كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

وَصَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ وَسَكَتُوا عَلَيْهِ وَفِيهِ مَا فِيهِ (وَأَقَلُّهُ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلَامٌ عَلَيْك أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلَامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) لِوُرُودِ إسْقَاطِ الْمُبَارَكَاتِ بَلْ صِحَّتُهُ قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ وَلَوْ وَرَدَ إسْقَاطِ الصَّلَوَاتِ قَالَ غَيْرُهُ وَالطَّيِّبَاتُ وَرُدَّا بِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ إسْقَاطَهُمَا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ لِلتَّحِيَّاتِ وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الْأَفْضَلَ تَعْرِيفُ السَّلَامِ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إبْدَالُ لَفْظٍ مِنْ هَذَا الْأَقَلِّ وَلَوْ بِمُرَادِفِهِ كَالنَّبِيِّ بِالرَّسُولِ وَعَكْسِهِ وَمُحَمَّدٍ بِأَحْمَدَ أَوْ غَيْرِهِ، وَكَذَا فِي سَلَامِ التَّحَلُّلِ.
وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ مَا يَأْتِي فِي مُحَمَّدٍ فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ بِأَنَّ أَلْفَاظَهَا الْوَارِدَةَ كَثُرَ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ فِيهَا فَدَلَّ عَلَى عَدَمِ التَّعَبُّدِ بِلَفْظِ مُحَمَّدٍ فِيهَا لَا يُقَالُ قِيَاسُهُ أَنَّ لَفْظَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا تَتَعَيَّنُ لِمَا فِيهَا مِنْ الْخُصُوصِيَّةِ الَّتِي لَا تُوجَدُ فِي مُرَادِفِهَا وَمِنْ ثَمَّ اُخْتُصَّ بِهَا الْأَنْبِيَاءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ أَنَّهُ يُرَاعَى هُنَا التَّشْدِيدُ وَعَدَمُ الْإِبْدَالِ وَغَيْرُهُمَا نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْفَاتِحَةِ نَعَمْ النَّبِيُّ فِيهِ لُغَتَانِ الْهَمْزُ وَالتَّشْدِيدُ فَيَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا لَا تَرْكُهُمَا مَعًا لِأَنَّ فِيهِ إسْقَاطَ حَرْفٍ بِخِلَافِ حَذْفِ تَنْوِينِ سَلَامٌ
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي التَّتِمَّةِ بِوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ الْأَنْوَارُ، وَكَذَا اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وِفَاقًا لِلشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ وَأَقَرَّهُ سم قَوْلُ الْمَتْنِ (أَيُّهَا النَّبِيُّ) وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ يَا قَبْلَهُ كَمَا ذَكَرَهُ حَجّ فِي فَصْلٍ تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ ثُمَّ نَقَلَهُ عَنْ إفْتَاءِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَأَقَرَّهُ سم اهـ ع ش عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَلَا يَضُرُّ زِيَادَةُ يَاءِ النِّدَاءِ قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَلَا الْمِيمِ فِي عَلَيْك اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَأَشْهَدُ إلَخْ) وَلَا بُدَّ مِنْ الْوَاوِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ الثَّلَاثِ وَذِكْرُ أَشْهَدُ مَعَهَا مِنْ الْأَكْمَلِ وَقَوْلُهُ أَنَّ مُحَمَّدًا الْأَوْلَى ذِكْرُ السِّيَادَةِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ بَلْ صِحَّتُهُ) أَيْ لِثُبُوتِ إسْقَاطِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ السَّيِّدُ الْبَصْرِيُّ وَجْهُ التَّرَقِّي أَنَّ الْحَسَنَ كَافٍ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ اهـ.
(قَوْلُهُ وَرُدَّا) أَيْ قَوْلُ الْمَجْمُوعِ وَقَوْلُ غَيْرِهِ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ إسْقَاطُهُمَا إلَخْ) أُجِيبَ كَمَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي بِأَنَّ الْمُثْبِتَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَهُوَ وَجِيهٌ إذْ شَأْنُ الْمُصَنِّفِ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُسْنِدَ الْإِسْقَاطَ لِغَيْرِ رِوَايَةٍ لَهُ بِهِ وَعِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ وَأَقَلُّهُ مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ فِيهِ حَسَنٌ صَحِيحٌ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ إلَخْ انْتَهَتْ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي وُرُودِ الْإِسْقَاطِ فِي رِوَايَةِ الشَّافِعِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ فَلْيُحَرَّرْ فَإِنِّي رَاجَعْت تَيْسِيرَ الرَّبِيعِ الْيَمَنِيِّ فَلَمْ أَجِدْهُ فِيهِ مَعَ أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِلتِّرْمِذِيِّ وَرَاجَعْت تَرْتِيبَ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْحَافِظِ السُّيُوطِيّ لِلشَّيْخِ الْمُتَّقِي فَلَمْ أَجِدْهُ فِيهِ أَيْضًا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَعَلَّلَهُ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ تَطْبِيقُهُ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُمَا تَابِعَانِ إلَخْ) لَعَلَّهُ بِالنَّعْتِيَّةِ (قَوْلُهُ وَاسْتُفِيدَ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِأَنَّ فِيهِ إلَى وَيَأْخُذُ (قَوْلُهُ وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الْأَفْضَلَ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ جُعِلَ سَلَامٌ مِنْ الْأَقَلِّ ع ش (قَوْلُهُ إنَّ الْأَفْضَلَ تَعْرِيفُ السَّلَامِ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَخْ) فِي اسْتِفَادَتِهِ مِنْ الْمَتْنِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ التَّشَهُّدِ وَسَلَامِ التَّحَلُّلِ ع ش (قَوْلُهُ فَدَلَّ) أَيْ اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ بِكَثْرَةٍ (قَوْلُهُ عَلَى عَدَمِ التَّعَبُّدِ بِلَفْظِ مُحَمَّدٍ) بَلْ يَجُوزُ غَيْرُهُ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ رَسُولِهِ أَوْ النَّبِيِّ لَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِمَا قَدْ تُوهِمُهُ هَذِهِ الْعِبَارَةُ ع ش (قَوْلُهُ قِيَاسًا) أَيْ عَدَمُ تَعَيُّنِ لَفْظِ مُحَمَّدٍ (قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَشَرْطُ التَّشَهُّدِ رِعَايَةُ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ وَالتَّشْدِيدَاتِ وَالْإِعْرَابِ الْمُخِلِّ أَيْ تَرْكُهُ وَالْمُوَالَاةُ وَالْأَلْفَاظُ الْمَخْصُوصَةُ وَإِسْمَاعُ النَّفْسِ كَالْفَاتِحَةِ وَالْقِرَاءَةُ قَاعِدًا وَلَوْ قَرَأَ تَرْجَمَتَهُ بِلُغَةٍ مِنْ لُغَاتِ الْعَرَبِ أَوْ بِالْعَجَمِيَّةِ قَادِرًا عَلَى التَّعَلُّمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ كَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انْتَهَتْ وَقَوْلُهُ وَالْإِعْرَابُ الْمُخِلُّ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ غَيَّرَ الْمَعْنَى أَبْطَلَ الصَّلَاةَ مَعَ التَّعَمُّدِ وَالتَّشَهُّدَ مَعَ عَدَمِ التَّعَمُّدِ وَالْعِلْمِ بِأَنَّهُ خِلَافُ الْوَارِدِ مَعَ إرَادَةِ الْوَارِدِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَقَوْلُهُ وَالْمُوَالَاةُ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ فِيهَا مَا تَقَدَّمَ فِي مُوَالَاةِ الْفَاتِحَةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ تَخَلَّلَ ذِكْرٌ قَطَعَ الْمُوَالَاةَ إلَّا إنْ تَعَلَّقَ بِالصَّلَاةِ كَفَتْحِهِ عَلَى الْإِمَامِ إذَا تَوَقَّفَ فِي التَّشَهُّدِ بِأَنْ جَهَرَ بِهِ فِيمَا يَظْهَرُ وَإِنْ سَكَتَ وَأَطَالَ عَمْدًا وَقَصَدَ الْقَطْعَ انْقَطَعَتْ وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْتَفَرَ تَخَلُّلُ مَا يَتَعَلَّقُ بِكَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ نَحْوَ لَفْظِ الْكَرِيمِ فِي قَوْلِهِ أَيُّهَا النَّبِيُّ الْكَرِيمُ وَوَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي قَوْلِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ سم (قَوْلُهُ وَغَيْرَهُمَا إلَخْ) كَعَدَمِ الصَّارِفِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ لَا تَرْكُهُمَا مَعًا) أَيْ وَصْلًا وَوَقْفًا ع ش زَادَ شَيْخُنَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لِلزِّيَادِيِّ الْقَائِلِ بِجَوَازِهِ وَقْفًا اهـ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ حَذْفِ تَنْوِينِ سَلَامٍ إلَخْ) يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَذْفُ حَرْفٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذْ الْمَدَارُ عَلَى اللَّفْظِ لَا الرَّسْمِ كَمَا سَبَقَ تَحْرِيرُهُ فِي كَلَامِهِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَالتَّنْوِينُ حَرْفٌ بِاعْتِبَارِهِ بَلْ كَلِمَةٌ فَحَذْفُهُ أَبْلَغُ مِنْ حَذْفِ حَرْفٍ مِنْ النَّبِيِّ لِأَنَّ ذَاكَ لَا يُخِلُّ بِالْمَعْنَى بِخِلَافِ هَذَا إذْ مَدْلُولُ التَّنْوِينِ الَّذِي هُوَ التَّفْخِيمُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ يَفُوتُ بِحَذْفِهِ بَصْرِيٌّ وَفِي ع ش عَنْ سم فِي شَرْحِ الْغَايَةِ مِثْلُهُ وَعَنْ الزِّيَادِيِّ الْجَزْمُ بِالْبُطْلَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَكَذَا جَزَمَ بِذَلِكَ أَيْضًا الْقَلْيُوبِيُّ وَشَيْخُنَا ثُمَّ قَالَا وَلَا يَضُرُّ الْجَمْعُ بَيْنَ أَلْ وَالتَّنْوِينِ وَإِنْ كَانَ لَحْنًا
ـــــــــــــــــــــــــــــSوَسَطَهُ سُنَّ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ التَّرْتِيبِ أَيْ بِأَنْ يَأْتِيَ بِأَوَّلِهِ ثُمَّ بِبَدَلِهِ وَسَطَهُ ثُمَّ بِآخِرِهِ (قَوْلُهُ بِوُجُوبِ مُوَالَاتِهِ) أَيْ وَأَفْتَى بِالْوُجُوبِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ (قَوْلُهُ أَيُّهَا النَّبِيُّ) لَوْ صَرَّحَ بِحَرْفِ النِّدَاءِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ فَفِي فَتَاوَى الشَّارِحِ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَعَمُّدِ ذَلِكَ وَعُلِمَ عَدَمُ وُرُودِهِ لِأَنَّهُ زَادَ حَرْفَيْنِ اهـ. قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى بَلْ هِيَ تَصْرِيحٌ بِالْمَعْنَى وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ أَنَّ مَحَلَّ الْبُطْلَانِ بِزِيَادَةِ حَرْفٍ فِيهَا أَنْ يُغَيِّرَ الْمَعْنَى وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْحَرْفِ وَالْحَرْفَيْنِ ثُمَّ رَأَيْت الشَّارِحَ فِي فَصْلٍ تَبْطُلُ بِالنُّطْقِ نَقَلَ مَا أَفْتَى بِهِ عَنْ إفْتَاءِ بَعْضِهِمْ ثُمَّ رَدَّهُ فَرَاجِعْ مَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْأَنْوَارِ إلَخْ) عِبَارَتُهُ وَشَرْطُ التَّشَهُّدِ رِعَايَةُ الْكَلِمَاتِ وَالْحُرُوفِ وَالتَّشْدِيدَاتِ وَالْإِعْرَابِ الْمُخِلِّ أَيْ تَرْكُهُ وَالْمُوَالَاةُ وَالْأَلْفَاظُ الْمَخْصُوصَةُ وَإِسْمَاعُ النَّفْسِ كَالْفَاتِحَةِ

الصفحة 83