كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

وَالتَّدْقِيقُ إثْبَاتُ الدَّلِيلِ بِدَلِيلٍ آخَرَ فَإِنْ قُلْت جَمْعُ السَّلَامَةِ لِلْقِلَّةِ بِاتِّفَاقِ النُّحَاةِ وَمَدْلُولُ جُمُوعِ الْقِلَّةِ الْعَشَرَةُ فَمَا دُونَهَا وَلَا مَدْحَ فِي ذَلِكَ. قُلْت أَلْ فِي مِثْلِ هَذَا تُفِيدُ الْعُمُومَ إذْ الْأَصَحُّ أَنَّ الْجَمْعَ الْمُعَرَّفَ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ أَوْ الْإِضَافَةِ لِلْعُمُومِ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ عَهْدٌ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ هَذَا وَمَا ذُكِرَ عَنْ النُّحَاةِ، إمَّا لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي جَمْعِ السَّلَامَةِ الْمُنَكَّرِ وَكَلَامُ الْأُصُولِيِّينَ فِي الْمُعَرَّفِ كَمَا قَالَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ مُفِيدَ الْعُمُومِ كَأَلْ لَمَّا دَخَلَ عَلَى الْجَمْعِ فَإِنْ قُلْنَا بِمَا عَلَيْهِ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ وَغَيْرِهِمْ إنَّ أَفْرَادَهُ الَّتِي عَمَّهَا وِحْدَانٌ فَقَدْ ذَهَبَ اعْتِبَارُ الْجَمْعِيَّةِ مِنْ أَصْلِهَا الْمُسْتَلْزِمِ لِلنَّظَرِ إلَى كَوْنِ آحَادِهِ عَشَرَةً فَأَقَلَّ، وَإِنْ قُلْنَا بِمَا عَلَيْهِ جَمْعٌ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ إنَّ أَفْرَادَهُ جُمُوعٌ فَلَا تَنَافِي بَيْنَ اسْتِغْرَاقِ كُلِّ جَمْعٍ جُمِعَ وَكَوْنِ تِلْكَ الْجُمُوعِ لِكُلِّ جَمْعٍ مِنْهَا عَدَدٌ مُعَيَّنٌ، وَأَمَّا لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ وَضْعِ جَمْعِ السَّلَامَةِ لِلْقِلَّةِ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْعُمُومِ لِعُرْفٍ أَوْ شَرْعٍ فَنَظَرُ النُّحَاةِ لِأَصْلِ الْوَضْعِ وَالْأُصُولِيِّينَ لِغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِ تُوُفِّيَ سَنَةَ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَيِّفٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَلَهُ كَرَامَاتٌ مِنْهَا أَنَّ شَجَرَةَ عِنَبٍ أَضَاءَتْ لَهُ لِفَقْدِ مَا يُسْرِجُهُ وَقْتَ التَّصْنِيفِ، وَوُلِدَ الْمُصَنِّفُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِنَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ بِنَوَى مِنْ قُرَى دِمَشْقَ وَمَاتَ بِهَا سَنَةَ سِتٍّ وَسَبْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ عَنْ نَحْوِ سِتٍّ وَأَرْبَعِينَ سَنَةً.
وَذَكَرَ تِلْمِيذُهُ الْإِمَامُ ابْنُ الْعَطَّارِ أَنَّ بَعْضَ الصَّالِحِينَ رَأَى أَنَّهُ قُطْبٌ، وَأَنَّ الشَّيْخَ كَاشَفَهُ بِذَلِكَ وَاسْتَكْتَمَهُ وَكَشَفَ لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ عَنْهُ بَعْدَ مَوْتِهِ أَنَّهُ وَقَعَ لَهُ حَظٌّ وَافِرٌ مِنْ تَجَلِّي اللَّهِ عَلَيْهِ بِرِضَاهُ وَعَطْفِهِ فَسَأَلَ اللَّهَ عَوْدَ بَعْضِهِ عَلَى كُتُبِهِ فَعَادَ فَعَمَّ النَّفْعُ بِهَا شَرْقًا وَغَرْبًا لِلشَّافِعِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ

(وَهُوَ) أَيْ الْمُحَرَّرُ وَمَدْحُهُ بِمَا يَأْتِي مَدْحٌ لِكِتَابِهِ لِاشْتِمَالِهِ عَلَيْهِ مَعَ مَا تَمَيَّزَ بِهِ، وَلَيْسَ مَدْحُ الْأَئِمَّةِ لِكُتُبِهِمْ فَخْرًا بَلْ هُوَ حَثٌّ عَلَى تَحَرِّي الْأَوْلَى وَالْأَكْمَلِ مُبَالَغَةً فِي النُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ (كَثِيرُ الْفَوَائِدِ) الَّتِي ابْتَدَعَهَا مُؤَلِّفُهُ وَلَمْ يَعْثُرْ عَلَيْهَا مَنْ قَبْلَهُ جَمْعُ فَائِدَةٍ وَهِيَ مَا يُرْغَبُ فِي اسْتِفَادَتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَعَ كَوْنِهِ مَعْرُوضًا لِقَابِلِيَّةِ التَّكَثُّرِ مَوْجُودٌ فِيهِ أَيْ فِي الْخَارِجِ، وَلِذَا جَعَلُوا الْكُلِّيَّةَ وَأَقْسَامَهَا مِنْ الْعَوَارِضِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْوُجُودِ الذِّهْنِيِّ لَا مِنْ الْعَوَارِضِ الْمُخْتَصَّةِ بِالْوُجُودِ الْخَارِجِيِّ، وَأَمَّا الْكُلِّيُّ الْمَنْطِقِيُّ وَالْعَقْلِيُّ فَكَمَا لَا وُجُودَ لِأَنْفُسِهِمَا فِي الْخَارِجِ لَا وُجُودَ لِإِفْرَادِهِمَا فِيهِ اهـ.
زَادَ عَلَيْهَا الرُّشْدِيُّ مَا نَصُّهُ، وَقَالَ الْإِمَامُ الْبِرْكَوِيُّ فِي الْإِمْعَانِ وُجُودُ الْكُلِّيِّ الطَّبِيعِيِّ فِي الْأَشْخَاصِ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ كُلِّ جُزْئِيٍّ مَعْنًى كُلِّيٌّ حَاصِلٌ فِي الْعَقْلِ بِتَجْرِيدِهِ عَنْ الْمُشَخِّصَاتِ إذْ الْكُلِّيُّ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْخَارِجِ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ إذْ يَلْزَمُ حِينَئِذٍ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ مَوْجُودًا فِي أَمْكِنَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَذَلِكَ بَيِّنُ الِاسْتِحَالَةِ وَإِنْ قَالَ أَكْثَرُ النَّاسِ إنَّهُ مَوْجُودٌ فِي ضِمْنِ الْأَشْخَاصِ؛ لِأَنَّهُ جَزْءٌ مِنْهَا اهـ وَعِبَارَةُ تَهْذِيبِ السَّعْدِ وَتُؤْخَذُ بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَتُسَمَّى مَخْلُوطَةً وَلَا خَفَاءَ فِي وُجُودِهَا وَبِشَرْطِ لَا شَيْءَ تُسَمَّى مُجَرَّدَةً وَلَا تُوجَدُ فِي الْأَذْهَانِ فَضْلًا عَنْ الْأَعْيَانِ وَلَا بِشَرْطِ شَيْءٍ وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْمَخْلُوطَةِ فَتُوجَدُ لِكَوْنِهَا نَفْسَهَا فِي الْخَارِجِ لَا جُزْءًا مِنْهَا لِعَدَمِ التَّمَايُزِ، وَإِنَّمَا ذَلِكَ فِي الْعَقْلِ اهـ.
وَقَالَ مُحَشِّيهِ عَبْدُ اللَّهِ الْيَزْدِيُّ الْمَاهِيَّةُ لَهَا اعْتِبَارَاتٌ ثَلَاثَةٌ أَوَّلُهَا أَنَّهَا تُؤْخَذُ مَعَ شَيْءٍ مِنْ الْعَوَارِضِ وَحِينَئِذٍ تُسَمَّى تِلْكَ الْمَاهِيَّةُ مَاهِيَّةً مَخْلُوطَةً وَمَاهِيَّةً بِشَرْطِ شَيْءٍ، وَلَا خَفَاءَ فِي وُجُودِهَا وَثَانِيهَا أَنَّهَا تُؤْخَذُ بِشَرْطِ الْخُلُوِّ عَنْ جَمِيعِ اللَّوَاحِقِ، وَهَذِهِ تُسَمَّى مَاهِيَّةً مُجَرَّدَةً وَمَاهِيَّةً بِشَرْطٍ لَا شَيْءَ، وَهَذِهِ لَا تُوجَدُ فِي الْأَذْهَانِ فَضْلًا عَنْ الْأَعْيَانِ، وَثَالِثُهَا أَنَّهَا تُؤْخَذُ مِنْ حَيْثُ هِيَ هِيَ أَيْ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْغَيْرِ إثْبَاتًا وَنَفْيًا وَهَذِهِ تُسَمَّى مَاهِيَّةً مُطْلَقَةً وَمَاهِيَّةً لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ وَالْأَوَّلِيَّانِ نَوْعَانِ مِنْ الثَّالِثَةِ فَهِيَ أَعَمُّ مِنْهُمَا وَمَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ أَمَّا عِنْدَ النَّافِي لِوُجُودِ الطَّبَائِعِ فَوُجُودُهَا بِوُجُودِ الْمَاهِيَّةِ الْمَخْلُوطَةِ كَوُجُودِ الْكُلِّيَّاتِ بِوُجُودِ الْأَشْخَاصِ وَعِنْدَ الْقَائِلِ بِوُجُودِهَا هِيَ مَوْجُودَةٌ بِنَفْسِهَا بِوُجُودِ مُغَايِرٍ كَالْجِسْمِ الْأَبْيَضِ الْمَوْجُودِ بِوُجُودٍ غَيْرِ وُجُودِ الْبَيَاضِ وَالْمُصَنِّفُ اخْتَارَ الْأَوَّلَ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ لَا جَزَّأَ مِنْهَا إلَى حُجَّةِ الْمُخَالِفِينَ، وَرَدَّهَا فَإِنَّهُمْ قَالُوا الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّهَا جَزْءُ الْمَخْلُوطَةِ الْمَوْجُودَةِ فِيهِ وَجُزْءُ الْمَوْجُودِ مَوْجُودٌ وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ جُزْءًا خَارِجِيًّا لِعَدَمِ التَّمَايُزِ بَلْ جَزْءٌ عَقْلِيٌّ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مَوْجُودًا فِي الْخَارِج اهـ بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ وَالتَّدْقِيقُ إلَخْ) زَادَ الْمُغْنِي وَالتَّعْبِيرُ عَنْهَا بِفَائِقِ الْعِبَارَةِ الْحُلْوَةِ تَرْقِيقٌ وَبِمُرَاعَاةِ عِلْمِ الْمَعَانِي وَالْبَدِيعِ تَنْمِيقٌ وَالسَّلَامَةُ فِيهَا مِنْ اعْتِرَاضِ الشَّرْعِ تَوْفِيقٌ اهـ.
(قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت) إلَى قَوْلِهِ إذْ الْأَصَحُّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا مَدْحَ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي تَعْبِيرِ الْمُصَنِّفِ بِجَمْعِ الْقِلَّةِ فَلَوْ عُدِلَ إلَى جَمْعِ الْكَثْرَةِ لَكَانَ أَنْسَبَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ إنَّ الْجَمْعَ الْمَعْرُوفَ إلَخْ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ بَيْنَ هَذَا) أَيْ الْأَصَحِّ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ فِي جَمْعِ السَّلَامَةِ) الْأَوْلَى فِي جَمْعِ الْقِلَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (قَوْلُهُ لِمَا دَخَلَ) الْأَوْلَى إذَا دَخَلَ إلَخْ (قَوْلُهُ وُحْدَانٌ) بِضَمِّ الْوَاوِ أَيْ آحَادٌ كَالْمُفْرَدِ الْعَامِّ (قَوْلُهُ الْمُسْتَلْزِمُ إلَخْ) صِفَةٌ لِاعْتِبَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِكُلِّ جَمْعٍ مِنْهَا) حَاجَةٌ إلَى جَمْعٍ (قَوْلُهُ فَنَظَرَ النُّحَاةُ) فِعْلٌ وَفَاعِلٌ (قَوْلُهُ وَأَمَّا لِأَنَّهُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ أَمَّا؛ لِأَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ أَصْلُ وَضْعِ جَمْعِ السَّلَامَةِ) أَيْ مُطْلَقًا (قَوْلُهُ وَغَلَبَ اسْتِعْمَالُهُ) أَيْ إذَا عُرِفَ فَفِي كَلَامِهِ اسْتِخْدَامٌ (قَوْلُهُ وَتُوُفِّيَ) إلَى قَوْلِهِ وَوَلَدُ الْمُصَنِّفِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ عَنْ نَيِّفٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهُوَ ابْنُ سِتٍّ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَكَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ أَضَاءَتْ لَهُ الْكُرُومُ وَحُكِيَ أَنَّ شَجَرَةً أَضَاءَتْ عَلَيْهِ لَمَّا فَقَدَ عِنْدَ التَّصْنِيفِ مَا يُسْرِجُهُ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَوَلَدُ الْمُصَنِّفِ إلَخْ) ذَكَرَ الْمُغْنِي طَرَفًا مِنْ أَحْوَالِ الْمُصَنِّفِ قُبَيْلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ فَنَذْكُرُهُ هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ إنَّهُ قُطْبٌ) أَيْ الْمُصَنِّفُ (قَوْلُهُ وَأَنَّ الشَّيْخَ) أَيْ الْمُصَنِّفَ عُطِفَ عَلَى أَنَّ بَعْضَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَاشَفَهُ بِذَلِكَ) أَيْ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ أَيْ بِعِلْمِهِ بِقُطْبِيَّتِهِ فِي الْقَامُوسِ كَاشَفَهُ بِالْعَدَاوَةِ بِإِدَامِهَا اهـ

(قَوْلُهُ الَّتِي ابْتَدَعَهَا إلَخْ) فِي كَوْنِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ كَذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ سم (قَوْلُهُ مَا يَرْغَبُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مَا اُسْتُفِيدَ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSجَعْلِيَّةِ الْمَاهِيَّاتِ بَلْ يُوهِمُ أَنَّهَا فِي نَفْسِهَا جَعْلِيَّةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَتَحْرِيرُ ذَلِكَ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ لَخَصَّهُ الْكَمَالُ فِي حَاشِيَةِ شَرْحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ

(قَوْلُهُ الَّتِي ابْتَدَعَهَا إلَخْ) فِي كَوْنِ مَا فِي الْمُحَرَّرِ وَكَذَلِكَ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ

الصفحة 37