كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)
لِمُقَارَنَتِهِ لِبَعْضِ التَّكْبِيرَةِ.
(فَإِنْ صَلَّى فَرْضًا) أَيْ أَرَادَ صَلَاتَهُ (وَجَبَ قَصْدُ فِعْلِهِ) مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَلَاةً لِيَتَمَيَّزَ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ لِأَنَّهُ الْمَطْلُوبُ وَهِيَ هُنَا مَا عَدَا النِّيَّةَ وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ بَلْ وَمَعَهَا لِجَوَازِ تَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا كَالْعِلْمِ يَتَعَلَّقُ بِغَيْرِهِ مَعَ نَفْسِهِ وَنَظِيرُهُ الشَّاةُ مِنْ أَرْبَعِينَ فَإِنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَغَيْرَهَا عَلَى أَنَّ لَك أَنْ تَمْنَعَ وُرُودَ أَصْلِ السُّؤَالِ بِأَنَّ كُلَّ رُكْنٍ غَيْرَهَا لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ فَهِيَ كَذَلِكَ وَتَعَلُّقُهَا بِالْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ لَا يَقْتَضِي تَعَلُّقُهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ لِمُقَارَنَتِهِ) أَيْ الْمُفْسِدِ (قَوْلُهُ لِبَعْضِ التَّكْبِيرَةِ) أَيْ وَهُوَ رُكْنٌ بِالِاتِّفَاقِ فَيُشْتَرَطُ فِيهِ تَوَفُّرُ الشُّرُوطِ وَانْتِفَاءُ الْمَوَانِعِ رَشِيدِيٌّ
قَوْلُ الْمَتْنِ (فَرْضًا) أَيْ وَلَوْ نَذْرًا أَوْ قَضَاءً أَوْ كِفَايَةً نِهَايَةٌ وَمُغْنٍ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ) إلَى قَوْلِهِ بَلْ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَلَا إلَى وَهِيَ وَإِلَى قَوْلِهِ وَنَظِيرُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَلَاةً) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَرْضًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي سم أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصَحُّ وُجُوبُ إلَخْ (قَوْلُهُ لِيَتَمَيَّزَ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَإِنَّمَا اشْتَرَطَ قَصْدَ فِعْلِهَا لِتَتَمَيَّزَ عَنْ سَائِرِ الْأَفْعَالِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَنْ بَقِيَّةِ الْأَفْعَالِ) أَيْ الَّتِي لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ أَوْ لِنِيَّةٍ غَيْرِ الصَّلَاةِ قَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا إلَخْ) أَيْ الصَّلَاةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُسَمَّى الصَّلَاةِ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودَ الْمُكَلَّفَ بِهِ كَمَا بَيَّنَ فِي شُرُوحِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَحَوَاشِيهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْرِيفِ الْحُكْمِ فَقَوْلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْفِعْلِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الْفِعْلَ الْمَطْلُوبَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ بِهِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْمَحْذُورُ مُجَرَّدَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ إذْ مُجَرَّدُ إحْضَارِهِ فِي الذِّهْنِ لَا يَكْفِي إذْ إحْضَارُهُ فِي الذِّهْنِ تَصَوُّرُهُ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ إيجَادِهَا سم (قَوْلُهُ وَهِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ (هُنَا) أَيْ فِي النِّيَّةِ لَا فِي نَحْوِ قَوْلِك الصَّلَاةُ وَاجِبَةٌ أَوْ الصَّلَاةُ أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ فَالْمُرَادُ بِهَا مَا يَشْمَلُ النِّيَّةَ حِفْنِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا لَزِمَ التَّسَلْسُلُ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى لِلُزُومِ التَّسَلْسُلِ فِي ذَلِكَ اهـ وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِأَنَّهَا لَا تُنْوَى وَإِلَّا لَتَعَلَّقَتْ بِنَفْسِهَا أَوْ افْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى اهـ.
(قَوْلُهُ وُرُودُ أَصْلِ السُّؤَالِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهَا رُكْنًا بِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ دَاخِلَةً فِي الصَّلَاةِ لَافْتَقَرَتْ إلَى نِيَّةٍ أُخْرَى فَيَتَسَلْسَلُ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ تَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهَا إلَخْ) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أُخْرَى لِيَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ سم (قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ إلَخْ) وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ هَذَا لَا يَمْنَعُ وُرُودَ أَصْلِ السُّؤَالِ لِأَنَّ حَاصِلَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلُّقُ النِّيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ حَتَّى النِّيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ لَا عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ فَتَكُونُ النِّيَّةُ مَنْوِيَّةً عَلَى الْإِجْمَالِ فَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ نِيَّتِهَا أَيْضًا عَلَى الْإِجْمَالِ فَيَتَسَلْسَلُ وَأَمَّا قَوْلُهُ لَا يَقْتَضِي تَعَلُّقَهَا بِكُلِّ فَرْدٍ إلَخْ فَمَعْنَاهُ عَلَى الْخُصُوصِ لَا مُطْلَقًا وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّ بَعْضَ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ غَيْرُ مَقْصُودٍ لَا إجْمَالًا وَلَا تَفْصِيلًا وَهُوَ بَاطِلٌ مُسْتَلْزِمٌ لِلتَّحَكُّمِ سم.
(قَوْلُهُ وَتَعَلُّقُهَا بِالْمَجْمُوعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ تَعَلُّقَ الشَّيْءِ بِالْمَجْمُوعِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ لَا يَسْتَلْزِمُ التَّعَلُّقَ بِكُلِّ فَرْدٍ غَيْرَ أَنَّ هَذَا لَا يُجْدِي فِيمَا نَحْنُ فِيهِ لِأَنَّ الْمَجْمُوعَ عِبَارَةٌ عَنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَأَلَّفِ مِنْهَا مَعَ الْهَيْئَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ فَالنِّيَّةُ إنْ كَانَتْ خَارِجَةً عَنْ الْأَجْزَاءِ الْمُتَأَلَّفِ مِنْهَا وَعَنْ الْهَيْئَةِ الْمَذْكُورَةِ ثَبَتَ الْمُدَّعَى وَهُوَ كَوْنُ النِّيَّةِ شَرْطًا وَإِنْ كَانَتْ دَاخِلَةً اسْتَلْزَمَ اعْتِبَارُهَا مَرَّتَيْنِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْفَسَادِ وَلَوْ سُلِّمَ صِحَّتُهُ فَلَيْسَ مُنَافِيًا لِلْمُدَّعَى الْمُشَارِ إلَيْهِ إذْ الْكَلَامُ فِي الْأُولَى، وَهَذَا التَّقْدِيرُ فِيهِ تَسْلِيمٌ لِشَرْطِيَّتِهَا فَالْحَقُّ مَا قَالَهُ حُجَّةُ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSمِنْ أَوَّلِهِ لَا يُنَافِي خُرُوجَ الْقَصْدِ كَيْفَ وَخُرُوجُ الْقَصْدِ عَنْ الْمَقْصُودِ ضَرُورِيٌّ فَتَأَمَّلْهُ وَكَأَنَّهُ تَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ يُوجَدُ قَبْلَ وُجُودِهَا فَبَيَّنَ أَنَّهُ بِالتَّمَامِ يَتَبَيَّنُ الدُّخُولُ مِنْ الْأَوَّلِ فَلَا يَكُونُ الْقَصْدُ قَبْلَهَا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ تَمَامُهَا وَلَا جُزْؤُهَا ضَرُورَةَ أَنَّ قَصْدَ الشَّيْءِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَا جُزْأَهُ فَتَدَبَّرْ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ نَعَمْ يَكُنْ دَفْعُ هَذَا الْقِيلِ بِأَنَّا نُسَلِّمُ أَنَّ الْقَصْدَ خَارِجٌ عَنْ مَاهِيَّةِ الْمَقْصُودِ لَكِنَّ مُسَمَّى الصَّلَاةِ شَرْعًا مَجْمُوعُ الْقَصْدِ وَالْمَقْصُودِ فَيَكُونُ دَاخِلًا فِي مَاهِيَّةِ الصَّلَاةِ مَعَ كَوْنِهِ خَارِجًا عَنْ الْمَقْصُودِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ صَلَاةً) أَيْ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ فَرْضًا بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي (قَوْلُهُ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا) أَيْ الصَّلَاةُ فِي الذِّهْنِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ مُسَمَّى الصَّلَاةِ هُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ لِأَنَّهُ الْمَوْجُودُ الْمُكَلَّفُ بِهِ كَمَا بَيَّنَ فَقَوْلُهُ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ يَتَعَيَّنُ أَنْ يُرَادَ بِالْفِعْلِ هُنَا الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيُّ فَيُشْكِلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَيْ الْفِعْلُ الْمَطْلُوبُ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَطْلُوبُ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ بِهِ وَأَيْضًا فَلَيْسَ الْمَحْذُورُ مُجَرَّدَ الْغَفْلَةِ عَنْ خُصُوصِ الْفِعْلِ إذْ مُجَرَّدُ إحْضَارِهِ فِي الذِّهْنِ لَا يَكْفِي إذْ إحْضَارُهُ فِي الذِّهْنِ تَصَوُّرُهُ وَهُوَ غَيْرُ كَافٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُولَ فَلَا يَكْفِي إحْضَارُهَا فِي الذِّهْنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَصْدِ إيجَادِهَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ بَلْ وَمَعَهَا إلَخْ) هَذَا مُخْتَصَرٌ مِنْ شَرْحِ الْبَهْجَةِ وَلَنَا فِيهِ بَحْثٌ ظَاهِرٌ بِهَامِشِ نُسْخَتِنَا مِنْهُ (قَوْلُهُ لِجَوَازِ تَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهَا أَيْضًا) أَيْ فَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ أُخْرَى لِيَلْزَمَ التَّسَلْسُلُ (قَوْلُهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ لَهُ بِخُصُوصِهِ فَهِيَ كَذَلِكَ) حَاصِلُ هَذَا كَمَا تَرَى أَنَّ الْوَاجِبَ تَعَلُّقُ النِّيَّةِ بِالْأَجْزَاءِ حَتَّى النِّيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْإِجْمَالِ لَا عَلَى وَجْهِ
الصفحة 5
495