كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ صَاحِبَ الْغِنَى أَوْ الْمَالِ أَوْ الْحَظِّ أَوْ النَّسَبِ (مِنْك الْجَدُّ) أَيْ عِنْدَك جَدُّهُ وَإِنَّمَا الَّذِي يَنْفَعُهُ عِنْدَك رِضَاك وَرَحْمَتُك لَا غَيْرُ وَفِي رِوَايَةٍ حَقُّ بِلَا هَمْزَةٍ كُلُّنَا بِلَا وَاوٍ فَالْخَبَرُ مَا قَالَ الْعَبْدُ وَكُلُّنَا إلَى آخِرِهِ بَدَلٌ مِنْ مَا.

(وَيُسَنُّ) بَعْدَ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَزِيدَ عَلَى رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ وَلِمَنْ قَالَ الْأَوْلَى أَنْ يَأْتِيَ بِذَلِكَ الذِّكْرِ كُلِّهِ (الْقُنُوتُ فِي اعْتِدَالِ ثَانِيَةِ الصُّبْحِ) لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ «مَا زَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْنُتُ فِي الْفَجْرِ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا» وَنَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُ عَنْ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَصَحَّ مِنْ أَكْثَرِ الطُّرُقِ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعَلَهُ لِلنَّازِلَةِ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَقِسْنَا عَلَيْهِ هَذَا، وَجَاءَ بِسَنَدٍ حَسَنٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - كَانُوا يَفْعَلُونَهُ بَعْدَ الرُّكُوعِ فَلَوْ قَنَتَ شَافِعِيٌّ قَبْلَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فَإِنْ قُلْت قِيَاسُ كَلَامِ أَئِمَّتِنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ الْمُتَعَارِضَةِ هُنَا بِحَمْلِ مَا قَبْلُ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ وَمَا بَعْدُ عَلَى كَمَالِهَا.
وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرَ لِذَلِكَ لَا سِيَّمَا فِي هَذَا الْبَابِ قُلْنَا إنَّمَا خَرَجُوا عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمْ رَأَوْا مُرَجِّحًا لِلثَّانِيَةِ وَقَادِحًا فِي الْأُولَى هُوَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ صَرَّحَ بِبَعْدَ وَأَنَسٌ تَعَارَضَ عَنْهُ حَدِيثٌ رَاوِيَيْهِ مُحَمَّدٌ وَعَاصِمٌ فِي الْقَبْلِ وَالْبَعْدِ فَتَسَاقَطَا وَبَقِيَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ النَّاصُّ عَلَى الْبَعْدِيَّةِ بِلَا مُعَارِضٍ فَأَخَذُوا بِهِ (وَهُوَ «اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْت إلَى آخِرِهِ) أَيْ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْت وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْت أَيْ مَعَهُمْ» لِأَنْدَرِجَ فِي سِلْكِهِمْ أَوْ التَّقْدِيرُ وَاجْعَلْنِي مُنْدَرِجًا فِيمَنْ هَدَيْت، وَكَذَا فِي الْآتِيَيْنِ بَعْدَهُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَهُوَ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ أَيْ هَذَا الْكَلَامُ أَحَقُّ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ) وَرُوِيَ بِالْكَسْرِ وَهُوَ الِاجْتِهَادُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ فِيهِمَا ع ش (قَوْلُهُ فَالْخَبَرُ مَا قَالَ إلَخْ) أَوْ أَحَقُّ خَبَرٌ مَا قَالَ سم عِبَارَةُ الْبَصْرِيِّ قَوْلُهُ فَالْخَبَرُ مَا قَالَ الْعَبْدُ أَيْ وَالْمُبْتَدَأُ أَحَقُّ وَسَوَّغَ الِابْتِدَاءَ بِهِ مَا لُوحِظَ فِيهِ مِنْ التَّفْخِيمِ وَالتَّعْظِيمِ وَعَلَيْهِ يَتَعَيَّنُ أَنْ تَكُونَ مَا مَوْصُوفَةً لَا مَوْصُولَةً لِئَلَّا يَلْزَمَ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمَعْرِفَةِ بِالنَّكِرَةِ وَهُوَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ تَخَصَّصَتْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ أَحَقُّ خَبَرًا مُقَدَّمًا وَالْمُبْتَدَأُ مَا قَالَ إلَخْ، وَعَلَيْهِ يَحْتَمِلُ مَا كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ اهـ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ) إلَى قَوْلِهِ وَلِمَنْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي ثُمَّ قَالَا وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى الْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ الْمَحْصُورِينَ وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ وَمُخْتَارُ الشَّارِحِ م ر وَهُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ طَلَبُ الرَّاتِبِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ كَمَا هُوَ نَصُّ عِبَارَتِهِ م ر وَلَا يَقْدَحُ فِي اخْتِيَارِهِ قَوْلُهُ م ر عَقِبَهُ وَيُمْكِنُ إلَخْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ.
(قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ) أَيْ الرَّاتِبِ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ مِنْ النَّصِّ وَفِي الْعُدَّةِ نَحْوُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْإِقْلِيدِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَالْإِسْنَوِيُّ (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ) ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا فَقَالَ بَعْدَ الذِّكْرِ الرَّاتِبِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اهـ. وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْإِتْيَانِ بِذِكْرِ الِاعْتِدَالِ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ وَلَوْ إمَامَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ أَوْ غَيْرِ رَاضِينَ وَيُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَصَنِيعُ الْمُغْنِي سم.
وَاعْتَمَدَهُ الْحَلَبِيُّ وَتَقَدَّمَ عَنْ الرَّشِيدِيِّ أَنَّهُ مُخْتَارُ النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَقِسْنَا عَلَيْهِ هَذَا) أَيْ عَلَى قُنُوتِ النَّازِلَةِ قُنُوتَ الْفَجْرِ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُجْزِئُ الْقُنُوتُ قَبْلَ الرُّكُوعِ وَإِنْ صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَنَتَ قَبْلَهُ أَيْضًا لِأَنَّ رُوَاةَ الْقُنُوتِ بَعْدَهُ أَكْثَرُ وَأَحْفَظُ فَهُوَ أَوْلَى وَعَلَيْهِ دَرَجَ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِي أَشْهَرِ الرِّوَايَاتِ عَنْهُمْ وَأَكْثَرِهَا وَشَمِلَ كَلَامُهُ الْأَدَاءَ وَالْقَضَاءَ اهـ. (قَوْلُهُ لَمْ يُجْزِئْهُ) أَيْ فَيَقْنُتُ بَعْدَهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إنْ نَوَى بِالْأَوَّلِ الْقُنُوتَ، وَكَذَا لَوْ قَنَتَ فِي الْأُولَى بِنِيَّتِهِ أَوْ ابْتَدَأَهُ فِيهَا فَقَالَ اللَّهُمَّ اهْدِنِي ثُمَّ تَذَكَّرَ عُبَابٌ اهـ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَسَيَأْتِي مَا يُفِيدُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي سُجُودِ السَّهْوِ وَلَوْ نَوَى رُكْنًا قَوْلِيًّا ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَلَوْ فَعَلَهُ فِي غَيْرِ اعْتِدَالِ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ بِنِيَّتِهِ سَجَدَ لِلسَّهْوِ وَمِنْ ذَلِكَ مَا لَوْ فَعَلَهُ مَعَ إمَامِهِ الْمَالِكِيِّ قَبْلَ الرُّكُوعِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ) يَظْهَرُ أَنَّ هَذَا السُّجُودَ لِعَدَمِ الْإِتْيَانِ بِهِ فِي مَحَلِّهِ لَا لِلْإِتْيَانِ بِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ حَتَّى لَوْ أَعَادَهُ فِي مَحَلِّهِ فَلَا سُجُودَ بَصْرِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ الْعُبَابِ خِلَافُهُ.
(قَوْلُهُ بِحَمْلِ مَا قَبْلُ عَلَى أَصْلِ السُّنَّةِ إلَخْ) لَا يَتَعَيَّنُ الْحَمْلُ الْمَذْكُورُ بَلْ يَحْتَمِلُ الْجَمْعُ بِاخْتِلَافِ الْأَحْوَالِ مَعَ عَدَمِ التَّفْرِقَةِ وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ كَوْنَ مَا أَفَادَهُ قَادِحًا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لِجَوَازِ رِوَايَتِهِ لِكُلِّ رَاوٍ إحْدَى الْحَالَتَيْنِ كَانَتَا تَقَعُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إشْعَارًا بِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا كَافٍ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْقُنُوتِ بَصْرِيٌّ بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ فَتَسَاقَطَا) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَتَسَاقَطَانِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْجَمْعُ بِمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ وَمَعَهُ لَا يَتَأَتَّى الْقَدَحُ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ الْمَفْضُولِيَّةِ سم (قَوْلُهُ وَأَنَسٌ تَعَارَضَ إلَخْ) كَذَا فِي أَصْلِهِ بِخَطِّهِ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ بَصْرِيٌّ.
(قَوْلُهُ أَوْ التَّقْدِيرُ وَاجْعَلْنِي
ـــــــــــــــــــــــــــــSاُنْظُرْهُ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الصِّيَغِ السَّابِقَةِ عَلَيْهِ مَا عَدَا الْحَمْدَ لِرَبِّنَا جُمْلَتَانِ (قَوْلُهُ فَالْخَبَرُ مَا قَالَ) أَوْ أَحَقُّ خَبَرُ مَا قَالَ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ إلَخْ) ذَكَرَ مِثْلَهُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَيْضًا فَقَالَ بَعْدَ الذِّكْرِ الرَّاتِبِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ اهـ. وَقَالَ الدَّمِيرِيِّ مَا نَصُّهُ وَقَالَ فِي الْإِقْلِيدِ الذِّكْرُ الْوَارِدُ فِي الِاعْتِدَالِ لَا يُقَالُ مَعَ الْقُنُوتِ ثُمَّ قَالَ الدَّمِيرِيِّ وَالصَّوَابُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْبَغَوِيّ وَنَقَلَهُ عَنْ النَّصِّ وَفِي الْعُدَّةِ نَحْوُهُ اهـ. وَعِبَارَةُ الْأُسْتَاذِ الْبَكْرِيِّ فِي كَنْزِهِ وَيُسَنُّ بَعْدَ ذِكْرِ الِاعْتِدَالِ وَلَوْ أَتَى بِهِ بِكَمَالِهِ الْقُنُوتِ اهـ. وَظَاهِرُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْإِتْيَانِ بِذِكْرِ الِاعْتِدَالِ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْمُنْفَرِدِ وَالْإِمَامِ وَلَوْ إمَامَ غَيْرِ مَحْصُورِينَ أَوْ غَيْرِ رَاضِينَ وَيُصَرِّحُ بِهِ صَنِيعُهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ فَإِنَّهُ عَقِبَ قَوْلِ الْعُبَابِ فَرْعٌ يُسَنُّ الْقُنُوتُ بَعْدَ التَّحْمِيدِ بِتَمَامِهِ بِقَوْلِهِ مَا نَصُّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ رَبَّنَا لَك الْحَمْدُ لَا غَيْرُ وَإِنْ رَضِيَ مَحْصُورُونَ وَهُوَ مَا قَالَهُ جَمْعٌ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْأَذْرَعِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَسَبَقَهُمْ إلَى ذَلِكَ الْفَزَارِيّ وَزَادَ أَنَّ عَمَلَ الْأَئِمَّةِ بِخِلَافِهِ لِجَهْلِهِمْ بِفِقْهِ الصَّلَاةِ إلَى أَنْ قَالَ وَقَالَ آخَرُونَ السُّنَّةُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ الذِّكْرِ الرَّاتِبِ وَهُوَ إلَى مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ وَصَوَّبَهُ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ فَتَسَاقَطَا) قَدْ يُقَالُ إنَّمَا يَتَسَاقَطَانِ إذَا لَمْ يُمْكِنْ الْجَمْعُ بِمَا ذَكَرَهُ وَهُوَ مُمْكِنٌ وَمَعَهُ

الصفحة 64