كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

فَقَوْلُ السُّبْكِيّ أَنَّ هَذَا لَا يُفْهَمُ الْتِزَامًا مُرَادُهُ أَنَّهُ لَا يُصَرَّحُ بِهِ (أَنْ يَنُصَّ) فِيمَا فِيهِ خِلَافًا أَيْ غَالِبًا (عَلَى مَا صَحَّحَهُ) فِيهِ (مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ) ؛ لِأَنَّ الْخَطَأَ إلَى الْقَلِيلِ أَقْرَبُ مِنْهُ إلَى الْكَثِيرِ، وَهَذَا حَيْثُ لَا دَلِيلَ يُعَضِّدُ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّونَ وَإِلَّا اتَّبَعُوا وَمِنْ ثَمَّ وَقَعَ لَهُمَا أَعْنِي الشَّيْخَيْنِ تَرْجِيحُ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ وَلَوْ وَاحِدًا فِي مُقَابَلَةِ الْأَصْحَابِ وَاعْتَرَضَهُمَا الْمُتَأَخِّرُونَ بِمَا رَدَدْته عَلَيْهِمْ فِي خُطْبَةِ شَرْحِ الْعُبَابِ وَأَشَرْت إلَيْهِ فِيمَا مَرَّ آنِفًا، وَبِمَا قَرَّرْته يَنْدَفِعُ الِاعْتِرَاضُ عَلَى الرَّافِعِيِّ بِأَنَّهُ قَدْ يَجْزِمُ بِبَحْثٍ لِلْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ.
وَالْجَوَابُ عَنْهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يُفْعَلُ ذَلِكَ فِيمَا فِيهِ تَقْيِيدٌ لِمَا أَطْلَقُوهُ وَرَدَّهُ بِأَنَّ هَذَا لَا يَطَّرِدُ فِي كَلَامِهِ عَلَى أَنَّ الَّذِي فِي الْمَجْمُوعِ وَغَيْرِهِ أَنَّ مَا دَخَلَ فِي إطْلَاقِ الْأَصْحَابِ مُنَزَّلٌ مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِمْ بِهِ فَلَعَلَّ الرَّافِعِيَّ فَهِمَ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ أَنَّهُ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِهِمْ فَنَزَّلَهُ مَنْزِلَةَ تَصْرِيحِهِمْ بِهِ (وَوَفَّى) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ أَيْ الرَّافِعِيُّ وَيَصِحُّ عَلَى
ـــــــــــــــــــــــــــــQمِنْ قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي خُطْبَةِ الْمُحَرَّرِ نَاصٌّ إلَخْ (قَوْلُهُ فَقَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ) أَقُولُ قَوْلُهُ نَاصٌّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ لِكِتَابِهِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْمَدْحِ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (عَلَى مَا صَحَّحَهُ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ) أَيْ مَا رَجَّحَهُ أَكْثَرُهُمْ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي مَحَلِّ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخَطَأَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِالْتِزَامِ الرَّافِعِيِّ مَا ذُكِرَ أَوْ لِنَصِّهِ عَلَيْهِ وَتَرْجِيحِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ اتِّبَاعُ مَا ذَكَرَهُ الْمُعْظَمُ وَتَرْجِيحُهُ (قَوْلُهُ حَيْثُ لَا دَلِيلَ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُعْظَمُ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ تَرْجِيحُهُ وَاعْتِمَادُهُ، قُلْت سَوْقُ ذَلِكَ مُسَاقٌ الْمَدْحُ بِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَذْكُرُهُ لِلِاعْتِمَادِ وَالتَّرْجِيحِ سم.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) الْمُشَارُ إلَيْهِ قَوْلُهُ وَإِلَّا اتَّبَعُوا (قَوْلُهُ فِيمَا مَرَّ آنِفًا) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَمَعَ ذَلِكَ بَالَغْت إلَخْ (قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْته) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ غَالِبًا وَقَوْلُهُ وَهَذَا حَيْثُ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُلْتَزِمَ النَّصَّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُعْظَمُ فِيمَا فِيهِ تَصْحِيحٌ لِلْمُعْظَمِ فَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِبَحْثِ الْإِمَامِ أَوْ غَيْرِهِ أَمَّا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ تَصْحِيحٌ لِلْمُعْظَمِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِيمَا فِيهِ تَصْحِيحٌ لَهُمْ فَإِمَّا عَنْ قَصْدٍ وَإِمَّا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا حَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ إذْ لَمْ يُخَالِفْ مَا صَحَّحُوهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِمَّا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ النَّصُّ عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا، وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَرِدُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْتِزَامُ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ سم (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى الِاعْتِرَاضِ.
وَكَذَا قَوْلُهُ وَرَدَّهُ إلَخْ عُطِفَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّ مُرَادَهُ بِانْدِفَاعِ الرَّدِّ عَدَمُ الِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ هَذَا لَا يَطَّرِدُ) أَيْ وَقَدْ يُفْعَلُ ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَقَامِ التَّقْيِيدِ (قَوْلُهُ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ) إنْ أَرَادَ بِانْفِرَادِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعْظَمِ تَصْحِيحٌ هُنَاكَ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ عَنْ هَذَا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمُلْتَزَمِ، أَوْ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ تَصْحِيحًا فَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لِذَلِكَ الِانْفِرَادِ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ إنَّهُ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ لَهُمْ تَصْحِيحًا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الِانْفِرَادِ سم (قَوْلُهُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ) قَالَ ابْنُ شُهْبَةَ الصَّغِيرُ وَأَوْفَى بِالْهَمْزِ أَيْضًا سم
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمَفْهُومُ مِنْهُ كَوْنَ الرُّكُوبِ مَاضِيًا بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجِيءِ مُتَقَدِّمًا عَلَيْهِ فَلَا تَحْصُلُ مُقَارَنَةُ الْحَالِ لِعَامِلِهَا، وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَدْ قَرَّبَتْهُ مِنْ زَمَانِ الْمَجِيءِ وَتُفْهَمُ الْمُقَارَنَةُ بَيْنَهُمَا فَكَانَ ابْتِدَاءُ الرُّكُوبِ مُتَقَدِّمًا عَلَى الْمَجِيءِ لَكِنَّهُ قَارَنَهُ دَوَامًا، وَإِذَا قُلْت جَاءَنِي زَيْدٌ يَرْكَبُ دَلَّ عَلَى كَوْنِ الرُّكُوبِ فِي حَالِ الْمَجِيءِ وَحِينَئِذٍ يَظْهَرُ صِحَّةُ كَلَامِهِمْ فِي هَذَا الْمَقَامِ اهـ.
وَقَدْ عَقَّبَ الْجَوَابَ فِي حَاشِيَةِ الْمُتَوَسِّطِ بِقَوْلِهِ فَتَأَمَّلْ اهـ قِيلَ وَجْهُ التَّأَمُّلِ أَنَّ قَدْ فِي الْأَصْلِ لِتَقْرِيبِ الْمَاضِي مِنْ الْحَالِ وَلَزِمَ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنْ تَكُونَ لِتَقْرِيبِ الْمَاضِي مِنْ الْمَاضِي، وَالْجَوَابُ أَنَّ قَدْ وُضِعَ وَضْعًا عَامًّا صَالِحًا لِتَقْرِيبِ الْمَاضِي مِنْ الْحَالِ وَلِتَقْرِيبِهِ مِنْ الْمَاضِي اهـ وَلَوْ اطَّلَعَ الشَّارِحُ عَلَى حَاشِيَةِ الْمُطَوَّلِ أَوْ حَاشِيَةِ الْمُتَوَسِّطِ كَانَ الْأَوْلَى بِهِ الِاقْتِصَارَ عَلَى مَا فِيهِمَا (قَوْلُهُ فَقَوْلُ السُّبْكِيّ إنَّ هَذَا لَا يُفْهَمُ الْتِزَامًا إلَخْ) أَقُولُ قَوْلُهُ نَاصٌّ عَلَى مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ لَا يَخْفَى أَنَّهُ فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ لِكِتَابِهِ وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لَهُ، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِلْمَدْحِ بِهِ فَتَأَمَّلْهُ وَبِطَرِيقٍ آخَرَ مَا عَلَيْهِ الْمُعْظَمُ إمَّا أَرْجَحُ أَوْ لَا إنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَلَا مَعْنَى لِالْتِزَامِهِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ دُونَ بَعْضٍ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ الِالْتِزَامُ وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا مَعْنَى لِلْمَدْحِ بِهِ (قَوْلُهُ وَهَذَا حَيْثُ لَا دَلِيلَ يُعَضِّدُ مَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّونَ) فَإِنْ قُلْت لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ النَّصَّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُعْظَمُ لَا يَلْزَمُ سُنَّةً تَرْجِيحُهُ وَاعْتِمَادُهُ (قُلْت) سَوْقُ ذَلِكَ مَسَاقَ الْمَدْحِ بِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إنَّمَا يَذْكُرُهُ لِلِاعْتِمَادِ وَالتَّرْجِيحِ إذْ لَا مَدْحَ بِمُجَرَّدِ ذِكْرِ مَا صَحَّحَهُ الْمُعْظَمُ مَعَ اعْتِقَادِ ضَعْفِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَبِمَا قَرَّرْته) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ غَالِبًا وَقَوْلُهُ وَهَذَا حَيْثُ إلَخْ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُلْتَزَمَ النَّصُّ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْمُعْظَمُ فِيمَا فِيهِ تَصْحِيحٌ لِلْمُعْظَمِ فَجَزَمَ الرَّافِعِيُّ بِبَحْثِ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ أَمَّا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ تَصْحِيحٌ لِلْمُعْظَمِ فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِيمَا فِيهِ تَصْحِيحٌ لَهُمْ فَإِمَّا عَنْ قَصْدٍ وَإِمَّا لِعَدَمِ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا حَيْثُ يُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَيْهِ فَلَا يَرِدُ إذْ لَمْ يُخَالِفْ مَا صَحَّحُوهُ فِي الْحَقِيقَةِ، وَإِمَّا حَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فَلَا يَرِدُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ الْتِزَامُ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ غَالِبًا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي فَلَا يَرِدُ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْتِزَامُ النَّصِّ عَلَى ذَلِكَ حَيْثُ اطَّلَعَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فِيمَا انْفَرَدَ بِهِ وَاحِدٌ) إنْ أَرَادَ بِانْفِرَادِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُعْظَمِ تَصْحِيحٌ هُنَاكَ فَلَا حَاجَةَ لِلْجَوَابِ عَنْ هَذَا لِخُرُوجِهِ عَنْ الْمُلْتَزَمِ لِأَنَّ فَرْضَهُ فِيمَا لِلْمُعْظَمِ فِيهِ تَصْحِيحٌ أَوْ أَنَّ لَهُمْ فِيهِ تَصْحِيحًا فَإِنْ كَانَ مُنَافِيًا لِذَلِكَ الِانْفِرَادِ لَمْ يَتَأَتَّ قَوْلُهُ مُوَافِقٌ لِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ فَيُتَعَيَّنُ أَنْ يُرِيدَ أَنَّ لَهُمْ تَصْحِيحًا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ذَلِكَ الِانْفِرَادِ (قَوْلُهُ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ)
قَالَ

الصفحة 40