدِّهَا وَإِحْصَائِهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فَتَشْمَلُ إلَخْ) مُتَفَرِّعٌ عَلَى اعْتِبَارِ أَثَرِ الْإِنْعَامِ يَعْنِي لَمَّا كَانَ قَوْلُهُ نِعَمُهُ بِمَعْنَى الْإِنْعَامَاتِ، وَكَانَ عَدَمُ إحْصَائِهَا بِاعْتِبَارِ كُلِّ فَرْدٍ مِنْ آثَارِهَا فَيَشْمَلُ ذَلِكَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ عُدِلَ لِذَلِكَ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ) فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ الْجَلِيلَةَ نِعَمُهُ مِنْ قَبِيلِ الْمَوْصُولِ وَالصِّلَةُ عَلَى قَوْلٍ، وَلِأَنَّ اسْتِقْرَارَ هَذِهِ الصِّلَةِ فِي النُّفُوسِ لَا يَقْتَضِي تَرْجِيحَ طَرِيقِ الْمَوْصُولِيَّةِ.
غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يُصَحِّحُهُ وَالْكَلَامُ فِي التَّرْجِيحِ لَا فِي التَّصْحِيحِ فَلْيَتَأَمَّلْ، وَقَدْ يُوَجَّهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ أَرَادَ النِّعَمَ الْحَادِثَةَ الْوَاصِلَةَ لِخَلْقِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا فَعَبَّرَ بِالْفِعْلِ الدَّالِّ عَلَى حُدُوثِ الْعِظَمِ الْمُسْتَلْزِمِ لِحُدُوثِ النِّعَمِ وَوُصُولِهَا (قَوْلُهُ عَنْ الْجَلِيلَةِ نِعَمُهُ) أَيْ وَالْجَلِيلُ النِّعَمِ بِالْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ الْمُنَافِي) يَنْبَغِي أَنَّهُ نَعْتٌ أَنَّ سَبَبَ إذْ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْجَمْعِ وَالْآيَةِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ كُلِّ أَثَرٍ مِنْ آثَارِهَا) لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ إنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْإِمْكَانِ فَهِيَ نَفْسُهَا لَا تُحْصَى مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَى اعْتِبَارِ آثَارِهَا ضَرُورَةَ عَدَمِ تَنَاهِيهَا وَإِنْ أُرِيدَ الْإِنْعَامَاتُ بِالْفِعْلِ فَهِيَ وَآثَارُهَا مُحْصَاةٌ مَعْدُودَةٌ قَطْعًا ضَرُورَةَ أَنَّهَا

الصفحة 17