كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 1)

كَاَللَّهِ وَتَارَةً لَا وَلَا كَالْعَالِمِ، وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ حَذَرًا مِنْ إيهَامِ الْقَسَمِ وَلِيَعُمَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ تَعَالَى

(اللَّهِ) هُوَ عَلَى عَلَمِ الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْكَمَالَاتِ لِذَاتِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQأَخَذَ الْمَدْلُولَ الْأَعَمَّ وَاعْتَبَرَ فِي أَسْمَاءِ الصِّفَاتِ الْمَعَانِيَ الْمَقْصُودَةَ فَزَعَمَ أَنَّ مَدْلُولَ الْخَالِقِ الْخَلْقُ، وَهُوَ غَيْرُ الذَّاتِ وَمَدْلُولَ الْعَالِمِ الْعِلْمُ وَهُوَ لَا عَيْنٌ وَلَا غَيْرٌ اهـ.
فَتَحَصَّلَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ الِاسْمَ بِمَعْنَى اللَّفْظِ الدَّالِّ غَيْرُ الْمُسَمَّى قَطْعًا وَبِمَعْنَى الْمَدْلُولِ الْمُطَابِقِيِّ عَيْنُهُ قَطْعًا وَبِمَعْنَى مُطْلَقِ الْمَدْلُولِ تَارَةً يَكُونُ غَيْرَهُ وَتَارَةً يَكُونُ عَيْنَهُ وَتَارَةً يَكُونُ لَا غَيْرَهُ وَلَا عَيْنَهُ، فَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَا مَعْنَى لِلْخِلَافِ فِي أَنَّ الِاسْمَ غَيْرُ الْمُسَمَّى أَوْ عَيْنُهُ وَالْغَيْرُ الْمَنْفِيُّ فِي قَوْلِهِمْ صِفَةُ الذَّاتِ لَيْسَتْ غَيْرًا الْغَيْرُ الْمُنْفَكُّ لَا مُطْلَقُ الْغَيْرِ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الصِّفَةَ غَيْرُ الْمَوْصُوفِ، وَإِنْ لَزِمَتْهُ أَمَّا التَّسْمِيَةُ فَتُطْلَقُ عَلَى وَضْعِ الِاسْمِ لِلْمُسَمَّى وَعَلَى ذِكْرِ الْمُسَمَّى بِاسْمِهِ فَهِيَ غَيْرُ الْمُسَمَّى وَغَيْرُ الِاسْمِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَاَللَّهِ) مَثَّلَ بِهِ فِي الْمَوَاقِفِ لِلِاسْمِ الَّذِي مَدْلُولُهُ عَيْنُ الذَّاتِ، وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِاسْمِ بِمَعْنَى الصِّفَةِ فَالتَّمْثِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلصِّفَةِ فَكَيْفَ يُمَثَّلُ لَهَا بِقَوْلِ اللَّهِ سم أَيْ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُمَثَّلَ بِالْوَاحِدِ وَنَحْوِهِ كَمَا مَرَّ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي، وَأَجَابَ عَنْهُ الْكُرْدِيُّ بِمَا نَصُّهُ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ قَدْ يُرَادُ بِاَللَّهِ الْوُجُودُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ عَيْنَ الذَّاتِ فَالدَّالُّ عَلَى الذَّاتِ دَالٌّ عَلَيْهِ لَكِنْ لَمَّا كَانَا مُخْتَلِفَيْنِ بِالِاعْتِبَارِ فَالدَّالُّ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الذَّاتِ عَلَمٌ وَبِاعْتِبَارِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْوُجُودِ صِفَةٌ، وَهَكَذَا كُلُّ عَلَمٍ مَعَ الذَّاتِ؛ لِأَنَّ وُجُودَ كُلِّ شَيْءٍ عَيْنُهُ عِنْدَ الْأَشْعَرِيِّ فَهُوَ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ الثَّانِي صِفَةٌ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا اهـ وَفِيهِ تَكَلُّفٌ لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ حَذَّرَ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَحْتَمِلُ الْقَسَمَ وَفِيهِ كَلَامٌ فِي الْأَيْمَانِ سم وَحَاصِلُهُ كَمَا ذَكَرَهُ الشِّهَابُ الْحِجَازِيُّ فِي مُخْتَصَرِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ يَمِينٌ ع ش عِبَارَةُ الصَّبَّانِ وَإِنَّمَا قِيلَ بِسْمِ اللَّهِ وَلَمْ يَقُلْ بِاَللَّهِ مَعَ أَنَّ ابْتِدَاءَ الْأَمْرِ بِاسْمِ اللَّهِ حَاصِلٌ بِقَوْلِ بِاَللَّهِ مُبَالَغَةً فِي التَّعْظِيمِ وَالْأَدَبِ فَهُوَ كَقَوْلِهِمْ سَلَامٌ عَلَى الْمَجْلِسِ الْعَالِي، وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ إيهَامِ الْقَسَمِ مِنْ بِاَللَّهِ وَلِإِشْعَارِهِ أَنَّ الِاسْتِعَانَةَ وَالتَّبَرُّكَ يَكُونَانِ بِاسْمِهِ كَمَا بِذَاتِهِ وَلِإِفَادَةِ الْعُمُومِ إنْ قُلْنَا الْإِضَافَةُ اسْتِغْرَاقِيَّةٌ أَوْ جِنْسِيَّةٌ وَإِعْمَالُ نَفْسِ السَّامِعِ فِي تَعْيِينِ الْمَعْهُودِ إنْ قُلْنَا عَهْدِيَّةٌ وَالْإِجْمَالُ ثُمَّ التَّفْصِيلُ إنْ قُلْنَا لِلْبَيَانِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِنَا وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنْ إيهَامِ الْقَسَمِ مِنْ اللَّهِ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ يَصْلُحُ قَسَمًا، وَإِنَّ الْقَائِلَ بِسْمِ اللَّهِ حَالِفًا تَنْعَقِدُ يَمِينُهُ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ اللَّفْظَ كَلَفْظِ اللَّهِ إنْ قُصِدَ اللَّفْظُ الثَّابِتُ فِي الْقُرْآنِ لِمَا صُرِّحَ بِهِ فِي الْأَنْوَارِ مِنْ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِكِتَابِ اللَّهِ أَوْ بِالْمُصْحَفِ أَوْ بِالْمَكْتُوبِ فِيهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ فَيَمِينٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَلِيَعُمَّ جَمِيعَ أَسْمَائِهِ تَعَالَى) أَيْ عُمُومًا شُمُولِيًّا إذَا كَانَتْ الْإِضَافَةُ اسْتِغْرَاقِيَّةً وَبَدَلِيًّا إذَا كَانَتْ جِنْسِيَّةً صَبَّانٌ

(قَوْلُهُ هُوَ عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ) وَاعْلَمْ أَنَّهُ كَمَا تَحَيَّرَتْ الْعُقُولُ فِي الْمُسَمَّى تَحَيَّرَتْ فِي الِاسْمِ فَاخْتُلِفَ فِيهِ اخْتِلَافَاتٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا اخْتِلَافُهُمْ فِي كَوْنِهِ عَلَمًا أَوْ وَصْفًا أَوْ اسْمَ جِنْسٍ فَقَالَ الْجُمْهُورُ إنَّهُ عَلَمٌ لِلذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ وَالْوَصْفَانِ الْمَذْكُورَانِ لِإِيضَاحِ الْمُسَمَّى لَا لِاعْتِبَارِهِمَا فِي الْمُسَمَّى، وَإِلَّا لَكَانَ الْمُسَمَّى مَجْمُوعَ الذَّاتِ وَالصِّفَةِ مَعَ أَنَّهُ الذَّاتُ فَقَطْ، وَاسْتَدَلُّوا بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ يُوصَفُ وَلَا يُوصَفُ بِهِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ تَعَالَى مِنْ اسْمٍ تَجْرِي عَلَيْهِ صِفَاتُهُ وَلَا يَصْلُحُ لَهُ مِمَّا يُطْلَقُ عَلَيْهِ سِوَاهُ لِظُهُورِ مَعْنَى الْوَصْفِيَّةِ فِي غَيْرِهِ بِخِلَافِهِ الثَّالِثُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَمًا بِأَنْ كَانَ صِفَةً أَوْ اسْمَ جِنْسٍ لَكَانَ كُلِّيًّا فَلَا يَكُونُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ تَوْحِيدًا مَعَ أَنَّهُ تَوْحِيدٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ وَصْفٌ فِي أَصْلِهِ لَكِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِحَيْثُ لَا يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ وَصَارَ عَلَمًا مِثْلُ الثُّرَيَّا وَالصَّعِقِ أُجْرِيَ كَالْعَلَمِ فِي إجْرَاءِ الْأَوْصَافِ عَلَيْهِ وَامْتِنَاعِ الْوَصْفِ بِهِ وَعَدَمِ تَطَرُّقِ احْتِمَالِ الشَّرِكَةِ اهـ.
وَقَوْلُهُ لَكِنَّهُ لَمَّا غَلَبَ إلَخْ دَفْعٌ لِلْوُجُوهِ الْمَذْكُورَةِ فِي كَوْنِهِ عَلَمًا وَضْعِيًّا لِذَاتِهِ الْمَخْصُوصَةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخِ زَادَهْ أَنَّهُ عِنْدَ الْبَيْضَاوِيِّ صَارَ عَلَمًا بِالْغَلَبَةِ، وَيُشْعِرُ بِهِ قَوْلُ الْبَيْضَاوِيِّ وَصْفٌ فِي أَصْلِهِ وَسَيَأْتِي التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِ الشَّيْخِ الشِّرْوَانِيِّ أَيْضًا فَهُوَ إنَّمَا يُنْكِرُ كَوْنَهُ عَلَمًا وَضْعِيًّا، ثُمَّ اسْتَدَلَّ الْبَيْضَاوِيُّ عَلَى مُخْتَارِهِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ أَنَّ ذَاتَهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَارِ أَمْرٍ آخَرَ مَعَهُ حَقِيقِيٌّ كَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ أَوْ غَيْرِ حَقِيقِيٍّ كَكَوْنِهِ مَعْبُودًا أَوْ رَازِقًا غَيْرُ مَعْقُولٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمَا هُوَ نَفْسُ الْمُسَمَّى قَالَ ع ش كَالْوُجُودِ عِنْدَ الشَّيْخِ مُطْلَقًا وَفِي الْوَاجِبِ عِنْدَ الْحُكَمَاءِ أَيْضًا انْتَهَى (قَوْلُهُ كَاَللَّهِ) مَثَّلَ بِهِ فِي الْمَوَاقِفِ لِلِاسْمِ الَّذِي مَدْلُولُهُ عَيْنُ الذَّاتِ وَالْكَلَامُ هُنَا فِي الِاسْمِ بِمَعْنَى الصِّفَةِ فَالتَّمْثِيلُ فِي الْحَقِيقَةِ لِلصِّفَةِ فَكَيْفَ يُمَثِّلُ لَهَا بِقَوْلِهِ كَاَللَّهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ التَّمْثِيلُ بِاعْتِبَارِ أَصْلِهِ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ أَصْلَهُ إلَهٌ بِمَعْنَى مَعْبُودٍ أَوْ الْقَوْلِ بِأَنَّ الْإِلَهَ صِفَةٌ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ عَلَيْهِمَا لَيْسَ عَيْنًا بَلْ هُوَ كَالْخَالِقِ، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ بِالصِّفَةِ

الصفحة 6