كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

لِأَنَّ هَوِيَّ الرُّكُوعِ بَعْضُ هَوِيِّ السُّجُودِ فَلَمْ يَقْصِدْ أَجْنَبِيًّا فَتَأَمَّلْ ذَلِكَ كُلَّهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ وَبِهِ يَتَّضِحُ أَنَّ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ لَوْ هَوَى إمَامُهُ فَظَنَّهُ يَسْجُدُ لِلتِّلَاوَةِ فَتَابَعَهُ فَبَانَ أَنَّهُ رَكَعَ حُسِبَ لَهُ وَاغْتُفِرَ لِلْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ عَلَيْهِ إنَّمَا يَأْتِي عَلَى نِزَاعِهِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ أَمَّا عَلَى مَا فِيهَا فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ لِأَنَّهُ قَصَدَ أَجْنَبِيًّا كَمَا قَرَّرْته وَظَنُّ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ لَا يُفِيدُ كَظَنِّ وُجُوبِ السُّجُودِ فِي مَسْأَلَةِ الرَّوْضَةِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَقُومَ ثُمَّ يَرْكَعَ.
وَكَذَا قَوْلُ غَيْرِهِ لَوْ هَوَى مَعَهُ ظَانًّا أَنَّهُ هَوَى لِلسُّجُودِ الرُّكْنَ فَبَانَ أَنَّ هَوِيَّهُ لِلرُّكُوعِ أَجْزَأَهُ هَوِيُّهُ عَنْ الرُّكُوعِ لِوُجُودِ الْمُتَابَعَةِ الْوَاجِبَةِ فِي مَحَلِّهَا، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ لَا تَأْتِي إلَّا عَلَى مُقَابِلِ مَا فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَرَّرْته وَإِشَارَتُهُ لِفَرْقٍ بَيْنَ صُورَتِهِ وَصُورَةِ الزَّرْكَشِيّ مِمَّا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ بَلْ هُمَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ (وَأَكْمَلُهُ) مَعَ مَا مَرَّ (تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ وَعُنُقِهِ) بِأَنْ يَمُدَّهُمَا حَتَّى يَصِيرَا كَالصَّفِيحَةِ الْوَاحِدَةِ لِلِاتِّبَاعِ (وَنَصْبُ سَاقَيْهِ) وَفَخِذَيْهِ إلَى الْحَقْوِ وَلَا يُثْنِي رُكْبَتَيْهِ لِفَوَاتِ اسْتِوَاءِ الظَّهْرِ بِهِ (وَأَخْذُ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ) وَيُفَرِّقُ بَيْنَهُمَا كَمَا فِي السُّجُودِ (وَتَفْرِيقُ أَصَابِعِهِ) لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا تَفْرِيقًا وَسَطًا (لِلْقِبْلَةِ) لِأَنَّهَا أَشْرَفُ الْجِهَاتِ بِأَنْ لَا يُحَرِّفَ شَيْئًا مِنْهَا عَنْ جِهَتِهَا يَمْنَةً أَوْ يَسْرَةً (وَ) مِنْ جُمْلَةِ الْأَكْمَلِ أَيْضًا أَنَّهُ (يُكَبِّرُ فِي ابْتِدَاءِ هَوِيِّهِ) يَعْنِي قُبَيْلِهِ (وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ) كَمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طُرُقٍ كَثِيرَةٍ وَنَقَلَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ سَبْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا وَغَيْرُهُ عَنْ أَضْعَافِ ذَلِكَ بَلْ لَمْ يَصِحَّ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَدَمُ الرَّفْعِ وَمِنْ ثَمَّ أَوْجَبَهُ بَعْضُ أَصْحَابِنَا (ك) رَفَعَهُمَا فِي (إحْرَامِهِ) بِأَنْ يَبْدَأَ بِهِ وَهُوَ قَائِمٌ وَيَدَاهُ مَكْشُوفَتَانِ وَأَصَابِعُهُمَا مَنْشُورَةٌ مُفَرَّقَةٌ وَسَطًا مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ فَإِذَا حَاذَى كَفَّاهُ مَنْكِبَيْهِ انْحَنَى مَادًّا التَّكْبِيرَ إلَى اسْتِقْرَارِهِ فِي الرُّكُوعِ لِئَلَّا يَخْلُوَ جُزْءٌ مِنْ صَلَاتِهِ عَنْ ذِكْرٍ.
وَكَذَا فِي سَائِرِ الِانْتِقَالَاتِ حَتَّى فِي جَلْسَةِ الِاسْتِرَاحَةِ فَيَمُدُّهُ عَلَى الْأَلِفِ الَّتِي بَيْنَ اللَّازِمِ وَالْهَاءِ لَكِنْ بِحَيْثُ لَا يَتَجَاوَزُ سَبْعَ أَلِفَاتٍ لِانْتِهَاءِ غَايَةِ هَذَا الْمَدِّ مِنْ ابْتِدَاءِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالرُّبَاعِيَّةِ هَلْ رَكَعَ فَقَامَ لَهُ ثُمَّ بَانَ رُكُوعُهُ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا سُجُودَ انْتَهَى وَقَالَ فِي شَرْحِهِ وَقِيَامُهُ بِقَصْدِ تَكْمِيلِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ لَا يَمْنَعُ احْتِسَابُهُ عَنْ قِيَامِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ الْوَاجِبَ يَقُومُ مَقَامَ بَعْضٍ وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الْمُصَلِّي غَيْرَ الرُّكْنِ مِنْ جِنْسِهِ فَيُحْسَبُ وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَصْدِ السُّجُودِ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا يُحْسَبُ انْتَهَى فَانْظُرْ قَوْلَهُ أَوْ عَكْسُهُ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا بَلْ لَهُ الْهَوِيُّ مِنْ رُكُوعِهِ إلَخْ سم.
(قَوْلُهُ لِأَنَّ هَوِيَّ الرُّكُوعِ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ جِدًّا وَ (قَوْلُهُ بَعْضُ هَوِيِّ السُّجُودِ) قَدْ تَمْنَعُ الْبَعْضِيَّةُ فَكَانَ السُّجُودُ لِأَنَّ هَوِيَّ السُّجُودِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الِاعْتِدَالِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الرُّكُوعِ سم أَيْ وَلَوْ سَلَّمَ الْبَعْضِيَّةَ مُسْتَلْزِمًا لِهَوِيِّ الرُّكُوعِ ضَرُورَةَ اسْتِلْزَامِ الْكُلِّ لِجُزْئِهِ فَيُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ دَعْوَى عَدَمِ الِاسْتِلْزَامِ (قَوْلُهُ وَبِهِ إلَخْ) أَيْ بِمَا قَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَلَوْ هَوَى إمَامُهُ) أَيْ عَقِبَ قِرَاءَتِهِ آيَةِ سَجْدَةٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ حُسِبَ لَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر سم (قَوْلُهُ إنَّمَا يَأْتِي إلَخْ) خَبَرُ أَنْ قَوْلَ الزَّرْكَشِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَوْلُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ مَعَهُ) أَيْ مَعَ إمَامِهِ (قَوْلُهُ لَا يَأْتِي إلَخْ) خَبَرُ قَوْلِهِ قَوْلُ غَيْرِهِ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ مِثْلُ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ وَإِشَارَتُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ، وَالْوَجْهُ الْإِجْزَاءُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ يُلْغِي قَصْدَهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ صَارِفًا سم (قَوْلُهُ كَظَنِّ وُجُوبِ السُّجُودِ إلَخْ) الْفَرْقُ وَاضِحٌ ظَنُّ وُجُوبِ السُّجُودِ غَيْرُ مُطَابِقٍ وَظَنُّ الْمُتَابَعَةِ وَاقِعٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ سَوَاءٌ كَانَ هَوِيُّ الْإِمَامِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ لِلرُّكُوعِ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَكْمَلُهُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ كَالصَّحِيفَةِ إلَخْ) أَيْ كَاللَّوْحِ الْوَاحِدِ مِنْ نُحَاسٍ لَا اعْوِجَاجَ فِيهِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا إلَخْ) أَيْ بَيْنَ الرُّكْبَتَيْنِ كَشِبْرٍ كُرْدِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَخَذَ رُكْبَتَيْهِ بِيَدَيْهِ) أَيْ بِكَفَّيْهِ وَلَوْ تَعَذَّرَ وَضْعُ يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا فَعَلَ الْمُمْكِنَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ فِيهِمَا إلَخْ) أَيْ فِي الْأَخْذِ وَالتَّفْرِقَةِ (قَوْلُهُ تَفْرِيقًا إلَخْ) أَخَّرَهُ عَنْ قَوْلِهِ لِلِاتِّبَاعِ لِعَدَمِ وُرُودِهِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِ تَفْرِيقًا وَسَطًا لِلِاتِّبَاعِ فِي غَيْرِ ذِكْرِ الْوَسَطِ اهـ.
(قَوْلُهُ بِأَنْ لَا يُحَرِّفَ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ لِلْجَوَابِ عَنْ قَوْلِ ابْنِ النَّقِيبِ لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَتَفْرِقَةُ أَصَابِعِهِ لِلْقِبْلَةِ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيُكَبِّرُ) أَيْ يَشْرَعُ فِي التَّكْبِيرِ سم (قَوْلُهُ وَنَقَلَهُ الْبُخَارِيُّ) أَيْ فِي تَصْنِيفٍ لَهُ فِي الرَّدِّ عَلَى مُنْكِرِ الرَّفْعِ مُغْنِي وَع ش (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ وَنَقَلَ الرَّفْعَ غَيْرُ الْبُخَارِيِّ ع ش (قَوْلُهُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الصَّحَابَةِ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَوْجَبَهُ) أَيْ الرَّفْعَ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبْدَأَ بِهِ إلَخْ) إلَى قَوْلِهِ مَادًّا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَدَاهُ إلَى مَعَ ابْتِدَاءِ إلَخْ وَإِلَى قَوْلِهِ حَتَّى فِي جَلْسَةِ إلَخْ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَا ذَكَرَ (قَوْلُهُ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِيَبْدَأَ (قَوْلُهُ مَادًّا) إلَى الْمَتْنِ أَقَرَّهُ ع ش (قَوْلُهُ لِانْتِهَاءِ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِلِاسْتِدْرَاكِ.
(قَوْلُهُ مِنْ ابْتِدَاءِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِيَمُدُّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSهَلْ رَكَعَ فَقَامَ لَهُ ثُمَّ بَانَ رُكُوعُهُ مَضَى عَلَى صَلَاتِهِ وَلَا سُجُودَ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ قَالَ ابْنُ الْعِمَادِ وَقِيَامُهُ بِقَصْدِ تَكْمِيلِ الرَّكْعَةِ الثَّالِثَةِ لَا يَمْنَعُ احْتِسَابَهُ عَنْ قِيَامِ الرَّابِعَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ الْوَاجِبَ يَقُومُ مَقَامَ بَعْضٍ إلَى أَنْ قَالَ عَنْهُ، وَمِنْ هُنَا يَظْهَرُ الْفَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْصِدَ الْمُصَلِّي غَيْرَ الرُّكْنِ مِنْ جِنْسِهِ فَيُحْسَبُ وَإِنْ اخْتَلَفَ النَّوْعُ أَوْ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ كَقَصْدِ السُّجُودِ عَنْ الرُّكُوعِ أَوْ عَكْسِهِ فَلَا يُحْسَبُ اهـ. فَانْظُرْ قَوْلَهُ أَوْ عَكْسِهِ إلَخْ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا بَلْ لَهُ الْهَوِيُّ مِنْ رُكُوعِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَوِيَّ الرُّكُوعِ) يُتَأَمَّلْ جِدًّا وَقَوْلُهُ بَعْضُ هَوِيِّ السُّجُودِ قَدْ تُمْنَعُ الْبَعْضِيَّةُ لِأَنَّ هَوِيَّ السُّجُودِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الِاعْتِدَالِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ حُسِبَ لَهُ) اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ كَظَنِّ وُجُوبِ) الْفَرْقُ وَاضِحٌ فَإِنْ ظَنَّ وُجُوبَ السُّجُودِ غَيْرَ مُطَابِقٍ وَظَنَّ الْمُتَابَعَةَ مُطَابِقَةً إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا بِكُلِّ تَقْدِيرٍ، سَوَاءٌ كَانَ هَوِيُّ الْإِمَامِ لِسُجُودِ التِّلَاوَةِ أَوْ الرُّكُوعِ (قَوْلُهُ وَإِشَارَتُهُ) أَيْ ذَلِكَ الْغَيْرُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الزَّرْكَشِيّ هَذَا وَالْوَجْهُ الْإِجْزَاءُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ وُجُوبَ الْمُتَابَعَةِ يُلْغِي قَصْدَهُ وَيُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ صَارِفًا (قَوْلُهُ يُكَبِّرُ) أَيْ يَشْرَعُ

الصفحة 60