كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)
وَمَحَلُّهُ اعْتِدَالُ الْأَخِيرَةِ وَيَجْهَرُ بِهِ الْإِمَامُ فِي السِّرِّيَّةِ أَيْضًا (لَا) الْقُنُوتُ فِيهِنَّ (مُطْلَقًا) أَيْ لِنَازِلَةٍ وَغَيْرِهَا فَلَا يُسَنُّ لِغَيْرِهَا بَلْ يُكْرَهُ (عَلَى الْمَشْهُورِ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ لِغَيْرِ النَّازِلَةِ وَفَارَقَتْ الصُّبْحُ غَيْرَهَا بِشَرَفِهَا مَعَ اخْتِصَاصِهَا بِالتَّأْذِينِ قَبْلَ الْوَقْتِ وَبِالتَّثْوِيبِ وَبِكَوْنِهَا أَقْصَرَهُنَّ فَكَانَتْ بِالزِّيَادَةِ أَلْيَقَ أَمَّا غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ فَالْجِنَازَةُ يُكْرَهُ فِيهَا مُطْلَقًا لِبِنَائِهَا عَلَى التَّخْفِيفِ وَالْمَنْذُورَةُ وَالنَّافِلَةُ الَّتِي تُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ وَغَيْرُهُمَا لَا يُسَنُّ فِيهَا ثُمَّ إنْ قَنَتَ فِيهَا لِنَازِلَةٍ لَمْ يُكْرَهْ وَإِلَّا كُرِهَ وَقَوْلُ جَمْعٍ يَحْرُمُ وَتَبْطُلُ فِي النَّازِلَةِ ضَعِيفٌ، وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ تَبْطُلُ إنْ أَطَالَ لِإِطْلَاقِهِمْ كَرَاهَةَ الْقُنُوتِ فِي الْفَرَائِضِ وَغَيْرِهَا لِغَيْرِ النَّازِلَةِ الْمُقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ طَوِيلَةٍ وَقَصِيرَةٍ، وَفِي الْأُمِّ مَا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَمِنْ ثَمَّ لَمَّا سَاقَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الرِّيمِيِّ وَغَيْرِهِ فِي قَوْلِهِمْ إنْ أَطَالَ الْقُنُوتَ فِي النَّافِلَةِ بَطَلَتْ قَطْعًا.
(السَّابِعُ السُّجُودُ) مَرَّتَيْنِ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَكُرِّرَ دُونَ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَبْلَغُ فِي التَّوَاضُعِ وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَرَقَّى فَقَامَ ثُمَّ رَكَعَ ثُمَّ سَجَدَ وَأَتَى بِنِهَايَةِ الْخِدْمَةِ أُذِنَ لَهُ فِي الْجُلُوسِ فَسَجَدَ ثَانِيًا شُكْرًا عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ إيَّاهُ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا أَمَرَ بِالدُّعَاءِ فِيهِ وَأَخْبَرَ بِأَنَّهُ حَقِيقٌ بِالْإِجَابَةِ سَجَدَ ثَانِيًا شُكْرًا عَلَى إجَابَتِهِ تَعَالَى لَمَّا طَلَبَهُ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِيمَنْ سَأَلَ مِلْكًا شَيْئًا فَأَجَابَهُ ذَكَرَ ذَلِكَ الْقَفَّالُ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ السَّجْدَتَيْنِ رُكْنًا وَاحِدًا هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَيَانِ، وَالْمُوَافِقُ لَمْ يَأْتِ فِي مَبْحَثِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ أَنَّهُمَا رُكْنَانِ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ (وَأَقَلُّهُ مُبَاشَرَةُ بَعْضِ جَبْهَتِهِ) وَهِيَ مَا اكْتَنَفَهُ الْجَبِينَانِ وَهُمَا الْمُنْحَدَرَانِ عَنْ جَانِبَيْهَا (مُصَلَّاهُ) لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك مِنْ الْأَرْضِ وَلَا تَنْقُرْ نَقْرًا» مَعَ حَدِيثِ «أَنَّهُمْ شَكَوْا إلَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَيُؤْخَذُ مِنْهُ مُوَافَقَتُهُ لِلشَّارِحِ فِيمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ يَأْتِي بِقُنُوتِ الصُّبْحِ إلَخْ فَتَأَمَّلْهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ قُنُوتِ النَّازِلَةِ (وَيَجْهَرُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَيُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ أَوْ نَائِبِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْجَوَامِعِ فَإِنْ أَمَرَ بِهِ وَجَبَ وَيُسَنُّ الْجَهْرُ بِهِ مُطْلَقًا لِلْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ وَلَوْ سِرِّيَّةً كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَةُ الْإِمَامِ إلَخْ أَيْ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ وَأَمَّا مَا يَطْرَأُ مِنْ الْجَمَاعَةِ بَعْدَ صَلَاةِ الْإِمَامِ الرَّاتِبِ فَلَا يُسْتَحَبُّ مُرَاجَعَتُهُ وَقَوْلُهُ م ر وَيُسَنُّ الْجَهْرُ إلَخْ وَلَعَلَّهُ إنَّمَا طَلَبَ الْجَهْرَ مِنْ الْمُنْفَرِدِ هُنَا بِخِلَافِ قُنُوتِ الصُّبْحِ لِشِدَّةِ الْحَاجَةِ لِرَفْعِ الْبَلَاءِ الْحَاصِلِ فَطَلَبَ الْجَهْرَ إظْهَارًا لِتِلْكَ الشِّدَّةِ اهـ. (قَوْلُهُ وَفَارَقَتْ الصُّبْحَ) إلَى قَوْلِهِ أَمَّا غَيْرُ الْمَكْتُوبَاتِ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَيَشْرَعُ إلَخْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ لِنَازِلَةٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ لَهَا، وَهَذَا مَا اسْتَظْهَرَهُ فِي الْأَسْنَى وَتَبِعَهُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ وَإِلَّا فَالْمَنْقُولُ عَنْ نَصِّ الْإِمَامِ التَّفْصِيلُ نَظِيرَ مَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْمَنْذُورَةِ وَالنَّافِلَةِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا الْجَمَاعَةُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ لَا يُسَنُّ فِيهَا) أَيْ فِي الْمَنْذُورَةِ وَقِسْمَيْ النَّافِلَةِ (قَوْلُهُ وَكَذَا قَوْلُ بَعْضِهِمْ إلَخْ) أَيْ ضَعِيفٌ وَ (قَوْلُهُ لِإِطْلَاقِهِمْ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَا بَعْدُ، وَكَذَا (قَوْلُهُ بِذَلِكَ) أَيْ بِعَدَمِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ سَاقَهُ) أَيْ كَلَامَ الْأُمِّ
(قَوْلُهُ مَرَّتَيْنِ) إلَى قَوْلِهِ ذَكَرَ ذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَقَوْلُهُ وَذَكَرَ ذَلِكَ الْقَفَّالُ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ) أَيْ الْمُصَلِّيَ وَ (قَوْلُهُ فَقَامَ) بَيَانٌ لِلتَّرَقِّي وَ (قَوْلُهُ أَذِنَ لَهُ) جَوَابُ لَمَّا (وَقَوْلُهُ اسْتِخْلَاصُهُ) أَيْ تَأَهُّلُهُ وَ (قَوْلُهُ إيَّاهُ) أَيْ السُّجُودِ كُرْدِيٌّ وَعِبَارَةُ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى اسْتِخْلَاصِهِ) أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْ الْخِدْمَةِ الَّتِي طَلَبَهَا مِنْهُ بِأَنْ أَعَانَهُ عَلَى وَفَائِهَا وَالْفَرَاغِ مِنْهَا اهـ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الشَّارِعَ) أَيْ مُبَيِّنَ الشَّرْعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَوْلُهُ سَجَدَ ثَانِيًا) أَيْ أَمَرَ بِالسُّجُودِ ثَانِيًا (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ) أَيْ الشُّكْرُ عَلَى الْإِجَابَةِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِشَارَةَ لِكُلٍّ مِنْ الْحِكَمِ الثَّلَاثِ (قَوْلُهُ وَجَعَلَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَإِنَّمَا عُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ كَمَا عُدَّ بَعْضُهُمْ الطُّمَأْنِينَةَ فِي مَحَالِّهَا الْأَرْبَعَةِ رُكْنًا وَاحِدًا لِذَلِكَ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر لِكَوْنِهِمَا مُتَّحِدَيْنِ إلَخْ فَإِنْ قُلْت يُخَالِفُ هَذَا عَدُّهُمَا فِي شُرُوطِ الْقُدْوَةِ رُكْنَيْنِ فِي مَسْأَلَةِ الزَّحْمَةِ وَمَسْأَلَةِ التَّقَدُّمِ وَالتَّأَخُّرِ قُلْت لَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّ الْمَدَارَ ثَمَّ عَلَى مَا يَظْهَرُ بِهِ فُحْشُ الْمُخَالَفَةِ وَهِيَ تَظْهَرُ بِنَحْوِ الْجُلُوسِ وَسَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ فَعُدَّا رُكْنَيْنِ ثُمَّ وَالْمَدَارُ هُنَا عَلَى الِاتِّحَادِ فِي الصُّورَةِ فَعُدَّا رُكْنًا وَاحِدًا ثُمَّ مَا ذَكَرَ تَوْجِيهَ لِلرَّاجِحِ وَإِلَّا فَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ اهـ. (قَوْلُهُ إنَّهُمَا رُكْنَانِ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَالْمُوَافِقُ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الْبَسِيطِ) وَقَدْ يُقَالُ هَذَا أَقْعَدُ لِجَعْلِهِمْ الْجَلْسَةَ الْفَاصِلَةَ بَيْنَهُمَا رُكْنًا مُسْتَقِلًّا تَابِعًا مِنْ تَوَابِعِ السُّجُودِ بَصْرِيٌّ قَوْلُ الْمَتْنِ (مُبَاشَرَةُ بَعْضِ الْجَبْهَةِ) وَيُتَصَوَّرُ السُّجُودُ بِالْبَعْضِ بِأَنْ يَكُونَ السُّجُودُ عَلَى عُودٍ مَثَلًا أَوْ يَكُونَ بَعْضُهَا مَسْتُورًا فَيَسْجُدَ عَلَيْهِ مَعَ الْمَكْشُوفِ مِنْهَا ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (بَعْضِ جَبْهَتِهِ) وَاكْتَفَى بِبَعْضِهَا وَإِنْ كُرِهَ لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ بِذَلِكَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ فِعْلِ ذَلِكَ عَنْ الْأَسْنَى مَا نَصُّهُ وَهَلْ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ فِي غَيْرِ الْجَبْهَةِ كَعَلَى أُصْبُعٍ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ اهـ.
أَقُولُ وَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ النِّهَايَةِ فِي شَرْحِ قُلْت الْأَظْهَرُ وُجُوبُهُ إلَخْ. وَاكْتَفَى بِبَعْضِ كُلٍّ وَإِنْ كُرِهَ قِيَاسًا عَلَى مَا مَرَّ أَيْ مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ لِمَا سَبَقَ فِي الْجَبْهَةِ أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ بِذَلِكَ اهـ بِزِيَادَةٍ مِنْ ع ش (قَوْلُهُ وَهُمَا الْمُنْحَدِرَانِ) تَأَمَّلْ مَا فِيهِ مِنْ الدَّوْرِ الصَّرِيحِ بَصْرِيٌّ وَسم قَوْلُ الْمَتْنِ (مُصَلَّاهُ) أَيْ مَا يُصَلِّي عَلَيْهِ مِنْ أَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ لِلْحَدِيثِ) إلَى قَوْلِهِ وَحِكْمَتُهُ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ الْمُوجِبُ إلَى فَلَوْ سَجَدَ وَقَوْلُهُ وَيُفَرَّقَ إلَى كَفَى وَقَوْلُهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ إذَا سَجَدْت فَمَكِّنْ جَبْهَتَك إلَخْ) هَذَا الدَّلِيلُ أَخَصُّ مِنْ
ـــــــــــــــــــــــــــــSبَعْضُ جَبْهَتِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَاكْتَفَى بِبَعْضِ الْجَبْهَةِ وَإِنْ كَانَ مَكْرُوهًا كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ لِصِدْقِ اسْمِ السُّجُودِ عَلَيْهَا بِذَلِكَ انْتَهَى وَهَلْ يُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْبَعْضِ فِي غَيْرِ الْجَبْهَةِ كَعَلَى أُصْبُعٍ مِنْ الْيَدِ وَالرِّجْلِ (قَوْلُهُ وَهُمَا الْمُنْحَدِرَانِ) قَدْ يُقَالُ فِيهِ دَوْرٌ فَتَأَمَّلْ.
الصفحة 69