كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)
وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ سَائِرَ الْأَدْعِيَةِ كَذَلِكَ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ عَلَى مَا لَمْ يَرِدْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ إمَامٌ بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ وَهُوَ كَثِيرٌ بَلْ قَالَ بَعْضُ الْحُفَّاظِ إنَّ أَدْعِيَتَهُ كُلَّهَا بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ وَمِنْ ثَمَّ جَرَى بَعْضُهُمْ عَلَى اخْتِصَاصِ الْجَمْعِ بِالْقُنُوتِ وَفَرَّقَ بِأَنَّ الْكُلَّ مَأْمُورُونَ بِالدُّعَاءِ إلَّا فِيهِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ فَقَطْ، وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ وَيَجْتَمِعُ بِهِ كَلَامُهُمْ وَالْخَبَرُ أَنَّهُ حَيْثُ اخْتَرَعَ دَعْوَةً كُرِهَ لَهُ الْإِفْرَادُ وَهَذَا هُوَ مَحْمَلُ النَّهْيِ وَحَيْثُ أَتَى بِمَأْثُورٍ اُتُّبِعَ لَفْظُهُ (وَالصَّحِيحُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آخِرَهُ) لِصِحَّتِهِ فِي قُنُوتِ الْوِتْرِ الَّذِي عَلَّمَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - مَعَ زِيَادَةِ فَاءٍ فِي إنَّك وَوَاوٍ فِي إنَّهُ بِلَفْظِ وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَقِيسَ بِهِ قُنُوتُ الصُّبْحِ وَخَرَجَ بِآخِرِهِ أَوَّلُهُ فَلَا يُسَنُّ فِيهِ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهَا تُسَنُّ أَوَّلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّ هَذَا مُسْتَثْنًى رِعَايَةً لِلْوَارِدِ فِيهِ وَيُسَنُّ أَيْضًا السَّلَامُ وَذِكْرُ الْآلِ وَيَظْهَرُ أَنْ يُقَاسَ بِهِمْ الصَّحْبُ لِقَوْلِهِمْ يُسْتَفَادُ سَنُّ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ مِنْ سَنِّهَا عَلَى الْآلِ لِأَنَّهَا إذَا سُنَّتْ عَلَيْهِمْ وَفِيهِمْ مَنْ لَيْسُوا صَحَابَةً فَعَلَى الصَّحَابَةِ أَوْلَى ثُمَّ رَأَيْت شَارِحًا صَرَّحَ بِذَلِكَ فَإِنْ قُلْت يُنَافِيهِ إطْبَاقُهُمْ عَلَى عَدَمِ ذِكْرِهَا فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّهُمْ ثَمَّ اقْتَصَرُوا عَلَى الْوَارِدِ وَهُنَا لَمْ يَقْتَصِرُوا عَلَيْهِ بَلْ زَادُوا ذِكْرَ الْآلُ بَحْثًا فَقِسْنَا بِهِمْ الْأَصْحَابَ لِمَا عَلِمْت وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ مُقَابَلَةَ الْآلِ بِآلِ إبْرَاهِيمَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ ثَمَّ تَقْتَضِي عَدَمَ التَّعَرُّضِ لِغَيْرِهِمْ وَهُنَا لَا مُقْتَضَى لِذَلِكَ فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُسَنَّ ذِكْرُ الْآلِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقُنُوتِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ هَذَا مَحَلُّ دُعَاءٍ فَنَاسَبَ خَتْمُهُ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ بِخِلَافِ ذَاكَ وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي أَوْ سَمِعَ آيَةً فِيهَا اسْمُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ تُسْتَحَبَّ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْمُصَنِّفُ وَيُسَنُّ أَنْ لَا يُطَوِّلَ الْقُنُوتَ فَإِنْ طَوَّلَهُ فَسَيَأْتِي قَرِيبًا.
(وَ) الصَّحِيحُ سَنُّ (رَفْعِ يَدَيْهِ) فِي جَمِيعِ الْقُنُوتِ وَالصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ بَعْدَهُ لِلِاتِّبَاعِ وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ أَوْ حَسَنٌ وَفَارَقَ نَحْوَ دُعَاءِ الِافْتِتَاحِ وَالتَّشَهُّدِ بِأَنَّ لِيَدَيْهِ وَظِيفَةً ثَمَّ لَا هُنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــQمَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّتُهُ) أَيْ النَّهْيِ (قَوْلُهُ وَيَتَعَيَّنُ حَمْلُهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَشَيْخِنَا عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْقُنُوتِ فَلْيَكُنْ الصَّحِيحُ اخْتِصَاصَ التَّفْرِقَةِ بِهِ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَدْعِيَةِ الصَّلَاةِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَلْيَكُنْ الصَّحِيحُ إلَخْ أَيْ خِلَافًا لِابْنِ حَجّ اهـ.
(قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ جَرَى بَعْضُهُمْ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَعِبَارَتُهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَيِّمِ أَنَّ أَدْعِيَةَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلَّهَا بِلَفْظِ الْإِفْرَادِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْجُمْهُورُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ إلَّا فِي الْقُنُوتِ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْقُنُوتِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْكُلَّ مَأْمُورُونَ بِالدُّعَاءِ بِخِلَافِ الْقُنُوتِ فَإِنَّ الْمَأْمُومَ يُؤَمِّنُ فَقَطْ اهـ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخِي اهـ.
(قَوْلُهُ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ لِصِحَّتِهِ) أَيْ ذِكْرُ الصَّلَاةِ فِي آخِرِ الْقُنُوتِ (قَوْلُهُ بِلَفْظِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّتِهِ إلَخْ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيسَ بِهِ) أَيْ بِقُنُوتِ الْوِتْرِ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَيَظْهَرُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِقَوْلِهِمْ إلَى وَلَوْ قَرَأَ وَقَوْلُهُ أَوْ سَمِعَ (قَوْلُهُ أَوَّلَهُ) أَيْ وَوَسَطَهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ أَوَّلَ الدُّعَاءِ) أَيْ وَوَسَطَهُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ هَذَا) أَيْ الْقُنُوتَ (قَوْلُهُ وَيُسَنُّ أَيْضًا السَّلَامُ وَذِكْرُ الْآلِ إلَخْ) وَاسْتَدَلَّ الْإِسْنَوِيُّ لِسَنِّ السَّلَامِ بِالْآيَةِ وَالزَّرْكَشِيُّ لِسَنِّ الْآلِ بِخَبَرِ كَيْفَ نُصَلِّي عَلَيْك مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَنْ يُقَاسَ بِهِمْ) أَيْ بِالْآلِ (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِقِيَاسِ الصَّحْبِ عَلَى الْآلِ (قَوْلُهُ يُنَافِيهِ) أَيْ ذِكْرُ الصَّحْبِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ ثُمَّ) أَيْ فِي صَلَاةِ التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ لِمَا عَلِمْت) يَعْنِي قَوْلَهُ لِقَوْلِهِمْ يُسْتَفَادُ إلَخْ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْفَرْقُ) بَيْنَ صَلَاةِ التَّشَهُّدِ وَصَلَاةِ الْقُنُوتِ حَيْثُ اقْتَصَرُوا فِي الْأَوَّلِ عَلَى الْوَارِدِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي إلَخْ) وَفِي الْعُبَابِ.
(فَرْعٌ) وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي آيَةً فِيهَا اسْمُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُدِبَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْرَبِ بِالضَّمِيرِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِرُكْنٍ قَوْلِي اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَسْمَعَ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلُ يُحْمَلُ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَنْوَارِ وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ قَوْلُ الْعِجْلِيّ يُسَنُّ إلَخْ انْتَهَى اهـ سم وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَمَا ذَكَرَهُ الْعِجْلِيّ فِي شَرْحِهِ مِنْ اسْتِحْبَابِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لِمَنْ قَرَأَ فِيهَا آيَةٌ مُتَضَمَّنَةٌ اسْمُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَفْتَى الْمُصَنِّفُ بِخِلَافِهِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر أَفْتَى الْمُصَنِّفُ إلَخْ ظَاهِرُهُ اعْتِمَادِ مَا أَفْتَى بِهِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي عَدَمِ الِاسْتِحْبَابِ بَيْنَ كَوْنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ أَوْ بِالضَّمِيرِ لَكِنْ حَمَلَهُ ابْنُ حَجّ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَوْلُهُ م ر بِخِلَافِهِ نَقَلَ سم عَلَى الْمَنْهَجِ عَنْ الشَّارِحِ م ر طَلَبَهَا اهـ ع ش
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْهُ يُعْلَمُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ فِي جَمِيعِ الْقُنُوتِ إلَخْ) أَيْ وَفِي سَائِرِ الْأَدْعِيَةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSكَمَا فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَفِي إطْلَاقِهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي الدُّعَاءُ الْمَحْضُ وَلَا سِيَّمَا بِأُمُورِ الدُّنْيَا فَقَطْ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَمْجِيدٍ وَدُعَاءٍ اهـ. وَالْأَوْجُهُ الْأَوَّلُ فَيَكْفِي الدُّعَاءُ فَقَطْ لَكِنْ بِأُمُورِ الْآخِرَةِ أَوْ أُمُورِ الدُّنْيَا اهـ. مَا فِي شَرْحِ الْعُبَابِ وَقَدْ وَافَقَ الْأَذْرَعِيَّ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ حَيْثُ أَفْتَى بِأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي بَدَلِ الْقُنُوتِ أَنْ يَكُونَ دُعَاءً وَثَنَاءً، وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْآيَةِ الَّتِي عَبَّرُوا فِيهَا بِقَوْلِهِمْ وَاللَّفْظُ لِلرَّوْضِ وَيُجْزِئُهُ أَيْ لِلْقُنُوتِ آيَةٌ فِيهَا مَعْنَى الدُّعَاءِ إنْ قَصَدَهُ بِهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي إلَخْ) وَفِي الْعُبَابِ فَرْعٌ وَلَوْ قَرَأَ الْمُصَلِّي آيَةً فِيهَا اسْمُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَدَبَ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ فِي الْأَقْرَبِ بِالضَّمِيرِ كَصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ لِلِاخْتِلَافِ فِي بُطْلَانِ الصَّلَاةِ بِرُكْنٍ قَوْلِيٍّ اهـ. قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقْرَأَ أَوْ يَسْمَعَ وَعَلَى هَذَا التَّفْصِيلِ يُحْمَلُ إفْتَاءُ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَتَرْجِيحُ الْأَنْوَارِ وَتَبِعَهُ الْغَزِّيِّ قَوْلُ الْعِجْلِيّ يُسَنُّ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ وَظِيفَةً) قَالَ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَهِيَ جَعْلُهُمَا تَحْتَ صَدْرِهِ وَهَذَا فِي دُعَاءِ
الصفحة 66