كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

بُعْدٍ عَوْدُهُ لِلْمُحَرَّرِ (بِمَا الْتَزَمَهُ) حَسْبَمَا ظَهَرَ لَهُ أَوْ اطَّلَعَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَلَا يُنَافِي اسْتِدْرَاكَهُ عَلَيْهِ فِيمَا يَأْتِي (وَهُوَ) أَيْ مَا الْتَزَمَهُ (مِنْ أَهَمِّ) الْمَطْلُوبَاتِ (أَوْ) أَيْ بَلْ هُوَ (أَهَمُّ) وَجَرُّهُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى (الْمَطْلُوبَاتِ) لِمَنْ يُرِيدُ مَعْرِفَةَ الرَّاجِحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَيَصِحُّ كَوْنُ أَوْ لِلتَّرْدِيدِ إبْهَامًا عَلَى السَّامِعِ وَتَنْشِيطًا لَهُ إلَى الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ وَلِلتَّنْوِيعِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَعْرِفَةَ الرَّاجِحِ مَذْهَبًا مِنْ الْأَهَمِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحَاطَةَ بِالْمَدَارِكِ وَهِيَ الْأَهَمُّ لِمَنْ يُرِيدُ مُجَرَّدَ الْإِفْتَاءِ أَوْ الْعَمَلِ، وَمُدْرَكًا بِالْعَكْسِ بَلْ فِي الْحَقِيقَةِ هِيَ الْأَهَمُّ مُطْلَقًا وَإِنْ قَلَّ نَائِلُوهَا وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَ الشَّافِعِيَّ وَأَصْحَابَهُ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ

(لَكِنْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْكَمَالَاتِ فَلِمَ اخْتَصَرْته وَاعْتَرَضْته بِإِبْدَاءِ عُذْرَيْنِ ثَانِيهُمَا يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْهَا التَّنْبِيهُ إلَى آخِرِهِ وَأَوَّلُهُمَا هُوَ أَنَّهُ وَقَعَ (فِي حَجْمِهِ) وَحَجْمِ الشَّيْءِ جُرْمُهُ النَّاتِئُ مِنْ الْأَرْضِ (كَبُرَ) اقْتَضَى بَعْدَهُ (عَنْ حِفْظِ أَكْثَرِ أَهْلِ) أَيْ جَمَاعَةِ (الْعَصْرِ) الرَّاغِبِينَ فِيمَا هُوَ الْأَحْرَى لِلْمُتَفَقِّهِ مِنْ حِفْظِ مُخْتَصَرٍ فِي الْفِقْهِ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ وَالْعَصْرُ بِفَتْحٍ أَوْ ضَمٍّ فَسُكُونٍ وَبِضَمَّتَيْنِ وَأَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ وَهُوَ هُنَا الزَّمَنُ الْحَاضِرُ وَفِي الْآيَةِ كُلُّ الزَّمَنِ (إلَّا بَعْضَ أَهْلِ) أَيْ أَصْحَابِ (الْعِنَايَاتِ) مِنْهُمْ وَهُوَ مِنْ أُتْحِفَ بِخَارِقِ الْعَادَةِ فِي حِفْظِهِ فَلَا يَكْبُرُ أَيْ يَعْظُمُ عَلَيْهِمْ حِفْظُ أَبْسَطَ مِنْهُ فَضْلًا عَنْهُ، ثُمَّ الِاسْتِثْنَاءُ إنْ كَانَ مِنْ أَهْلٍ لَزِمَ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَغْنًى عَنْهُ فَإِنَّهُ عُلِمَ مِنْ مَفْهُومِ أَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَكُونَ صَرَّحَ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ عَوْدُهُ لِلْمُحَرَّرِ) الْمُنَاسِبُ عَلَى هَذَا عَوْدُهَا الْتَزَمَهُ لِلرَّافِعِيِّ سم وَفِيهِ نَظَرٌ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِالْمُنَاسِبِ الْأَنْسَبَ (قَوْلُهُ حَسْبَمَا ظَهَرَ لَهُ إلَخْ) لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مَعَ مَا قَدَّرَهُ سَابِقًا أَعْنِي قَوْلَهُ غَالِبًا فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ حَسْبَمَا إلَخْ) صِفَةٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَفَاءً حَسْبَمَا إلَخْ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ) أَيْ وَقْتِ تَأْلِيفِ الْمُحَرَّرِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفُ وَوَفَّى بِمَا الْتَزَمَهُ (قَوْلُهُ وَجَرُّهُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى) يَعْنِي يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الْإِضْرَابِ مَعَ مَا قَبْلَهُ سم (قَوْلُهُ لِمَنْ يُرِيدُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِأَهَمَّ إلَخْ (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ أَنَّ مَا الْتَزَمَهُ أَهَمُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ أَوْ بَعْضُ الْأَهَمِّ (قَوْلُهُ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحَاطَةَ إلَخْ) أَيْ وَالْإِفْتَاءَ أَوْ الْعَمَلَ أَيْضًا بِقَرِينَةِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ بِالْمَدَارِكِ) هِيَ الْأَدِلَّةُ التَّفْصِيلِيَّةُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَمُدْرَكًا) عُطِفَ عَلَى قَوْلِهِ مَذْهَبًا إلَخْ وَقَوْلُهُ بِالْعَكْسِ يَعْنِي أَنَّ مَعْرِفَةَ الرَّاجِحِ مُدْرَكًا مِنْ الْأَهَمِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ مُجَرَّدَ الْإِفْتَاءِ أَوْ الْعَمَلِ، وَهِيَ الْأَهَمُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحَاطَةَ بِالْمَدَارِكِ أَيْضًا وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ مَا فِي سم مِنْ دَعْوَى الْمُنَافَاةِ بَيْنَ كَلَامَيْ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ هِيَ الْأَهَمُّ) أَيْ مَعْرِفَةُ الرَّاجِحِ مُدْرَكًا وَقَوْلُهُ مُطْلَقًا أَيْ لِمُرِيدِ الْإِحَاطَةِ بِالْمَدَارِكِ وَمُرِيدِ مُجَرَّدِ الْإِفْتَاءِ أَوْ الْعَمَلِ أَوْ الْقَضَاءِ أَوْ التَّدْرِيسِ أَوْ التَّصْنِيفِ (قَوْلُهُ نَائِلُوهَا) أَيْ مَعْرِفَةُ الرَّاجِحِ مُدْرَكًا (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ قِلَّةِ مَنْ ذُكِرَ (قَوْلُهُ الشَّافِعِيَّ إلَخْ) مَفْعُولُ خَالَفَ وَقَوْلُهُ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ فَاعِلُهُ يَعْنِي أَنَّ مُخَالَفَةَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ لِلشَّافِعِيِّ وَأَصْحَابِهِ فِي مَسَائِلَ كَثِيرَةٍ لِعَدَمِ عِلْمِهِمْ الْمَدَارِكَ الرَّاجِحَةَ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ الَّتِي أَدْرَكَهَا الشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُ

(قَوْلُهُ إذَا كَانَ) أَيْ الْمُحَرَّرُ (قَوْلُهُ وَاعْتَرَضَتْهُ) أَيْ بِذِكْرِ الْقُيُودِ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ وَالْإِبْدَالِ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ (قَوْلُهُ بِإِبْدَاءِ إلَخْ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ جَوَابٌ إلَخْ سم (قَوْلُهُ جُرْمُهُ النَّاتِئُ مِنْ الْأَرْضِ) عِبَارَةُ الْمُخْتَارِ نَتَأَ فَهُوَ نَاتِئٌ ارْتَفَعَ وَبَابُهُ قَطَعَ وَخَضَعَ اهـ فَقَوْلُهُ مِنْ الْأَرْضِ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ الْمُرَادُ جِرْمُ الشَّيْءِ النَّاتِئُ مِنْهُ ع ش (قَوْلُهُ اقْتَضَى بَعْدَهُ) إشَارَةً لِتَضْمِينِ الْعَامِلِ سم أَيْ تَضْمِينِ كَبُرَ مَعْنَى بَعُدَ (قَوْلُهُ لِلْمُتَفَقِّهِ) أَيْ طَالِبِ الْفِقْهِ (قَوْلُهُ بِفَتْحِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقَامُوسِ وَالْعَصْرُ مُثَلَّثَةٌ وَبِضَمَّتَيْنِ الدَّهْرُ ج أَعْصَارٌ وَعُصُورٌ وَعُصُرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ) أَيْ بِالِاصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّ سم أَيْ وَلِلْعَهْدِ الْخَارِجِيِّ فِي اصْطِلَاحِ الْمَعَانِيِّينَ (قَوْلُهُ الزَّمَنُ الْحَاضِرُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَنِّفِ سم (قَوْلُهُ وَفِي الْآيَةِ) أَيْ قَوْله تَعَالَى {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1] إلَخْ (قَوْلُهُ كُلُّ الزَّمَنِ) عِبَارَةُ الْجَلَالَيْنِ الدَّهْرُ أَوْ مَا بَعْدَ الزَّوَالِ إلَى الْغُرُوبِ أَوْ صَلَاةُ الْعَصْرِ اهـ.
وَفِي الْقَامُوسِ الدَّهْرُ الزَّمَانُ اهـ.
وَمُقْتَضَى ذَلِكَ أَنَّ لَفْظَةَ كُلٍّ هُنَا مَقْحَمَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ) يَجُوزُ كَوْنُ إضَافَتِهِ بَيَانِيَّةً سم (قَوْلُهُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ أَهْلِ الْعَصْرِ مُغْنِي وَعَمِيرَةُ هَذَا عَلَى أَوَّلِ الِاحْتِمَالَيْنِ الْآتِيَيْنِ، وَأَمَّا عَلَى ثَانِيهِمَا فَالضَّمِيرُ لِلْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) وَقَوْلُهُ عَلَيْهِمْ الضَّمِيرُ فِيهِمَا لِلْبَعْضِ الْأَوَّلِ نَظَرًا لِلَّفْظِ وَالثَّانِي نَظَرًا لِلْمَعْنَى (قَوْلُهُ لَزِمَ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ إلَخْ) لَك مَنْعُ الِاسْتِدْرَاكِ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَفَادَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقَلِّ بَعْضُ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ لَا جَمِيعُهُمْ وَلَوْلَاهُ لَتُوُهِّمَ أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُهُمْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSابْنُ شُهْبَةَ الصَّغِيرُ وَأَوْفَى بِالْهَمْزِ أَيْضًا (قَوْلُهُ عَوْدُهُ لِلْمُحَرَّرِ) وَالْمُنَاسِبُ عَلَى هَذَا عَوْدُ مَا إلَى مَا الْتَزَمَهُ الرَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ أَيْ بَلْ هُوَ) أَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ أَنَّ بَلْ لِلْإِضْرَابِ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهَا لِمُطْلَقِ التَّرْدِيدِ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ يَكْفِي فِي الْمَدْحِ كَوْنُهُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ أَوْ احْتِمَالُ كَوْنِهِ الْأَهَمَّ فَلْيُتَأَمَّلْ فَإِنَّ هَذَا غَيْرُ مَا ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ وَيَصِحُّ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ وَجَرُّهُ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَرَّ يَلْزَمُ عَلَيْهِ اتِّحَادُ الْإِضْرَابِ مَعَ مَا قَبْلَهُ فَهَذَا مُرَادُهُ بِفَسَادِ الْمَعْنَى (قَوْلُهُ وَمُدْرَكًا بِالْعَكْسِ) هَذَا مُنَافٍ لِمَا قَبْلَهُ لِأَنَّ مَعْنَى هَذَا أَنَّ مَعْرِفَةَ الرَّاجِحِ مُدْرَكًا مِنْ الْأَهَمِّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ مُجَرَّدَ الْإِفْتَاءِ أَوْ الْعَمَلِ وَهَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِهِ السَّابِقِ فِي مَعْرِفَةِ الرَّاجِحِ مَذْهَبًا وَهِيَ الْأَهَمُّ لِمَنْ يُرِيدُ مُجَرَّدَ الْإِفْتَاءِ وَالْعَمَلِ؛ لِأَنَّهَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْأَهَمَّ لَهُ لَمْ يَكُنْ غَيْرُهَا أَهَمَّ لَهُ وَإِلَّا بَطَلَ هَذَا الْحَصْرُ وَأَنَّ مَعْرِفَةَ الرَّاجِحِ مُدْرَكًا هِيَ الْأَهَمُّ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرِيدُ الْإِحَاطَةَ بِالْمَدَارِكِ لِأَنَّ كَوْنَهَا مِنْ الْأَهَمِّ بِالنِّسْبَةِ لَهُ يُنَافِي انْحِصَارَ الْأَهَمِّيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لَهُ فِي مَعْرِفَةِ الرَّاجِحِ مُدْرَكًا فَلْيُتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ جَوَابٌ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ بِإِبْدَاءٍ إلَخْ (قَوْلُهُ اقْتَضَى بَعْدَهُ) فِيهِ إشَارَةٌ لِتَضْمِينِ الْعَامِلِ (قَوْلُهُ لِلْعَهْدِ الذِّهْنِيِّ) أَيْ بِالِاصْطِلَاحِ النَّحْوِيِّ وَقَوْلُهُ الزَّمَنُ الْحَاضِرُ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ إلَّا بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ) يَجُوزُ كَوْنُ إضَافَتِهِ بَيَانِيَّةً (قَوْلُهُ لَزِمَ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ إلَخْ) أَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ

الصفحة 41