كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

مِنْ الْفُؤَادِ؛ لِأَنَّهَا تُعْقَلُ بِهِ فَتَرِدُ عَلَيْهِ اسْتِفَادَةً، وَمِنْهُ إفَادَةٌ وَعُرِّفَتْ بِكُلِّ نَافِعٍ دِينِيٍّ أَوْ دُنْيَوِيٍّ مِنْ فَادَ أَتَى بِنَفْعٍ (عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ) أَيْ بَيَانِ الرَّاجِحِ وَإِيضَاحِ الْمُشْتَبَهِ مِنْهُ، وَأَصْلُهُ مَكَانُ الذَّهَابِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لِمَا يُذْهَبُ إلَيْهِ مِنْ الْأَحْكَامِ تَشْبِيهًا لِلْمَعْقُولِ بِالْمَحْسُوسِ ثُمَّ غَلَبَ عَلَى الرَّاجِحِ وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ الْمَذْهَبُ فِي الْمَسْأَلَةِ كَذَا (مُعْتَمَدٌ) تَرَقٍّ؛ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ مِنْ عُمْدَةٍ فَهُوَ مُغْنٍ عَنْهُ لَوْلَا غَرَضُ الْإِطْنَابِ فِي الْمَدْحِ (لِلْمُفْتِي) أَيْ الْمُجِيبِ فِي الْحَوَادِثِ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ أَوْ يُرَجِّحُهُ وَلِحُدُوثِ جَوَابِهِ وَقُوَّتِهِ شُبِّهَ بِالْفَتَى فِي السِّنِّ مِنْ فَتِيَ يَفْتَى كَعَلِمَ يَعْلَمُ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ لَهُ لَفْظَا الْفَتْوَى بِالْفَتْحِ أَوْ الْفُتْيَا بِالضَّمِّ (وَغَيْرِهِ) وَهُوَ الْمُسْتَفِيدُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِإِفَادَةِ غَيْرِهِ (مِنْ) بَيَانِيَّةٌ (أَوْلَى) أَصْحَابُ (الرَّغَبَاتِ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ جَمْعُ رَغْبَةٍ بِسُكُونِهَا وَهِيَ الِانْهِمَاكُ عَلَى الْخَيْرِ طَلَبًا لِحِيَازَةِ مَعَالِيهِ.
(تَنْبِيهٌ)
مَا أَفْهَمَهُ كَلَامُهُ مِنْ جَوَازِ النَّقْلِ مِنْ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَنِسْبَةِ مَا فِيهَا لِمُؤَلِّفِيهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِلْمٍ أَوْ مَالٍ اهـ.
(قَوْلُهُ مِنْ الْفُؤَادِ) أَيْ مَأْخُوذٌ مِنْ الْفُؤَادِ وَهُوَ الْقَلْبُ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلَيْهِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (عُمْدَةٌ) خَبَرٌ ثَانٍ عَمِيرَةُ أَيْ يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ بَيَانُ إلَخْ) تَفْسِيرٌ لِلْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إلَيْهِ مَعًا عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ وَإِيضَاحُ الْمُشْتَبَهِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِهَا (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَذْهَبِ تَنَازَعَ فِيهِ الرَّاجِحُ وَالْمُشْتَبَهُ (قَوْلُهُ وَأَصْلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ وَالْمَذْهَبُ لُغَةً مَكَانُ الذَّهَابِ وَهُوَ الطَّرِيقُ وَاصْطِلَاحًا الْأَحْكَامُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَيْهَا الْمَسَائِلُ شُبِّهَتْ بِمَكَانِ الذَّهَابِ بِجَامِعِ أَنَّ الطَّرِيقَ يُوَصِّلُ إلَى الْمَعَاشِ، وَتِلْكَ الْأَحْكَامُ تُوَصِّلُ إلَى الْمَعَادِ أَوْ بِجَامِعِ أَنَّ الْأَجْسَامَ تَتَرَدَّدُ فِي الطَّرِيقِ، وَالْأَفْكَارُ تَتَرَدَّدُ فِي تِلْكَ الْأَحْكَامِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَيْهَا الْمَذْهَبُ اسْتِعَارَةً مُصَرَّحَةً وَهَلْ هِيَ أَصْلِيَّةٌ أَوْ تَبَعِيَّةٌ قَوْلَانِ الْأَرْجَحُ مِنْهُمَا الثَّانِي اهـ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعِيرَ إلَخْ) أَيْ اسْتِعَارَةً تَصْرِيحِيَّةً تَبَعِيَّةً بِأَنْ شُبِّهَ اخْتِيَارُ الْأَحْكَامِ بِمَعْنَى الذَّهَابِ وَاسْتُعِيرَ الذَّهَابُ لِاخْتِيَارِ الْأَحْكَامِ، وَاشْتُقَّ مِنْهُ مَذْهَبٌ بِمَعْنَى أَحْكَامٍ مُخْتَارَةٍ، ثُمَّ صَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً شَيْخُنَا وَبُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمُغَلَّبِ قَوْلُ الْمَتْنِ مُعْتَمَدٌ خَبَرٌ ثَالِثٌ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ تَرَقٍّ) أَيْ هَذَا تَرَقٍّ فِي الْمَدْحِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُغْنٍ عَنْهُ) قَدْ يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ عَمْدِيَّتَهُ فِي تَحْقِيقِ خُصُوصِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الثَّانِي، بَلْ الثَّانِي أَعَمُّ كَمَا أَنَّ مَا فِي الثَّانِي مِنْ التَّفْصِيلِ لَيْسَ فِي الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم وَفِيهِ نَظَرٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِلْمُفْتِي) بِسُكُونِ الْيَاءِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا مَعَ كَسْرِهَا عَلَى أَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى السَّاكِنِ الْيَاءِ نِسْبَةَ الْجُزْئِيِّ إلَى الْكُلِّ، ثُمَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا مَعْنَى لِكَوْنِ الْمُحَرَّرِ مُعْتَمَدًا لِلْمُفْتِي إلَّا أَنَّ الْمُفْتِيَ يُجِيبُ بِمَا فِيهِ، وَيَسْتَنِدُ فِي جَوَابِهِ لِتَقْرِيرِهِ وَتَرْجِيحِهِ فَكَيْفَ يُقَيَّدُ الْمُفْتِي بِقَوْلِهِ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ أَوْ يُرَجِّحُهُ؛ لِأَنَّ مَنْ أَجَابَ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ أَوْ يُرَجِّحُهُ لَمْ يَعْتَمِدْ فِي جَوَابِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ يُتْرَكُ شَأْنُهُ وَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ سم، وَقَدْ يُقَالُ الْقَصْدُ بِاعْتِمَادِهِ عَلَيْهِ جَعْلُهُ أَصْلًا لِاسْتِنْبَاطِهِ وَتَرْجِيحِهِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ إلَخْ) بَقِيَ مَا لَا اسْتِنْبَاطَ فِيهِ وَلَا تَرْجِيحَ بَلْ هُوَ نَقْلٌ مَحْضٌ فَقَضِيَّتُهُ خُرُوجُ الْمُجِيبِ بِهِ عَنْ الْمُفْتِي سم أَيْ فَهَذَا التَّعْرِيفُ غَيْرُ جَامِعٍ (قَوْلُهُ شَبَّهَ) أَيْ جَوَابَهُ بِدَلِيلِ، ثُمَّ اُسْتُعِيرَ إلَخْ سم (قَوْلُهُ بِالْفَتَى) كَالْعَصَا الشَّابُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي مِمَّنْ يُصَنِّفُ أَوْ يُدَرِّسُ اهـ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ كَالْقَاضِي وَالْمُدَرِّسِ اهـ.
(قَوْلُهُ أَوْ لِإِفَادَةِ غَيْرِهِ) يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَمِلَ الْقَاضِيَ كَالْمُصَنِّفِ سم (قَوْلُهُ بَيَانِيَّةٌ) كَانَ الْمُبَيِّنُ قَوْلَهُ غَيْرِهِ أَوْ وَمَا قَبْلَهُ، وَيُمْكِنُ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ بِأَنْ يُرَادَ بِالرَّغَبَاتِ أَعَمُّ مِنْ الرَّغَبَاتِ فِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ سم عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ بَيَانٌ لِغَيْرِهِ وَلِكُلٍّ مِنْ سَابِقَيْهِ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (مِنْ أُولِي الرَّغَبَاتِ) كَانَ وَجْهُ هَذَا التَّقَيُّدِ أَنَّ الْوَصْفَ حِينَئِذٍ أَقْوَى وَأَمْدَحُ، وَإِلَّا فَهُوَ مُعْتَمَدٌ لِغَيْرِ أُولِي الرَّغَبَاتِ أَيْضًا إذْ لَهُمْ وَيَصِحُّ مِنْهُمْ أَنْ يَعْتَمِدُوا عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ وَهِيَ الِانْهِمَاكُ عَلَى الْخَيْرِ إلَخْ)
قَضِيَّتُهُ أَنَّ الِانْهِمَاكَ عَلَى غَيْرِ الْخَيْرِ لَا يُسَمَّى رَغْبَةً وَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بَيَانُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَتَرِدُ عَلَيْهِ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مِنْهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مُغْنٍ عَنْهُ) قَدْ يُمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا أَفَادَهُ الْأَوَّلُ مِنْ أَنَّ عَمْدِيَّتَهُ فِي تَحْقِيقِ خُصُوصِ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ كَمَا هُوَ الْمُرَادُ لَا يُسْتَفَادُ مِنْ الثَّانِي بَلْ الثَّانِي أَعَمُّ كَمَا أَنَّ مَا فِي الثَّانِي مِنْ التَّفْصِيلِ لَيْسَ فِي الْأَوَّلِ فَلْيُتَأَمَّلْ لَا يُقَالُ يَلْزَمُ مِنْ أَنَّهُ مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ أَنَّهُ عُمْدَةٌ فِي تَحْقِيقِ الْمَذْهَبِ الْمَخْصُوصِ؛ لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْكَوْنَ مُعْتَمِدًا لِلْمُفْتِي وَغَيْرِهِ قَدْ يَكُونُ بِتَحْرِيرِ مَذْهَبٍ آخَرَ أَوْ دَلِيلٌ يَصِحُّ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ وَالْأَخْذُ بِهِ (قَوْلُهُ لِلْمُفْتِي) بِسُكُونِ الْيَاءِ كَمَا هُوَ الْقِيَاسُ، وَيَجُوزُ تَشْدِيدُهَا مَعَ كَسْرِهَا عَلَى أَنَّهُ نِسْبَةٌ إلَى السَّاكِنِ الْيَاءِ نِسْبَةَ الْجُزْئِيِّ إلَى الْكُلِّيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ مُعْتَمَدٌ لِلْمُفْتِي إلَّا أَنَّ الْمُفْتِيَ يُجِيبُ بِمَا فِيهِ، وَيَسْتَنِدُ فِي جَوَابِهِ لِتَقْرِيرِ الْمُحَرَّرِ وَتَرْجِيحِهِ فَكَيْفَ يُقَيِّدُ الْمُفْتِي بِقَوْلِهِ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ أَوْ يُرَجِّحُهُ لِأَنَّ مَنْ أَجَابَ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ أَوْ يُرَجِّحُهُ لَمْ يَعْتَمِدْ فِي جَوَابِهِ عَلَى الْمُحَرَّرِ فَلْيُتَأَمَّلْ، إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَنْ هَذَا شَأْنُهُ يُتْرَكُ شَأْنُهُ وَيُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَفِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ بِمَا يَسْتَنْبِطُهُ) بَقِيَ مَا لَا اسْتِنْبَاطَ فِيهِ وَلَا تَرْجِيحَ بَلْ هُوَ نَقْلٌ مَحْضٌ فَقَضِيَّتُهُ خُرُوجُ الْمُجِيبِ بِهِ عَنْ الْمُفْتِي (قَوْلُهُ مُشَبَّهٌ) أَيْ جَوَابُهُ بِدَلِيلِ ثُمَّ اُسْتُعِيرَ إلَخْ (قَوْلُهُ أَوْ لِإِفَادَةِ غَيْرِهِ) يُمْكِنُ أَنْ يَشْمَلَ الْقَاضِيَ كَالْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بَيَانِيَّةٌ) كَانَ الْمُبَيِّنُ قَوْلَهُ وَغَيْرِهِ أَوْ وَمَا قَبْلَهُ وَيُمْكِنُ أَنَّ مِنْ لِلتَّبْعِيضِ بِأَنْ يُرَادَ بِالرَّغَبَاتِ أَعَمُّ مِنْ الرَّغَبَاتِ فِي الْفِقْهِ وَالْعِلْمِ (قَوْلُهُ مِنْ أُولِي الرَّغَبَاتِ) كَأَنَّ وَجْهَ هَذَا التَّقْيِيدِ أَنَّ الْوَصْفَ حِينَئِذٍ أَقْوَى وَأَمْدَحُ وَإِلَّا فَهُوَ مُعْتَمِدٌ لِغَيْرِ أُولِي

الصفحة 38