كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)
فَلَا تُرَدُّ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَيَأْتِي لَهُ تَعْرِيفٌ آخَرُ لَكِنْ ذَاكَ بِاعْتِبَارِ رَسْمِهِ الْأَظْهَرِ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ خَاصَّتِهِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ وَهِيَ مُقَارَنَتُهُ لِسَائِرِ مُعْتَبَرَاتِهَا فَكَأَنَّهُ الْمُقَوِّمُ لَهَا، وَمَرَّ فِي الِاسْتِقْبَالِ أَنَّهُ فِي نَحْوِ الْقِيَامِ بِالصَّدْرِ وَنَحْوِ السُّجُودِ بِمُعْظَمِ الْبَدَنِ وَعَلَى سُنَّةٍ وَهِيَ إمَّا تُجْبَرُ بِالسُّجُودِ وَتُسَمَّى بَعْضًا لِأَنَّهَا لَمَّا تَأَكَّدَتْ بِالْجَبْرِ أَشْبَهَتْ الْبَعْضَ الْحَقِيقِيَّ وَهُوَ الْأَوَّلُ أَوْ لَا تُجْبَرُ بِهِ وَتُسَمَّى هَيْئَةً وَقَدْ شُبِّهَتْ الصَّلَاةُ بِالْإِنْسَانِ فَالرُّكْنُ كَرَأْسِهِ وَالشَّرْطُ كَحَيَاتِهِ وَالْبَعْضُ كَعُضْوِهِ وَالْهَيْئَةُ كَشَعْرِهِ (أَرْكَانُهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ صِفَةٌ تَابِعَةٌ لِلرُّكْنِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا يَأْتِي فِي بَحْثِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ عَلَى الْإِمَامِ وَفِي الرَّوْضَةِ سَبْعَةَ عَشَرَ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدِّ لَا لِلْحُكْمِ فِي نَحْوِ التَّقَدُّمِ الْمَذْكُورِ فَالْخَلْفُ لَفْظِيٌّ كَذَا أَطْبَقُوا عَلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَعْنَوِيٌّ إذْ مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ فِي السُّجُودِ فِي طُمَأْنِينَةِ الِاعْتِدَالِ مَثَلًا فَإِنْ جَعَلْنَاهَا تَابِعَةً لَمْ يُؤَثِّرْ شَكُّهُ كَمَا لَوْ شَكَّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا أَوْ مَقْصُودَةً لَزِمَهُ الْعَوْدُ لِلِاعْتِدَالِ فَوْرًا كَمَا لَوْ شَكَّ فِي أَصْلِ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَإِنَّهُ يَعُودُ إلَيْهَا كَمَا يَأْتِي فَإِنْ قُلْت الْمُقَرَّرُ فِي كَلَامِهِمْ هُوَ الثَّانِي قُلْت فَيَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَّ الِاسْتِقْلَالَ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَدِّ لَا لِلْحُكْمِ فَإِنْ قُلْت فَمَا وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَ جَعْلِهَا مُسْتَقِلَّةً فِي مَسْأَلَتِنَا وَتَابِعَةً فِي التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ؟ قُلْت: يُوَجَّهُ ذَلِكَ بِأَنَّ قَاعِدَةَ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ فِي الصَّلَاةِ تُوجِبُ التَّسْوِيَةَ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمَقْصُودِ بِخِلَافِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ فَإِنَّهُمَا مَنُوطَانِ بِالْأُمُورِ الْحِسِّيَّةِ الَّتِي يَظْهَرُ بِهَا فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ وَالطُّمَأْنِينَةُ لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQطُولِ الْفَصْلِ إذَا سَلَّمَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ نَاسِيًا أَوْ عَدَمُ طُولٍ أَوْ عَدَمُ مُضِيِّ رُكْنٍ إذَا شَكَّ فِي النِّيَّةِ قُلْت الْعَدَمُ الْمَذْكُورُ مُقَارِنٌ لِسَائِرِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ فَتَأَمَّلْهُ بِلُطْفٍ سم (قَوْلُهُ فَلَا تَرِدُ) أَيْ الطَّهَارَةُ عَلَى جَمْعٍ تَعْرِيفَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ رَسْمِهِ الْأَظْهَرِ) أَيْ فِي جَمِيعِ أَفْرَادِ الشَّرْطِ وَ (قَوْلُهُ وَهَذَا بِاعْتِبَارِ خَاصِّيَّتِهِ إلَخْ) أَيْ الْخَفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِبَعْضِ الْأَفْرَادِ كَالْوَلَاءِ فَلِذَا كَانَ الرَّسْمُ الْآتِي أَظْهَرَ مِنْ هَذَا الرَّسْمِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا فِي سم (قَوْلُهُ وَمَرَّ فِي الِاسْتِقْبَالِ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ أَنَّ تَعْرِيفَ الشَّرْطِ بِمَا ذَكَرَ لَا يَشْمَلُ الِاسْتِقْبَالَ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُعْتَبَرُ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ دُونَ غَيْرِهِمَا (قَوْلُهُ وَهِيَ إمَّا) لَا حَاجَةَ إلَيْهِ (قَوْلُهُ الْأَوَّلُ) أَيْ الرُّكْنُ.
(قَوْلُهُ وَقَدْ شُبِّهَتْ إلَخْ) هَذِهِ حِكْمَةٌ لِتَقْسِيمِ مَا تَشْتَمِلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ إلَى الْأَقْسَامِ الْأَرْبَعَةِ الْمَذْكُورَةِ ع ش (قَوْلُهُ بِنَاءً) إلَى قَوْلِهِ كَذَا أَطْبَقُوا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فَمَا وَجْهُ إلَخْ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ) وَهِيَ الرُّكُوعُ وَالِاعْتِدَالُ وَالسُّجُودُ وَالْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ شَكُّهُ) لَك مَنْعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ لِأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ مَعَ كَوْنِهَا صِفَةً تَابِعَةً لِلرُّكْنِ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ فَالشَّكُّ فِيهَا شَكٌّ فِي الْإِتْيَانِ بِالرُّكْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ بَلْ هَذَا هُوَ الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ سم وَيَأْتِي عَنْ النِّهَايَةِ وَشَيْخِنَا مَا يُوَافِقُهُ مَعَ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بِغَيْرِ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ (قَوْلُهُ فَإِنْ قُلْت إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَرَدَ بِتَأْثِيرِ شَكِّهِ فِيهَا وَإِنْ جَعَلْنَاهَا تَابِعَةً فَلَا بُدَّ مِنْ تَدَارُكِهَا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيُفَرَّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ فَرَاغِهَا مِنْهَا بِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا ذَلِكَ فِيهَا لِكَثْرَةِ حُرُوفِهَا وَغَلَبَةِ الشَّكِّ فِيهَا اهـ زَادَ شَيْخُنَا فَالْحَقُّ أَنَّ الْخِلَافَ لَفْظِيٌّ كَمَا انْحَطَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الرَّمْلِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ اهـ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ الثَّانِي) أَيْ لُزُومُ الْعَوْدِ سم (قَوْلُهُ قُلْت فَيَبْطُلُ إلَخْ) الْبُطْلَانُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ لَا لِلْحُكْمِ مُطْلَقًا بَلْ قَيَّدَهُ بِقَوْلِهِ فِي نَحْوِ إلَخْ وَهُوَ لَا يَشْمَلُ مَسْأَلَةَ الشَّكِّ لِخُرُوجِهِ عَنْ مُقْتَضَى الِاسْتِقْلَالِ لِمَعْنَى مَفْقُودٍ فِيهَا وَبِتَقْدِيرِ عَدَمِ وُقُوعِ ذَلِكَ الْقَيْدِ فِي كَلَامِ الْقَائِلِ مَا ذَكَرَ بَلْ هُوَ زِيَادَةٌ مِنْ الشَّارِحِ فَيُمْكِنُ حَمْلُ كَلَامِهِ عَلَيْهِ فَأَيْنَ الْبُطْلَانُ فَتَأَمَّلْهُ سم وَقَدْ يُقَالُ لَوْ أَبْقَى الْكَلَامَ عَلَى إطْلَاقِهِ لَا بُطْلَانَ أَيْضًا لِأَنَّ فِي مَسْأَلَةِ الشَّكِّ أَعْطَى غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ حُكْمًا حُكْمَ الْمُسْتَقِلِّ حُكْمًا لِمَعْنًى اقْتَضَاهُ بَصْرِيٌّ وَقَوْلُ سم عَنْ مُقْتَضَى الِاسْتِقْلَالِ لَعَلَّ صَوَابَهُ عَنْ مُقْتَضَى عَدَمِ الِاسْتِقْلَالِ.
(قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ إلَخْ) إنَّمَا يَبْطُلُ إنْ صَرَّحُوا بِتَفْرِيعِ الثَّانِي عَلَى الِاسْتِقْلَالِ فَقَطْ سم (قَوْلُهُ فِي مَسْأَلَتِنَا) أَيْ مَسْأَلَةِ الشَّكِّ (قَوْلُهُ بِأَنَّ قَاعِدَةَ الْبِنَاءِ عَلَى الْيَقِينِ إلَخْ) أَيْ وَطَرْحَ الْمَشْكُوكِ فِيهِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ إلَخْ) يَعْنِي وَاغْتَفَرُوا
ـــــــــــــــــــــــــــــSبِلُطْفٍ.
(قَوْلُهُ بِاعْتِبَارِ رَسْمِهِ) يُتَأَمَّلُ دَعْوَى الرَّسْمِيَّةِ وَمُقَابَلَةُ الْخَاصَّةِ لِلرَّسْمِ مَعَ أَنَّ التَّعْرِيفَ بِالْخَاصَّةِ مِنْ قَبِيلِ الرَّسْمِ (قَوْلُهُ لَمْ يُؤَثِّرْ شَكُّهُ) لَك مَنْعُ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ لِأَنَّ الطُّمَأْنِينَةَ مَعَ كَوْنِهَا صِفَةً تَابِعَةً لِلرُّكْنِ شَرْطٌ فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ فَالشَّكُّ فِيهَا شَكٌّ فِي الْإِتْيَانِ بِالرُّكْنِ عَلَى الْوَجْهِ الْمُعْتَدِّ بِهِ فَجَازَ أَنْ يُؤَثِّرَ بَلْ هَذَا هُوَ الْأَوْفَقُ بِكَلَامِهِمْ وَأَمَّا اسْتِدْلَالُهُ بِالْقِيَاسِ عَلَى الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ جَعَلَ الْجَامِعَ التَّبَعِيَّةَ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُهُ حَيْثُ جَعَلَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّبَعِيَّةِ مُلْحَقَةً بِبَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِالِاسْتِقْلَالِ مُلْحَقَةً بِأَصْلِ الْفَاتِحَةِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَعْضَ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ تَابِعٌ، وَالْفَرْقُ أَنَّهَا صِفَةٌ لِلرُّكْنِ وَالصِّفَةُ تَابِعَةٌ لِلْمَوْصُوفِ وَبَعْضُ الْحُرُوفِ لَيْسَ صِفَةً لِلْفَاتِحَةِ وَلَا لِبَاقِيهَا بَلْ جَزْءٌ مِنْهَا وَالْجُزْءُ لَيْسَ تَابِعًا لِلْكُلِّ لِأَنَّ التَّبَعِيَّةَ تُوجِبُ تَقَدُّمَ الْمَتْبُوعِ، وَلَوْ بِالرُّتْبَةِ، وَالْفَاتِحَةُ غَيْرُ مُتَقَدِّمَةٍ وَلَا بِالرُّتْبَةِ عَلَى بَعْضِ حُرُوفِهَا عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ اغْتِفَارُ الشَّكِّ فِي بَعْضِ حُرُوفِ الْفَاتِحَةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مُخْتَصًّا بِالْفَاتِحَةِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا لِكَثْرَةِ عُرُوضِ الشَّكِّ فِي ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَلْحَقَ بِهَا غَيْرُهَا مِمَّا لَيْسَ فِي مَعْنَاهَا فَتَأَمَّلْ مَعَ ذَلِكَ الْوُضُوحَ فِي هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ كَمَا اقْتَضَاهُ عِبَارَتُهُ، وَعَلَى هَذَا أَمْكَنَ صِحَّةُ قَوْلِهِمْ أَنَّ الْخُلْفَ لَفْظِيٌّ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ هُوَ الثَّانِي) يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالثَّانِي لُزُومَ الْعَوْدِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّا إذَا قُلْنَا إنَّهَا مَقْصُودَةٌ لَزِمَ الْعَوْدُ لَكِنْ فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَمْ يَقَعْ فِي كَلَامِهِمْ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَلَا يَجُوزُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ مُجَرَّدُ أَنَّهَا مَقْصُودَةٌ إذْ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ فَيَبْطُلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ قُلْت فَيَبْطُلُ إلَخْ) قُلْت الْبُطْلَانُ مَمْنُوعٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ
الصفحة 3
495