كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

أَيْ الذِّهْنَ (خِلَافَ الصَّوَابِ) بِأَنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ غَيْرَ مُرَادٍ أَوْ اسْتَوَى مَعْنَيَاهُ فَلَا يَدْرِي الْمُرَادَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اللَّفْظُ مِمَّا يُؤْلَفُ فَلَا يَتَّحِدُ هَذَا مَعَ الْغَرِيبِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِيهِ عَدَمُ إلْفٍ وَلَوْ بِلَا إيهَامٍ وَهَذَا فِيهِ إيهَامٌ وَلَوْ مَعَ إلْفٍ فَبَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مِنْ وَجْهٍ وَمَا هُمَا كَذَلِكَ لَا يُغْنِي أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ وَبِفَرْضِ إغْنَاءِ الْخَفِيِّ عَنْهُمَا كَأَنْ يَقُولَ إبْدَالُهُ الْخَفِيَّ بِالْأَوْضَحِ وَالْأَخْصَرِ لَا يَكْفِي فِي التَّنْصِيصِ عَلَى أَنَّ الْمُحَرَّرَ ارْتَكَبَ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ الْحَقِيقَيْنِ بِالتَّرْكِ وَالطَّرْحِ (بِأَوْضَحَ) مِنْهُ لِإِلْفِ النَّاسِ لَهُ وَسَلَامَتِهِ مِنْ الْإِيهَامِ (وَ) مَعَ ذَلِكَ يَكُونُ بِلَفْظٍ (أَخَصْرَ مِنْهُ بِعِبَارَاتٍ) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِإِعَادَةِ الْجَارِّ جَمْعُ عِبَارَةٍ وَعَبْرَةٍ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَهِيَ مَا يُعَبَّرُ بِهِ عَمَّا فِي الضَّمِيرِ أَيْ يُعْرَبُ بِهِ عَنْهُ (جَلِيَّاتٍ) فِي أَدَاءِ الْمُرَادِ لِخُلُوِّهَا عَنْ الْغَرَابَةِ وَالْإِيهَامِ وَاشْتِمَالِهَا عَلَى حُسْنِ السَّبْكِ وَرَصَانَةِ الْمَعْنَى أَيْ غَالِبًا أَوْ بِحَسَبِ ظَنِّهِ فَلَا يُنَافِي الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهِ فِي بَعْضِهَا، وَإِدْخَالُ الْبَاءِ فِي حَيِّزِ الْإِبْدَالِ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَفِي حَيِّزِ بَدَلٍ، وَالتَّبَدُّلُ وَالِاسْتِبْدَالُ عَلَى الْمَتْرُوكِ هُوَ الْفَصِيحُ وَخَفِيَ هَذَا التَّفْصِيلُ عَلَى مَنْ اعْتَرَضَ الْمَتْنَ بِآيَةِ {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: 16] {وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ} [البقرة: 108] وَقَدْ تَدْخُلُ فِي حَيِّزِ بَدَّلَ وَنَحْوِهِ عَلَى الْمَأْخُوذِ كَمَا فِي قَوْلِهِ
وَبَدَّلَ طَالِعِي نَحْسِي بِسَعْدِي
عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُتَعَاوَرُ عَلَيْهِ الْأَخْذُ وَالتَّرْكُ بِاعْتِبَارَيْنِ فَيُتَعَاوَرُ عَلَيْهِ أَبْدَلَ وَمُقَابِلُهُ رِعَايَةً لَهُمَا

(وَمِنْهَا بَيَانُ الْقَوْلَيْنِ) أَوْ الْأَقْوَالِ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قِيلَ ذَكَرَ الْمُجْتَهِدُ لَهَا لِإِفَادَةِ إبْطَالِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ إبْدَالَ الْغَرِيبِ مَخْصُوصٌ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذِكْرِهِ لِبَيَانِ حُكْمِهِ كَمَا فِي دَهٍ يازده فَإِنَّهُ ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ مُسَاوَاتَهُ لِقَوْلِهِ دِرْهَمٌ لِكُلِّ عَشْرَةٍ سم (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ غَيْرُ مُرَادٍ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمَعْنَى الْمُرَادُ ظَاهِرًا مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرِيحًا فِيهِ سم (قَوْلُهُ أَوْ اسْتَوَى إلَخْ) وَهُوَ إجْمَالٌ وَمَا قَبْلَهُ إلْبَاسٌ (قَوْلُهُ الْخَفِيِّ) أَيْ لَفْظِ الْخَفِيِّ عَنْهُمَا أَيْ الْغَرِيبِ وَالْمُوهِمِ (قَوْلُهُ لَا يَكْفِي) أَيْ الْخَفِيُّ قَوْلُ الْمَتْنِ بِأَوْضَحَ قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْأَوَّلَ فِيهِ إيضَاحٌ عَمِيرَةُ (قَوْله بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ إلَخْ) هُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُ الْبَاءِ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقَةً بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ بِأَوْضَحَ أَوْ حَالٌ مِنْ أَوْضَحَ سم أَقُولُ لَا يَظْهَرُ كَوْنُ الْبَاءِ بِمَعْنَى فِي إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ السَّبَبِيَّةَ فَيُوَافِقُ كَلَامُهُ حِينَئِذٍ قَوْلَ عَمِيرَةَ الْبَاءُ إمَّا سَبَبِيَّةٌ أَوْ لِلْمُلَابَسَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ) أَيْ وَسُكُونِ ثَانِيهِ (قَوْلُهُ أَيْ يُعْرَبُ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ الْإِعْرَابِ أَيْ الْإِفْصَاحِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَنِّفُ فِي بَعْضِهَا أَيْ عِبَارَتُهُ (قَوْلُهُ وَإِبْدَالُ الْبَاءِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ نَقْلًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنْهُمْ الشَّمْسُ الْقَايَاتِيُّ أَنَّهَا إنَّمَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَأْخُوذِ فِي الْإِبْدَالِ مُطْلَقًا وَفِي التَّبْدِيلِ إنْ لَمْ يُذْكَرْ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا، أَمَّا إذَا ذُكِرَ مَعَهُمَا غَيْرُهُمَا كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ} [سبأ: 16] وَكَمَا فِي قَوْلِك بَدَّلَهُ بِخَوْفِهِ أَمْنًا فَدُخُولُهَا حِينَئِذٍ عَلَى الْمَتْرُوكِ كَمَا فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ اهـ.
وَفِي ع ش عَنْ شَرْحِ أَلْفِيَّةِ الْحَدِيثِ لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ مَا يُوَافِقُهُ مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالتَّبَدُّلِ التَّفْصِيلَ الْمُتَقَدِّمَ فِي التَّبْدِيلِ، وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {وَبَدَّلْنَاهُمْ} [سبأ: 16] إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ ذَكَرَ مَعَهُمَا الْمَفْعُولَ الَّذِي هُوَ الضَّمِيرُ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى الْمَأْخُوذِ) أَيْ كَمَا هُنَا سم (قَوْلُهُ هُوَ الْفَصِيحُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ دُخُولُهَا فِي حَيِّزِ كُلٍّ عَلَى الْمَأْخُوذِ وَالْمَتْرُوكِ، وَإِنَّمَا التَّفْرِقَةُ بَيْنَهُمَا بِالنِّسْبَةِ لِلْفَصِيحِ فَقَطْ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يُذْكَرَ مَعَ الْمَتْرُوكِ وَالْمَأْخُوذِ غَيْرُهُمَا أَوْ لَا ع ش (قَوْلُهُ وَفِي حَيِّزِ بَدَلٍ) لَمْ يَظْهَرْ نُكْتَةُ التَّعْبِيرِ فِيهِ بِالْفِعْلِ وَفِي أَخَوَيْهِ بِالْمَصْدَرِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ) أَيْ مِنْ التَّبَدُّلِ وَالِاسْتِبْدَالِ (قَوْلُهُ وَبَدِّلْ) بِصِيغَةِ الْأَمْرِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ إلَخْ) خَبَرٌ لِمُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ وَالتَّحْقِيقُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ إلَخْ، وَقِيلَ التَّقْدِيرُ وَلِنَجُرَّ عَلَى أَنَّ إلَخْ وَقَوْلُ الْكُرْدِيِّ أَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِقَدْ تَدْخُلُ إلَخْ فِيهِ مَا فِيهِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يَتَعَاوَرُ عَلَيْهِ إلَخْ) قَالَ الْكُرْدِيُّ كَسُعُدِي فِي الْبَيْتِ الْمَذْكُورِ فَإِنَّهُ مَتْرُوكٌ بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ وَمَأْخُوذٌ بِاعْتِبَارِ مَا سَيَكُونُ لِأَنَّ الطَّالِعَ فِيهِ نَحْسٌ الْآنَ يَدْعُو لِحُصُولِ السَّعْدِ لَهُ اهـ.
وَفِيهِ نَظَرٌ، وَقَالَ الشِّهَابُ الْخَفَاجِيُّ فِي رِسَالَتِهِ فِي الْإِبْدَالِ فَإِنْ ذَكَرْت أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ الْمُعَوَّضَ أَوْ الْمُعَوَّضَ عَنْهُ فَبَاءُ الْمُقَابَلَةِ تَصْلُحُ لِلْمَأْخُوذِ وَالْمَتْرُوكِ فَاعْتَبِرْهُ بِقَوْلِك بَعَثَ هَذَا بِدِرْهَمٍ وَجَوَابُ مُخَاطَبِك اشْتَرَيْته بِهِ فَالدِّرْهَمُ مَأْخُوذُك وَمَتْرُوكُ صَاحِبِك اهـ وَهُوَ حَسَنٌ

(قَوْلُهُ أَوْ الْأَقْوَالِ) أَيْ بِدَلِيلِ فَمِنْ الْقَوْلَيْنِ أَوْ الْأَقْوَالِ سم (قَوْلُهُ لِلشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -) اسْتِعْمَالُ التَّرَضِّي فِي غَيْرِ الصَّحَابَةِ جَائِزٌ كَمَا هُنَا، وَإِنْ كَانَ الْكَثِيرُ اسْتِعْمَالَ التَّرَضِّي فِي الصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمِ فِي غَيْرِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت فِي كَلَامِ الشَّارِحِ م ر قُبَيْلَ زَكَاةِ النَّابِتِ مَا نَصُّهُ وَيُسَنُّ التَّرَضِّي وَالتَّرَحُّمُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ الْأَخْيَارِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ، وَمَا قَالَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَنَّ التَّرَضِّيَ مُخْتَصٌّ بِالصَّحَابَةِ وَالتَّرَحُّمَ بِغَيْرِهِمْ ضَعِيفٌ انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْمُجْتَهِدُ) إلَى قَوْلِهِ وَزَعَمَ أَنَّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ وَأَنَّ الْخِلَافَ إلَى، ثُمَّ الرَّاجِحُ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ الْمُجْتَهِدُ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِالْمُجْتَهِدِ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ النَّاقِلُ لِأَقْوَالِ الْإِمَامِ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ مُسَامَحَةً إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ صَاحِبُ الْمَذْهَبِ يَقُولُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ مَثَلًا الَّذِي هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ كَمَا لَا يَخْفَى فَحَقُّ الْعِبَارَةِ نَقْلُ الْأَصْحَابِ لِأَقْوَالِ الْمُجْتَهِدِ مُطْلِقِينَ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ لِإِفَادَةِ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي يَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ التَّفْصِيلُ الْآتِي الَّذِي مِنْ جُمْلَتِهِ قَوْلُهُ، ثُمَّ الرَّاجِحُ مِنْهُمَا إلَخْ وَعِبَارَةُ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَإِنْ نُقِلَ عَنْ مُجْتَهِدٍ قَوْلَانِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّ إبْدَالَ الْغَرِيبِ مَخْصُوصٌ بِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى ذِكْرِهِ لِبَيَانِ حُكْمِهِ كَمَا فِي ده ياز فَإِنَّهُ ذُكِرَ لَيُبَيِّنَ مُسَاوَاتَهُ لِقَوْلِهِ دِرْهَمٌ لِكُلِّ عَشْرَةٍ فِي حُكْمِهِ (قَوْلُهُ أَيْ الذِّهْنُ) هَذَا شَامِلٌ لِمَا لَهُ ظَاهِرٌ مُتَبَادِرٌ مِنْهُ هُوَ الْمُرَادُ لِأَنَّهُ يُوقِعُ فِي الذِّهْنِ الْمَعْنَى الْمَرْجُوحَ لَكِنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ إرَادَةِ هَذَا وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ لَا يَذْكُرَ إلَّا النُّصُوصَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَالْمُرَادُ مُوهِمًا أَيُّهَا مَا قُوِّيَا (قَوْلُهُ بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ) هُوَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ بَلْ يَجُوزُ كَوْنُ الْبَاءِ بِمَعْنَى فِي مُتَعَلِّقَةً بِمَا تَعَلَّقَ بِهِ بِأَوْضَحَ أَوْ حَالٌ مِنْ أَوْضَحَ (قَوْلُهُ وَعِبْرَةٌ) أَيْ كَبُدْرَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمَأْخُوذِ) أَيْ كَمَا هُنَا

(قَوْلُهُ أَوْ الْأَقْوَالُ) أَيْ بِدَلِيلِ

الصفحة 44