كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

وَمِثْلُهُ مُحَاذِيهِ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ يَمْتَنِعُ الِاجْتِهَادُ فِيهِ وَلَوْ يَمْنَةً وَيَسْرَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَا نَصَبَهُ الصَّحَابَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَقِبْلَةِ الْبَصْرَةِ، وَالْكُوفَةِ

(فَإِنْ فَقَدْ) الثِّقَةَ الْمُخْبِرُ عَنْ عِلْمٍ وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ (وَأَمْكَنَهُ الِاجْتِهَادُ) لِعِلْمِهِ بِأَدِلَّةِ الْقِبْلَةِ (حَرُمَ) عَلَيْهِ (التَّقْلِيدُ) ؛ لِأَنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مُجْتَهِدًا، بَلْ يَجْتَهِدُ وُجُوبًا بِالْأَدِلَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفِي زَمَنِهِ إلَخْ أَيْ إذْ الْمِحْرَابُ الْمُجَوَّفُ عَلَى الْهَيْئَةِ الْمَعْرُوفَةِ حَدَثَ بَعْدَهُ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي طَاقَةِ الْمِحْرَابِ وَرَأَيْت بِهَامِشِ نُسْخَةٍ قَدِيمَةٍ وَلَا يُكْرَهُ الدُّخُولُ فِي الطَّاقَةِ خِلَافًا لِلسُّيُوطِيِّ اهـ عِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ وَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي الْمِحْرَابِ الْمَعْهُودِ وَلَا بِمَنْ فِيهِ خِلَافًا لِلْجَلَالِ السُّيُوطِيّ وَلَمْ يَكُنْ فِي زَمَنِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ إلَى آخِرِ الْمِائَةِ الْأُولَى وَإِنَّمَا حَدَثَتْ الْمَحَارِيبُ فِي أَوَّلِ الْمِائَةِ الثَّانِيَةِ اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ مُحَاذِيهِ إلَخْ) بَقَاؤُهُ عَلَى إطْلَاقِهِ مُشْكِلٌ فَلْيُقَيَّدْ بِمُحَاذٍ لَا يَتَحَقَّقُ خُرُوجُهُ عَنْ سَمْتِ الْقِبْلَةِ بِذَلِكَ الْمَحَلِّ بَلْ قَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُشْكِلٌ مُطْلَقًا إذْ لَا مَانِعَ أَنْ يَكُونَ مَوْقِفُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِطَرَفِ الْبَيْتِ بِحَيْثُ يَكُونُ الْوَاقِفُ عَنْ يَمِينِهِ، أَوْ يَسَارِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَارِجًا عَنْ مُحَاذَاةِ الْبَيْتِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَلْيُحَرَّرْ نَعَمْ إنْ حُمِلَ الْمُحَاذِي عَلَى الْمُسَامِتِ مِنْ أَمَامِهِ وَخَلْفِهِ فَلَا إشْكَالَ الْبَصْرِيُّ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَرُّ عَلَى خَطَأٍ) يَعْنِي أَنَّهُ إنْ وَقَعَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَأٌ نُبِّهَ عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لِعِصْمَتِهِمْ لَا يَقَعُ مِنْهُمْ الْخَطَأُ لَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا إلَّا إنْ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ تَشْرِيعٌ كَمَا فِي سَلَامِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ رَكْعَتَيْنِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَا نَصَبَهُ الصَّحَابَةُ إلَخْ) ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَنْصِبُوهَا إلَّا عَنْ اجْتِهَادٍ وَاجْتِهَادُهُمْ لَا يُوجِبُ الْقَطْعَ بِعَدَمِ انْحِرَافٍ وَإِنْ قَلَّ
وَ (قَوْلُهُ:، وَالْكُوفَةُ) أَيْ:، وَالشَّامُ وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ وَجَامِعُ مِصْرَ الْقَدِيمَةِ وَهُوَ الْجَامِعُ الْعَتِيقُ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِثْلُهُ إلَخْ صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي مِحْرَابِ مَسْجِدِ الْأَقْصَى خِلَافًا لِمَا تَوَهَّمَهُ جَمْعٌ مِنْ الطَّلَبَةِ اهـ

(قَوْلُهُ: فَإِنْ فَقَدَ الثِّقَةَ إلَخْ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ فِي مَحَلٍّ لَا يُكَلَّفُ تَحْصِيلَ الْمَاءِ مِنْهُ ع ش وَقَلْيُوبِيٌّ وَهُوَ فَوْقَ حَدِّ الْقُرْبِ وَمِنْ الْفَقْدِ الشَّرْعِيِّ مَا لَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْإِخْبَارِ، أَوْ طَلَبَ الْأُجْرَةَ مَعَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْإِطْفِيحِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ فِي مَعْنَاهُ) أَيْ: فِي امْتِنَاعِ الِاجْتِهَادِ مَعَهُ الْمُتَقَدِّمِ فِي قَوْلِهِ، أَوْ رَأَيْت الْجَمَّ إلَخْ وَكَمِحْرَابٍ إلَخْ وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ إلَخْ وَمَا ثَبَتَ إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى إبْدَالَ مَنْ بِمَا (قَوْلُهُ: لِعِلْمِهِ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ بَصِيرٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش وَمَفْهُومُهُ أَيْ التَّعْلِيلِ أَنَّ مَنْ لَا يَعْرِفُ الْأَدِلَّةَ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ التَّقْلِيدُ وَيُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ قَدَرَ فَالْأَصَحُّ إلَخْ وَأَجَابَ عَنْهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعِلْمِ هُنَا أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَاصِلًا بِالْفِعْلِ، أَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ أَمْكَنَهُ التَّعَلُّمُ اهـ
(قَوْلُهُ: بَلْ يَجْتَهِدُ وُجُوبًا) إلَّا إنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَنْهُ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجْتَهِدُ وَيُصَلِّي عَلَى حَسَبِ حَالِهِ وَيُعِيدُ وُجُوبًا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَيَأْتِي فِي الشَّارِحِ مَا يُفِيدُهُ وَزَادَ
ـــــــــــــــــــــــــــــSسَنَةٍ بِلَا شَكٍّ وَلَا مِائَةَ سَنَةٍ وَلَا نِصْفَهَا وَإِنَّمَا الْمُرَادُ جَمَاعَاتٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ صَلَّوْا إلَى هَذَا الْمِحْرَابِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّهُ طَعَنَ فِيهِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ فِيهِ فِي الْجِهَةِ وَيَجْتَهِدُ فِيهِ فِي التَّيَامُنِ، وَالتَّيَاسُرِ وَقَدْ عَبَّرَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ بِقَوْلِهِ فِي بَلَدٍ كَبِيرٍ، أَوْ فِي قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ يَكْثُرُ الْمَارُّونَ بِهَا حَيْثُ لَا يُقِرُّونَهُ عَلَى الْخَطَأِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ قُرُونًا وَإِنَّمَا شُرِطَ كَثْرَةُ الْمَارِّينَ وَذَلِكَ مَرْجِعُهُ إلَى الْعُرْفِ وَقَدْ يُكْتَفَى فِي مِثْلِ ذَلِكَ بِسَنَةٍ وَقَدْ يُحْتَاجُ إلَى أَكْثَرَ بِحَسَبِ كَثْرَةِ مُرُورِ النَّاسِ بِهَا وَقِلَّتِهِ فَالْمَرْجِعُ إلَى كَثْرَةِ النَّاسِ وَلَا إلَى طُولِ الزَّمَنِ وَيَكْفِي الطَّعْنُ مِنْ وَاحِدٍ إذَا ذَكَرَ لَهُ مُسْتَنَدًا، أَوْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْمِيقَاتِ فَذَلِكَ يُخْرِجُهُ عَنْ رُتْبَةِ الْيَقِينِ الَّذِي لَا يُجْتَهَدُ مَعَهُ وَمَنْ صَلَّى إلَى مِحْرَابٍ، ثُمَّ تَبَيَّنَ فَقْدُ شَرْطِهِ الْمَذْكُورِ أَيْ وَهُوَ مُضِيُّ الْقُرُونِ، وَالسَّلَامَةُ مِنْ الطَّعْنِ لَزِمَهُ الْإِعَادَةُ؛ لِأَنَّ وَاجِبَهُ حِينَئِذٍ الِاجْتِهَادُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَمَنْ وَاجِبُهُ الِاجْتِهَادُ إذَا صَلَّى بِدُونِهِ أَعَادَ وَيَجِبُ عَلَى الْإِنْسَانِ قَبْلَ الْإِقْدَامِ الْبَحْثُ عَنْ وُجُودِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وَإِذَا صَلَّى قَبْلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ اهـ وَسُئِلَ أَيْضًا عَمَّا إذَا نَشَأَ جَمَاعَةٌ بِبَلْدَةٍ عُمُرُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَحْوُ خَمْسِينَ سَنَةً وَهُمْ يُصَلُّونَ إلَى مِحْرَابِ زَاوِيَةٍ كَانَ عَلَى عَهْدِ آبَائِهِمْ بِبَلَدِهِمْ وَهُمْ لَا يَعْرِفُونَ أَمَضَى عَلَيْهِ قُرُونٌ أَمْ لَا وَهَلْ طَعَنَ فِيهِ أَحَدٌ أَمْ لَا
ثُمَّ وَرَدَ عَلَيْهِ شَخْصٌ يَعْرِفُ الْمِيقَاتَ فَقَالَ لَهُمْ هَذَا فَاسِدٌ وَأَحْدَثَ لَهُمْ مِحْرَابًا غَيْرَهُ مُنْحَرِفًا عَنْهُ هَلْ يَلْزَمُهُمْ اتِّبَاعُ قَوْلِهِ وَيَلْزَمُهُمْ إعَادَةُ مَا صَلَّوْا إلَى الْأَوَّلِ فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ مِحْرَابُ الزَّاوِيَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَ بِبَلْدَةٍ كَبِيرَةٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ كَثُرَ الْمُرُورُ بِهَا وَلَمْ يُسْمَعْ فِيهَا طَعْنٌ فَالصَّلَاةُ إلَيْهِ صَحِيحَةٌ وَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً وَلَمْ يَكْثُرْ الْمُرُورُ بِهَا لَمْ تَصِحَّ إلَّا بِالِاجْتِهَادِ وَيُتَّبَعُ قَوْلُ الْمِيقَاتِيِّ فِي تَحْرِيفِهِ إنْ كَانَ بَارِعًا فِيهِ مَوْثُوقًا بِهِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّلَوَاتِ اهـ وَقَوْلُهُ وَلَا يَلْزَمُ إعَادَةُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الصَّلَوَاتِ فِي هَذَا نَظَرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ عَنْ فَتَاوِيهِ الْوَجْهُ الْإِعَادَةُ وَإِذَا صَلَّى قَبْلَهُ بِدُونِ اجْتِهَادٍ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ إذْ مُقْتَضَاهُ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ هُنَا (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ مِثْلُهُ مَا نَصَبَهُ الصَّحَابَةُ) صَرِيحٌ فِي جَوَازِ الِاجْتِهَادِ يَمْنَةً

الصفحة 499