كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

وَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْن الْوَصْفِ فِي الْأَصْل يُجْعَلُ عَلَمَ جِنْسٍ أَوْ شَخْصٍ أَوْ بِالْغَلَبَةِ، وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ بِأَنْ يُسَمَّى بِهِ أَشْيَاءُ ثُمَّ يَغْلِبُ عَلَى بَعْضِهَا وَتَسْمِيَتُهُ مُخْتَصَرًا لِقِلَّةِ لَفْظِهِ لَا لِكَوْنِهِ مُلَخَّصًا مِنْ كِتَابٍ بِعَيْنِهِ
(تَنْبِيهٌ) .
التَّحْقِيقُ أَنَّ أَسْمَاءَ الْكُتُبِ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الْجِنْسِ لَا اسْمِهِ وَإِنْ صَحَّ اعْتِبَارُهُ وَلَا عَلَمُ الشَّخْصِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَإِنْ أُلِّفَ فِيهِ بِمَا يَحْتَاجُ رَدُّهُ إلَى بَسْطٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلَّهُ، وَأَنَّ أَسْمَاءَ الْعُلُومِ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الشَّخْصِ (لِلْإِمَامِ) هُوَ مَنْ يُقْتَدَى بِهِ فِي الدِّينِ (أَبِي الْقَاسِمِ) إمَامِ الدِّينِ عَبْدِ الْكَرِيمِ قِيلَ وَهَذِهِ التَّكْنِيَةُ لَا تُوَافِقُ مَا صَحَّحَهُ مِنْ حُرْمَتِهَا مُطْلَقًا بَلْ مَا اخْتَارَهُ مِنْ تَخْصِيصِ الْمَنْعِ بِزَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ مَا صَحَّحَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ حُرْمَتِهَا فِيمَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَقَطْ اهـ وَيُرَدُّ بِأَنَّ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إنَّمَا هُوَ وَضْعُهَا أَوَّلًا، وَأَمَّا إذَا وُضِعَتْ لِإِنْسَانٍ وَاشْتَهَرَ بِهَا فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لَا يَشْمَلُهُ وَلِلْحَاجَةِ كَمَا اغْتَفَرُوا التَّلْقِيبَ بِنَحْوِ الْأَعْمَشِ لِذَلِكَ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ وَيَرُدُّ الْأَخِيرَيْنِ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِعُمُومِ اللَّفْظِ فِي «لَا تَكَنَّوْا بِكُنْيَتِي» لَا بِخُصُوصِ السَّبَبِ نَعَمْ صَحَّ خَبَرُ «مَنْ تَسَمَّى بِاسْمِي فَلَا يَكْتَنِي بِكُنْيَتِي وَمَنْ اكْتَنَى بِكُنْيَتِي فَلَا يَتَسَمَّى بِاسْمِي» وَهُوَ صَرِيحٌ فِي الْأَخِيرِ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ فَقُدِّمَ لِذَلِكَ.
ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ أَشَارَ لِذَلِكَ (الرَّافِعِيُّ) نِسْبَةً لِرَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ الصَّحَابِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَمَا حُكِيَ عَنْ خَطِّ الرَّافِعِيِّ نَفْسِهِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِرَافِعَان بَلْدَةٌ مِنْ بِلَادِ قَزْوِينَ اعْتَرَضُوهُ (- رَحِمَهُ اللَّهُ -) نَظِيرُ مَا مَرَّ (ذِي) أَيْ صَاحِبٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَلَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِ إلَخْ) يَعْنِي أَنَّ هَذَا مَعْنَاهُ الْأَصْلِيُّ وَهُوَ هُنَا عِلْمٌ لِلْكِتَابِ وَلَا مَانِعَ إلَخْ (قَوْلُهُ يُجْعَلُ عَلَمَ جِنْسٍ) أَيْ بِالْوَضْعِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِالْغَلَبَةِ عُطِفَ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ) أَيْ كَوْنُ الِاسْمِ عَلَمًا لِجِنْسٍ أَوْ شَخْصٍ بِالْوَضْعِ وَكَوْنُهُ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ، وَنَظَرَ فِيهِ الْبَصْرِيُّ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَقَدْ يَجْتَمِعَانِ أَيْ الْعَلَمُ بِالْغَلَبَةِ مَعَ أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْعَلَمِيَّةَ فِيمَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ بِأَنْ يُسَمَّى إلَخْ مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْوَضْعِ لَا مِنْ الْغَلَبَةِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ.
وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مُرَادَ الشَّارِحِ بِالْغَلَبَةِ هُنَا الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لَا الْعُرْفِيُّ الْمُقْتَضِي سَبْقَ الْوَضْعِ لِمَفْهُومٍ كُلِّيٍّ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُسَمَّى بِهِ أَشْيَاءُ) أَيْ أَجْنَاسٌ أَوْ أَشْخَاصٌ (قَوْلُهُ وَإِنَّ أَسْمَاءَ الْعُلُومِ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الشَّخْصِ) وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ كُلًّا مِنْ أَسَامِي الْعُلُومِ وَأَسَامِي الْكُتُبِ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الْجِنْسِ لِاتِّفَاقِ الْحُكَمَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ لِمُحَالِ الْإِعْرَاضِ مَدْخَلًا فِي تَشَخُّصِهَا، وَلِذَا لَمْ يُجَوِّزُوا انْتِقَالَهُ مِنْ مَحَلٍّ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ فَكَيْفَ يَكُونُ الصَّوْتُ الْقَائِمُ بِهَذَا الْهَوَاءِ وَاللَّوْنُ الْقَائِمُ بِهَذِهِ الْوَرَقَةِ وَالْمَعْلُومُ الْقَائِمُ بِهَذَا الذِّهْنِ عَيَّنَ الْقَائِمَ بِآخَرَ بِالشَّخْصِ كَالنَّبَوِيِّ وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ نَحْوِهِ عَنْ الْفَوَائِدِ الْغِيَاثِيَّةِ مَا نَصُّهُ، ثُمَّ سَيَأْتِي أَوَّلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ تَفْسِيرُ الْكِتَابِ وَالْبَابِ وَالْفَصْلِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْكُتُبِ بِجُمْلَةٍ مِنْ الْعِلْمِ فَمُسَمَّى الْكُتُبِ الْمَسَائِلُ كَالْعُلُومِ فَجَعْلُ أَسْمَاءِ الْعُلُومِ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الشَّخْصِ وَأَسْمَاءِ الْكُتُبِ مِنْ حَيِّزِ عَلَمِ الْجِنْسِ تَحَكُّمٌ اهـ.
(قَوْلُهُ قِيلَ) إلَى قَوْلِهِ وَيُرَدُّ بِأَنَّ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ وَيَرُدُّ الْأَخِيرَيْنِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَهَذِهِ التَّكْنِيَةُ) أَيْ تَكْنِيَةُ الْمُصَنِّفِ لِلرَّافِعِيِّ بِأَبِي الْقَاسِمِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ مَا صَحَّحَهُ) أَيْ الْمُصَنِّفُ مِنْ حَيْثُ النَّقْلُ عَنْ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ مِنْ حُرْمَتِهَا مُطْلَقًا) أَيْ وَلَوْ لِغَيْرِ مَنْ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ) أَيْ الِاعْتِرَاضُ الْمَذْكُورُ بِقَوْلِهِ وَقِيلَ إلَخْ (قَوْلُهُ فَلَا يَحْرُمُ ذَلِكَ) أَيْ التَّكْنِيَةُ (قَوْلُهُ إلَى ذَلِكَ) أَيْ إلَى أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَيَرُدُّ الْأَخِيرَيْنِ إلَخْ) رَدُّ الْقَاعِدَةِ الْمَذْكُورَةِ لِمُصَحِّحِ الْإِمَامِ الرَّافِعِيِّ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِعَدَمِ مُنَافَاتِهِ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ بَصْرِيٌّ أَقُولُ الْمُنَافَاةُ ظَاهِرَةٌ إذْ النَّهْيُ الْآتِي شَامِلٌ لِمَنْ سُمِّيَ بِغَيْرِ مُحَمَّدٍ أَيْضًا (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ أَصَحِّيَّةَ الْأَوَّلِ إنَّمَا تُوجِبُ تَقْدِيمَهُ إنْ لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى هَذَا عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ أَوْ التَّقْيِيدِ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ فِيهِ أَنَّهُ لَا يُعْدَلُ إلَى التَّرْجِيحِ إلَّا مَعَ عَدَمِ إمْكَانِ الْجَمْعِ وَهُوَ هُنَا مُتَأَتٍّ بِحَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَفِيهِ أَعْمَالُهُمَا اهـ.
(قَوْلُهُ نِسْبَةً) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ فِي الدَّقَائِقِ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى رَافِعَانِ بَلْدَةٍ مَعْرُوفَةٍ مِنْ بِلَادِ قَزْوِينَ وَاعْتَرَضَهُ قَاضِي الْقُضَاةِ جَلَالُ الدِّينِ الْقَزْوِينِيُّ بِأَنَّهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSتَنْبِيهٌ التَّحْقِيقُ إلَخْ) فِي شَرْحِ الْفَوَائِدِ الْغِيَاثِيَّةِ لِشَيْخِنَا الشَّرِيفِ عِيسَى الصَّفَوِيِّ وَاعْلَمْ أَنَّ أَسْمَاءَ الْعُلُومِ كَأَسْمَاءِ الْكُتُبِ أَعْلَامُ أَجْنَاسٍ عِنْدَ التَّحْقِيقِ وُضِعَتْ لِأَنْوَاعِ أَعْرَاضٍ تَتَعَدَّدُ أَفْرَادُهَا بِتَعَدُّدِ الْمَحَلِّ كَالْقَائِمِ بِزَيْدٍ وَبِعَمْرٍو، وَقَدْ تُجْعَلُ أَعْلَامَ أَشْخَاصٍ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ بِاعْتِبَارِ الْمَحَلِّ يُعَدُّ عُرْفًا وَاحِدًا وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً لِلْمَفْهُومِ الْإِجْمَالِيِّ كَمَا مَرَّ اهـ وَقَالَ قَبْلَ ذَلِكَ ثُمَّ إنَّ الْمُحَقِّقَ قَالَ اسْمُ كُلِّ عِلْمٍ مَوْضُوعٌ بِإِزَاءِ مَفْهُومٍ إجْمَالِيٍّ هُوَ حَدُّهُ الِاسْمِيُّ اهـ وَلِلسُّبْكِيِّ وَغَيْرِهِ فِي ذَلِكَ كَلَامٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ وَإِنَّ أَسْمَاءَ الْعُلُومِ إلَخْ) سَيَأْتِي أَوَّلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ تَفْسِيرُ الْكِتَابِ وَالْبَابِ وَالْفَصْلِ الَّتِي هِيَ أَجْزَاءُ الْكُتُبِ بِجُمْلَةٍ مِنْ الْعِلْمِ فَمُسَمَّى الْكُتُبِ الْمَسَائِلُ كَالْعُلُومِ فَجَعْلُ أَسْمَاءِ الْعُلُومِ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الشَّخْصِ وَأَسْمَاءِ الْكُتُبِ مِنْ حَيِّزِ عِلْمِ الْجِنْسِ تَحَكُّمٌ
1 -
(قَوْلُهُ وَيَرُدُّ الْأَخِيرَيْنِ الْقَاعِدَةُ الْمُقَرَّرَةُ) وَمِمَّا يُؤَيِّدُ الْمَذْهَبَ مَا فِي الْخَصَائِصِ لِلسُّيُوطِيِّ مِمَّا نَصُّهُ وَأَخْرَجَ ابْنُ سَعْدٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ قَالَ وَقَعَ بَيْنَ عَلِيٍّ وَطَلْحَةَ فَقَالَ لَهُ لَا كَجُرْأَتِك عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُمِّيت بِاسْمِهِ وَكُنِّيت بِكُنْيَتِهِ وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَجْمَعَهَا أَحَدٌ مِنْ أُمَّتِهِ بَعْدَهُ فَدَعَا عَلِيٌّ بِنَفَرٍ فَقَالُوا نَشْهَدُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ إنَّهُ سَيُولَدُ لَك بَعْدِي غُلَامٌ فَقَدْ نَحَلْته اسْمِي وَكُنْيَتِي وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِنْ أُمَّتِي بَعْدَهُ اهـ ثُمَّ نَقَلَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَنَفِيَّةِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَهَذَا صَرِيحٌ فِي عَدَمِ الِاخْتِصَاصِ بِزَمَنِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَكِنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْمَنْعَ مُخْتَصٌّ بِجَمْعِ الِاسْمِ مَعَ الْكُنْيَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُجَابَ إلَخْ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ أَصِحِّيَّةَ الْأَوَّلِ إنَّمَا تُوجِبُ تَقْدِيمَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْجَمْعُ وَهُوَ مُمْكِنٌ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى وَجْهِ التَّخْصِيصِ أَوْ

الصفحة 35