كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ فَلَمْ يُزِلْ شَكْوَاهُمْ» فَلَوْلَا وُجُوبُ كَشْفِهَا لَأَمَرَهُمْ بِسَتْرِهَا وَحِكْمَتُهُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ السُّجُودِ مُبَاشَرَةُ أَشْرَفِ الْأَعْضَاءِ وَهُوَ الْجَبْهَةُ لِمَوَاطِئِ الْأَقْدَامِ لِيَتِمَّ الْخُضُوعُ وَالتَّوَاضُعُ الْمُوجِبُ لِلْأَقْرَبِيَّةِ السَّابِقَةِ فِي خَبَرِ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ إذَا كَانَ سَاجِدًا» وَلِذَا احْتَاجَ لِمُقَدِّمَةٍ تُحَصِّلُ لَهُ كَمَالَ ذَلِكَ وَهِيَ الرُّكُوعُ فَلَوْ سَجَدَ عَلَى جَبِينِهِ أَوْ أَنْفِهِ أَوْ بَعْضِ عِمَامَتِهِ لَمْ يَكْفِ أَوْ عَلَى شَعْرٍ بِجَبْهَتِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا مَرَّ فِي الْمَسْحِ بِأَنَّهُ ثَمَّ يُجْعَلُ أَصْلًا فَاحْتِيطَ لَهُ بِكَوْنِهِ مَنْسُوبًا بِالْمَحَلَّةِ قَطْعًا وَهُنَا هُوَ بَاقٍ عَلَى تَبَعِيَّتِهِ لِمَنْبَتِهِ إذْ السُّجُودُ عَلَيْهِمَا فَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ ذَلِكَ كَفَى كَعِصَابَةٍ عَمَّتْهَا لِنَحْوِ جُرْحٍ يُخْشَى مِنْ إزَالَتِهَا مُبِيحُ تَيَمُّمٍ وَلَا إعَادَةَ إلَّا إنْ كَانَ تَحْتَهَا نَجِسٌ لَا يُعْفَى عَنْهُ.

(فَإِنْ سَجَدَ عَلَى) مَحْمُولٍ لَهُ (مُتَّصِلٍ بِهِ جَازَ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) كَطَرَفِ عِمَامَتِهِ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَصِلِ عَنْهُ فَعُدَّ مُصَلًّى لَهُ حِينَئِذٍ وَلِذَا فَرَّعَ هَذَا عَلَى مَا قَبْلَهُ بِخِلَافِ مَا إذَا تَحَرَّكَ بِهَا بِالْفِعْلِ لَا بِالْقُوَّةِ فِي جُزْءٍ مِنْ صَلَاتِهِ فِيمَا يَظْهَرُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا أَفْتَى بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَيَدِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَفْصِلُوا كَذَلِكَ فِي مُلَاقَاتِهِ لِنَجِسٍ لِمُنَافَاتِهِ لِلتَّعْظِيمِ الَّذِي وَجَبَ اجْتِنَابُ النَّجِسِ لِأَجْلِهِ وَهُنَا الْعِبْرَةُ بِكَوْنِ الشَّيْءِ مُسْتَقِرًّا كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ مَكِّنْ جَبْهَتَك وَلَا اسْتِقْرَارَ مَعَ التَّحَرُّكِ ثُمَّ إنْ عُلِمَ امْتِنَاعُ السُّجُودِ عَلَيْهِ وَتَعَمُّدُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ وَإِلَّا أَعَادَهُ، نَعَمْ يُجْزِئُ عَلَى نَحْوِ عُودٍ
ـــــــــــــــــــــــــــــQالْمُدَّعَى كَمَا لَا يَخْفَى فَالْمُنَاسِبُ ذِكْرُهُ بَعْدَ ذِكْرِ الطُّمَأْنِينَةِ الْآتِيَةِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ حَرَّ الرَّمْضَاءِ) وَالرَّمْضَاءُ الْأَرْضُ الشَّدِيدَةُ الْحَرَارَةُ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش الرَّمَضُ بِفَتْحَتَيْنِ شِدَّةُ وَقْعِ الشَّمْسِ عَلَى الرَّمْلِ وَغَيْرِهِ وَالْأَرْضُ رَمْضَاءُ بِوَزْنِ حَمْرَاءَ وَقَدْ رَمِضَ يَوْمُنَا اشْتَدَّ حَرُّهُ وَبَابُهُ طَرِبَ اهـ مُخْتَارٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحِكْمَتُهُ) أَيْ وُجُوبِ الْكَشْفِ (قَوْلُهُ وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِ الْمَقْصُودِ مِنْ السُّجُودِ مَا ذَكَرَ (احْتَاجَ) أَيْ السُّجُودُ (قَوْلُهُ كَمَالُ ذَلِكَ) أَيْ الْخُضُوعِ (قَوْلُهُ فَلَوْ سَجَدَ) إلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَإِنْ طَالَ إلَى كَفَى وَقَوْلُهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى شَعْرٍ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ سَجَدَ عَلَى سِلْعَةٍ نَبَتَتْ بِجَبْهَتِهِ لِأَنَّهَا جُزْءٌ مِنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَجَدَ عَلَى نَحْوِ يَدِهِ فَإِنَّهُ يَضُرُّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بِجَبْهَتِهِ أَوْ بِبَعْضِهَا) خَرَجَ بِهِ الشَّعْرُ النَّازِلُ مِنْ الرَّأْسِ فَلَا يَكْفِي السُّجُودُ عَلَيْهِ وَمِثْلُهُ شَعْرُ اللِّحْيَةِ وَالْيَدَيْنِ تَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ أَمْ لَا ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ طَالَ كَمَا اقْتَضَاهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ مُطْلَقًا اهـ. قَالَ ع ش أَيْ سَوَاء أَمْكَنَ السُّجُودُ عَلَى الْخَالِي مِنْهُ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ أَطَالَ أَوْ قَصُرَ اهـ.
(قَوْلُهُ لِمَحَلِّهِ) أَيْ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ عَلَى الشَّعْرِ وَمَنْبَتِهِ (قَوْلُهُ مُبِيحُ تَيَمُّمٍ) خِلَافًا لِصَرِيحِ النِّهَايَةِ حَيْثُ قَالَ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ اهـ. وَلِظَاهِرِ الْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَجَرَى فِي شَرْحِي الْإِرْشَادِ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِالْمَشَقَّةِ الشَّدِيدَةِ وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ كَمَا فِي الْعَجْزِ عَنْ الْقِيَامِ وَكَذَلِكَ الْإِيعَابُ وَهُوَ ظَاهِرُ الْأَسْنَى وَالْخَطِيبِ وسم وَغَيْرِهِمْ اهـ

قَوْلُ الْمَتْنِ (إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي أَجْزَائِهِ كَأَنْ طَالَتْ سِلْعَتُهُ بِبَدَنِهِ فَيَفْصِلُ فِي السُّجُودِ عَلَى بَعْضِهَا بَيْنَ أَنْ يَتَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فَلَا يَصِحُّ وَإِنْ لَا فَيَصِحُّ فِيهِ نَظَرٌ، ظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا نَعَمْ شَعْرُ الْجَبْهَةِ لَوْ طَالَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ سم أَيْ كَمَا مَرَّ فِي الشَّرْحِ (قَوْلُهُ وَلِذَا فَرَّعَ هَذَا إلَخْ) وَوَجَّهَ ع ش التَّفْرِيعَ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُ الْمَتْنِ فَإِنْ سَجَدَ إلَخْ تَفْرِيعٌ يُعْلَمُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْمُصَلِّي بِكَوْنِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِهِ أَوْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ قَالَ سم وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ لِلْأَئِمَّةِ كَثِيرًا وَهُوَ أَنَّهُمْ يَحْذِفُونَ الْقَيْدَ مِنْ الْكَلَامِ ثُمَّ يُفَرِّعُونَ عَلَيْهِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْأَوَّلِ اهـ.
(قَوْلُهُ لَا بِالْقُوَّةِ) وِفَاقًا لِلْمُغْنِي وَخِلَافًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَةُ الْأَوَّلِ وَلَوْ صَلَّى مِنْ قُعُودٍ فَلَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ وَلَوْ صَلَّى مِنْ قِيَامٍ لِتَحَرُّكٍ لَمْ يَضُرَّ إذْ الْعِبْرَةُ بِالْحَالَةِ الرَّاهِنَةِ وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ اهـ. وَعِبَارَةُ الثَّانِي وَلَوْ صَلَّى قَاعِدًا وَسَجَدَ عَلَى مُتَّصِلٍ بِهِ لَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ إلَّا إذَا صَلَّى قَائِمًا لَمْ يُجْزِئْهُ السُّجُودُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. وَمَالَ إلَيْهِ سم وَاعْتَمَدَهُ شَيْخُنَا وَنَقَلَ الْكُرْدِيُّ عَنْ الزِّيَادِيِّ عَلَى الْمَنْهَجِ اعْتِمَادَهُ لَكِنْ نَقَلَ الْبُجَيْرِمِيُّ عَنْ الزِّيَادِيِّ مُوَافَقَةَ الشَّارِحِ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِ حَاشِيَةِ الْمَنْهَجِ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ أَفْتَى بِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ التَّحَرُّكِ بِالْفِعْلِ فِي الْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ وُجُودِ التَّحَرُّكِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ كَيَدِهِ) أَيْ وَكُلُّ مَا كَانَ كَذَلِكَ ضَرَّ وَيَدْخُلُ فِيهِ السِّلْعَةُ النَّابِتَةُ فِي الْبَدَنِ فَلَا يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَيْهَا وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا لَوْ نَبَتَتْ فِي الْجَبْهَةِ لَا يُعْتَدُّ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا.
وَقِيَاسُ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّجُودِ عَلَى الشَّعْرِ النَّابِتِ بِالْجَبْهَةِ وَإِنْ طَالَ الِاكْتِفَاءُ بِهِ هُنَا بِالْأَوْلَى وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ الِاكْتِفَاءِ بِالسُّجُودِ عَلَيْهَا مَا لَمْ يَتَجَاوَزْ مَحَلَّهَا فَإِنْ جَاوَزَتْهُ كَأَنْ وَصَلَتْ إلَى صَدْرِهِ مَثَلًا فَلَا يُجْزِئُ السُّجُودُ عَلَى مَا جَاوَزَ مِنْهَا الْجَبْهَةَ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَفْصِلُوا) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ إلَخْ) لَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنْ الْخَفَاءِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ) لَا يَبْعُدُ أَنْ يَخْتَصَّ الْبُطْلَانُ بِمَا إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ قَبْلَ إزَالَةِ مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَتِهِ مِنْ تَحْتِ جَبْهَتِهِ حَتَّى لَوْ أَزَالَهُ ثُمَّ رَفَعَ بَعْدَ الطُّمَأْنِينَةِ لَمْ تَبْطُلْ وَحَصَلَ السُّجُودُ فَتَأَمَّلْ سم عَلَى الْمَنْهَجِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقْصِدْ ابْتِدَاءَ أَنَّهُ يَسْجُدُ عَلَيْهِ وَلَا يَرْفَعُهُ فَإِنْ قَصَدَ ذَلِكَ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِمُجَرَّدِ هَوِيِّهِ لِلسُّجُودِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَوْ عَزَمَ أَنْ يَأْتِيَ بِثَلَاثِ خُطُوَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ ثُمَّ شَرَعَ فِيهَا فَإِنَّهَا تَبْطُلُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ شُرُوعٌ فِي الْمُبْطِلِ وَنَقَلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الشَّيْخِ حَمْدَانَ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ ع ش (قَوْلُهُ وَإِلَّا أَعَادَهُ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَ بَعِيدَ الْعَهْدِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَتَحَرَّكْ بِحَرَكَتِهِ) هَلْ يَجْرِي هَذَا التَّفْصِيلُ فِي أَجْزَائِهِ كَأَنْ طَالَتْ سِلْعَةٌ بِبَدَنِهِ فَيَفْصِلُ فِي السُّجُودِ عَلَى بَعْضِهَا بَيْنَ أَنْ يَتَحَرَّكَ بِحَرَكَتِهِ فَلَا يَصِحُّ وَأَنْ لَا فَيَصِحُّ وَفِيهِ نَظَرٌ وَتَعْلِيلُهُمْ عَدَمُ صِحَّةِ السُّجُودِ عَلَى مَا يَتَحَرَّكُ بِحَرَكَةٍ بِأَنَّهُ كَالْجُزْءِ مِنْهُ لَا يَدُلُّ عَلَى جَرَيَانِ هَذَا التَّفْصِيلِ فِي الْجُزْءِ مِنْهُ فَتَأَمَّلْهُ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ عَدَمُ الْإِجْزَاءِ مُطْلَقًا نَعَمْ شَعْرُ الْجَبْهَةِ لَوْ طَالَ وَسَجَدَ عَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يُجْزِئَ لِأَنَّهُ فِي مَحَلِّ السُّجُودِ (قَوْلُهُ لَا بِالْقُوَّةِ) أَيْ بِأَنْ صَلَّى قَاعِدًا فَلَمْ يَتَحَرَّكْ وَلَوْ صَلَّى قَائِمًا لَتَحَرَّكَ لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِي الْمُتَحَرِّكِ بِالْقُوَّةِ

الصفحة 70