كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

أَوْ الْقُطْبِ مَثَلًا هُنَا وَهُوَ عَالِمٌ بِدَلَالَتِهِ وَكَمِحْرَابٍ وَهُوَ بِقَرْيَةٍ نَشَأْ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِشَرْطِ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ الطَّعْنِ لَا كَكَثِيرٍ مِنْ قُرَى أَرْيَافِ مِصْرَ وَغَيْرِهَا أَوْ بِجَادَّةٍ يَكْثُرُ طَارِقُوهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ
نَعَمْ يَجُوزُ الِاجْتِهَادُ فِي الْمِحْرَابِ الْمَذْكُورُ بِأَقْسَامِهِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً لِإِمْكَانِ الْخَطَأِ فِيهِمَا مَعَ ذَلِكَ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِلسُّبْكِيِّ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ عَلَى الصَّوَابِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الظَّنَّ لَا جِهَةَ لِاسْتِحَالَتِهِ فِيهَا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ إخْبَارَ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ عَنْ الْقِبْلَةِ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَجِبُ الْأَخْذُ بِهِ وَيَحْرُمُ الِاجْتِهَادُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ سَبَبَ إخْبَارِهِ اجْتِهَادُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِقَادِرٍ عَلَى الِاجْتِهَادِ الْأَخْذُ بِخَبَرِهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَمَا ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى إلَيْهِ»
ـــــــــــــــــــــــــــــQعِنْدَ الرَّائِي فَإِنَّ الْمُخْبِرَ بِأَنَّهُ رَأَى الْجَمَّ الْغَفِيرَ يُصَلُّونَ هَكَذَا رُبَّمَا يَكُونُ مُسْتَنِدُهُ رُؤْيَةَ صَلَاتِهِمْ لِتِلْكَ الْجِهَةِ فَلَا يَأْمَنُ فِي الْأَخْذِ بِقَوْلِهِ مِنْ الِانْحِرَافِ يَمْنَةً، أَوْ يَسْرَةً ع ش
(قَوْلُهُ: أَوْ الْقُطْبَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ صُورَةَ هَذَا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي مَوْضِعٍ يَرَى فِيهِ الْقُطْبَ دُونَ الْمُخْبَرِ بِفَتْحِهَا فَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ الِاجْتِهَادُ فِي مَحَلِّ الْقُطْبِ كَأَنْ يَنْظُرَ إلَى الْكَوَاكِبِ الَّتِي حَوْلَهُ لِيَسْتَدِلَّ بِهَا عَلَى مَوْضِعِهِ وَإِلَّا فَهُوَ مُشْكِلٌ جِدًّا، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْمَحَلِّيِّ قَالَ وَلَيْسَ مِنْهُ أَيْ مِنْ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ الْإِخْبَارُ بِرُؤْيَةِ الْقُطْبِ وَنَحْوِهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَدِلَّةِ الِاجْتِهَادِ انْتَهَى أَيْ وَهُوَ دُونَ الْإِخْبَارِ عَنْ عِلْمٍ رُتْبَةً لَكِنْ إنْ أُجِيبَ بِمَا قَدَّمْته هَانَ الْأَمْرُ كُرْدِيٌّ وَيَظْهَرُ أَنَّ صُورَةَ ذَاكَ أَنْ يَرَى الْمُخْبِرُ الْقُطْبَ فِي اللَّيْلِ وَيَشْخَصَ سَمْتَهُ وَيُخْبِرَ غَيْرَهُ فِي النَّهَارِ مَثَلًا (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَالِمٌ بِدَلَالَتِهِ) أَيْ: الْمَخْبَرُ بِفَتْحِ الْبَاءِ، وَكَذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ وَنَظَرَ فِيهِ عَبْدُ الرَّءُوفِ فِي شَرْحِ الْمُخْتَصَرِ بِأَنَّ الْعَمَلَ حِينَئِذٍ بِالِاجْتِهَادِ لَا بِمَنْ يُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَهُوَ ظَاهِرٌ انْتَهَى وَفِي حَاشِيَةِ الْإِيضَاحِ لِلشَّارِحِ أَنَّ مَحَلَّ مَنْعِ الِاجْتِهَادِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الْجِهَةِ فَقَطْ فَهُوَ فِي رُتْبَةِ الْمَحَارِيبِ الْمَوْثُوقِ بِهَا لَكِنَّ كَلَامَ التُّحْفَةِ وَشَرْحَيْ الْإِرْشَادِ لَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْجَوَازِ فِي الْيَمْنَةِ، وَالْيَسْرَةِ أَيْضًا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَمِحْرَابٍ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجِبُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَخْ) وَفِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُرُونِ جَمَاعَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَلَّوْا إلَى هَذَا الْمِحْرَابِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِذَلِكَ ثَلَثَمِائَةِ سَنَةٍ بِلَا شَكٍّ وَلَا مِائَةً وَلَا نِصْفَهَا وَقَدْ يُكْتَفَى بِسَنَةٍ وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى أَكْثَرَ فَالْمَرْجِعُ إلَى كَثْرَةِ النَّاسِ لَا إلَى طُولِ الزَّمَنِ انْتَهَى اهـ سم وَرُشَيْدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَكَمِحْرَابٍ إلَخْ) وَفِي سم عَلَى حَجّ وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ أَيْ عَلَى اعْتِمَادِ الْمِحْرَابِ الْبَحْثُ عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ السَّلَامَةُ مِنْ الطَّعْنِ وَإِذَا صَلَّى قِبَلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ انْتَهَى وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ فِي مِحْرَابٍ لَمْ يَكْثُرْ طَارِقُوهُ وَاحْتَمَلَ الطَّعْنَ فِيهِ وَإِلَّا فَصَلَاتُهُ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ ع ش (قَوْلُهُ: بِشَرْطِ أَنْ يَسْلَمَ مِنْ الطَّعْنِ) وَيَكْفِي الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا، أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ فَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْيَقِينِ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ مَعَهُ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَرْيَافِ مِصْرَ) أَيْ مَزَارِعِهَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِهِ يُعْلَمُ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ نَعَمْ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا جِهَةَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَمْنَةً إلَخْ (قَوْلُهُ: وَجَعَلَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَقْضِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ وَمِثْلُهُ مُحَاذِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ إخْبَارِ الثِّقَةِ أَيْ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِمَادُ لَا مِنْ حَيْثُ امْتِنَاعُ الِاجْتِهَادِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ عُلِمَ أَنَّ صَاحِبَهَا أَيْ الدَّارِ يُخْبِرُ عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَقْلِيدُهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر يُخْبِرُ عَنْ غَيْرِ اجْتِهَادٍ أَيْ بِأَنْ أَخْبَرَ عَنْ مُعَايَنَةٍ، أَوْ مَا فِي مَعْنَاهَا كَرُؤْيَةِ الْقُطْبِ، أَوْ الْمَحَارِيبِ الْمُعْتَمَدَةِ وَقَوْلُهُ م ر وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ إلَخْ أَيْ بِأَنْ عُلِمَ أَنَّهُ يُخْبِرُ عَنْ اجْتِهَادٍ، أَوْ شُكَّ فِي أَمْرِهِ اهـ
وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ وَمِنْ غَيْرِ الِاجْتِهَادِ أَخْذًا مِمَّا قَبْلَهُ اسْتِنَادُ إخْبَارِهِ إلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ الْبَلَدِ عَلَى جِهَاتِهَا وَأَوْضَاعِهَا الْمَعْلُومِ مِنْهُ جِهَةَ الْقِبْلَةِ فِي الدَّارِ وَإِنْ كَانَ مُسْتَنَدُهُمْ الِاجْتِهَادَ فَعُلِمَ أَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِدُورِ مَكَّةَ فَتَنَبَّهْ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا إلَخْ) خَرَجَ عَنْهُ صُورَةُ الشَّكِّ وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ مَا يُخَالِفُهُ (قَوْلُهُ: وَمَا ثَبَتَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَقْضِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ مُحَاذِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَمَا أُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَمَا ثَبَتَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهَذَا فِي غَيْرِ مَحَارِيبِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَسَاجِدِهِ أَمَّا هِيَ فَيَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ فِيهَا مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ فَلَوْ تَخَيَّلَ حَاذِقٌ فِيهَا يَمْنَةً، أَوْ يَسْرَةً فَخَيَالُهُ بَاطِلٌ وَمَسَاجِدُهُ هِيَ الَّتِي صَلَّى فِيهَا إنْ ضُبِطَتْ وَمَحَارِيبُهُ كُلُّ مَا ثَبَتَ صَلَاتُهُ فِيهِ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ مَحَارِيبُ اهـ زَادَ الْمُغْنِي، وَالْمِحْرَابُ لُغَةً صَدْرُ الْمَجْلِسِ سُمِّيَ الطَّاقُ الْمَعْرُوفُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّي يُحَارِبُ فِيهِ الشَّيْطَانَ وَأَلْحَقَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ قِبْلَةَ الْبَصْرَةِ، وَالْكُوفَةِ بِمَوْضِعٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِنَصْبِ الصَّحَابَةِ لَهُمَا اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر وَمَسَاجِدُهُ إلَخْ الْمُغَايَرَةُ بَيْنَ الْمَسْجِدِ، وَالْمِحْرَابِ إنَّمَا هِيَ بِحَسَبِ الْمَفْهُومِ فَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى ضَبْطِ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى لَوْ عُلِمَتْ صَلَاتُهُ فِي مَكَان وَضُبِطَ خُصُوصُ مَوْقِفِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِيهِ وَلَمْ يُضْبَطْ مَا اسْتَقْبَلَهُ فِيهِ لَمْ يَكُنْ مَانِعًا مِنْ الِاجْتِهَادِ، بَلْ يَجِبُ مَعَهُ الِاجْتِهَادُ
(قَوْلُهُ: كُلُّ مَا ثَبَتَ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ حَجّ انْتَهَى زِيَادِيٌّ وَقَوْلُهُ م ر إذْ لَمْ يَكُنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُرَادَ عَدَدُ التَّوَاتُرِ
(قَوْلُهُ: نَشَأَ بِهَا قُرُونٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ) قَالَ السُّيُوطِيّ فِي فَتَاوِيهِ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْقُرُونِ ثَلَثَمِائَةِ

الصفحة 498