كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

(وَأَشَارَ) الْخَلِيفَةُ نَدْبًا، فَإِنْ تَرَكَ لَمْ يَبْعُدْ نَدْبُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ مُصَلٍّ أَوْ غَيْرِهِ نَظِيرُ مَا مَرَّ أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ عَلَى يَسَارِ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ وَلِغَيْرِهِ مِنْ مُصَلٍّ أَوْ غَيْرِهِ تَحْوِيلُهُ إلَى الْيَمِينِ وَظَاهِرُ الْمَتْنِ وَغَيْرِهِ نَدْبُ إشَارَتِهِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَنْ وَرَاءَهُ لَا يَخْفَى ذَلِكَ عَلَيْهِمْ بِوَجْهٍ وَعَلَيْهِ فَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمْ قَدْ يَنْسَوْنَ أَوْ يَظُنُّونَ سَهْوَهُ (إلَيْهِمْ لِيُفَارِقُوهُ) وَتَجِبُ إنْ خَشَوْا خُرُوجَ الْوَقْتِ وَإِلَّا لَمْ يُكْرَهْ (أَوْ يَنْتَظِرُوا) سَلَامَهُ لِيُسَلِّمُوا مَعَهُ وَهُوَ الْأَفْضَلُ، ثُمَّ يَقُومُ إلَى مَا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ رَكْعَةٍ إنْ أَدْرَكَ الْجُمُعَةَ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ أَوْ ثَلَاثٍ إنْ لَمْ يُدْرِكْهَا وَقَوْلُهُ: لِيُفَارِقُوهُ أَوْ يَنْتَظِرُوا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُشِيرُ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ فَفَهْمُ التَّخْيِيرِ مِنْ الْإِشَارَةِ مُمْكِنٌ كَمَا لَا يَخْفَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلْحُكْمِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهَا فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَيْهِ خِلَافًا لِجَمْعٍ.
وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ عَدَمُ صِحَّةِ اسْتِخْلَافِ مَسْبُوقٍ جَاهِلٍ بِنَظْمِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَصَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ لَكِنْ رَجَّحَ فِي التَّحْقِيقِ الصِّحَّةَ وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ وَعَلَيْهِ فَيُرَاقِبُ مَنْ خَلْفَهُ، فَإِنْ هَمُّوا بِالْقِيَامِ قَامَ وَإِلَّا قَعَدُوا فِي الرُّبَاعِيَّةِ إذَا هَمُّوا بِالْقُعُودِ قَعَدَ وَتَشَهَّدَ مَعَهُمْ، ثُمَّ يَقُومُ، فَإِنْ قَامُوا مَعَهُ عَلِمَ أَنَّهَا ثَانِيَتُهُمْ وَإِلَّا عَلِمَ أَنَّهَا آخِرَتُهُمْ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا مَرَّ فِي سُجُودِ السَّهْوِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِ الْغَيْرِ وَلَا لِفِعْلِهِ، وَإِنْ كَثُرَ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى لِضَرُورَةِ تَوَقُّفِ الْعِلْمِ بِالنَّظْمِ عَلَيْهِمْ أَيْ أَصَالَةً فَلَا يُنَافِي أَنَّ لَهُ اعْتِمَادَ خَبَرِ ثِقَةٍ غَيْرِهِمْ وَإِشَارَتِهِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَأَقَرَّهُ قَالَ عَنْهُ كَمَا لَوْ أَخْبَرَهُ الْإِمَامُ أَيْ الَّذِي بَطَلَتْ صَلَاتُهُ أَنَّ الْبَاقِيَ مِنْ صَلَاتِهِ كَذَا فَلَهُ اعْتِمَادُ خَبَرِهِ اتِّفَاقًا (وَلَا يَلْزَمُهُمْ اسْتِئْنَافُ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) بِالْمُتَقَدِّمِ بِغَيْرِهِ أَوْ بِنَفْسِهِ فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْحَاوِي وَغَيْرِهِ لَكِنْ الَّذِي بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّيْخَيْنِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ مَتَى لَمْ يُقَدِّمْهُ الْإِمَامُ لَزِمَهُمْ اسْتِئْنَافُهَا وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ إلْزَامَهُمْ لَهُ الْجَرْيَ عَلَى نَظْمِ الْإِمَامِ مُطْلَقًا صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ تَابِعٌ لَهُ وَمُنَزَّلٌ مَنْزِلَتَهُ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ الِاقْتِدَاءُ بِهِ إلَى نِيَّةٍ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ وَلَا فَرْقَ فِي غَيْرِهَا بَيْنَ مَنْ اقْتَدَى بِهِ قَبْلَ خُرُوجِهِ وَمَنْ لَمْ يَقْتَدِ بِهِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَمَا قَالَهُ حَجّ مِنْ الْوُجُوبِ ظَاهِرٌ وَمُوَافِقٌ لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيُرَاعَى الْمَسْبُوقُ إلَخْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَشَارَ الْخَلِيفَةُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ تَشَهُّدِهِ عِنْدَ قِيَامِهِ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ مَنْ يُسَلِّمُ بِهِمْ كَمَا ذَكَرَهُ الصَّيْمَرِيُّ، ثُمَّ يَقُومُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: سُنَّ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ إلَخْ) أَيْ عَلَى هَذَا الظَّاهِرِ وَالْأَخْصَرُ الْأَسْبَكُ وَيُوَجَّهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (لِيُفَارِقُوهُ إلَخْ) أَيْ لِيَتَخَيَّرَ الْمُقْتَدُونَ بَعْدَ إشَارَتِهِ وَغَايَةُ مَا يَفْعَلُونَ بَعْدَهَا أَنْ يُفَارِقُوهُ بِالنِّيَّةِ وَيُسَلِّمُوا أَوْ يَنْتَظِرُوا سَلَامَهُ بِهِمْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ عَنْ الْبَغَوِيّ وَقَوْلُهُ: يُحْتَمَلُ إلَى بَيَانًا لِلْحُكْمِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ: وَفِي الرُّبَاعِيَّةِ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَجِبُ إلَخْ) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَتْ جُمُعَةً كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: لَمْ تُكْرَهْ) أَيْ الْمُفَارَقَةُ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ الِانْتِظَارُ (قَوْلُهُ: وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَيَانٌ لِلْحُكْمِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِيُفَارِقُوهُ إلَخْ قَالَ الشَّارِحِ عِلَّةٌ غَائِيَّةٌ لِلْإِشَارَةِ أَيْ لِكَوْنِهَا خَفِيَّةً قَدْ تُفْهَمُ وَقَدْ لَا وَحَيْثُ فُهِمَتْ فَغَايَتُهَا التَّخْيِيرُ بَيْنَهُمَا وَالْغَرَضُ مِنْ ذَلِكَ دَفْعُ مَا اعْتَرَضَ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّ التَّخْيِيرَ الْمَذْكُورَ فِيهِ غَيْرُ مَفْهُومٍ مِنْ إشَارَةِ الْمُصَلِّي خُصُوصًا مَعَ الِاسْتِدْبَارِ وَكَثْرَةِ الْجَمَاعَةِ يَمِينًا وَشِمَالًا وَخَلْفًا. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ رُجِّحَ فِي التَّحْقِيقِ الصِّحَّةُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم (قَوْلُهُ: وَفِي الرُّبَاعِيَّةِ إلَخْ) وَمِثْلُهَا الثُّلَاثِيَّةُ فِيمَا يَظْهَرُ (قَوْلُهُ: وَلَا يُنَافِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَفِي هَذَا دَلِيلٌ عَلَى جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الرَّكَعَاتِ وَيَكُونُ مَحَلُّ الْمَنْعِ إذَا اعْتَقَدَ شَيْئًا آخَرَ انْتَهَى وَهَذَا مَمْنُوعٌ فَإِنَّ هَذَا لَيْسَ تَقْلِيدًا فِي الرَّكَعَاتِ. اهـ. أَيْ فَلَا يُقَالُ: كَيْفَ رَجَعَ إلَى فِعْلِ غَيْرِهِ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ الرُّجُوعُ لِغَيْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ سم (قَوْلُهُ: عَلَيْهِمْ) أَيْ الْمَأْمُومِينَ (قَوْلُهُ: قَالَ عَنْهُ) أَيْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْبَغَوِيّ وَ (قَوْلُهُ: كَمَا قَالُوا خَبَرُهُ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا يَلْزَمُهُمْ) أَيْ الْمُقْتَدِينَ (اسْتِئْنَافُ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ) وَيَجُوزُ التَّجْدِيدُ أَيْ لِنِيَّةِ الْقُدْوَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا؛ لِأَنَّهُ اقْتِدَاءٌ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ سم عَلَى الْمَنْهَجِ أَقُولُ قَدْ يُقَالُ بِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ لِأَنَّهُمْ مَعْذُورُونَ بِإِحْرَامِهِمْ الْأَوَّلِ فَطُرُوُّ الْبُطْلَانِ لَا دَخْلَ لَهُمْ فِيهِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ النِّيَّةَ بِالْقَلْبِ فَلَوْ تَلَفَّظُوا بِهَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُمْ ع ش وَأَقُولُ بَلْ الظَّاهِرُ مَا يَأْتِي فِي الشَّارِحِ مِنْ نَدْبِ التَّجْدِيدِ
(قَوْلُهُ: بِالْمُتَقَدِّمِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا فَرْقَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْقَوْمِ سم (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ تَقَدَّمَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ إلَخْ) ، وَلَوْ أَرَادَ الْمَسْبُوقُونَ أَوْ مَنْ صَلَاتُهُ أَطْوَلُ مِنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفُوا مَنْ يُتِمُّ لَهُمْ لَمْ يَجُزْ إلَّا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ إذْ لَا مَانِعَ فِي غَيْرِهَا بِخِلَافِهَا لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَنْشَأُ جُمُعَةٌ بَعْدَ أُخْرَى، وَلَوْ صُورَةً مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ قَالَ النَّاشِرِيُّ وَمَحَلُّ مَا ذُكِرَ فِي الْجُمُعَةِ إذَا قَدَّمُوا مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَتِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ جَازَ حَتَّى لَوْ اقْتَدَى شَخْصٌ بِهَذَا الْمُقَدَّمِ وَصَلَّى مَعَهُمْ رَكْعَةً وَسَلَّمُوا فَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ اسْتَفْتَحَ الْجُمُعَةَ فَهُوَ تَبَعٌ لِلْإِمَامِ وَالْإِمَامُ مُسْتَدِيمٌ لَهَا لَا مُسْتَفْتِحٌ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْبَيَانِ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَأَقَرَّهُ وَكَذَا الرِّيمِيُّ لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ يُخَالِفُهُ. اهـ.
قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر فَلَهُ أَنْ يُتِمَّهَا جُمُعَةً مَشَى عَلَيْهِ حَجّ وَقَوْلُهُ: م ر لَكِنَّ تَعْلِيلَهُمْ السَّابِقَ يُخَالِفُهُ أَيْ فَلَا يَجُوزُ فِي الْجُمُعَةِ مُطْلَقًا وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَلَا فَرْقَ فِي غَيْرِهَا إلَخْ) أَيْ فِي عَدَمِ لُزُومِ اسْتِئْنَافِ نِيَّةِ الْقُدْوَةِ (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْدَ إدْرَاكِ رَكْعَةٍ مِنْ الْجُمُعَةِ فَهَذَا أَوْلَى اهـ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَأَشَارَ إلَيْهِمْ) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَعَلَيْهِ فَفُهِمَ التَّخْيِيرُ مِنْ الْإِشَارَةِ كَأَنَّهُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُرَاعَى (قَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ) وَأَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُمْتَنِعَ الرُّجُوعُ لِغَيْرِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاتِهِ لَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: بِالْمُتَقَدِّمِ بِغَيْرِهِ) أَيْ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ الْقَوْمِ (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ الْأَوَّلُ) اعْتَمَدَهُ

الصفحة 490