كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

لِإِفَادَةِ وَصْفِ الْأَقَلِّ الَّذِينَ يَحْفَظُونَهُ بِكَوْنِهِمْ مِنْ ذَوِي الْعِنَايَاتِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَكْثَرَ لَزِمَ ذَلِكَ أَيْضًا إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ فِيهِ فَائِدَةً هِيَ إفَادَةُ أَنَّ الْأَقَلِّينَ لَا يَعْظُمُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ لِتَحَمُّلِهِمْ مَشَقَّتَهُ.
وَبَعْضُ الْأَكْثَرِ لَا يَعْظُمُ عَلَيْهِمْ حِفْظُهُ لِكَوْنِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ فَالْمُفَادُ مِنْ مَفْهُومِ الْأَكْثَرِ غَيْرُ الْمُفَادِ بِالِاسْتِثْنَاءِ فَتَأَمَّلْهُ (فَرَأَيْت) مِنْ الرَّأْيِ فِي الْأُمُورِ الْمُهِمَّةِ أَيْ فَبِسَبَبِ عَجْزِ الْأَكْثَرِ عَنْ حِفْظِهِ أَرَدْت بَعْدَ التَّرَوِّي وَاتِّضَاحِ طَرِيقِ الْإِقْدَامِ (اخْتِصَارَهُ) مُسْتَوْعِبًا لِمَقَاصِدِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ أَوْ غَالِبًا فَلَا يَرِدُ مَا حَذَفَهُ مِنْهُ سَهْوًا أَوْ لِأَخْذِهِ مِنْ نَظِيرِهِ (فِي نَحْوِ نِصْفِ) بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ (حَجْمِهِ) أَيِّ قُرْبِهِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ فَلَا يُنَافِي زِيَادَتَهُ عَلَى النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ مَعَ مَا زَادَهُ عَلَيْهِ لَمْ يَبْلُغْ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهِ (لِيَسْهُلَ) عِلَّةٌ لِمَا مَهَّدَهُ مِنْ تَقْلِيلِهِ لَفْظَ الْمُحَرَّرِ إلَى أَنْ صَارَ فِي ذَلِكَ الْحَجْمِ (حِفْظُهُ) أَيْ الْمُخْتَصَرِ لِمَنْ يَرْغَبُ فِي حِفْظِ مُخْتَصَرٍ (مَعَ مَا) حَالٌ مِنْ الْمَجْرُورِ أَيْ مَصْحُوبًا بِمَا (أَضُمُّهُ إلَيْهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى) لِلتَّبَرُّكِ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ رَأَيْت امْتِثَالًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ} [الكهف: 23] الْآيَةَ.
وَالْإِسْنَادُ لِفِعْلِ الْغَيْرِ كَهُوَ لِفِعْلِ النَّفْسِ (مِنْ) بَيَانٌ لِمَا (النَّفَائِسِ الْمُسْتَجَادَاتِ) أَيْ الْمُعَدَّاتِ جِيَادًا لِبُلُوغِهَا أَقْصَى الْحُسْنِ (مِنْهَا) أَيْ تِلْكَ النَّفَائِسِ (التَّنْبِيهُ) مِنْ النُّبْهِ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَهِيَ الْفَطِنَةُ (عَلَى قُيُودٍ) جَمْعُ قَيْدٍ وَهُوَ اصْطِلَاحًا مَا جِيءَ بِهِ لِجَمْعٍ أَوْ مَنْعٍ أَوْ بَيَانِ وَاقِعٍ أَذْكُرُهَا (فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) أَيْ قَلِيلٌ مِنْهَا كَمَا أَشْعَرَ بِهِ ذِكْرُ بَعْضُ قِيلَ وَهِيَ عَشْرٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQسم (قَوْلُهُ وَصْفِ الْأَقَلِّ) أَيْ الْمُقَابِلِ لِلْأَكْثَرِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ لَزِمَ ذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ وَهَذَا مَمْنُوعٌ أَيْضًا بِمِثْلِ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا سم (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَقَلِّينَ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ وَبَعْضُ الْأَكْثَرِ إلَخْ) هَذَا مُفَادُ الِاسْتِثْنَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ الرَّأْيِ إلَخْ) أَيْ لَا مِنْ الرُّؤْيَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْ فَبِسَبَبِ عَجْزِ الْأَكْثَرِ إلَخْ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْأَقَلِّ لَا مِنْ الْأَكْثَرِ (قَوْلُهُ فَلَا يَرِدُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِتَثْلِيثِ أَوَّلِهِ) وَفِيهِ لُغَةٌ رَابِعَةٌ نَصِيفٌ بِزِيَادَةِ يَاءٍ وَفَتْحِ أَوَّلِهِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَيْ قَرَّبَهُ) تَفْسِيرُ نَحْوِ نِصْفِهِ سم (قَوْلُهُ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ إلَخْ) فَإِنَّ نَحْوَ الشَّيْءِ يُطْلَقُ عَلَى مَا سَاوَاهُ أَوْ قَارَبَهُ مَعَ زِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَعَ مَا زَادَهُ إلَخْ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَ مَا ذَكَرْنَا فِي وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي اخْتِصَارِ الْأَصْلِ سم وَيُمْكِنُ مَنْعُهُ وَادِّعَاءُ أَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَجْمُوعِ كَمَا مَالَ إلَيْهِ الْمُغْنِي بِمَا نَصُّهُ هُوَ أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ نَحْوُ نِصْفِ حَجْمِهِ صَادِقٌ بِمَا وَقَعَ فِي الْخَارِجِ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى النِّصْفِ بِيَسِيرٍ بَلْ هُوَ إلَى ثَلَاثَةِ أَرْبَاعِهِ أَقْرَبُ كَمَا قِيلَ وَلَعَلَّهُ ظَنَّ ذَلِكَ حِينَ شَرَعَ فِي اخْتِصَارِهِ، ثُمَّ احْتَاجَ إلَى زِيَادَةٍ، وَقِيلَ إنَّ مُرَادَهُ بِذَلِكَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمُحَرَّرِ دُونَ الزَّوَائِدِ اهـ.
وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَعْلِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي نَحْوِ نِصْفٍ إلَخْ أَوْ قَوْلِهِ مَعَ مَا أَضُمُّهُ إلَخْ حَالًا مِنْ قَوْلِهِ اخْتِصَارُهُ مُرَادًا بِهِ الْمَجْمُوعُ عَلَى طَرِيقِ الِاسْتِخْدَامِ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِيَسْهُلَ إلَخْ) قَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ الْكِتَابُ يُخْتَصَرُ لِيُحْفَظَ وَيُبْسَطَ لِيُفْهَمَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُهُ مَعَ مَا أَضُمُّهُ إلَخْ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى سَبْقِ الْخُطْبَةِ عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ حَالٌ مِنْ الْمَجْرُورِ) أَيْ بِالْمُضَافِ وَهُوَ هَاءُ حَفِظَهُ سم وَيُمْكِنُ كَوْنُهُ حَالًا مِنْ اخْتِصَارِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِلتَّبَرُّكِ) مَا الْمَانِعُ مِنْ التَّعْلِيقِ سم (قَوْلُهُ لِمَا بَعْدَ رَأَيْت) يَشْمَلُ الِاخْتِصَارَ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ وَسُهُولَةَ حِفْظِهِ سم وَالْمُتَبَادِرُ اخْتِصَاصُهُ بِالضَّمِّ (قَوْلُهُ وَالْإِسْنَادُ إلَخْ) كَأَنَّهُ تَوْجِيهٌ لِرُجُوعٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِقَوْلِهِ لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ سم.
(قَوْلُهُ لِفِعْلِ الْغَيْرِ) أَيْ كَسُهُولَةِ الْحِفْظِ فَإِنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ مَا بَعْدَ رَأَيْت بَصْرِيِّ (قَوْلُهُ بَيَانٌ لِمَا) أَيْ سَوَاءٌ أَجُعِلَتْ مَوْصُولًا اسْمِيًّا أَوْ نَكِرَةً مَوْصُوفَةً نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ الْمُعَدَّاتِ) الْمُنَاسِبُ لِلسِّينِ الْمَعْدُودَاتُ (قَوْلُهُ لِبُلُوغِهَا إلَخْ) عَدُّهَا جِيَادًا لَا يَقْتَضِي بُلُوغَهَا أَقْصَى الْحُسْنِ إلَّا أَنْ يُدَّعَى أَنَّ الْعَادَةَ فِي الْعَدِّ ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ وَهُوَ الْفَطِنَةُ) بِالْكَسْرِ الْحِذْقُ وَالْمُرَادُ بِالتَّنْبِيهِ هُنَا تَوْقِيفٌ النَّاظِرُ فِيهِ عَلَى تِلْكَ الْقُيُودِ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ بَيَانٌ وَاقِعٌ) وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فِي الْقُيُودِ كَمَا قَالَهُ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ ع ش (قَوْلُهُ أَذْكُرُهَا) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ التَّنْبِيهَ هُنَا بِمَعْنَى الذِّكْرِ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا أَشْعَرَ بِهِ ذِكْرُ بَعْضٍ) أَيْ بِحَسَبِ اسْتِعْمَالِهِمْ وَبِهِ يَنْدَفِعُ قَوْلُ الْبَصْرِيِّ قَدْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَعَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَهْلٍ يَصْدُقُ الْكَلَامُ مَعَ كَوْنِ مَنْ لَا يَعْجِزُ عَنْ حِفْظِهِ نِصْفُ أَهْلِ الْعَصْرِ لِإِضَافَةِ الْأَكْثَرِ إلَى الْأَهْلِ بَعْدَ إخْرَاجِ بَعْضِ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ مِنْهُمْ وَهَذَا صَادِقٌ مَعَ كَوْنِ ذَلِكَ الْبَعْضِ مَعَ الْأَقَلِّ بَعْدَ إخْرَاجِهِ نِصْفَ الْجُمْلَةِ مَثَلًا الْجُمْلَةُ أَلْفٌ وَالْبَعْضُ مِائَتَانِ فَالْبَاقِي ثَمَانُمِائَةٍ وَأَكْثَرُهَا صَادِقٌ بِخَمْسِمِائَةٍ وَالْبَاقِي مِنْهَا مَعَ ذَلِكَ الْبَعْضِ خَمْسُمِائَةٍ بِخِلَافِهِ مَعَ تَرْكِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّ مَدْلُولَ الْكَلَامِ حِينَئِذٍ أَنَّ مَنْ لَا يُحْفَظُ دُونَ النِّصْفِ فَتَأَمَّلْهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى قَالَ لَك مَنْعُ الِاسْتِدْرَاكِ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ أَفَادَ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْأَقَلِّ بَعْضَ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ لَا جَمِيعَهُمْ وَلَوْلَاهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ جَمِيعُهُمْ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَزِمَ ذَلِكَ أَيْضًا) أَيْ أَنَّهُ مُسْتَدْرَكٌ.
وَأَقُولُ هَذَا مَمْنُوعٌ أَيْضًا لِمِثْلِ مَا بَيَّنَّا بِهِ مَنْعَ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَاشِيَةِ الْأُخْرَى، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ أَكْثَرَ يَصْدُقُ الْكَلَامُ مَعَ كَوْنِ مَنْ لَا يَعْجِزُ عَنْ حِفْظِهِ وَهُوَ الْأَقَلُّ الْمَفْهُومُ مِنْ أَكْثَرَ وَالْمُسْتَثْنَى وَهُوَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ قَدْرُ النِّصْفِ مَثَلًا الْجُمْلَةُ أَلْفٌ وَأَكْثَرُهَا سَبْعُمِائَةٍ وَالْأَقَلُّ مِائَتَانِ وَبَعْضُ أَهْلِ الْعِنَايَاتِ ثَلَثُمِائَةٍ وَالْجُمْلَةُ خَمْسُمِائَةٍ دَلَّ الْكَلَامُ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعْجِزُ عَنْ حِفْظِهِ إذْ دَلَّ الِاسْتِثْنَاءُ عَلَى عَدَمِ عَجْزِ الثَّلَاثِمِائَةِ، وَمَفْهُومُ أَكْثَرَ عَلَى عَدَمِ عَجْزِ الْمِائَتَيْنِ وَلَوْ تَرَكَ الِاسْتِثْنَاءَ أَفَادَ الْكَلَامُ أَنَّ مَنْ لَا يَعْجِزُ لَيْسَ الْأَقَلَّ مِنْ النِّصْفِ فَتَأَمَّلْهُ (قَوْلُهُ أَيْ قَرَّبَهُ) تَفْسِيرُ نَحْوِ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَعَ مَا زَادَهُ إلَخْ) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَوْ بَلَغَ مَا ذَكَرْنَا فِي وَهُوَ مَمْنُوعٌ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي اخْتِصَارِ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِيَسْهُلَ) ضَبَّبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ اخْتِصَارِهِ (قَوْلُهُ حَالٌ مِنْ الْمَجْرُورِ) أَيْ بِالْمُضَافِ وَهُوَ هَاءُ حَفِظَهُ (قَوْلُهُ لِلتَّبَرُّكِ) مَا الْمَانِعُ مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ لِمَا بَعْدَ رَأَيْت) يَشْمَلُ الِاخْتِصَارَ عَلَى الْوَجْهِ الْخَاصِّ وَسُهُولَةَ حِفْظِهِ (قَوْلُهُ وَالْإِسْنَادُ) كَأَنَّهُ تَوْجِيهٌ لِرُجُوعِ إنْ شَاءَ اللَّهُ لِقَوْلِهِ لِيَسْهُلَ حِفْظُهُ (قَوْلُهُ لِبُلُوغِهَا أَقْصَى الْحُسْنِ) عَدُّهَا جِيَادًا لَا يَقْتَضِي بُلُوغَهَا أَقْصَى الْحُسْنِ إلَّا أَنْ

الصفحة 42