كتاب تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (اسم الجزء: 3)

ضِعْفَ أَجْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ كَانَ ثَوَابُ مَا خُصِّصْنَا بِهِ وَهُوَ عَرَفَةُ ضِعْفَ مَا شَارَكْنَاهُمْ فِيهِ وَهُوَ هَذَا (وَتَاسُوعَاءَ) بِالْمَدِّ وَهُوَ تَاسِعُهُ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لَئِنْ بَقِيتُ إلَى قَابِلٍ لَأَصُومَنَّ التَّاسِعَ» فَمَاتَ قَبْلَهُ وَالْحِكْمَةُ فِيهِ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ وَيُسَنُّ صَوْمُ الْحَادِي عَشَرَ أَيْضًا (وَأَيَّامِ) اللَّيَالِي (الْبِيضِ) وَهِيَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَتَالِيَاهُ لِصِحَّةِ الْأَمْرِ بِصَوْمِهَا وَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُ الثَّانِي عَشَرَ مَعَهَا.
نَعَمْ الْأَوْجَهُ خِلَافًا لِلْجَلَالِ الْبُلْقِينِيِّ أَنَّهُ فِي الْحِجَّةِ يَصُومُ السَّادِسَ عَشَرَ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ بَدَلَ الثَّالِثَ عَشَرَ وَحِكْمَةُ كَوْنِهَا ثَلَاثَةً أَنَّ الْحَسَنَةَ عَشْرُ أَمْثَالِهَا فَصَوْمُهَا كَصَوْمِ الشَّهْرِ كُلِّهِ وَلِذَلِكَ حَصَلَ أَصْلُ السَّنَةِ بِصَوْمِ ثَلَاثَةٍ مِنْ أَيِّ أَيَّامِ الشَّهْرِ وَخُصَّتْ هَذِهِ لِتَعْمِيمِ لَيَالِيهَا بِالنُّورِ الْمُنَاسِبِ لِلْعِبَادَةِ وَالشُّكْرِ عَلَى ذَلِكَ وَيَتَعَسَّرُ تَعْمِيمُ الْيَوْمِ بِعِبَادَةٍ غَيْرِ الصَّوْمِ وَيُسَنُّ صَوْمُ أَيَّامِ السُّودِ خَوْفًا وَرَهْبَةً مِنْ ظُلْمَةِ الذُّنُوبِ وَهِيَ السَّابِعُ أَوْ الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ وَتَالِيَاهُ فَإِنْ بَدَأَ بِالثَّامِنِ وَنَقَصَ الشَّهْرُ صَامَ أَوَّلَ تَالِيهِ لِاسْتِغْرَاقِ الظَّالِمَةِ لِلَيْلَتِهِ أَيْضًا وَحِينَئِذٍ يَقَعُ صَوْمُهُ عَنْ كَوْنِهِ أَوَّلَ الشَّهْرِ أَيْضًا فَإِنَّهُ يُسَنُّ صَوْمُ ثَلَاثَةٍ أَوَّلَ كُلِّ شَهْرٍ (تَنْبِيهٌ) مِنْ الْوَاضِحِ أَنَّ مَنْ قَالَ أَوَّلُهَا السَّابِعُ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ إذَا تَمَّ الشَّهْرُ يُسَنُّ صَوْمُ الْآخَرِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ الثَّانِي وَمَنْ قَالَ الثَّامِنُ يُسَنُّ صَوْمُ السَّابِعِ احْتِيَاطًا فَنَتَجَ سَنُّ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ الْأَخِيرَةِ إذَا تَمَّ الشَّهْرُ عَلَيْهِمَا (وَسِتَّةٍ) فِي نُسْخَةٍ سِتٍّ بِلَا تَاءٍ كَمَا فِي الْحَدِيثِ وَعَلَيْهَا فَسَوَّغَ حَذْفُهَا حَذْفَ الْمَعْدُودِ (مِنْ شَوَّالٍ) ؛ لِأَنَّهَا مَعَ صِيَامِ رَمَضَانَ أَيْ: جَمِيعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَحْصُلْ الْفَضْلُ الْآتِي وَإِنْ أَفْطَرَ لِعُذْرٍ كَصِيَامِ الدَّهْرِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ أَيْ: لِأَنَّ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي رِوَايَةٍ الرَّمْلِيِّ سَنَدُهَا حَسَنٌ وَلَفْظُهَا صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَصِيَامُ سِتَّةِ أَيَّامٍ أَيْ: مِنْ شَوَّالٍ بِشَهْرَيْنِ فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ أَيْ: مِثْلُ صِيَامِهَا بِلَا مُضَاعَفَةٍ نَظِيرُ مَا قَالُوهُ فِي خَبَرِ « {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الإخلاص: 1] تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ» وَأَشْبَاهِهِ.
وَالْمُرَادُ ثَوَابُ الْفَرْضِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ لِخُصُوصِيَّةِ سِتَّةِ شَوَّالٍ مَعْنًى؛ إذْ مَنْ صَامَ مَعَ رَمَضَانَ سِتَّةً
ـــــــــــــــــــــــــــــQبِالسَّنَةِ الْمَاضِيَةِ سَنَتُهُ وَوَصَفَهَا بِالْمَاضِيَةِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا الَّذِي هُوَ التِّسْعَةُ الْأَيَّامُ قَبْلَ عَاشُورَاءَ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ قَبْلَهُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْمُرَادُ سَنَةٌ آخِرُهَا تَاسُوعَاءُ أَوْ سَنَةٌ آخِرُهَا سَلْخُ الْحِجَّةِ فِيهِ نَظَرٌ سم وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ قَبْلَهُ آخِرُهَا عَاشُورَاءُ (قَوْلُهُ أَهْلِ الْكِتَابِ) يَعْنِي أُمَّةَ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ (قَوْلُهُ خُصِّصْنَا) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّخْصِيصِ (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ: عَاشُورَاءُ (قَوْلُهُ مُخَالَفَةُ الْيَهُودِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي الِاحْتِيَاطُ لَهُ لِاحْتِمَالِ الْغَلَطِ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَالْمُخَالَفَةُ لِلْيَهُودِ فَإِنَّهُمْ يَصُومُونَ الْعَاشِرَ أَيْ فَقَطْ وَالِاحْتِرَازُ مِنْ إفْرَادِهِ بِالصَّوْمِ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ اهـ زَادَ النِّهَايَةُ وَإِنَّمَا لَمْ يُسَنَّ هُنَا صَوْمُ الثَّامِنِ احْتِيَاطًا لِحُصُولِهِ بِالتَّاسِعِ وَلِكَوْنِهِ كَالْوَسِيلَةِ لِلْعَاشِرِ فَلَمْ يَتَأَكَّدْ أَمْرُهُ حَتَّى يُطْلَبَ لَهُ احْتِيَاطٌ بِخُصُوصِهِ نَعَمْ يُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي الْحِجَّةِ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ اهـ وَأَقَرَّهُ سم.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ صَوْمُ الْحَادِي عَشَرَ إلَخْ) أَيْ لِخَبَرٍ فِيهِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِحُصُولِ الِاحْتِيَاطِ بِهِ وَإِنْ صَامَ التَّاسِعَ؛ لِأَنَّ الْغَلَطَ قَدْ يَكُونُ بِالتَّقْدِيمِ وَبِالتَّأْخِيرِ شَرْحُ بَافَضْلٍ وَأَسْنَى وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُ الثَّانِيَ عَشَرَ إلَخْ) أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ إنَّهُ أَوَّلُ الثَّلَاثَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ إنَّهُ) أَيْ: مُرِيدَ التَّطَوُّعِ.
(قَوْلُهُ السَّادِسَ عَشَرَ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ بَدَلَ الثَّالِثَ عَشَرَ) أَيْ:؛ لِأَنَّ صَوْمَهُ مِنْ ذَلِكَ حَرَامٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ حَصَلَ أَصْلُ السَّنَةِ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي أَيْ: سَنَةَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ وَسَنَةَ صَوْمِ أَيَّامِ الْبِيضِ.
(قَوْلُهُ وَالشُّكْرُ عَلَى ذَلِكَ) أَيْ: وَلْيَقَعْ شُكْرًا عَلَى ذَلِكَ لَا أَنَّهُ يَنْوِي بِهِ ذَلِكَ؛ إذْ لَيْسَ لَنَا صَوْمٌ يُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ كَمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَنَا صَلَاةٌ تُسَمَّى صَلَاةَ الشُّكْرِ ع ش.
(قَوْلُهُ خَوْفًا إلَخْ) أَيْ: وَطَلَبًا لِكَشْفِ السَّوَادِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ أَوَّلُهَا السَّابِعُ) أَيْ: وَالْعِشْرُونَ (قَوْلُهُ فَنَتَجَ سَنُّ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْقَوْلَيْنِ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَسِتَّةٍ) بِإِثْبَاتِ التَّاءِ مَعَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ لُغَةٌ وَالْأَصَحُّ حَذْفُهَا كَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَعَ صِيَامِ رَمَضَانَ إلَخْ) أَيْ: فِي كُلِّ سَنَةٍ أَمَّا لَوْ صَامَ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ فِي بَعْضِ السِّنِينَ دُونَ بَعْضٍ فَالسَّنَةُ الَّتِي صَامَ السِّتَّ فِيهَا يَكُونُ صَوْمُهَا كَسَنَةٍ وَاَلَّتِي لَمْ يَصُمْهَا فِيهَا تَكُونُ كَعَشْرَةِ أَشْهُرٍ ع ش وَسَمِّ.
(قَوْلُهُ الْفَضْلُ الْآتِي) أَيْ: ثَوَابُ صِيَامِ الدَّهْرِ فَرْضًا بِلَا مُضَاعَفَةٍ (وَقَوْلُهُ وَالْمُرَادُ إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ ثَوَابُ الْفَرْضِ) هَذَا خَاصٌّ بِمَنْ صَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةً مِنْ شَوَّالٍ فَمَنْ فَاتَهُ رَمَضَانُ فَقَضَاهُ فِي شَوَّالٍ وَصَامَ السِّتَّةَ فِي الْقِعْدَةِ أَوْ غَيْرِهَا لَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ السِّتَّةِ فَرْضًا كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا
ـــــــــــــــــــــــــــــSالْمُرَادُ بِالسَّنَةِ الْمَاضِيَةِ سَنَتُهُ وَوَصْفُهَا بِالْمَاضِيَةِ بِاعْتِبَارِ بَعْضِهَا الَّذِي هُوَ التِّسْعَةُ الْأَيَّامُ قَبْلَ عَاشُورَاءَ أَوْ الْمُرَادُ بِهَا سَنَةٌ كَامِلَةٌ قَبْلَهُ وَعَلَيْهِ فَهَلْ الْمُرَادُ سَنَةٌ آخِرُهَا تَاسُوعَاءُ أَوْ سَنَةٌ آخِرُهَا سَلْخُ الْحِجَّةِ فِيهِ نَظَرٌ.
(قَوْلُهُ وَيُسَنُّ صَوْمُ الْحَادِي عَشَرَ أَيْضًا) كَانَ الْمُرَادُ فِي هَذَا وَنَحْوِهِ أَنَّ الصَّوْمَ مَطْلُوبٌ لِهَذِهِ الْجِهَاتِ الْخَاصَّةِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ مَطْلُوبٌ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ ذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَلَوْ قِيلَ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ الثَّامِنِ احْتِيَاطًا كَنَظِيرِهِ فِيمَا مَرَّ لَكَانَ حَسَنًا اهـ وَأُجِيبَ بِأَنَّ التَّاسِعَ لِكَوْنِهِ كَالْوَسِيلَةِ لِلْعَاشِرِ لَمْ يَتَأَكَّدْ أَمْرُهُ حَتَّى يُطْلَبَ لَهُ احْتِيَاطًا بِخُصُوصِهِ نَعَمْ يُسَنُّ صَوْمُ الثَّمَانِيَةِ قَبْلَهُ نَظِيرَ مَا فِي الْحِجَّةِ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ وَالِاحْتِيَاطُ صَوْمُ الثَّانِيَ عَشَرَ مَعَهَا) أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ قَالَ إنَّهُ أَوَّلُهَا.
(قَوْلُهُ نَعَمْ الْأَوْجَهُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر.
(قَوْلُهُ وَلِذَلِكَ حَصَلَ أَصْلُ السَّنَةِ إلَخْ) وَالْحَاصِلُ كَمَا أَفَادَهُ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّهُ يُسَنُّ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثَةً مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَأَنْ تَكُونَ أَيَّامَ الْبِيضِ فَإِنْ صَامَهَا أَتَى بِالسَّنَتَيْنِ فَمَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الثَّلَاثَةَ هِيَ الْمَأْمُورُ بِصِيَامِهَا فِيهِ نَظَرٌ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ خَوْفًا وَرَهْبَةً إلَخْ) هَذِهِ الْحِكْمَةُ هُنَا لَا تَقْتَضِي انْتِفَاءَهَا عَنْ أَيَّامِ الْبِيضِ.
(قَوْلُهُ مَنْ قَالَ أَوَّلُهَا السَّابِعُ) أَيْ: السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهَا مَعَ صِيَامِ رَمَضَانَ) أَيْ: دَائِمًا فَلَا تَكُونُ الْمَرَّةُ مِنْ صِيَامِ رَمَضَانَ وَسِتَّةِ شَوَّالٍ

الصفحة 456