كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

وَآثَرَهَا عَلَى صَاحِبٍ لِاقْتِضَائِهَا تَعْظِيمَ الْمُضَافِ إلَيْهَا وَالْمَوْصُوفِ بِهَا بِخِلَافِهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ تَعَالَى فِي مَعْرِضِ مَدْحِ يُونُسَ {وَذَا النُّونِ} [الأنبياء: 87] وَالنَّهْيُ عَنْ اتِّبَاعِهِ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إذْ النُّونُ لِكَوْنِهِ جُعِلَ فَاتِحَةَ سُورَةٍ أَفْخَمُ وَأَشْرَفُ مِنْ لَفْظِ الْحُوتِ، وَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ صِحَّةُ إضَافَتِهَا لِلْمَعْرِفَةِ بِمَا فِيهِ (التَّحْقِيقَاتُ) فِي الْعِلْمِ جَمْعُ تَحْقِيقَةٍ وَهِيَ الْمَرَّةُ مِنْ التَّحْقِيقِ وَهُوَ إثْبَاتُ الْمَسْأَلَةِ بِدَلِيلِهَا أَوْ عِلَّتِهَا مَعَ رَدِّ قَوَادِحِهَا وَحَقِيقَةُ الشَّيْءِ وَمَاهِيَّتُهُ مَا بِهِ الشَّيْءُ هُوَ هُوَ كَالْحَيَوَانِ النَّاطِقِ لِلْإِنْسَانِ، وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ اعْتِبَارًا وَكَوْنُ الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ مَاهِيَّةً حَقِيقِيَّةً جَعْلِيَّةً خَارِجِيَّةً هُوَ الصَّوَابُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَاهِيَّةَ بِجَعْلِ الْجَاعِلِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمُتَكَلِّمِينَ وَعَلَى أَنَّهَا لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ مَوْجُودٍ خَارِجًا كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَهُمْ.
ـــــــــــــــــــــــــــــQلَا يُعْرَفُ بِبِلَادِ قَزْوِينَ بَلْدَةٌ يُقَالُ لَهَا رَافِعَانِ بَلْ هُوَ مَنْسُوبٌ إلَى جَدٍّ مِنْ أَجْدَادِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَآثَرَهَا) أَيْ لَفْظَةَ ذِي عَلَى صَاحِبٍ سم (قَوْلُهُ تَعْظِيمُ الْمُضَافِ إلَيْهَا) يَعْنِي مَا تُضَافُ هِيَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالنَّهْيِ) عُطِفَ عَلَى مَدْحٍ سم (قَوْلُهُ ذَا النُّونِ إلَخْ) هَذَا تَعْلِيلٌ لِاسْتِدْعَاءِ ذِي لِتَعْظِيمِ الْمُضَافِ إلَيْهَا، وَأَمَّا اسْتِدْعَاؤُهَا لِتَعْظِيمِ الْمَوْصُوفِ بِهَا فَظَاهِرٌ مِنْ كَوْنِ الْأَوَّلِ فِي الْمَدْحِ وَالثَّانِي فِي النَّهْيِ.
(قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ إلَخْ) أَيْ فِي شَرْحِ وَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْجُمُعَةِ التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ إلَخْ، وَيَأْتِي بِهَامِشِهِ رَدُّهُ سم (قَوْلُهُ مَعَ رَدِّ قَوَادِحِهِمَا) أَيْ قَوَادِحِ الدَّلِيلِ الْمُبَيَّنَةِ فِي عِلْمِ الْمُنَاظَرَةِ وَقَوَادِحِ الْعِلَّةِ الْمُبَيَّنَةِ فِي أُصُولِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ وَحَقِيقَةُ الشَّيْءِ إلَخْ) اسْتِطْرَادِيٌّ لِمُجَرَّدِ مُشَارَكَتِهِ لِلْحَقِيقَةِ فِي الْمَادَّةِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَفْتَرِقَانِ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ (قَوْلُهُ اعْتِبَارُ) عِبَارَةِ السَّعْدِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّ مَا بِهِ الشَّيْءُ هُوَ هُوَ بِاعْتِبَارِ تَحَقُّقِهِ حَقِيقَةً وَبِاعْتِبَارِ تَشَخُّصِهِ هَوِيَّةً اهـ وَعِبَارَةُ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ اعْلَمْ أَنَّ الصُّورَةَ فِي الْعَقْلِ مِنْ حَيْثُ إنَّهَا تُقْصَدُ بِاللَّفْظِ تُسَمَّى مَعْنًى وَمِنْ حَيْثُ إنَّهَا تَحْصُلُ مِنْ اللَّفْظِ تُسَمَّى مَفْهُومًا وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ مَقُولٌ فِي جَوَابِ مَا هُوَ تُسَمَّى مَاهِيَّةً وَمِنْ حَيْثُ ثُبُوتُهُ فِي الْخَارِجِ تُسَمَّى حَقِيقَةً، وَمِنْ حَيْثُ امْتِيَازُهُ عَنْ الْأَغْيَارِ تُسَمَّى هُوِيَّةً فَالذَّاتُ وَاحِدَةٌ وَاخْتِلَافُ الْعِبَارَاتِ بِاخْتِلَافِ الِاعْتِبَارَاتِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَوْنُ الْحَيَوَانِ النَّاطِقِ مَاهِيَّةً إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذَا الْكَلَامِ تَحْرِيرُ مَعْنَى جَعْلِيَّةِ الْمَاهِيَّاتِ بَلْ يُوهِمُ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا جَعْلِيَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَغَيْرِهِ، وَقَدْ لَخَصَّهُ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ سم عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَوَاقِفِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ الْمَاهِيَّةُ لَيْسَتْ مَجْعُولَةً أَنَّهَا فِي حَدِّ أَنْفُسِهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا جَعْلُ جَاعِلٍ وَتَأْثِيرُ مُؤَثِّرٍ، فَإِنَّك إذَا لَاحَظْت مَاهِيَّةَ السَّوَادِ، وَلَمْ تُلَاحِظْ مَعَهَا مَفْهُومًا سِوَاهَا لَمْ يُعْقَلْ هُنَاكَ جَعْلُ إذْ لَا مُغَايَرَةَ بَيْنَ الْمَاهِيَّةِ وَنَفْسِهَا حَتَّى يُتَصَوَّرَ تَوَسُّطُ جَعْلٍ بَيْنَهُمَا فَتَكُونُ إحْدَاهُمَا مَجْعُولَةً تِلْكَ الْأُخْرَى.
وَكَذَا لَا يُتَصَوَّرُ تَأْثِيرُ الْفَاعِلِ فِي الْوُجُودِ بِمَعْنَى جَعْلِ الْوُجُودِ وُجُودًا بَلْ تَأْثِيرُهُ فِي الْمَاهِيَّةِ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجْعَلُهَا مُتَّصِفَةً بِالْوُجُودِ لَا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَجْعَلُ اتِّصَافَهَا مَوْجُودًا مُتَحَقِّقًا فِي الْخَارِجِ فَإِنَّ الصَّبَّاغَ إذَا صَبَغَ ثَوْبًا لَا يُجْعَلُ الثَّوْبُ ثَوْبًا وَلَا الصَّبْغُ صَبْغًا بَلْ يُجْعَلُ الثَّوْبُ مُتَّصِفًا بِالصَّبْغِ فِي الْخَارِجِ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ اتِّصَافُهُ بِهِ مَوْجُودًا ثَابِتًا فِي الْخَارِجِ فَلَيْسَتْ الْمَاهِيَّاتُ فِي أَنْفُسِهَا مَجْعُولَةً وَلَا وُجُودَاتُهَا أَيْضًا فِي أَنْفُسِهَا مَجْعُولَةً بَلْ الْمَاهِيَّاتُ فِي كَوْنِهَا مَوْجُودَةً مَجْعُولَةً يَعْنِي أَنَّهَا بِالنَّظَرِ إلَى اتِّصَافِهَا بِالْوُجُودِ مَجْعُولَةً، وَهَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنَازَعَ فِيهِ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ نَفْيِ الْمَجْعُولِيَّةِ عَنْ الْمَاهِيَّاتِ بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ أَوَّلًا وَبَيْنَ إثْبَاتِهَا لَهَا بِمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا أَنَّهُ الْحَقُّ الَّذِي لَا يُتَوَهَّمُ بُطْلَانُهُ فَالْقَوْلُ بِنَفْيِ الْمَجْعُولِيَّةِ مُطْلَقًا وَبِإِثْبَاتِهَا مُطْلَقًا كِلَاهُمَا صَحِيحٌ إذَا حُمِلَا عَلَى مَا صَوَّرْنَاهُ اهـ.
أَيْ لِعَدَمِ تَوَارُدِهِمَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ (قَوْلُهُ وَعَلَى أَنَّهَا لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ مَوْجُودٌ خَارِجًا إلَخْ) هَذَا خِلَافُ التَّحْقِيقِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَغَيْرِهِ عِبَارَةُ الْبُرْهَانِ لِلْفَاضِلِ الْكَلَنْبَوِيِّ وَلَا شَيْءَ مِنْ هَذِهِ الْكُلِّيَّاتِ أَيْ الْمَنْطِقِيِّ وَالْعَقْلِيِّ وَالطَّبِيعِيِّ بِمَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ لِاسْتِحَالَةِ الْوُجُودِ بِدُونِ التَّشَخُّصِ بِدَاهِيَةٍ، وَإِنْ ذَهَبَ الْبَعْضُ إلَى وُجُودِ الْمَنْطِقِيِّ وَالْعَقْلِيِّ وَالْكَثِيرِ إلَى وُجُودِ الطَّبِيعِيِّ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ أَيْ الطَّبِيعِيَّ جَزْءُ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ وَهُوَ الْفَرْدُ الْمُرَكَّبُ مِنْهُ وَمِنْ الْمُشَخِّصَاتِ كَزَيْدٍ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْإِنْسَانِ وَالْمُشَخِّصَاتِ لَكِنَّهُ أَيْ الطَّبِيعِيَّ جَزْءٌ عَقْلِيٌّ مِنْ الْمَوْجُودِ فِي الْخَارِجِ لَا جَزْءٌ خَارِجِيٌّ مِنْهُ فِي مَذْهَبِ التَّحْقِيقِ فَالْحَقُّ أَنَّ وُجُودَهُ أَيْ الطَّبِيعِيِّ عِبَارَةٌ عَنْ وُجُودِ أَفْرَادِهِ وَأَشْخَاصِهِ لَا أَنَّ نَفْسَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالتَّقْيِيدِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَآثَرَهَا) أَيْ عَلَى صَاحِبٍ وَقَوْلُهُ وَالنَّهْيُ أَشَارَ بِالتَّضْبِيبِ إلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْحٍ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي فِي الْجُمُعَةِ صِحَّةُ إضَافَتِهَا لِلْمَعْرِفَةِ بِمَا فِيهِ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَيَحْرُمُ عَلَى ذِي الْجُمُعَةِ التَّشَاغُلُ بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ وَعِبَارَتُهُ هُنَاكَ فَإِنْ قُلْت كَيْفَ أَضَافَ ذِي بِمَعْنَى صَاحِبٍ إلَى مَعْرِفَةٍ قُلْنَا أَلْ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ لِلْجِنْسِ أَوْ الْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَكُلٌّ مِنْهُمَا فِي مَعْنَى النَّكِرَةِ فَصَحَّتْ الْإِضَافَةُ لِذَلِكَ إلَخْ اهـ وَقَدْ بَيَّنَّا بِهَامِشِهِ هُنَاكَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ وَهْمٌ فَقَدْ قَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ التَّسْهِيلِ مَا نَصُّهُ، وَقَدْ تَوَهَّمَ بَعْضٌ أَنَّ الْمُرَادَ بِاسْمِ الْجِنْسِ أَيْ فِي قَوْلِهِمْ أَنَّ ذُو لَا تُضَافُ إلَّا لِاسْمِ الْجِنْسِ النَّكِرَةِ فَاسْتُشْكِلَ سَبَبُ هَذَا الْوَهْمِ الْفَاسِدِ مَا وَقَعَ فِي الْحَدِيثِ «أَنْ تَصِلَ ذَا رَحِمِك» وَغَابَ عَنْهُ مَوَاضِعُ فِي التَّنْزِيلِ {وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [البقرة: 105] {ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ} [البروج: 15] {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] {ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27] اهـ أَيْ بَلْ الْمُرَادُ بِاسْمِ الْجِنْسِ مَا يُقَابِلُ الصِّفَةَ
1 -
(قَوْلُهُ وَحَقِيقَةُ الشَّيْءِ وَمَاهِيَّتُهُ إلَخْ) لَيْسَ فِي هَذَا الْكَلَامِ تَحْرِيرُ مَعْنَى

الصفحة 36