كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى وَيَصِحُّ كَمَا قَالَاهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مُفَرَّعًا عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ النَّاسِيَ يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَحِينَئِذٍ لَا تَكْرَارَ فِيهِ بِوَجْهٍ.
(وَلَا مُسَافِرٍ أَفْطَرَ بِالزِّنَا مُتَرَخِّصًا) ؛ لِأَنَّ فِطْرَهُ جَائِزٌ لَهُ وَإِثْمُهُ لِلزِّنَا لَا لِلصَّوْمِ فَذَكَرَ التَّرَخُّصَ لِذَلِكَ وَإِلَّا فَهُوَ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ التَّرَخُّصَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَذَا بِغَيْرِهَا (وَالْكَفَّارَةُ عَلَى الزَّوْجِ عَنْهُ) دُونَهَا؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَأْمُرْ بِهَا زَوْجَةَ الْمُجَامِعِ مَعَ مُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي السَّبَبِ وَلِأَنَّ صَوْمَهَا نَاقِصٌ كَمَا مَرَّ (وَفِي قَوْلٍ) تَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ لَكِنَّهَا تَكُونُ (عَنْهُ وَعَنْهَا) لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي السَّبَبِ وَلِهَذَا الْقَوْلِ تَفْرِيعٌ وَتَقْيِيدٌ لَيْسَ مِنْ غَرَضِنَا ذِكْرُهُ (وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) قِيَاسًا عَلَى الرَّجُلِ.

(وَتَلْزَمُ) الْكَفَّارَةُ (مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَامَعَ فِي يَوْمِهِ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQنَاسِيًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى) قَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يَخْفَى بَعْدَ ذِكْرِ مَا سَبَقَ سم.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ لَا تَكْرَارَ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّاسِيَ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ سم.
(قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ: لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّ إثْمَهُ لِلزِّنَا لَا لِلصَّوْمِ (قَوْلُهُ مُشَارَكَتُهَا لَهُ إلَخْ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِي رِوَايَةٍ هَلَكْت وَأَهْلَكْت وَلَوْ وَجَبَ عَلَيْهَا لَبَيَّنَهُ نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي أَوَائِلِ الْفَصْلِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا) أَيْ: يَلْزَمُهُمَا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَيَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ وَعَلَى هَذَا قِيلَ يَجِبُ كَمَا قَالَ الْمَحَامِلِيُّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُهَا ثُمَّ يَتَحَمَّلُ الزَّوْجُ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا وَقِيلَ يَجِبُ كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا كَفَّارَةٌ تَامَّةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَكِنْ يَتَحَمَّلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا ثُمَّ يَتَدَاخَلَانِ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ إذَا كَانَتْ زَوْجَةً كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ قَوْلُ عَلَى الزَّوْجِ أَمَّا الْمَوْطُوءَةُ بِالشُّبْهَةِ أَوْ الْمَزْنِيُّ بِهَا فَلَا يَتَحَمَّلُ عَنْهَا قَطْعًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) وَمَحَلُّ هَذَا فِي غَيْرِ الْمُتَحَيِّرَةِ أَمَّا هِيَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ أَيْضًا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ إذَا مَكَّنَتْهُ طَائِعَةً عَالِمَةً فَلَوْ كَانَتْ مُفْطِرَةً أَوْ نَائِمَةً صَائِمَةً فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا قَطْعًا وَلَا يَبْطُلُ صَوْمُهَا وَمَحَلُّ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ مِنْهُمَا مِنْ أَصْلِهِ إذَا لَمْ يَكُونَا مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فَإِنْ كَانَا مِنْ أَهْلِهِ لِكَوْنِهِمَا مُعْسِرَيْنِ أَوْ مَمْلُوكَيْنِ لَزِمَ كُلَّ وَاحِدٍ صَوْمُ شَهْرَيْنِ؛ لِأَنَّ الْعِبَادَةَ الْبَدَنِيَّةَ لَا تُتَحَمَّلُ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعِتْقِ أَوْ الْإِطْعَامِ وَهِيَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ فَأَعْتَقَ أَوْ أَطْعَمَ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يُجْزِئُ عَنْهُمَا إلَّا أَنْ تَكُونَ أَمَةً فَإِنَّهُ لَا يُجْزِئُ عَنْهَا عَلَى الصَّحِيحِ وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ غَيْرُ أَهْلٍ لِلتَّحَمُّلِ هَذَا وَالْمَذْهَبُ عَدَمُ وُجُوبِ شَيْءٍ عَلَيْهَا مِنْ ذَلِكَ مُطْلَقًا نِهَايَةٌ أَيْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً زَوْجَةً أَوْ غَيْرَهَا ع ش.

قَوْلُ الْمَتْنِ (وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) خَرَجَ بِهِ الْحَاجِبُ وَالْمُنَجِّمُ إذَا دَلَّ الْحِسَابُ عِنْدَهُمَا عَلَى دُخُولِ رَمَضَانَ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِمَا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَيَقَّنَا بِذَلِكَ دُخُولَ الشَّهْرِ فَأَشْبَهَا مَا لَوْ اجْتَهَدَ مَنْ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ فَأَدَّاهُ اجْتِهَادُهُ إلَى شَهْرٍ فَصَامَهُ وَجَامَعَ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ ع ش أَيْ: إذَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْعُبَابِ فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحُهُ فَرْعٌ: مَنْ رَأَى الْهِلَالَ أَيْ هِلَالَ رَمَضَانَ وَحْدَهُ صَامَ وُجُوبًا وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ فَإِنْ جَامَعَ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ وَمَتَى رَأَى شَوَّالًا وَحْدَهُ لَزِمَهُ الْفِطْرُ فَإِنْ شَهِدَ ثُمَّ أَفْطَرَ لَمْ يُعَزَّرْ وَإِنْ رُدَّتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا بِأَنْ أَفْطَرَ ثُمَّ شَهِدَ بِرُؤْيَتِهِ سَقَطَتْ شَهَادَتُهُ وَعُزِّرَ وَحَقُّهُ إذَا أَفْطَرَ أَنْ يُخْفِيَهُ أَيْ الْإِفْطَارَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَلَى وَجْهِ النَّدْبِ انْتَهَتْ بِاخْتِصَارٍ اهـ سم وَفِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ الْفَرْعَ وَزَادَ الْأَوَّلُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَعُزِّرَ وَاسْتَشْكَلَهُ الْأَذْرَعِيُّ بِأَنَّ صِدْقَهُ مُحْتَمَلٌ وَالْعُقُوبَةَ تُدْرَأُ بِدُونِ هَذَا قَالَ وَلِمَ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مَنْ عُلِمَ دِينُهُ وَأَمَانَتُهُ وَمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ ضِدُّ ذَلِكَ وَيُجَابُ بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ لِرَمَضَانَ مَعَ وُجُودِ
ـــــــــــــــــــــــــــــSلِأَنَّهُ مِمَّا يَخْفَى) قَدْ يُقَالُ هُوَ لَا يَخْفَى بَعْدَ ذِكْرِ مَا سَبَقَ.
(قَوْلُهُ عَلَى الضَّعِيفِ أَنَّ النَّاسِيَ يَفْسُدُ صَوْمُهُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ وَلَوْ زَنَى الْمُقِيمُ نَاسِيًا لِلصَّوْمِ وَقُلْنَا الصَّوْمُ يَفْسُدُ بِالْجِمَاعِ نَاسِيًا فَلَا كَفَّارَةَ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْثَمْ بِسَبَبِ الصَّوْمِ؛ لِأَنَّهُ نَاسٍ لَهُ اهـ.
(قَوْلُهُ وَحِينَئِذٍ لَا تَكْرَارَ فِيهِ بِوَجْهٍ) أَيْ:؛ لِأَنَّ مَا سَبَقَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ النَّاسِيَ لَا يَفْسُدُ صَوْمُهُ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ يَفْسُدُ صَوْمُهُ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ عَنْهُ وَعَنْهَا) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَيْ: يَلْزَمُهَا أَيْضًا كَفَّارَةٌ وَلَكِنَّ الزَّوْجَ مُكَلَّفٌ بِإِخْرَاجِ كَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ تَقَعُ عَنْهُ وَعَنْهَا بِطَرِيقِ التَّحَمُّلِ قَالَ وَحَكَى فِي الْبَحْرِ عَنْ هَذَا ثَلَاثَةَ أَوْجُهٍ أَحَدُهَا مَا ذَكَرْنَا وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ كَفَّارَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ وَلَكِنْ يَحْمِلُهَا الزَّوْجُ عَنْهَا وَهَذَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الرَّافِعِيِّ وَالثَّانِي تَجِبُ كَفَّارَتَانِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ إلَّا أَنَّ الزَّوْجَ لَا يَحْتَمِلُ فَإِذَا أَخْرَجَهَا سَقَطَتْ عَنْهَا وَتَصِيرُ كَالدَّيْنِ الْمَضْمُونِ وَالثَّالِثُ يَجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ النِّصْفُ ثُمَّ يَتَحَمَّلُ الزَّوْجُ مَا وَجَبَ عَلَيْهَا اهـ.
(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ عَلَيْهَا كَفَّارَةٌ أُخْرَى) قَالَ الْإِسْنَوِيُّ وَمَحَلُّ هَذَا الْقَوْلِ إذَا وُطِئَتْ فِي الْقُبُلِ أَمَّا إذَا وُطِئَتْ فِي الدُّبُرِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا كَذَا نَقَلَهُ فِي الْكِفَايَةِ وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ وَجْهًا أَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ إخْرَاجُ كَفَّارَتَيْنِ وَاحِدٌ عَنْهُ وَأُخْرَى عَنْهَا (تَنْبِيهَانِ) أَحَدُهُمَا أَنَّ مَحَلَّ الْقَوْلِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ إذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ صَائِمَةً وَمَكَّنَتْ طَائِعَةً عَالِمَةً الثَّانِي أَنَّ فَائِدَةَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّانِي تَظْهَرُ فِي مَسَائِلَ مِنْهَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ مَجْنُونًا لَمْ يَلْزَمْهَا شَيْءٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَيَلْزَمُهَا عَلَى الثَّانِي؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّحَمُّلِ وَمِنْهَا إذَا وُطِئَتْ بِزِنًا أَوْ بِشُبْهَةٍ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا عَلَى الْأَوَّلِ وَتَلْزَمُهَا عَلَى الثَّانِي لِانْتِفَاءِ سَبَبِ التَّحَمُّلِ وَهُوَ الزَّوْجِيَّةُ اهـ كَلَامُ الْإِسْنَوِيِّ.

. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَتَلْزَمُ مَنْ انْفَرَدَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ وَجَامَعَ فِي يَوْمِهِ)

الصفحة 450