كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)
فَهُوَ أَبْلَغُ مِمَّا لَوْ حَذَفَ «وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْت وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْت إنَّك تَقْضِي وَلَا يُقْضَى عَلَيْك إنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْت تَبَارَكَتْ رَبَّنَا وَتَعَالَيْت» رَوَاهُ جَمْعٌ هَكَذَا بِسَنَدٍ صَحِيحٍ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ صَحَّ أَنَّ تَعْلِيمَ هَذَا الدُّعَاءِ وَقَعَ لِقُنُوتِ صَلَاةِ الصُّبْحِ وَلِقُنُوتِ الْوِتْرِ وَسَيَأْتِي فِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ فَاءٍ فِي إنَّكَ وَوَاوٍ فِي إنَّهُ وَزَادَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ بَعْدَ وَالَيْت وَلَا يَعِزُّ مَنْ عَادَيْت وَإِنْكَارُهُ مَرْدُودٌ بِوُرُودِهِ فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة: 98] وَبَعْدَ تَعَالَيْت فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا قَضَيْت أَسْتَغْفِرُك وَأَتُوبُ إلَيْك وَلَا بَأْسَ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ بَلْ قَالَ جَمْعٌ إنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ لِوُرُودِهَا فِي رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيّ وَيُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَإِمَامِ مَنْ مَرَّ أَنْ يَضُمَّ لِذَلِكَ قُنُوتَ عُمَرَ الْآتِيَ فِي الْوِتْرِ وَتَقْدِيمُ هَذَا عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْوَارِدُ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا فَقَطْ اقْتَصَرَ عَلَى هَذَا وَلَا تَتَعَيَّنُ كَلِمَاتُهُ فَيُجْزِئُ عَنْهَا آيَةٌ تَضَمَّنَتْ دُعَاءً أَوْ شَبَهَهُ كَآخِرِ الْبَقَرَةِ بِخِلَافِ نَحْوِ سُورَةِ تَبَّتْ وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ بِهَا لِكَرَاهَةِ الْقِرَاءَةِ فِي غَيْرِ الْقِيَامِ فَاحْتِيجَ لِقَصْدِ ذَلِكَ حَتَّى يَخْرُجُ عَنْهَا.
(وَالْإِمَامُ) يُسَنُّ لَهُ أَنْ يَقْنُتَ (بِلَفْظِ الْجَمْعِ) لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِذَلِكَ وَلَا يَأْتِي فِي الْمُنْفَرِدِ فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى الْإِمَامِ لِلنَّهْيِ عَنْ تَخْصِيصِهِ نَفْسَهُ بِالدُّعَاءِ وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ فَقَدْ خَانَهُمْ سَنَدُهُ حَسَنٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQإلَخْ) لَا حَاجَةَ إلَى تَقْدِيرِهِ بَلْ تَكْفِي مُلَاحَظَةُ تَضْمِينِ مَعْنَى الِانْدِرَاجِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَبْلَغُ إلَخْ) أَيْ فَهَذَا الدُّعَاءُ مَعَ ذِكْرِ الْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ أَبْلَغُ مِنْهُ لَوْ حُذِفَ عَنْهُ ذَلِكَ وَقَالَ الْكُرْدِيُّ أَنَّ تَقْدِيرَ الِانْدِرَاجِ فِي الْكَلَامِ أَبْلَغُ مِنْ حَذْفِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ صَحَّ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَالْمُغْنِي لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ إلَّا رَبَّنَا فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَصَحَّحَهُ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ وَفِي قُنُوتِ الْوِتْرِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ فِي رِوَايَةٍ زِيَادَةُ فَاءٍ فِي إنَّكَ إلَخْ) أَيْ وَفِي أُخْرَى حَذْفُهَا فَلَا يَسْجُدُ لِتَرْكِهَا شَيْخُنَا وَهُوَ الظَّاهِرُ وَقَالَ ع ش فِي مَنْهُوَّاتِهِ وَيَسْجُدُ لِلسَّهْوِ إذَا تَرَكَ فَاءَ فَإِنَّك وَوَاوَ وَإِنَّهُ لِأَنَّهُ ثَبَتَتْ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ اهـ وَوَافَقَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ فَقَالَ وَلَا يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ لِلْقُنُوتِ بَلْ كُلُّ مَا تَضَمَّنَ ثَنَاءً وَدُعَاءً حَصَلَ بِهِ الْقُنُوتُ كَآخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ إنْ قَصَدَهُ بِهَا لَكِنْ إنْ شَرَعَ فِي قُنُوتِ النَّبِيِّ الَّذِي فِي الشَّرْحِ أَيْ الْمَقْرُونِ بِالْفَاءِ وَالْوَاوِ أَوْ فِي قُنُوتِ عُمَرَ تَعَيَّنَ لِأَدَاءِ السُّنَّةِ فَلَوْ تَرَكَهُ كَغَيْرِهِ أَوْ تَرَكَ كَلِمَةً أَوْ أَبْدَلَ حَرْفًا بِحَرْفٍ سَجَدَ لِلسَّهْوِ كَأَنْ يَأْتِيَ بِمَعَ بَدَلَ فِي فِي قَوْلِهِ اهْدِنَا مَعَ مَنْ هَدَيْت أَوْ تَرَكَ الْفَاءَ فِي فَإِنَّك وَالْوَاوَ مِنْ وَإِنَّهُ اهـ. وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِحَمْلِ هَذَا عَلَى مَا إذَا قَصَدَ رِوَايَةَ الثُّبُوتِ وَالْأَوَّلُ عَلَى عَدَمِهِ (قَوْلُهُ وَزَادَ الْعُلَمَاءُ) إلَى قَوْلِهِ وَيَتَعَيَّنُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا يَعِزُّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ سم وَع ش.
(قَوْلُهُ مَرْدُودٌ) أَيْ نَقْلًا وَمَعْنًى (قَوْلُهُ فَيُجْزِئُ إلَخْ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ وَيَحْصُلُ أَصْلُ السُّنَّةِ بِآيَةٍ فِيهَا دُعَاءٌ إنْ قَصَدَهُ وَبِدُعَاءٍ مَحْضٍ وَلَوْ غَيْرَ مَأْثُورٍ إنْ كَانَ بِأُخْرَوِيٍّ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ دُنْيَوِيٍّ اهـ. وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ مِثْلِهِ عَنْ إيعَابِ الشَّارِحِ مَا نَصُّهُ وَقَدْ وَافَقَ الْأَذْرَعِيُّ شَيْخَنَا الشِّهَابَ الرَّمْلِيَّ حَيْثُ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي بَدَلِ الْقُنُوتِ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً وَثَنَاءً وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْآيَةِ اهـ وَوَافَقَهُ أَيْضًا وَلَدُهُ فِي النِّهَايَةِ كَمَا يَأْتِي وَاعْتَمَدَهُ الْبُجَيْرِمِيُّ كَمَا مَرَّ، وَكَذَا شَيْخُنَا عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ بِآيَةٍ تَتَضَمَّنُ دُعَاءً أَيْ وَثَنَاءً وَالْآيَةُ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ كُلُّ مَا تَضَمَّنَ دُعَاءً وَثَنَاءً. وَاَللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي يَا غَفُورُ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَكْفِي فِي الْقُنُوتِ فَلَوْ قَالَ الشَّارِح أَيْ الْغَزِّيِّ فَلَوْ قَنَتَ بِمَا يَتَضَمَّنُ دُعَاءً وَثَنَاءً وَقَصَدَ الْقُنُوتَ حَصَلَتْ سُنَّةُ الْقُنُوتِ لَكَانَ أَعَمَّ وَأَنْسَبَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ شَبَهَهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ أَوْ نَحْوَهُ اهـ. قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ أَوْ نَحْوَهُ مِثْلُهُ فِي الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهَا وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِنَحْوِ الدُّعَاءِ فَإِنْ كَانَ الثَّنَاءُ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَطْفَ بِالْوَاوِ دُونَ أَوْ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الدُّعَاءِ وَالثَّنَاءِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ يَمْنَعُ كَوْنَ الثَّنَاءِ نَحْوَ الدُّعَاءِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ.
وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ نَحْوَ اللَّهُمَّ أَنَا عَبْدٌ مُذْنِبٌ وَأَنْتَ رَبٌّ غَفُورٌ مِمَّا يَسْتَلْزِمُ الدُّعَاءَ وَلَيْسَ صَرِيحًا فِيهِ (قَوْلُهُ فَاحْتِيجَ لِقَصْدِ ذَلِكَ) فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهُ بِذَلِكَ لَمْ يُجْزِئْهُ مُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُشْتَرَطُ فِي بَدَلِهِ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً وَثَنَاءً كَمَا قَالَهُ الْبُرْهَانُ الْبَيْجُورِيُّ وَأَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. قَالَ الْكُرْدِيُّ بَعْدَ ذِكْرِهِ م ر فَهُوَ مُخَالِفٌ فِي ذَلِكَ لِلشَّارِحِ وَعِبَارَتُهُ فِي الْإِيعَابِ يَكْفِي الدُّعَاءُ فَقَطْ لَكِنْ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ أَوْ وَأُمُورِ الدُّنْيَا انْتَهَتْ اهـ
(قَوْلُهُ لِلنَّهْيِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَلِوُرُودِ النَّهْيِ بِالْعَطْفِ لِيَظْهَرَ التَّعْلِيلُ وَزِيَادَةِ الْمُضَافِ لِيَظْهَرَ عَطْفُ قَوْلِهِ الْآتِي وَأَنَّهُ إنْ فَعَلَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَإِنَّهُ إنْ فَعَلَهُ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ عَطْفُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ وَلَوْ قَالَ فَإِنْ فَعَلَهُ إلَخْ كَمَا هُوَ الرِّوَايَةُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلَا يَتَأَتَّى الْقَدْحُ فِي الْأُولَى بِغَيْرِ الْمَفْضُولِيَّةِ (قَوْلُهُ وَلَا يَعِزُّ) سُئِلَ السُّيُوطِيّ هَلْ هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَوْ فَتْحِهَا أَوْ ضَمِّهَا فَأَجَابَ بِقَوْلِهِ هُوَ بِكَسْرِ الْعَيْنِ مَعَ فَتْحِ الْيَاءِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَاللُّغَةِ وَالتَّصْرِيفِ قَالَ وَأَلَّفْت فِي ذَلِكَ مُؤَلَّفًا قَالَ وَقُلْت فِي آخِرِهِ نَظْمًا إلَى أَنْ قَالَ
عَزَّ الْمُضَاعَفُ يَأْتِي فِي مُضَارِعِهِ ... تَثْلِيثُ عَيْنٍ بِفَرْقٍ جَاءَ مَشْهُورَا
فَمَا كَغَلَّ وَصَدَّ الدَّلُّ مَعَ عِظَمٍ ... كَذَا كَرُمْتَ عَلَيْنَا جَاءَ مَكْسُورَا
وَمَا كَعَزَّ عَلَيْنَا الْحَالُ أَيْ صَعُبَتْ ... فَافْتَحْ مُضَارِعَهُ إنْ كُنْتَ نِحْرِيرَا
وَهَذِهِ الْخَمْسَةُ الْأَفْعَالُ لَازِمَةٌ ... وَاضْمُمْ مُضَارِعَ فِعْلٍ لَيْسَ مَقْصُورَا
عَزَزْتُ زَيْدًا بِمَعْنَى قَدْ غَلَبْتُ كَذَا ... أَعَنْتُهُ فَكِلَا ذَا جَاءَ مَأْثُورَا
وَقُلْ إذَا كُنْتَ فِي ذِكْرِ الْقُنُوتِ وَلَا ... يَعِزُّ يَا رَبِّ مَنْ عَادَيْتَ مَكْسُورَا
إلَخْ اهـ. (قَوْلُهُ وَلَا تَتَعَيَّنُ كَلِمَاتُهُ) قَالَ فِي الْعُبَابِ وَتَحْصُلُ سُنَّةُ الْقُنُوتِ بِكُلِّ دُعَاءٍ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَلَوْ بِغَيْرِ مَأْثُورٍ لَكَانَ أَوْلَى.
(قَوْلُهُ وَلَا يَتَأَتَّى إلَخْ)
الصفحة 65