كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

يَعْنِي بَعْدَهُ فَلَا يُجْزِئُ قَبْلَهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ (الْأَخِيرُ) يَعْنِي الْوَاقِعُ آخِرَ الصَّلَاةِ وَإِنْ لَمْ يَسْبِقْهُ تَشَهُّدٌ آخَرُ كَتَشَهُّدِ صُبْحٍ وَجُمُعَةٍ وَمَقْصُورَةٍ وَذَلِكَ لِلْأَخْبَارِ الصَّحِيحَةِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ بَعْضُهَا مُصَرِّحٌ بِهِ كَمَا بَسَطْته فِي عِدَّةِ كُتُبٍ لَا سِيَّمَا شَرْحُ الْعُبَابِ وَالدُّرِّ الْمَنْضُودِ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ عَلَى صَاحِبِ الْمَقَامِ الْمَحْمُودِ مَعَ الرَّدِّ الْوَاضِحِ عَلَى مَنْ زَعَمَ شُذُوذَ الشَّافِعِيِّ بِإِيجَابِهَا (وَالْأَظْهَرُ سَنُّهَا فِي الْأَوَّلِ) لِأَنَّهَا رُكْنٌ فِي الْأَخِيرِ فَسُنَّتْ كَالتَّشَهُّدِ.

(وَلَا تُسَنُّ) الصَّلَاةُ (عَلَى الْآلِ فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَوَّلِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ وَلِأَنَّ فِيهَا نَقْلُ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ عَلَى قَوْلٍ وَهُوَ مُبْطِلٌ عَلَى قَوْلٍ، وَاخْتِيرَ مُقَابِلُهُ لِصِحَّةِ حَدِيثٍ فِيهِ وَآلُهُ مَرَّ أَوَّلَ الْكِتَابِ، وَقِيلَ كُلُّ مُسْلِمٍ أَيْ فِي مَقَامِ الدُّعَاءِ وَنَحْوِهِ وَاخْتَارَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ
(فَرْعٌ) وَقَعَ هُنَا لِلْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ لَوْ شَكَّ أَثْنَاءَ الصَّلَاةِ فِي مُبْطِلٍ لِطَهَارَتِهِ أَثَّرَ كَالشَّكِّ فِي النِّيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يُؤَثِّرُ كَمَا يَأْتِي فِي سُجُودِ السَّهْوِ (وَتُسَنُّ) الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ (فِي) التَّشَهُّدِ (الْأَخِيرِ وَقِيلَ يَجِبُ) لِلْأَمْرِ بِهَا أَيْضًا بَلْ قِيلَ تَجِبُ عَلَى إبْرَاهِيمَ لِذَلِكَ أَيْضًا.

(وَأَكْمَلُ التَّشَهُّدِ مَشْهُورٌ) وَفِيهِ أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ مِنْهَا تَشَهُّدَ ابْنِ عَبَّاسٍ لِتَأَخُّرِهِ وَقَوْلُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُعَلِّمُهُمْ إيَّاهُ كَمَا يُعَلِّمُهُمْ السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآنِ» وَلِزِيَادَةِ الْمُبَارَكَاتِ فِيهِ فَهُوَ أَوْفَقُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] وَهُوَ التَّحِيَّاتُ أَيْ كُلُّ مَا يَحْيَا بِهِ مِنْ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ بِالْمُلْكِ وَالْعَظَمَةِ وَجُمِعَتْ لِأَنَّ كُلَّ مِلْكٍ مِنْ مُلُوكِ الدُّنْيَا كَانَ لَهُ تَحِيَّةً مَخْصُوصَةً فَجُعِلَ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلَّهِ تَعَالَى بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ دُونَ غَيْرِهِ الْمُبَارَكَاتُ
ـــــــــــــــــــــــــــــQذَلِكَ فِي يَدِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ يَعْنِي بَعْدَهُ) هَلْ يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَا تَجِبُ مُوَالَاةُ الْأَرْكَانِ حَيْثُ لَا مَحْذُورَ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْمُوَالَاةِ كَتَطْوِيلِ رُكْنٍ قَصِيرٍ سم (قَوْلُهُ كَمَا بَسَطَتْهُ إلَخْ) وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي هُنَا نَوْعُ بَسْطٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ عَلَى مَنْ زَعَمَ شُذُوذَ الشَّافِعِيِّ إلَخْ) بَلْ وَافَقَهُ عَلَى قَوْلِهِ بِذَاكَ عِدَّةٌ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ كَعُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَكَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ وَالشَّعْبِيِّ وَمُقَاتِلٍ مِنْ التَّابِعِينَ وَهُوَ قَوْلُ أَحْمَدَ الْأَخِيرِ وَإِسْحَاقَ وَقَوْلٍ لِمَالِكٍ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ أَصْحَابِهِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي مُخْتَصَرِهِ وَابْنُ الْعَرَبِيّ فِي سِرَاجِ الْمُرِيدِينَ فَهَؤُلَاءِ كُلُّهُمْ يُوجِبُونَهَا فِي التَّشَهُّدِ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ لَوْ سَلِمَ تَفَرُّدُهُ بِذَلِكَ لَكَانَ حَبَّذَا التَّفَرُّدُ نِهَايَةٌ وَقَالَ الزِّيَادِيُّ بَلْ لَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ غَيْرَ النَّخَعِيّ تَصْرِيحٌ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا ع ش (قَوْلُهُ بِإِيجَابِهَا) أَيْ إيجَابِ الصَّلَاةِ فِي التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهَا رُكْنٌ) إلَى قَوْلِهِ وَآلِهِ فِي الْمُغْنِي.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَلَا تُسَنُّ عَلَى الْآلِ إلَخْ) لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالصَّلَاةِ عَلَى الْآلِ وَتَوَابِعِهَا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ سم وَتَقَدَّمَ فِي الشَّارِحِ قُبَيْلَ الْخَامِسِ الرُّكُوعُ خِلَافُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (عَلَى الصَّحِيحِ) وَالْخِلَافُ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِهَا فِي الْآخِرِ فَإِنْ لَمْ تَجِبْ فِيهِ وَهُوَ الرَّاجِحُ كَمَا سَيَأْتِي لَمْ تُسَنَّ فِي الْأَوَّلِ جَزْمًا مُغْنِي (قَوْلُهُ لِصِحَّةِ أَحَادِيثَ فِيهِ) أَيْ وَلَا تَطْوِيلَ بِزِيَادَةِ وَآلِهِ أَوْ آلِ مُحَمَّدٍ وَنَقَلَ الرُّكْنُ مَوْجُودٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَيْضًا (قَوْلُهُ فِي النِّيَّةِ) أَيْ نِيَّةِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْأَمْرِ بِهَا

(قَوْلُهُ وَفِيهِ أَحَادِيثُ) إلَى قَوْلِهِ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) أَيْ فِي التَّشَهُّدِ (قَوْلُهُ اخْتَارَ الشَّافِعِيُّ تَشَهُّدَ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَخْ) أَيْ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ السَّلَامُ عَلَيْك إلَخْ وَعَلَى رِوَايَةِ عُمَرَ وَهِيَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ الزَّاكِيَاتُ لِلَّهِ الصَّلَوَاتُ لِلَّهِ السَّلَامُ عَلَيْك إلَخْ إلَّا أَنَّهُمَا قَالَا وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَكُلُّهَا مُجْزِئَةٌ يَتَأَدَّى بِهَا الْكَمَالُ وَأَصَحُّهَا خَبَرُ ابْنِ مَسْعُودٍ ثُمَّ خَبَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ لَكِنَّ الْأَفْضَلَ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلَّلَ بِمَا ذَكَرَ أَيْ فَالِاخْتِيَارُ مِنْ حَيْثُ الْأَفْضَلِيَّةُ مُغْنِي وَشَرْحُ بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ لِتَأَخُّرِهِ) أَيْ عَنْ تَشَهُّدِ ابْنِ مَسْعُودٍ مُغْنِي وَأَسْنَى أَيْ لِأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ مِنْ مُتَقَدِّمِي الصَّحَابَةِ وَابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ وَالْمُتَأَخِّرُ يَقْضِي عَلَى الْمُتَقَدِّمِ ع ش (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ تَشَهُّدُ ابْنِ عَبَّاسٍ (قَوْلُهُ مِنْ الثَّنَاءِ) أَيْ بِقَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ كُلَّ مَلِكٍ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ إيهَامُ التَّخْصِيصِ فِي الِاخْتِصَاصِ فَلَعَلَّ نُكْتَةَ الْجَمْعِ التَّنْصِيصُ عَلَى التَّعَدُّدِ سِيَّمَا وَفَهْمُهُ بِطَرِيقِ اللُّزُومِ لِلشُّمُولِ الْمَدْلُولِ لِلَّامِ مِمَّا لَا يَخْفَى عَلَى أَفْهَامِ الْعَوَامّ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ كَانَ لَهُ تَحِيَّةٌ مَخْصُوصَةٌ) فَكَانَتْ تَحِيَّةُ مَلِكِ الْعَرَبِ بِأَنْعِمْ صَبَاحًا وَمَلِكِ الْأَكَاسِرَةِ بِالسُّجُودِ لَهُ وَتَقْبِيلِ الْأَرْضِ وَمَلِكِ الْفُرْسِ بِطَرْحِ الْيَدِ عَلَى الْأَرْضِ قُدَّامَهُ ثُمَّ تَقْبِيلِهَا وَمَلِكِ الْحَبَشَةِ بِوَضْعِ الْيَدَيْنِ عَلَى الصَّدْرِ مَعَ سَكِينَةٍ وَمَلِكِ الرُّومِ بِكَشْفِ الرَّأْسِ وَتَنْكِيسِهِ وَمَلِكِ النُّوبَةِ بِجَعْلِ الْيَدَيْنِ عَلَى الْوَجْهِ وَمَلِكِ حِمْيَرَ بِالْإِيمَاءِ بِالدُّعَاءِ بِالْأَصَابِعِ وَمَلِكِ الْيَمَامَةِ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَى كَتِفِهِ فَإِنْ بَالَغَ رَفَعَهَا وَوَضَعَهَا مِرَارًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ فَجَعَلَ ذَلِكَ كُلَّهُ إلَخْ) أَيْ مِمَّا فِيهِ تَعْظِيمٌ شَرْعًا لِيَخْرُجَ مَا لَوْ اعْتَادُوا نَوْعًا مَنْهِيًّا عَنْهُ فِي الشَّرْعِ كَكَشْفِ الْعَوْرَةِ وَالطَّوَافِ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا ع ش وَلَك أَنْ تَسْتَغْنِيَ عَنْ ذَلِكَ الْقَيْدِ بِأَنَّ الْمُرَادَ الْمَقْصُودُ مِنْ ذَلِكَ وَهُوَ التَّعْظِيمُ (قَوْلُهُ لِلَّهِ) قَدْ يُوهِمُ ثُبُوتَهَا هُنَا أَيْضًا وَلَمْ نَرَهُ لِغَيْرِهِ فَلَعَلَّهُ لِحِلِّ الْمَعْنَى لَا لِلرِّوَايَةِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ وَيَدْفَعُ الْإِيهَامَ شُهْرَةُ الْأَكْمَلِ (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الِاسْتِحْقَاقِ الذَّاتِيِّ) كَانَ وَجْهُ الْإِشْهَارِ بِهَذَا الْعُدُولِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSمُتَوَالِيَةٍ عَامِدًا عَالِمًا وَإِنْ قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ مَعَ الْكَفِّ بَطَلَتْ بِتَحْرِيكِ الزَّنْدِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ يَعْنِي بَعْدَهُ) هَلْ يُشْتَرَطُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ عَدَمُ الِاشْتِرَاطِ لِأَنَّ الصَّلَاةَ رُكْنٌ مُسْتَقِلٌّ وَلَا تَجِبُ مُوَالَاةُ الْأَرْكَانِ حَيْثُ لَا مَعْذُورَ يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ الْمُوَالَاةَ كَتَطْوِيلِ رُكْنٍ قَصِيرٍ

(قَوْلُهُ وَلَا تُسَنُّ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ فِي الْأَوَّلِ) لَوْ فَرَغَ الْمَأْمُومُ مِنْ التَّشَهُّدِ الْأَوَّلِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَبْلَ فَرَاغِ الْإِمَامِ سُنَّ لَهُ الْإِتْيَانُ بِالصَّلَاةِ عَلَى

الصفحة 81