كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

وَيَحْصُلُ التَّنْكِيسُ فَيَجِبُ وَلَا يُنَافِي هَذَا قَوْلُهُمْ لَوْ عَجَزَ إلَّا أَنْ يَسْجُدَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ صُدْغِهِ وَكَانَ بِهِ أَقْرَبَ بِهِ لِلْأَرْضِ وَجَبَ لِأَنَّهُ مَيْسُورُهُ اهـ لِأَنَّهُ هُنَا قَدَرَ عَلَى زِيَادَةِ الْقُرْبِ وَثَمَّ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ وَضْعُ الْوِسَادَةِ لَا الْقُرْبُ فَلَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا مَعَ حُصُولِ التَّنْكِيسِ لِوُجُودِ حَقِيقَةِ السُّجُودِ حِينَئِذٍ، نَعَمْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ زِيَادَةُ الِانْحِنَاءِ إلَّا بِوَضْعِ الْوِسَادَةِ لَزِمَهُ وَضْعُهَا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ
(تَنْبِيهٌ) الْيَدَانِ مِنْ الْأَعَالِي كَمَا عُلِمَ مِنْ حَدِّ الْأَسَافِلِ وَحِينَئِذٍ فَيَجِبُ رَفْعُهَا عَلَى الْيَدَيْنِ أَيْضًا

(وَأَكْمَلُهُ) أَنَّهُ (يُكَبِّرُ) نَدْبًا (لِهَوِيِّهِ) لِلِاتِّبَاعِ (بِلَا رَفْعٍ) لِيَدَيْهِ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (وَيَضَعُ رُكْبَتَيْهِ) وَقَدَمَيْهِ (ثُمَّ يَدَيْهِ) كَمَا صَحَّ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (ثُمَّ جَبْهَتَهُ وَأَنْفَهُ) لِلِاتِّبَاعِ أَيْضًا وَيُسَنُّ وَضْعُهُمَا مَعًا وَكَشْفُ الْأَنْفِ (وَيَقُولُ سُبْحَانَ رَبِّي الْأَعْلَى) وَبِحَمْدِهِ (ثَلَاثًا) كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ فِي الرُّكُوعِ (وَيَزِيدُ) عَلَيْهِ (الْمُنْفَرِدُ) وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ (اللَّهُمَّ لَك) قَدَّمَ الِاخْتِصَاصَ (سَجَدْت وَبِك آمَنْت وَلَك أَسْلَمْت سَجَدَ وَجْهِي) أَيْ كُلُّ بَدَنِي وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالْوَجْهِ لِنَظِيرِ مَا قَدَّمْته فِي الِافْتِتَاحِ (لِلَّذِي خَلَقَهُ) أَيْ أَوْجَدَهُ مِنْ الْعَدَمِ (وَصَوَّرَهُ) عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْبَدِيعَةِ الْعَجِيبَةِ (وَشَقَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ) أَيْ مَنْفَذَهُمَا بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ (تَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) أَيْ فِي الصُّورَةِ وَأَمَّا الْخَلْقُ الْحَقِيقِيُّ فَلَيْسَ إلَّا لَهُ تَعَالَى.
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُخْتَارٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَيَحْصُلُ التَّنْكِيسُ فَيَجِبُ) أَيْ وَإِلَّا سُنَّ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي هَذَا) أَيْ عَدَمُ الْوُجُوبِ إنْ لَمْ يَحْصُلْ التَّنْكِيسُ (قَوْلُهُ وَكَانَ بِهِ) أَيْ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ أَوْ صُدْغِهِ (قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ زِيَادَةُ الِانْحِنَاءِ) فِيهِ مَا مَرَّ عَنْ سم آنِفًا (قَوْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ) لَعَلَّهُ بِفَتْحِ التَّاءِ أَيْ قَرِيبٌ (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ الْيَدَانِ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ سم (قَوْلُهُ الْيَدَانِ مِنْ الْأَعَالِي) وَفِي ع ش عَنْ الزِّيَادِيِّ مِثْلُهُ

(قَوْلُهُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) أَيْ عَدَمَ رَفْعِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَوْلُ الْمَتْنِ (يُكَبِّرُ لِهَوِيِّهِ) أَيْ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْهَوِيِّ وَيَمُدُّهُ إلَى انْتِهَائِهِ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْهَوِيِّ أَوْ كَبَّرَ مُعْتَدِلًا أَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُرِهَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ رَوْضٌ وَشَرْحُهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَقَدَمَيْهِ) أَيْ أَطْرَافَهُمَا ع ش وَكَتَبَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ أَيْضًا مَا نَصُّهُ قَدْ يُوهِمُ أَنَّ وَضْعَهُمَا مَعَ وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ وَيَظْهَرُ أَنَّهُ مُتَقَدِّمٌ اهـ أَيْ عَلَى وَضْعِ الرُّكْبَتَيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ (ثُمَّ جَبْهَتَهُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ مُخَالِفَةُ التَّرْتِيبِ الْمَذْكُورِ وَعَدَمُ وَضْعِ الْأَنْفِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَأَسْنَى قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَنْفَهُ) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ وَضْعُ الْأَنْفِ مَعَ أَنَّ خَبَرَ أُمِرْت أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمَ ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الْمُقْتَصِرَةِ عَلَى الْجَبْهَةِ قَالُوا وَتُحْمَلُ أَخْبَارُ الْأَنْفِ عَلَى النَّدْبِ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَفِيهِ ضَعْفٌ لِأَنَّ رِوَايَاتِ الْأَنْفِ زِيَادَةُ ثِقَةٍ وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُمَا أَسْنَى وَمُغْنِي زَادَ النِّهَايَةُ وَيُجَابُ عَنْهُ بِمَنْعِ عَدَمِ الْمُنَافَاةِ إذْ لَوْ وَجَبَ وَضْعُهُ لَكَانَتْ الْأَعْظُمُ ثَمَانِيَةً فِينَا فِي تَفْصِيلِ الْعَدَدِ مُجْمَلَةً وَهُوَ قَوْلُهُ سَبْعَةِ أَعْظُمَ اهـ. وَقَدْ يَمْنَعُ الْمُنَافَاةُ بَعْدَ مَجْمُوعِ الْجَبْهَةِ وَالْأَنْفِ لِلِاتِّصَالِ بَيْنَهُمَا وَاحِدًا (قَوْلُهُ لِلِاتِّبَاعِ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَقُولُ إلَخْ) أَيْ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بِمَا فِيهِ) أَيْ مِنْ أَنَّهَا أَدْنَى الْكَمَالِ وَلَا يَزِيدُ عَلَيْهَا الْإِمَامُ قَوْلُ الْمَتْنِ (اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت إلَخْ) وَلَوْ قَالَ سَجَدْت لِلَّهِ فِي طَاعَةِ اللَّهِ لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الدُّعَاءَ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الدُّعَاءَ فَلْيُرَاجَعْ وَنَقَلَ عَنْ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ بِالدَّرْسِ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ سَجَدَ الْفَانِي لِلْبَاقِي أَقُولُ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ بِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ إخْبَارٌ مَحْضٌ اهـ.
(قَوْلُهُ وَإِمَامُ مَنْ مَرَّ) أَيْ وَمَأْمُومٌ أَطَالَ إمَامُهُ سُجُودَهُ نِهَايَةٌ قَالَ ع ش تَقَدَّمَ عَنْ حَجّ فِي أَذْكَارِ الرُّكُوعِ أَنَّهُ يَزِيدُ فِيهِ كَالسُّجُودِ سُبْحَانَك اللَّهُمَّ رَبَّنَا وَبِحَمْدِك اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ قَبْلَ اللَّهُمَّ لَك سَجَدْت اهـ.
(قَوْلُهُ قَدَّمَ لِلِاخْتِصَاصِ) وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ سم (قَوْلُهُ أَيْ كُلُّ بَدَنِي إلَخْ) وَلَوْ قِيلَ الْمُرَادُ بِالْوَجْهِ هُنَا الْعُضْوُ الْمَخْصُوصُ لَكَانَ وَجْهًا وَيَلْزَمُ مِنْهُ سُجُودُ مَا عَدَاهُ بِالْأَوْلَى إذْ هُوَ أَشْرَفُ ثُمَّ رَأَيْت فِي النِّهَايَةِ مَا لَفْظُهُ وَخَصَّ الْوَجْهَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ أَكْرَمُ جَوَارِحِ الْإِنْسَانِ وَفِيهِ بَهَاؤُهُ وَعَظَمَتُهُ فَإِذَا خَضَعَ وَجْهُهُ لِشَيْءٍ خَضَعَ لَهُ سَائِرُ جَوَارِحِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ بِحَوْلِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ قَبْلَ تَبَارَكَ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ قَالَ فِيهَا وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ قُدُّوسٌ رَبٌ الْمَلَائِكَةِ وَالرُّوحِ وَيُسَنُّ لِلْمُنْفَرِدِ وَلِإِمَامِ مَحْصُورِينَ رَاضِينَ بِالتَّطْوِيلِ الدُّعَاءُ فِيهِ وَعَلَى ذَلِكَ حُمِلَ خَبَرُ مُسْلِمٍ «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ فَأَكْثِرُوا فِيهِ الدُّعَاءَ» وَقَدْ ثَبَتَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُولُ فِيهِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذَنْبِي كُلَّهُ دِقَّهُ وَجِلَّهُ وَأَوَّلَهُ وَآخِرَهُ وَعَلَانِيَتَهُ وَسِرَّهُ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِرِضَاك مِنْ سَخَطِك وَبِعَفْوِك مِنْ عُقُوبَتِك وَأَعُوذُ بِك مِنْك لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْك أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْت عَلَى نَفْسِك» وَيَأْتِي الْمَأْمُومُ بِمَا أَمْكَنَهُ مِنْ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَخَلُّفٍ اهـ. قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر وَيُسْتَحَبُّ فِيهِ سُبُّوحٌ إلَخْ لَعَلَّهُ يَأْتِي بِهِ قَبْلَ الدُّعَاءِ لِأَنَّهُ أَنْسَبُ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفَهَلْ يَجِبُ الْوَضْعُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ هَذَا ظَاهِرٌ مِمَّا ذَكَرَ (قَوْلُهُ فَيَجِبُ) اُنْظُرْ صُورَةَ حُصُولِ التَّنْكِيسِ بِوَضْعِ الْوِسَادَةِ إنْ أُرِيدَ السُّجُودُ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ تَنْبِيهٌ الْيَدَانِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِمَا الْكَفَّانِ

(قَوْلُهُ أَنَّهُ يُكَبِّرُ لِهَوِيِّهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ مُكَبِّرًا أَيْ يَبْتَدِئُ التَّكْبِيرَ مِنْ ابْتِدَاءِ الْهَوِيِّ كَمَا سَبَقَ فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ بِأَنْ يَمُدَّهُ إلَى انْتِهَاءِ الْهَوِيِّ فَلَوْ أَخَّرَهُ عَنْ الْهَوِيِّ أَوْ كَبَّرَ مُعْتَدِلًا أَوْ تَرَكَ التَّكْبِيرَ كُرِهَ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ اهـ. فَقَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ التَّكْبِيرِ مَعَ ابْتِدَاءِ الْهَوِيِّ وَقَدَّمَ فِي التَّكْبِيرِ لِلرُّكُوعِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحِ هُنَاكَ فِيهِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَبْتَدِئُهُ قَائِمًا فَقَدْ يَسْتَشْكِلُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَقَدْ يُفَرِّقُ بِأَنَّهُ ثُمَّ يُسَنُّ رَفْعُ يَدَيْهِ مَعَ ابْتِدَاءِ التَّكْبِيرِ وَالرَّفْعُ حَالَ الِانْحِنَاءِ مُتَعَذِّرٌ أَوْ مُتَعَسِّرٌ فَطَلَبَ كَوْنَ الِابْتِدَاءِ قَائِمًا لِيَسْهُلَ الرَّفْعُ وَهُنَاكَ يُسَنُّ الرَّفْعُ فَلَا حَاجَةَ لِابْتِدَائِهِ قَائِمًا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ ثُمَّ جَبْهَتُهُ وَأَنْفُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَلَوْ خَالَفَ التَّرْتِيبَ أَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْجَبْهَةِ كُرِهَ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ انْتَهَى (قَوْلُهُ قَدَّمَ لِلِاخْتِصَاصِ) وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ.

الصفحة 75