كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

لِغَيْرِ عُذْرٍ وَكَحَمْلِهِ فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ وَضْعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ إنْ سَهُلَ أَخْذُهُ كَسُهُولَتِهِ وَهُوَ مَحْمُولُهُ وَهُوَ هُنَا مَا يَقْتُلُ نَحْوُ سَيْفٍ وَرُمْحٍ وَسِكِّينٍ وَقَوْسٍ وَنَشَّابٍ لَا مَا يَدْفَعُ كَتُرْسٍ وَدِرْعٍ فَيُكْرَهُ حَمْلُهُ كَتَرْكِ حَمْلِ الْأَوَّلِ حَيْثُ لَا عُذْرَ (فِي هَذِهِ الْأَنْوَاعِ) الثَّلَاثَةِ (وَفِي قَوْلٍ يَجِبُ) لِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ} [النساء: 102] وَحَمْلُهُ الْأَوَّلُ عَلَى النَّدْبِ وَإِلَّا لَبَطَلَتْ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهِ وَلَا قَائِلَ بِهِ، وَفِيهِ مَا فِيهِ، وَلَوْ خَافَ ضَرَرًا يُبِيحُ التَّيَمُّمَ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَجَبَ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَلَوْ نَجِسًا وَمَانِعًا لِلسُّجُودِ، وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْقَضَاءِ هُنَا مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ وَالنَّجِسِ فِي حَالِ الْقِتَالِ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّ هَذَا أَنْدَرُ، وَلَوْ انْتَفَى خَوْفُ الضَّرَرِ وَتَأَذَّى غَيْرُهُ بِحَمْلِهِ كُرِهَ أَيْ إنْ خَفَّ الضَّرَرُ بِأَنْ اُحْتُمِلَ عَادَةً وَإِلَّا حَرُمَ وَبِهِ يُجْمَعُ بَيْنَ إطْلَاقِ كَرَاهَتِهِ وَإِطْلَاقِ حُرْمَتِهِ.

(الرَّابِعُ) مِنْ الْأَنْوَاعِ بِمَحَلِّهِ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحُ مُنَبِّهًا بِهِ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ: الرَّابِعُ وَاقِعٌ فِي مَحَلِّهِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ الثَّالِثَ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ ضِمْنًا كَمَا مَرَّ (أَنْ يَلْتَحِمَ الْقِتَالُ) بِأَنْ يَخْتَلِطَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ تَرْكِهِ تَشْبِيهًا بِاخْتِلَاطِ لَحْمَةِ الثَّوْبِ بِسُدَاهُ (أَوْ يَشْتَدَّ الْخَوْفُ) بِلَا الْتِحَامٍ بِأَنْ لَمْ يَأْمَنُوا هُجُومَ الْعَدُوِّ لَوْ وَلَّوْا أَوْ انْقَسَمُوا (فَيُصَلِّي) كُلٌّ مِنْهُمْ (كَيْفَ أَمْكَنَ رَاكِبًا وَمَاشِيًا) وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ عَنْ الْوَقْتِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّ لَهُمْ فِعْلَهَا كَذَلِكَ أَوَّلَ الْوَقْتِ
ـــــــــــــــــــــــــــــQوَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ حَمْلِهِ أَوْ وَضْعِهِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ أَيْ مَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ وَإِلَّا جَازَ بَلْ وَجَبَ كَمَا قَالَ الزِّيَادِيُّ حِفْظًا لِنَفْسِهِ وَلَا نَظَرَ لِتَضَرُّرِ غَيْرِهِ حِينَئِذٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: لِغَيْرِ عُذْرٍ) أَيْ بِدُونِ خَوْفِ الضَّرَرِ (قَوْلُهُ: وَبَيْضَةٌ) يُتَأَمَّلُ وَجْهُ اسْتِثْنَاءِ الْبَيْضَةِ هُنَا مَعَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسِّلَاحِ هُنَا مَا يَقْتُلُ لَا مَا يَشْمَلُ مَا يَدْفَعُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ) أَيْ الْآتِيَةِ مِنْ الْكَرَاهَةِ وَالْوُجُوبِ وَالْحُرْمَةِ.
(قَوْلُهُ: مَا يَقْتُلُ) أَيْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ بِدَلِيلِ تَمْثِيلِهِ بِالْقَوْسِ حِفْنِيٌّ (قَوْلُهُ: فَيُكْرَهُ حَمْلُهُ) أَيْ لِكَوْنِهِ ثَقِيلًا يَشْغَلُ عَنْ الصَّلَاةِ كَالْجَعْبَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ الْبَصْرِيُّ لَا يَخْفَى مَا فِيهِ أَيْ فِي كَرَاهَةِ حَمْلِ مَا يَدْفَعُ إذَا كَانَ ثَمَّ خَوْفٌ مُتَرَتِّبٌ عَلَى تَرْكِهِ بَلْ لَوْ قِيلَ بِوُجُوبِهِ حِينَئِذٍ لَمْ يَبْعُدْ وَلَعَلَّ قَوْلَ الشَّارِحِ حَيْثُ لَا عُذْرَ رَاجِعٌ إلَيْهِ أَيْضًا اهـ (قَوْلُهُ: حَيْثُ لَا عُذْرَ) أَيْ مِنْ مَرَضٍ أَوْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ غَيْرِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ) أَيْ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ الْبُطْلَانُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ وَجَبَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ سم أَيْ بَلْ لِأَمْرٍ خَارِجٍ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَلَوْ آذَى غَيْرَهُ كَمَا مَرَّ عَنْ ع ش وَقَدْ يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ انْتَفَى إلَخْ (قَوْلُهُ: مَا يَأْتِي فِي حَمْلِ السِّلَاحِ إلَخْ) أَيْ وَالرَّاجِحُ مِنْهُ وُجُوبُ الْقَضَاءِ ع ش (قَوْلُهُ فِي حَمْلِ السِّلَاحِ النَّجِسِ فِي حَالِ الْقِتَالِ إلَخْ) وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْعَدُوَّ لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ لَمْ يَجِبْ حَمْلُهُ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ الْقِتَالُ وَاجِبًا نِهَايَةٌ أَيْ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لِمَصْلَحَةٍ عَامَّةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْمُسْلِمِينَ مَثَلًا ع ش (قَوْلُهُ: خَوْفُ الضَّرَرِ) أَشَارَ بِاللَّامِ إلَى قَوْلِهِ ضَرَرًا يُبِيحُ إلَخْ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: كَذَا قَالَهُ الشَّارِحِ) وَكَتَبَ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ يَعْنِي أَنَّهُ ذَكَرَ النَّوْعَ وَمَحَلَّهُ وَقَالَ هُنَا بِمَحَلِّهِ وَقَالَ فِيمَا سَلَفَ مَا يُذْكَرُ كَأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَفَنُّنٍ انْتَهَى وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَوَابِ الشَّارِحِ م ر ع ش (قَوْلُهُ: مُنَبِّهًا بِهِ إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَنْ يَكُونَ الْبَاءُ فِي بِمَحَلِّهِ بِمَعْنَى مَعَ أَيْ مَعَ مَحَلِّهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ خَبَرًا عَنْ الرَّابِعِ لَيْسَ هُوَ الرَّابِعَ وَحْدَهُ بَلْ هُوَ وَمَحَلُّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْ يَلْتَحِمَ إلَخْ لَيْسَ هُوَ الرَّابِعَ بَلْ مَحَلُّهُ، وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالرَّابِعِ الرَّابِعَ وَمَحَلَّهُ لِكَوْنِهِ أَخْبَرَ عَنْهُ بِهِ مَعَ مَحَلِّهِ سم.
(قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ إلَخْ) أَيْ فَقَوْلُهُ بِمَحَلِّهِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَالْبَاءُ بِمَعْنَى فِي عِبَارَةِ الرَّشِيدِيِّ بَعْدَ كَلَامٍ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّ الشَّارِحَ الْجَلَالَ إنَّمَا أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى دَفْعِ مَا يُقَالُ: إنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يُعَنْوِنْ عَنْ النَّوْعِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا بِلَفْظِ الثَّالِثِ فَكَيْفَ يَتَأَتَّى لَهُ التَّعْبِيرُ هُنَا بِالرَّابِعِ، وَوَجْهُ الدَّفْعِ أَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَابِعًا بِاللَّفْظِ فَهُوَ رَابِعٌ بِالْمَحَلِّ فَالظَّرْفُ مُتَعَلِّقٌ بِالرَّابِعِ وَالْبَاءُ فِيهِ عَلَى حَدِّ الْبَاءِ فِي قَوْلِهِمْ الْأَوَّلِ بِالذَّاتِ وَالثَّانِي بِالْعَرَضِ وَالشِّهَابُ حَجّ أَشَارَ إلَى هَذَا إلَّا أَنَّهُ قَدَّرَ لِلظَّرْفِ مُتَعَلِّقًا خَارِجِيًّا وَلَا يَخْفَى أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ أَقْعَدُ اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ أَوْ تَقِفُ فِرْقَةٌ إلَخْ. . . (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَخْتَلِطَ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ تَشْبِيهًا بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ اخْتِلَاطِ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ كَاشْتِبَاكِ لَحْمَةِ الثَّوْبِ بِالسَّدَى اهـ.
(قَوْلُهُ: لَحْمَةِ الثَّوْبِ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَضَمُّهَا لُغَةٌ بِعَكْسِ اللُّحْمَةُ بِمَعْنَى الْقَرَابَةِ (وَقَوْلُهُ: بِسَدَاهُ) بِالْفَتْحِ وَالْقَصْرِ ع ش (قَوْلُهُ لَوْ وَلَّوْا) أَيْ عَنْ الْقِتَالِ وَتَرَكُوهُ (وَقَوْلُهُ: أَوْ انْقَسَمُوا) أَيْ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مِنْ الْكَيْفِيَّاتِ الثَّلَاثِ الْمُتَقَدِّمَةِ هَكَذَا يَظْهَرُ لِي وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ شَيْخِهِ الْعَشْمَاوِيِّ قَوْلُهُ لَوْ وَلَّوْا أَيْ وَلَّى بَعْضُهُمْ إلَى جِهَةِ الْإِمَامِ أَيْ وَصَلَّى خَلْفَهُ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَوْ بَطْنِ نَخْلٍ لِأَنَّهُمْ لَا يُصَلُّونَ كُلُّهُمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُهُ أَوْ انْقَسَمُوا أَيْ وَصَلَّوْا صَلَاةَ عُسْفَانَ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (رَاكِبًا وَمَاشِيًا)
ـــــــــــــــــــــــــــــSخَرَجَ بِمَا زِدْته مَا يَمْنَعُ مِنْ نَجِسٍ وَغَيْرِهِ فَيَمْتَنِعُ حَمْلُهُ وَمَا يُؤْذِي كَرُمْحٍ وَسَطَ الصَّفِّ فَيُكْرَهُ حَمْلُهُ، بَلْ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ حَرُمَ وَمَا يَظْهَرُ بِتَرْكِهِ خَطَرٌ فَيَجِبُ حَمْلُهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَفِيهِ مَا فِيهِ) أَيْ إذْ يَلْزَمُ مِنْ الْوُجُوبِ الْبُطْلَانُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ لَوْ وَجَبَ لِصِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحُوا هُنَا بِأَنَّهُ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِ حَمْلِهِ وَإِنْ قُلْنَا بِوُجُوبِ حَمْلِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا حَرُمَ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ

(قَوْلُهُ كَذَا قَالَهُ الشَّارِحِ مُنَبِّهًا إلَخْ) وَيَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي بِمَحَلِّهِ بِمَعْنَى مَعَ، أَيْ مَعَ مَحَلِّهِ إشَارَةً إلَى أَنَّ مَا وَقَعَ خَبَرًا عَنْ الرَّابِعِ لَيْسَ هُوَ الرَّابِعَ وَحْدُهُ بَلْ هُوَ وَمَحَلُّهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَنْ يَلْتَحِمَ إلَخْ لَيْسَ هُوَ الرَّابِعَ بَلْ مَحَلُّهُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالرَّابِعِ الرَّابِعَ وَمَحَلَّهُ لِكَوْنِهِ أَخْبَرَ بِهِ مَعَ مَحَلِّهِ مُصَدِّرًا بِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، فَإِنَّهُ قَدْ يَرِدُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ فِي الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يَخْتَلِطَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ) يُحْتَمَلُ أَنَّهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ عَلَى هَذَا، أَيْ أَنْ يَلْتَحِمَ أَصْحَابُ الْقِتَالِ فِي الْقِتَالِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَّجَهٌ إلَخْ) يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ هَذَا النِّزَاعُ فِي كُلِّ مَا امْتَنَعَ فِي الْأَمْنِ مِنْ الْأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ وَقَدْ

الصفحة 12