كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 2)

وَمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا التَّشْبِيهِ وَأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ فِيهِ بِوَجْهٍ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ إبْرَاهِيمَ عَلَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِمَا وَسَلَّمَ فِي الدُّرِّ السَّابِقِ آنِفًا وَنَازَعَ الْأَذْرَعِيُّ فِي نَدْبِ هَذَا الْإِمَامِ غَيْرَ مَنْ مَرَّ لِطُولِهِ ثُمَّ بَحَثَ امْتِنَاعَهُ لَوْ خَرَجَ بِهِ وَقْتُ الْجُمُعَةِ وَنَظَرَ فِي غَيْرِهَا وَالْأَوْجَهُ كَمَا عُلِمَ مِمَّا قَدَّمْته فِي الْمَدِّ أَنَّهُ مَتَى شَرَعَ فِيهَا وَقَدْ بَقِيَ وَقْتٌ يَسَعُهَا جَازَ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ.

(وَكَذَا الدُّعَاءُ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَمَا ذَكَرَ كُلُّهُ سُنَّةٌ وَلَوْ لِلْإِمَامِ لِلْأَمْرِ بِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِلْخِلَافِ فِي وُجُوبِ بَعْضِهِ الْآتِي وَأَمَّا التَّشَهُّدُ الْأَوَّلُ فَيُكْرَهُ فِيهِ لِبِنَائِهِ عَلَى التَّخْفِيفِ إلَّا إنْ فَرَغَهُ قَبْلَ إمَامِهِ فَيَدْعُو حِينَئِذٍ كَمَا مَرَّ وَيَلْحَقُ بِهِ كُلُّ تَشَهُّدٍ غَيْرُ مَحْسُوبٍ لِلْمَأْمُومِ، بَلْ هَذَا دَاخِلٌ فِي الْأَوَّلِ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ غَيْرُ الْأَخِيرِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْآخَرِ وَقَضِيَّةُ الْمَتْنِ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الدُّعَاءِ الْأُخْرَوِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ وَقَالَ جَمْعٌ أَنَّهُ بِالْأَوَّلِ سُنَّةٌ وَبِالثَّانِي مُبَاحٌ أَيْ وَلَوْ بِنَحْوِ اُرْزُقْنِي أَمَةً صِفَتُهَا كَذَا خِلَافًا لِمَنْ مَنَعَهُ أَمَّا الدُّعَاءُ بِمُحَرَّمٍ فَمُبْطِلٌ لَهَا (وَمَأْثُورُهُ) .
ـــــــــــــــــــــــــــــQمُحَمَّدٍ كَمَا رَحِمْت عَلَى إبْرَاهِيمَ بِدْعَةٌ وَاعْتَرَضَ بِوُرُودِهَا فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ صَحَّحَ الْحَاكِمُ بَعْضُهَا مِنْهَا وَتَرَحَّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَرَدَّهُ بَعْضُ مُحَقِّقِي أَهْلِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ مَا وَقَعَ لِلْحَاكِمِ وَهْمٌ وَبِأَنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ ضَعِيفَةً لَكِنَّهَا شَدِيدَةُ الضَّعْفِ فَلَا يُعْمَلُ بِهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَبِي زُرْعَةَ بَعْدَ أَنْ سَاقَ تِلْكَ الْأَحَادِيثَ وَبَيَّنَ ضَعْفَهَا وَلَعَلَّ الْمَنْعَ أَرْجَحُ لِضَعْفِ الْأَحَادِيثِ فِي ذَلِكَ أَيْ لِشِدَّةِ ضَعْفِهَا نِهَايَةٌ وَفِي الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا التَّشْبِيهِ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا وَأُجِيبَ عَنْ ذَلِكَ أَيْ اسْتِشْكَالِ التَّشْبِيهِ بِأَجْوِبَةٍ مِنْهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ مِنْ حَيْثُ الْكَمِّيَّةِ أَيْ الْعَدَدِ دُونَ الْكَيْفِيَّةِ أَيْ الْقَدْرِ وَمِنْهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ رَاجِعٌ لِلْآلِ فَقَطْ وَلَا يُشْكِلُ بِأَنَّ آلَ النَّبِيِّ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءٍ فَكَيْفَ يُسَاوُونَ بِآلِ إبْرَاهِيمَ وَهُمْ أَنْبِيَاءٌ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ مُسَاوَاةِ آلِ النَّبِيِّ وَإِنْ كَانُوا غَيْرَ أَنْبِيَاءٍ لِآلِ إبْرَاهِيمَ وَإِنْ كَانُوا أَنْبِيَاءً بِطَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اهـ وَ (قَوْلُهُ وَمِنْهَا أَنَّ التَّشْبِيهَ إلَخْ) تَقَدَّمَ هَذَا الْجَوَابُ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا دَلَالَةَ إلَخْ) لَعَلَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ هَذَا التَّشْبِيهُ (قَوْلُهُ وَنَازَعَ) إلَى قَوْلِهِ وَأَوْجَبَ هَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ لِلْخِلَافِ إلَى، وَأَمَّا وَقَوْلُهُ وَيَلْحَقُ إلَى وَقَضِيَّةُ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ جَازَ الْإِتْيَانُ إلَخْ) بَلْ الْقِيَاسُ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُسْتَحَبًّا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْمَدِّ عَنْ الْأَنْوَارِ سم (قَوْلُهُ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ إلَخْ) أَيْ بِالزِّيَادَةِ فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَيْ فِي غَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ لَمْ يُدْرِكْ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ سم

(قَوْلُهُ أَيْ بَعْدَمَا ذَكَرَ) إلَى قَوْلِهِ وَيَنْدُبُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ إلَّا إنْ فَرَغَهُ إلَى وَقَضِيَّةُ وَقَوْلُهُ أَيْ وَلَوْ إلَى أَمَّا الدُّعَاءُ (قَوْلُهُ وَلَوْ لِلْإِمَامِ) أَيْ لِغَيْرِ الْمَحْصُورِينَ (قَوْلُهُ إلَّا إنْ فَرَغَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمَحَلُّ ذَلِكَ فِي الْإِمَامِ وَالْمُنْفَرِدِ أَمَّا الْمَسْبُوقُ إذَا أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنْ الرُّبَاعِيَّةِ فَإِنَّهُ يَتَشَهَّدُ مَعَ الْإِمَامِ تَشَهُّدَهُ الْأَخِيرَ وَهُوَ أَوَّلٌ لِلْمَأْمُومِ فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ فِيهِ بَلْ يُسْتَحَبُّ وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُوَافِقِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْإِمَامُ يُطِيلُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ إمَّا لِثِقَلِ لِسَانِهِ أَوْ غَيْرِهِ وَأَتَمَّهُ الْمَأْمُومُ سَرِيعًا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ أَيْضًا بَلْ يُسْتَحَبُّ إلَى أَنْ يَقُومَ إمَامُهُ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ فَلَا يُكْرَهُ الدُّعَاءُ لَهُ فِيهِ إلَخْ وَالْمُرَادُ بِالدُّعَاءِ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا يُصَرِّحُ بِهِ مَا يَأْتِي عَنْ سم وَقَوْلُهُ م ر أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ إلَخْ وَمِنْهُ الصَّلَاةُ عَلَى الْآلِ كَمَا نَقَلَهُ سم عَلَى حَجّ عَنْ إفْتَاءِ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر وَالْأَشْبَهُ فِي الْمُوَافِقِ إلَخْ صَرِيحُ هَذَا الصَّنِيعِ أَنَّ الْمُوَافِقَ الَّذِي أَطَالَ إمَامَهُ التَّشَهُّدَ الْأَوَّلَ لَا يَأْتِي بِبَقِيَّةِ التَّشَهُّدِ الْأَكْمَلِ بَلْ يَشْتَغِلُ بِالدُّعَاءِ وَإِلَّا لَمْ يُحْسِنْ التَّفْرِيقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا قَبْلَهُ فِي الْعِبَارَةِ لَكِنْ فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش نَقْلًا عَنْ فَتَاوَى وَالِدِ الشَّارِحِ م ر أَنَّهُ مِثْلُهُ فَلْيُرَاجَعْ وَلْيُحَرَّرْ مَذْهَبُ الشَّارِحِ م ر اهـ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ الرُّكْنِ الْخَامِسِ (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْآخَرِ) أَيْ فِي شَرْحِ فَرْضٍ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ (قَوْلُهُ وَالدُّنْيَوِيِّ) كَاَللَّهُمِ اُرْزُقْنِي جَارِيَةً حَسْنَاءَ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَقَالَ جَمْعٌ إلَخْ) مَالَ إلَيْهِ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ بِمُحَرَّمٍ) يَنْبَغِي بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ سم عَلَى حَجّ وَلَيْسَ مِنْ الدُّعَاءِ بِمُحَرَّمٍ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي الْقُنُوتِ مِنْ قَوْلِهِمْ أَهْلِكْ اللَّهُمَّ مَنْ بَغَى عَلَيْنَا وَاعْتَدَى وَنَحْوَ ذَلِكَ أَمَّا أَوَّلًا فَلِعَدَمِ تَعْيِينِ الْمَدْعُوِّ عَلَيْهِ فَأَشْبَهَ لَعْنَ الْفَاسِقِينَ وَالظَّالِمِينَ وَقَدْ صَرَّحُوا بِجَوَازِهِ فَهَذَا أَوْلَى مِنْهُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ الظَّالِمَ الْمُعْتَدِيَ يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ وَلَوْ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ وَفِي سم عَلَى أَبِي شُجَاعٍ وَتَوَقَّفَ بَعْضُهُمْ فِي جَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ بِالْفِتْنَةِ فِي دِينِهِ وَسُوءِ الْخَاتِمَةِ وَنَصَّ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ مَحَلَّ الْمَنْعِ مِنْ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الظَّالِمِ الْمُتَمَرِّدِ أَمَّا هُوَ فَيَجُوزُ وَاخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ سُؤَالِ الْعِصْمَةِ وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ إنْ قَصَدَ التَّوَقِّيَ عَنْ جَمِيعِ الْمَعَاصِي وَالرَّذَائِلِ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ امْتَنَعَ لِأَنَّهُ سُؤَالُ مَقَامِ النُّبُوَّةِ أَوْ التَّحَفُّظِ مِنْ الشَّيْطَانِ أَوْ التَّخَلُّصِ مِنْ أَفْعَالِ السُّوءِ فَهَذَا لَا بَأْسَ بِهِ وَيَبْقَى الْكَلَامُ فِي حَالِ الْإِطْلَاقِ، وَالْمُتَّجَهُ عِنْدِي الْجَوَازُ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهِ لِلْمَحْذُورِ وَاحْتِمَالِهِ الْوَجْهِ الْجَائِزِ انْتَهَى اهـ. ع ش وَقَوْلُهُ وَالْوَجْهُ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ فِيهِ تَوَقُّفٌ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ عَنْ كَوْنِهِ سُؤَالَ مَقَامِ النُّبُوَّةِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSفِي غَيْرِ شَرْحِهِ أَنَّ الْأَفْضَلَ زِيَادَتُهَا وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَقَالَ إنَّ حَدِيثَ «لَا تُسَيِّدُونِي فِي الصَّلَاةِ» بَاطِلٌ م ر (قَوْلُهُ جَازَ الْإِتْيَانُ) بَلْ الْقِيَاسُ سَنُّ الْإِتْيَانِ بِذَلِكَ حَيْثُ كَانَ مُسْتَحَبًّا أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي الْمَدِّ عَنْ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَإِنْ خَرَجَ الْوَقْتُ) أَيْ فِي غَيْرِهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ) شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ لَا يُدْرِكُ رَكْعَةً فِي الْوَقْتِ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) تَقَدَّمَ عَنْ فَتْوَى شَيْخِنَا الرَّمْلِيِّ مَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَوْلُهُ بِمُحَرَّمٍ) يَنْبَغِي

الصفحة 87