كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

لِأَنَّ تَفْرِيجَهَا يُزِيلُ بَعْضَهَا كَالْإِبْهَامِ عَنْ الْقِبْلَةِ (وَيَقْبِضُ مِنْ يُمْنَاهُ) بَعْدَ وَضْعِهَا عَلَى فَخِذِهِ الْأَيْمَنِ عِنْدَ الرُّكْبَةِ (الْخِنْصِرِ وَالْبِنْصِرِ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِمَا وَثَالِثِهِمَا (وَكَذَا الْوُسْطَى فِي الْأَظْهَرِ) لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِيلَ يُحَلِّقُ بَيْنَ الْوُسْطَى وَالْإِبْهَامِ بِالتَّحْلِيقِ بَيْنَ رَأْسَيْهِمَا، وَقِيلَ بِوَضْعِ أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ عُقْدَتَيْ الْإِبْهَامِ وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِأَنَّهُ أَصَحُّ وَرُوَاتُهُ أَفْقَهُ (وَيُرْسِلُ الْمُسَبِّحَةَ) فِي كُلِّ التَّشَهُّدِ لِلِاتِّبَاعِ وَهِيَ بِكَسْرِ الْبَاءِ الَّتِي تَلِي الْإِبْهَامَ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا لِلتَّوْحِيدِ وَتُسَمَّى أَيْضًا السَّبَّابَةَ لِأَنَّهَا يُشَارُ بِهَا عِنْدَ الْمُخَاصَمَةِ وَالسَّبِّ (وَيَرْفَعُهَا) مَعَ إمَالَتِهَا قَلِيلًا لِئَلَّا تَخْرُجَ عَنْ سَمْتِ الْقِبْلَةِ (عِنْدَ) هَمْزَةِ (قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) لِلِاتِّبَاعِ وَلَا يَضَعُهَا إلَى آخِرِ التَّشَهُّدِ قَاصِدًا بِذَلِكَ الْإِشَارَةَ لِكَوْنِ الْمَعْبُودِ وَاحِدًا فِي ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ لِيَجْمَعَ فِي تَوْحِيدِهِ بَيْنَ اعْتِقَادِهِ وَقَوْلِهِ وَفِعْلِهِ وَخَصَّتْ بِذَلِكَ لِاتِّصَالِهَا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ فَكَأَنَّهَا سَبَبٌ لِحُضُورِهِ وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِسَبَّابَةِ الْيَسَارِ.
وَتُكْرَهُ الْإِشَارَةُ بِسَبَّابَةِ الْيَسَارِ وَإِنْ قُطِعَتْ يُمْنَاهُ لِفَوَاتِ سُنَّةِ وَضْعِهَا السَّابِقِ وَمِنْهُ يُؤْخَذُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ رَفْعُ غَيْرِ السَّبَّابَةِ لَوْ فُقِدَتْ لِفَوَاتِ سُنَّةِ قَبْضِهَا السَّابِقِ وَيَظْهَرُ فِيمَا لَوْ وَضَعَ الْيُمْنَى عَلَى غَيْرِ الرُّكْبَةِ أَنْ يُشِيرَ بِسَبَّابَتِهَا حِينَئِذٍ لِمَا هُوَ وَاضِحٌ أَنَّ كُلًّا مِنْ الْوَضْعِ عَلَى الْفَخِذِ وَالرَّفْعِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا ذَكَرَ سُنَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ (وَلَا يُحَرِّكُهَا) عِنْدَ رَفْعِهَا لِلِاتِّبَاعِ وَصَحَّ تَحْرِيكُهَا فَيُحْمَلُ لِلْجَمْعِ بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الرَّفْعُ لَا سِيَّمَا وَفِي التَّحْرِيكِ قَوْلٌ بِأَنَّهُ حَرَامٌ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ فَمِنْ ثَمَّ قُلْنَا بِكَرَاهَتِهِ (وَالْأَظْهَرُ ضَمُّ الْإِبْهَامِ إلَيْهَا) أَيْ الْمُسَبِّحَةِ (كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ) عِنْدَ مُتَقَدِّمِي الْحِسَابِ بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْإِبْهَامِ عِنْدَ أَسْفَلِهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهَا لِلِاتِّبَاعِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَقِيلَ بِأَنْ يَجْعَلَهَا مَقْبُوضَةً تَحْتَ الْمُسَبِّحَةِ، وَقِيلَ يُرْسِلُ الْإِبْهَامَ أَيْضًا مَعَ طُولِ الْمُسَبِّحَةِ، وَقِيلَ يَضَعُهَا عَلَى أُصْبُعِهِ الْوُسْطَى كَعَاقِدِ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ وَرَجَّحْت الْأُولَى لِنَظِيرِ مَا مَرَّ (وَالصَّلَاةُ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) مَعَ قُعُودِهَا (فَرْضٌ فِي التَّشَهُّدِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQهَذِهِ الْهَيْئَةِ أَقْرَبَ إلَى التَّوَاضُعِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ لِأَنَّ تَفْرِيجَهَا يُزِيلُ إلَخْ) هَذَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ حَتَّى لَوْ صَلَّى دَاخِلَ الْبَيْتِ ضَمَّ جَمِيعَهَا مَعَ تَوَجُّهِ الْكُلِّ لِلْقِبْلَةِ لَوْ فَرَّجَهَا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ بَعْدَ وَضْعِهَا إلَخْ) أَيْ مَنْشُورَةَ الْأَصَابِعِ ع ش (قَوْلُهُ الْأَيْمَنِ) نَعْتُ فَخِذِهِ (قَوْلُهُ لِلتَّوْحِيدِ) لَا يَظْهَرُ مِنْ مُجَرَّدِهِ وَجْهُ الْمُنَاسَبَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ عَلَيْهِ اللَّازِمُ لَهُ التَّنْزِيهُ إذْ الْمُرَادُ التَّوْحِيدُ الْكَامِلُ الشَّامِلُ لِتَوْحِيدِ الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ اهـ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ لِلتَّوْحِيدِ أَيْ وَالتَّوْحِيدُ تَسْبِيحٌ لِأَنَّهُ تَنْزِيهٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَنْ الشَّرِيكِ وَالتَّسْبِيحُ التَّنْزِيهُ اهـ. وَعِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَى التَّوْحِيدِ وَالتَّنْزِيهِ اهـ. قَالَ ع ش قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ يُطْلَبُ لِإِشَارَةٍ بِهَا عِنْدَ التَّسْبِيحِ وَعِنْدَ التَّوْحِيدِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي غَيْرِ التَّشَهُّدِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَيَرْفَعُهَا) وَلَوْ كَانَ لَهُ سَبَّابَتَانِ أَصْلِيَّتَانِ كَفَى رَفْعُ إحْدَاهُمَا شَيْخُنَا وَقَالَ ع ش سُئِلَ الْمُؤَلِّفُ م ر عَمَّنْ لَهُ سَبَّابَتَانِ اشْتَبَهَتْ الزَّائِدَةُ مِنْهُمَا بِالْأَصْلِيَّةِ فَأَجَابَ الْقِيَاسُ الْإِشَارَةُ بِهِمَا كَذَا بِهَامِشٍ وَهُوَ قَرِيبٌ أَقُولُ وَيَنْبَغِي أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتَا أَصْلِيَّتَيْنِ فَيُشِيرُ بِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ مَعَ إمَالَتِهَا) أَيْ إرْخَاءِ رَأْسِهَا إلَى جِهَةِ الْكَعْبَةِ كُرْدِيٌّ وَع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (عِنْدَ قَوْلِهِ إلَّا اللَّهُ) وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ انْتِهَاءَ الرَّفْعِ لَا يَتَقَيَّدُ بِحَرْفٍ دُونَ حَرْفٍ نَعَمْ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ الْمَتْنِ أَنَّ انْتِهَاءَهُ مَعَ الْهَاءِ وَفِيهِ مَعْنًى دَقِيقٌ يَذُوقُهُ مَنْ ثَمِلَ مِنْ رَحِيقِ التَّحْقِيقِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ إلَى آخِرِ التَّشَهُّدِ) عِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ بَافَضْلٍ إلَى السَّلَامِ اهـ وَعِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالنِّهَايَةِ إلَى الْقِيَامِ فِي التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَإِلَى السَّلَامِ فِي التَّشَهُّدِ الثَّانِي اهـ وَقَالَ ع ش هَلْ الْمُرَادُ بِالسَّلَامِ تَمَامُ التَّسْلِيمَتَيْنِ أَوْ تَمَامُ التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهَا مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ مِنْ تَوَابِعِ الصَّلَاةِ لَكِنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ حَجّ أَنَّهُ يَضَعُهَا حَيْثُ تَمَّ التَّشَهُّدُ قَبْلَ شُرُوعِهِ فِي التَّسْلِيمَةِ الْأُولَى وَيُمْكِنُ رَدُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ م ر إلَى مَا قَالَهُ حَجّ بِجَعْلِ الْغَايَةِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ م ر خَارِجَةً عَنْ الْمُغَيَّا كَمَا هُوَ الرَّاجِحُ اهـ.
(قَوْلُهُ لِيَجْمَعَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ قَاصِدًا بِذَلِكَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَخُصَّتْ بِذَلِكَ) أَيْ الْمُسَبِّحَةُ بِالرَّفْعِ (قَوْلُهُ لِاتِّصَالِهَا إلَخْ) نُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّ أَصْحَابَ التَّشْرِيحِ لَمْ يَذْكُرُوهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِنِيَاطِ الْقَلْبِ) أَيْ عِرْقِهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ وَالنِّيَاطُ بِالْكَسْرِ عِرْقٌ مُتَّصِلٌ بِالْقَلْبِ انْتَهَى ع ش (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهَا) أَيْ رَفْعَ الْمُسَبِّحَةِ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْإِشَارَةِ بِالْمُسَبِّحَةِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ إلَخْ) عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ نِهَايَةٌ وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ مُبْطِلٌ لِلصَّلَاةِ) أَيْ إنْ حَرَّكَهَا ثَلَاثًا مُتَوَالِيَةً وَظَاهِرٌ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ مَا لَمْ يُحَرِّكْ الْكَفَّ كَذَلِكَ وَإِلَّا بَطَلَتْ الصَّلَاةُ جَزْمًا شَيْخُنَا عِبَارَةُ سم وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ يُحَرِّكْ الْكَفَّ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِثَلَاثِ حَرَكَاتٍ مُتَوَالِيَةٍ عَامِدًا وَإِنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ مَعَ الْكَفِّ بَطَلَتْ بِتَحْرِيكِ الزَّنْدِ كَذَلِكَ اهـ.
(قَوْلُهُ عِنْدَ مُتَقَدِّمِي الْحِسَابِ) وَأَكْثَرُهُمْ يُسَمُّونَ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ وَآثَرَ الْفُقَهَاءُ الْأُوَلَ تَبَعًا لِلَفْظِ الْخَبَرِ نِهَايَةٌ وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَجْعَلَ رَأْسَ الْإِبْهَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَالْأَفْضَلُ قَبْضُ الْإِبْهَامِ بِجَنْبِهَا أَيْ الْمُسَبِّحَةِ بِأَنْ يَجْعَلَهَا تَحْتَهَا عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهِ اهـ.
(قَوْلُهُ عَلَى طَرَفِ رَاحَتِهَا) عِبَارَةُ غَيْرِهِ رَاحَتُهُ بِالتَّذْكِيرِ (قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) لَا يَتَّضِحُ الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأُولَى لَا سِيَّمَا عَلَى مَا مَرَّ عَنْ شَيْخِنَا (قَوْلُهُ وَأَنْ يَجْعَلَهَا) أَيْ الْإِبْهَامَ
(فَائِدَةٌ) الْإِبْهَامُ مِنْ الْأَصَابِعِ مُؤَنَّثٌ وَلَمْ يَحْكِ الْجَوْهَرِيُّ غَيْرَهُ وَحُكِيَ فِي شَرْحِ الْجُمَلِ التَّذْكِيرُ وَالتَّأْنِيثُ وَجَمْعُهَا أَبَاهِمُ عَلَى وَزْنِ أَكَابِرَ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ أَبَاهِيمُ بِزِيَادَةِ يَاءٍ وَقِيلَ كَانَتْ سَبَّابَةُ قَدَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَطْوَلَ مِنْ الْوُسْطَى وَالْوُسْطَى أَطْوَلَ مِنْ الْبِنْصِرِ وَالْبِنْصِرُ أَطْوَلَ مِنْ الْخِنْصَرِ وَعِبَارَةُ الدَّمِيرِيِّ تُوهِمُ أَنَّ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِلتَّوْحِيدِ) أَيْ وَالتَّوْحِيدُ تَسْبِيحٌ لِأَنَّهُ تَنْزِيهٌ لِلَّهِ عَنْ الشَّرِيكِ وَالتَّسْبِيحُ التَّنْزِيهُ (قَوْلُهُ لِفَوَاتِ سُنَّةِ وَضْعِهَا السَّابِقِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَتْ مِسْبَحَتُهُ لَا يُشِيرُ بِغَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ أَصَابِعِ الْيُمْنَى لِفَوَاتِ سُنَّةِ وَضْعِ الْبَقِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُحَرِّكُهَا) وَالْكَلَامُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ مَا لَمْ تُحَرَّكْ الْكَفُّ وَإِلَّا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِثَلَاثِ حَرَكَاتٍ

الصفحة 80